140 ساعة فى عرين الأسد بين الحرب والنصر / د. محمد سيد احمد

 

د.محمد سيد احمد ( مصر ) الجمعة 14/10/2016 م …

140 ساعة هى المدة التى استغرقتها زيارتى لسورية قلب العروبة النابض, التى تخوض حرب كونية دفاعا عن شرف وكرامة الأمة العربية كلها, وبالطبع إذا ما حاولت تسجيل كل تفاصيل الرحلة فهذا بالطبع يحتاج لكتاب وليس مقال, لذلك سوف أركز على بعض المحطات فى هذه الرحلة لإلقاء الضوء على المجتمع العربي السورى وكشف الكثير من الحقائق التى يشوهها الإعلام الممول أمريكيا وصهيونيا وخليجيا لتزييف وعي الرأى العام العربي والعالمي.

المحطة الأولى فى الرحلة أفردت لها مقالي السابق وهو النصر فى عيون السوريين فمنذ أن وطأت قدمي مطار دمشق وأنا أرى علامات النصر في عيون السوريين فكل من تقابله يندفع اليك ليؤكد على أنهم صامدون وأن جيشهم الباسل سينتصر حتما, رجل النظافة فى المطار وسائق التاكسي والشباب والشيوخ رجال ونساء يستوقفوننى بالطرقات ليؤكدوا متابعتهم لإطلالتى المتعددة على المنابر الإعلامية السورية, ويؤكدون أن إطالة أمد الحرب تمدهم بمزيد من الصلابة والقوة إيمانا بقضية بلادهم العادلة, وأنهم ليس لديهم بديلا عن النصر.

المحطة الثانية هى أنه وعلى الرغم من آثار الحرب التى تبرز فى بعض البيوت المهدمة, وانتشار الحواجز الأمنية فى كل مكان إلا أن ذلك لم ينل من الروح المعنوية للمواطن العربي السورى حيث يمارس حياته بشكل طبيعى, فهو شعب محب للحياة يخرج ويسهر ويمارس طقوسه اليومية تحت أصوات القذائف والتفجيرات, ومن يمشي بشوارع دمشق لا يمكن أن يلحظ شيئا غير طبيعي, رغم الآثار التى تركتها الحرب مع القوى التكفيرية الإرهابية علي حدودها مع الأرياف حيث البيوت المهدمة وأصوات القذائف من حين لآخر.

المحطة الثالثة هى وجود الدولة بقوة فى الشارع السورى فالانضباط والنظافة والطرق الحريرية والأسعار الأرخص فى العالم كله دليل قوى على أن الدولة قادرة رغم الحرب على أن تتفاعل مع المواطن لتخفيف أعباءه والاستجابة لحقوق المواطنة, فالجنود على الحواجز يعاملون المواطن بكل احترام, والمواطن يجل ويحترم ويقدر دورهم دون ضجر أو غضب.

المحطة الرابعة بالتليفزيون العربي السورى الذى قضيت به ساعات طويلة من الرحلة عبر كل محطاته الأرضية والفضائية, وقد لمست بنفسي إعلام الحرب فالكل يعمل ضمن كتيبة محاربة يقودها رجل أعلام قدير هو الاستاذ عماد سارة المدير العام الجديد للإذاعة والتليفزيون والذى يقوم بثورة إدارية وفنية للتغيير والإصلاح بالداخل حتى يتمكن من مجابه الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التى تشن الحرب على سورية, ونجح فى مواجهة الفساد رغم أنه لا يسأل أحد عن الإصلاح فى زمن الحرب. 

