على ماذا إعتمد أردوغان .. حتى استطال لسانه ؟

 

الجمعة 14/10/2016 م …

محمد شريف الجيوسي …

كان أردوغان الأكثر إستفادة من العلاقات مع الدولة الوطنية السورية (قبل شن الحرب عليها)  ورغم أن نحو 84 دولة شاركت في هذه الحرب على سورية بكيفيات وأشكال وأحجام متباينة ، إلا أن أردوغان كان أقذر المحاربين ضدها، والأكثر استعداداً لشن الحرب عليها  قبل حين من بدئها ، وكان الأكثر شططاً في المطالبة بإسقاط الدولة وتنحية الرئيس د.بشار الأسد ، والأكثر مراهنة على ذلك.

لكن حسابات أردوغان و( أقرانه) ذهبت سدى، رغم كل الأضرار وحجم الخسائر الهائل التي ألحقت بالدولة في سورية، على الصعيد البشري والإقتصادي والمقدرات والشروخ الإجتماعية التي أحدثتها آلة الإعلام المضلل .

ولم تذهب سدى فحسب؛ المراهنات والأموال الهائلة التي أهدرت لإسقاط الدولة وتفتيت سورية وإقامة كانتونات مذهبية وطائفية وإثنية متصارعة ـ وإنما أيضا بدأت تنقلب على الدول الإقليمية الفاعلة في الحرب على سورية والعراق واليمن وليبيا.. وهذا الإنقلاب لا يزعج واشنطن، فهي وعواصم الإستعمار القديم في أوروبا ، تريد كل شيء في المنطقة، بمن في ذلك أكثر الزعماء و(الدول) تبعية وإنخراطا في المشاريع العدوانية، والفوارق هي فقط زمنية وفي الكيفية ،ولكل(حالة) أو نظام طريقة في إسقاطه كلياً،إن إستطاعوا(حتى لو كان ساقطاً وطنيا).

لكن أردوغان رغم كل (الجراح) التي أثقلت الجسد التركي بسبب حماقاته ومراهناته العثمانية الجهالية،لم يرعوي، فتركيا الآن أقل أمنا مما كانت عليه وقت وصل أردوغان إلى الحكم ، وعلاقات أنقرة بدول الجوار متوترة،والإنجازات الإقتصادية التي تحققت في عهده آخذة في التلاشي (وكان لسورية فيها بعض فضل بما أتاحت من انفتاح إقتصادي وإجتماعي على تركيا كان على حساب المصالح الإقتصادية السورية،وبما ساعدت على انتقال الصادرات التركية إلى الخليج والأردن ولبنان عبرها بسلاسة ويسر،فضلا عن تعاظم أعداد السياح السوريين إليها وعبر سورية لغيرهم ).

رغم كل ذلك يتابع أردوغان حركاته الرعناء الدينكوشوتية الهوجائية ، التي لا  يمكن أن تنطلق من رجل دولة يحترم ذاته والدولة التي يجلس على أنفاسها ، فقد هدد الرئيس المصري السيسي قبل أيام ، بالقتل خلال 24 ساعة في حال تم إعدام الإخوني مرسي العياط ، إن هذا التهديد فضلا عن كونه ينم عن بلطجة، وفضلا عن كونه تدخلاً في الشأن الداخلي لدولة أخرى ذات سيادة، يؤشر على أن لأردوغان نوايا مطامع عسكرية خارج حدود تركيا، وفرض إرادات عثمانية على دول الإقليم ، مثلما شن العثمانيون حروبهم التوسعية ، بذريعة نشر دين الله،فارتكبوا من المجازر ما لم يرتكبه أحد في التاريخ الإسلامي، فأساؤوا لصورة الدين السمحة ، وكان التوسع ضمن صفقة تمت على حساب الكنيسة الشرقية ، والتخلي عن نصرة عرب الأندلس ؛ الذين مورست عليهم أبشع أنواع التصفية العرقية ، في صفقة لا يعلم بها إلا قليل من الناس.

ولم تقتصر تطاولات وتجاوزات العثماني أردوغان على السيسي ( ونحن لسنا بصدد تلميع الأخير فلنا عليه ما يكفي ويزيد من الملاحظات ولكن شأن مصر هو شأن داخلي مصري لا علاقة بأردوغان (الرهيب) أو سواه به، من أسخياء المال وغيره.

أقول أن لسان أردوغان المغمس بشيء نجهل ماهيته ، إنطلق بمفردات لا تليق بصبي في أحد حواري العشوائيات في بلدة معظم سكانها لم يدخلوا مدرسة يوما، بما طال العِبادي ( ونحن هنا أيضا لا نلمع العِبادي أيضاً لكن شأن العراق شأن شعبه وليس شان عثامنة أتوا من خلف التاريخ ) فسوّدوه ولم يتركوا فيه صفحة بيضاء، ولم يدعوا لأنفسهم ما يفخروا به ، وتركوا البلاد أكثر تخلفاً وجهلا وفقرا وأقل أمنا واستقرارا مما كانت عليه في عهد المماليك على ما كانوا عليه هم الآخرين من فساد وسوء ، وسلاطين ( خلفاء آلـ عثمان ) لم يؤدوا فريضة الحج ، سوى أحدهم  كان على مقربة من مكة المكرمة. 

(ولا ندري بمن سيأتي أردوغان إن تمدد، هل سيأتي كما العثمانيين بالإرساليات الأجنبية الأوروبية التي تقاسمت الإشراف على الطوائف المسيحية.. ” ليس حباً بهم ولكن محاولات لزرع فتن ” وأقيمت في عهدهم أولى المستعمرات الصهيونية في مرج بني عامر وفي قرية المطلة في أقصى شمال فلسطين، وهذا يناقض روايات إسلاموية بأن العثمانيين رفضوا إقامة وطن يهودي في فلسطين ، وسوى ذلك مما لا مجال للتفصيل به هنا )  

أقول لصاحب اللسان الذلق المغمس بشيء نجهله ، فضلا عن الأمجاد القديمة لآل عثمان ، فإن زمانهم الغابر لن يتكرر في أيامنا ولا مستقبلاً ، فحملته مدّعون كاذبون قتلة ظلاميون فتنويون جهلة تابعون لأعداء ما يزعمون انهم حملته، وأن مصالحات أردوغان سواء مع الكيان الصهيوني عدو العرب أو مع صديقتهم روسيا الإتحادية ، لن تخوله شطط الكلام أو الأفعال ، وأن الإرتدادات المتصاعدة في بلاده جراء تدخلاته في الشؤون الليبية والسورية والعراقية وربما ( يتورط أكثر ) هي مجرد بدايات ، لن تكون برداً وسلاما ، فأردوغان ليس إبراهيم النبي عليه السلام .   

 

وأختم، (إسرائيل) التي (يتزنر) أردوغان بها لن تحميه، فهي لم تعد قادرة على حماية ذاتها بدلالة الحروب الأخيرة، أما روسيا الإتحاية فضلا عن أنها لن تبيع حلفائها كما درجت أمريكا وجماعة سايكس بيكو على بيع وخذلان (حلفائها) والأمثلة كثيرة،ستدافع عن سورية كما تدافع عن الساحة الحمراء، فهي بدفاعها هذا تدافع عن الذات فضلاً عن الأصدقاء ، والشيء ذاته بالنسبة لطهران .    

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.