مقال ممنوع من النشر للكاتب احمد حسن الزعبي … رسائل العتمة
احمد حسن الزعبي ( الأردن ) السبت 15/10/2016 م …
كان في صفنا طفل طيب القلب ضعيف البنية..كلما حاول ان يخرج “سندويشته” من حقيبته قاصداً تناولها في الفرصة ، حتى يرمقه “عضلنجي” الصف بنظرة حادة ولئيمة ..فيمسح الولد لعابه من زوايا فمه ،ويقشر حواف السندويشة من ورقها الأبيض ويعطيه إياها جاهزة عن “طيب خوف”..وعندما نسأله..”وك ليش هيك..يقول :حرام لعاد يظل بجوعه؟؟ أما أنت تظل بجوعك مش حرام؟!!!.
**
اتفاقية الغاز الأخيرة تماماً تشبه الولد أبو “سندويشة”..قمنا بتربيط أنفسنا باتفاقية –نحن بغنى عنها- محكمة وبشروط جزائية مرعبة لمدة 15 عاماً وبقيمة 10 مليارات دولار ..دون حاجة وإنما مساعدة للكيان لكي يربح..وعندما سألنا الحكومة “وك ليش هيك”..”قالوا حرام لعاد لمين بدهم ..يبيعوا”؟؟…
**
من يطلع على الإستراتيجية الأردنية للطاقة ، يعرف تماماً أننا لم نكن مجبرين على توقيع مثل هذه الاتفاقية على الإطلاق وإنما هي “إذعان” و”جحرة” من واشنطن وتل أبيب..جعلتنا نهرول هرولة لإغراق أنفسنا في الدين لعقد ونصف من السنوات عنوانها الدفع المسبق سواء أشتريت أو لم تشتر، سواء ضخّ إليك الغاز أو حالت الظروف ولم يضخ …والمطلع على الإستراتيجية يستنتج أن كل الحلول المطروحة أخف وطأة من تكبيل أيدينا وأرجلنا طواعية بسلاسل الدّّين ونهدي مفتاح القفل الى السجّان…وأن الخيارات التي كنا سنمضي اليها مهما كانت مكلفة ، لن تكون أكثر كلفة من سذاجة ان نضع رأسنا بين فكّي عدونا المفترس طلباً للدفء والأمان…الأرقام وخبراء الطاقة يقولون أننا لسنا بحاجة على الإطلاق للغاز “الصهيوني”..العام القادم سيكون أول باكورة إنتاج الشركة “الأستونية” من الصخر الزيتي والذي يبشر بحل جزء مهم من الطاقة ، كما أن الاتفاقيات الدولية التي وقعها الأردن مع عدد كبير من الشركات العالمية حول الطاقة المتجددة وإقبال القطاع الخاص بشكل كبير على الاستثمار بقطاع الطاقة النظيفة يؤكد اننا لن نبقى معتمدين كلياً على الطاقة التقليدية في قادم السنوات، و أخيراً وليس آخراً بئر غاز “تبوك” الذي لا يبعد اكثر من 80كيلو متراً عن الحدود الأردنية وبئر “طريف” السعودي الذي لا يبعد اكثر من 20كيلو مترا عن حدودنا يعدّ أقرب وأرخص ثمناً من الغاز المسروق ناهيك عن خيار الغاز الجزائري والقطري..ومع كل هذه المبشرات قاموا بتوريطنا باتفاقية “غصب طبة” مع الكيان حتى يضمنوا ضعفنا وتفوقهم ويضمنوا ان التراجع الاقتصادي سيكون حليفنا لزمن الاتفاقية على الأقل…
المنطق يقول : أن الادارة الناجحة أي ادارة – شركة او حكومة- تضع خطة لنموها واعتمادها على نفسها وخلاصها من مديونيتها..لكن ان تخطط كيف ستدان وتقترض بعد ثلاث سنوات هذا الذي لا يقبله عقل…يعني لم ار بتاريخي جهة توقع على خطه تهدف لإغراقها في ديون مستقبلية الا حضرتنا!!..
أول أمس كان استفتاء شعبياً عفوياً وصادقاً على “اتفاقية الغاز” عندما أطفأت البيوت الأردنية أنوارها رفضاَ لما تقومون به..الشموع كانت أصدق واكثر وضوحاً بكثير من التصريحات “الثلاثة فاز” التي يحاول المسؤول الأردني تبريرها وتمريرها …الشموع كتبت رفضها لكل سياسات الخضوع والخنوع، وستكتبه مراراً وتكراراً ، لأنه على ما يبدو ، حكوماتنا المبجلة لا تقرأ رسائلنا الا بالعتمة…
**
أخيراً اذا أردتم ان تقفزوا عن المنطق،او تمسحوا أقدامكم به قبل الدخول في حوار…فلن تتجاوزوا الدستور الذي يجب ان يسود علينا جميعاً : المادة 33 من الدستور الأردني تشير الى أن إي اتفاقية أو معاهدة يترتب عليها أي نفقات على خزينة الدولة أو تمس بحقوق المواطنين العامة والخاصة تعتبر باطلة ما لم يوافق عليها مجلس الأمة…وتالياً النص الحرفي: (معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة والمعاهدات الاخرى التي يترتب عليها تعدل في أراضي الدولة او نقص في حقوق سيادتها او تحميل خزانتها شيئا من النفقات او مساس بحقوق الأردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الأمة). .
إذن اتفاقية الغاز غير أنها ورطة معيبة وعار و” تنفيع لدولة مغتصبة على حساب لقمة عيش الشعبين الأردني والفلسطيني” من الزاوية الوطنية والوجدانية، فهي باطلة من الناحية الدستورية ايضاً…
اذا لم تحترم الدولة دستور الدولة فمن سيحترمه إذن؟!!
وغطيني يا كرمة العلي واطفي الكهربا
التعليقات مغلقة.