فلسطين – عدوان امبريالي، صهيوني، رجعي عربي، مُسْتَمِرّ / الطاهر المعز

الطاهر المعز ( تونس ) – الأربعاء 08/11/2023 م …




يستمر مُخطّط إبادة وتهجير الشعب الفلسطيني الذي بلغ ذروته خلال عدوان 1947/1949، حيث نَشَر موقع البيت الأبيض، يوم 20 تشرين الأول/اكتوبر 2023، نص الطّلب الذي قَدّمَهُ الرئيس الأمريكي جوزيف بيدن إلى أعضاء “الكونغرس” الأمريكي يرجوهم، بذريعة “حماية الأمن القومي الأمريكي”، الموافقة على اعتمادات إضافية لفائدة الحليفيْن الصهيوني والأوكراني، وتَضَمّنت تفاصيل الطلب “الإستعداد للتّعامل مع الإحتياجات المُحتمَلَة لِلاّجئين من أهل غَزّة الذين سيلْجأون إلى بلدان مجاورة” (أي إلى سيناء المصرية المُتاخمة لقطاع غزة بفلسطين، ما يُشير إلى التشاور والتّواطؤ بين الكيان الصّهيوني والرّاعي الأمريكي، لتهجير من تبقّى من الشعب الفلسطيني من خلال التّجويع والقصف اليومي العنيف وتدمير البنية التّحتية والأحياء السّكنية لإجبار السّكّان على الهجرة من وطنهم، بعد النّزوح من مناطقهم الأصْلِيّة…

أظهر العدوان، الذي انطلق يوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، على الشعب الفلسطيني إن العدو لا ينحصر بالكيان الصهيوني بل هو ثلاثي الأضلاع: امبريالي – صهيوني – رجعي عربي، فانبرت الإمبريالية الأمريكية، كعادتها، تدافع عن “حق إسرائيل في الدّفاع عن نفسها”، وتَبَنّى الإتحاد الأوروبي – كعادته – جَوْهَرَ المواقف الأمريكية، وحَظَرَت العديد من الدّول الأوروبي كل أشكال ومظاهر المُساعدة والدّعم للمقاومة الفلسطينية، أو المُندّدة بجرائم الاحتلال، وإصدار قرارات وقوانين تُجَرِّمُ مُساندة الشعب الفلسطيني والتهديد باعتقال من يدعو إلى مقاطعة الكين الصهيوني، بذريعة “مُعاداة السّامية، ما يُعَدُّ اعتداءً على الحريات الفَرْدِيّة والعامة، وتُشكل ألمانيا ( بعد الولايات المتحدة) نموذجًا للدّعم الإمبريالي الأوروبي للكيان الصهيوني، كما أظهر هذا العدوان إن الكيان الصّهيوني كان يحمي مصالح الإمبريالية بالمشرق العربي، طيلة عُقُود ثم أصبح مَحْمِيّةً للإمبريالية تهرع جيوشها لحمايته ويهرع قادة حكوماتها وشركاته لنُصْرَتِهِ.

تُساهم ألمانيا بقسط كبير في إبادة الشعب الفلسطيني، بذريعة التّكفير عن الجرائم التي ارتكبها نظام ألمانيا النّازية ضد المواطنين الأوروبيين اليهود، كما ساهمت وتُساهم ألمانيا بشكل نشط في أي عدوان أمريكي ضدّ شُعوب العالم في يوغسلافيا والصّومال وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها، وبخصوص الشعب الفلسطيني تُساهم ألمانيا في تسليح الكيان الصهيوني، فضلاً عن دعمه ماليا ( بين سنتَيْ 1953 و2017) بما يُعادل تكلفة كافة الحروب العدوانية الصهيونية ضدّ الشعوب العربية، وفضْلا عن مهاجمة أنظمة الدّول التي تُعاديها الولايات المتحدة، والدّعم السياسي التّام وغير المَشْرُوط للكيان الصهيوني من قِبَل كافة القُوى السياسية المُمثّلة بالبرلمان الألماني (البوندستاغ)، وكذلك وسائل الإعلام الرئيسيّة، وفرضت حكومة ألمانيا مضمون بيان القمة الأوروبية ( بروكسل – أواخر تشرين الأول/اكتوبر 2023 ) وعارضت وَقْفَ إطلاق النار “لأسباب إنسانية” الذي طلبه الأمين العام للأمم المتحدة، بل استمرت جُلّ القوى السياسية والحكومة الألمانية في التنديد “بإرهاب حماس”، وأعلنت وزارة الحرب الألمانية “تزويد الجيش ( الصهيوني ) بما يحتاجه من تجهيزات طبية ومن أدويةن ونقل الجنود ( الصهاينة) المُصابين للعلاج في مستشفيات ألمانيا”، واستخدمت السّلطات الألمانية “العنف الشديد” لقمْع أي شكل من مظاهر التّأييد للشعب الفلسطيني أو التّنديد بالجرائم الصهيونية، والإعتداء على الصحافيين الذين يُحاولون توثيق ما يحصل من تظاهرات، وفق بيان منظمة العفو الدولية، وأشار بعض الصحفيين المُستقِلّين إن عناصر التيارات الألمانية اليمينية المتطرفة (النّازيون الجُدُد) الذين منحهم رُبع الشعب الألماني أَصْواتَه خلال آخر انتخابات، مسؤولون بشكل مُباشر عن أكثر من 80% من الحوادث التي صنّفتها الجمعيات الصهيونية في باب “العداء للسّامية”…