المحطة الخامسة هى مؤسسة دام برس الإعلامية وهى منارة إعلامية جديدة فى زمن الحرب تنم عن وجود شخصيات وطنية تسخر كل ما تمتلكه لصالح الوطن, ففى زمن الحرب يحاول الكثيرون أن يفروا ويهربوا بأموالهم بعيدا عن الخراب والدمار, لكنك فى سورية تجد من يسعى للبناء والاعمار فى زمن الحرب, فسعدت بالدعوة الموجهة من الدكتورة مي حميدوش أستاذ الإعلام بجامعة دمشق ورئيس مجلس إدارة وصاحبة دام برس لزيارة المؤسسة بعد تطويرها وتوسيعها وزيادة عدد كوادرها لمشاهدة ميلاد جديد فى الإعلام المقاوم, والانضمام الى كتيبتها المحاربة بالكلمة.

المحطة السادسة هى إعلامية وتنموية وتدخل أيضا فى خانة الالتزام الوطنى فى زمن الحرب فهذا الشاب العربي السورى تامر البلبيسي الذى عرفه الجميع أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة حين تحدى العالم وحضر من الكويت بثلاثة طائرات تحمل مواطنين سوريين لانتخاب رئيسهم البطل بشار الأسد يقوم ببناء صرح إعلامى جديد وهو قناة زنوبيا, هذا الى جانب مصنع ضخم للأدوية فى المنطقة الحرة, وسعدت بدعوته لمشاهدة مشروعاته وتسجيل لقاء عبر قناته الوليدة ضمن الكتيبة المحاربة فى الإعلام العربي السورى, إنه تعبير حق عن الإيمان بالنصر فى زمن الحرب.

المحطة السابعة هى دعوة منظمة فتح الانتفاضة – الفصيل الفلسطينى المسلح الذى رفض أى تفاوض مع العدو الصهيونى وقرر أن البندقية والرشاش والمدفع هو الطريقة الوحيدة لمواجهته – لزيارتها وحفاوة استقبال أمين سر حركتها المركزية الرفيق أبو حازم الذى يرتبط معنا نحن الناصريون بتاريخ مشترك فهو ذلك الضابط الفلسطينى الذى ساعد القوات البحرية المصرية فى تدمير إيلات الاسرائيلية فى العام 1968 أثناء حرب الاستنزاف, والذى أرسل له الزعيم جمال عبد الناصر تحية عبر أسير الإذاعة تقديرا لدوره فى العملية, وما يجعلك تشعر بالنصر هو وجود أكثر من ألف مقاتل لدى هذا الفصيل يخوضون الحرب على عدة جبهات ومنها بالطبع الجبهة السورية بالداخل.

المحطة الثامنة والأخيرة هى دعوة العميد أركان حرب عدنة خير بك لمكتبها بوزارة الدفاع والإشادة بدورنا فى الدفاع عن سورية, وتأكيدها على عمق العلاقات المصرية السورية عبر التاريخ, ثم كانت الدعوة للمشاركة فى احتفالات الجيش العربي السورى بانتصارات حرب تشرين التحريرية ( أكتوبر 1973 ) والتى خاضها الجيشين المصري والسورى جنبا الى جنب, ويحاول الإعلام طمث هذه الحقيقة, وكان الاحتفال فى أحد النقاط المتقدمة على جبهة القتال, وهى المرة الأولى – على حد علمى – التى يشارك مصرى ومدنى فى مثل هذه الاحتفالات ومن موقع عسكرى وعبر بث مباشر للتليفزيون العربي السورى, أنها ثقة ما بعدها ثقة وشرف ما بعده شرف مشاركة جيشنا الأول احتفالاته, فحتى فى زمن الحرب لم تنسي سورية الاحتفال بانتصاراتها المجيدة.

وعبر تلك الرحلة التى استغرقت 140 ساعة فى عرين الأسد, وعبر كل محطاتها المضيئة يمكننى أن أؤكد بما لا يدع مجال للشك أن سورية ستنتصر حتما فى معركتها ضد الإرهاب, فصمود الشعب الأسطورى, وبسالة الجيش الخارقة, وشجاعة الرئيس النادرة, تبشر بالنصر, اللهم بلغت اللهم فاشهد.

 

د. محمد سيد احمد – إعلامي  من مصر

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.