في إفريقيا، نشر الاتحاد الأفريقي بيانا صحفيا “محايدا”، ولم تَر معظم الأنظمة الحاكمة ضرورةً لاتخاذ موقف من العدوان الصهيوني (بداية من السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023) ودعمت جمهورية جنوب إفريقيا والجزائر حق الفلسطينيين في المقاومة فيما تجاهلت حوالي 25 دولة إفريقية عمليات الإبادة ولم تُصْدِر موقفًا رسميا، ومنها الحبشة حيث مقر الإتحاد الإفريقي، وكان موقف العديد من الدّول ( أكثر من عشرين دولة إفريقية) غامضًا أو فضفاضًا، واتخذت دول أخرى موقفًا مناصرًا للكيان الصهيوني، ومنها كينيا – وهي قاعدة عسكرية أمريكية في شرق إفريقيا، منذ أكثر من 35 سنة) – التي لا يختلف موقف حكومتها عن الموقف الرسمي الألماني، ويتناقض الموقف الرسمي للعديد من الأنظمة الحاكمة في إفريقيا (وغيرها من دول “الأطراف”) مع مواقف رُوّاد الوحدة الإفريقية وزعماء حركات التّحرّر المناهضة للإستعمار وللمَيْز العُنصُري وللصّهيونية التي اعتبرتها الأمم المتحدة سنة 1975 شكلا من أشكال العنصرية، قبل إلغاء القرار، بعد الإعتراف العَلني والرّسمي لمنظمة التحرير بالكيان الصهيوني (مُفاهمات أوسلو) حيث كان الكيان الصهيوني (ولا يزال) يدعم الإستعمار ونظام الميز العنصري بجنوب إفريقيا والحركات الإنفصالية بالسودان ونيجيريا والكونغو وأنغولا وغيرها…

كان الدّعم الإمبريالي مُطلقًا وغير محدود منذ 1948 (بل منذ أكثر من قَرْن) للحركة الصهيونية وأصبح يتضمّن الدّعوة إلى إبادة أكثر من مليُونَيْ فلسطيني في غَزّة المُحاصرة منذ 2006، باسم “دفاع” الكيان الصهيوني “عن النّفس” ويتضمّن الدّعم الإمبريالي إدانة لأي عَمل مُقاوم، وتصنيفه في خانة “الإرهاب ومُعاداة السّامية”، فيما ظَهَر إن التعاطف الذي أبدته بعض الفئات “الغربية” هَشًّا ومحدودًا، إذْ صَنَّفَ بعض اليسار الأوروبي والأمريكي عمليات المُقاومة في باب “الإرهاب” وإنكار حق الشعب الفلسطيني – كشعب مُسْتَعْمَر ومُهَجَّر من وطنه – في المقاومة، خصوصًا إذا كانت المُقاومة مُسلّحة، ولو كان السلاح خفيفًا وبِدائيًّا في مواجهة الدبابات والصواريخ والطائرات الأمريكية التي يستخدمها الجيش الصهيوني، وأدان البعض الآخر “مهاجمة المَدَنِيِّين” غير إن هذا الموقف يقتصر على المُستوطنين الصهاينة ولا ينطبق على المدنيين الفلسطينيين…

يجب أن يتضمن التعاطف والتّضامن الحقيقي مع الشعب الفلسطيني حقّه في التّحرّر من الإحتلال الصهيوني أي تحرير كامل فلسطين وعودة اللاجئين واسترجاع وطنهم وممتلكاتهم وتكفل الدّول الغربية بإعادة إعمار فلسطين، ولن يتمكّن الشعب الفلسطيني لوحده من تحرير وطنه، لذلك وجب اعتبار القضية عربية بالأساس وأُمَمِيّة كذلك…

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.