من نضالات الشعوب والطبقة العاملة في العالم؟,بنغلادش – إضراب عاملات وعُمّال النّسيج / الطاهر المعز

الطاهر المعز ( تونس ) – الأحد 12/11/2023 م …




بدأت احتجاجات عاملات وعمال النسيج خلال الأسبوع الأخير من شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023 في العاصمة “دَكّا” وفي العديد من المُدُن الصّناعية، واستمرّت لأكثر من أُسْبُوعَيْن بمشاركة الآلاف من العمال المطالبين بزيادة الحد الأدنى لأجورهم الشهرية ثلاث مرات تقريباً، لأن الرواتب لم ترتفع منذ سنة 2019، رغم الإرتفاعات المُشطّة في كراء المَسْكن وأسعار السلع الإستهلاكية الضرورية ومختلف الخدمات، وأدّت الإحتجاجات إلى إغلاق ما لا يقل عن 250 مصنعًا للملابس في العاصمة وضواحيها إضافة إلى خمسين مصنعًا في مدينة “أشوليا” (شمال البلاد)، وأدّى عُنْفُ الشّرطة إلى قَتْلِ ما لا يقل عن عامِلَيْن إثْنَيْن وعاملة واحدة، وإصابة العشرات يوم الخميس 09 تشرين الثاني/نوفمبر 2023.

يُشَغّل قطاع النسيج ما لا يقل عن أربعة ملايين ومعظمهم من النّساء لصناعة ملابس فاخرة لأشْهَر العلامات التّجارية العالمية، من بينها أديداس وهوغو بوس وبوما و ( H&M ) و ( CA ) و ليفايس و زارا وولمارت وغاب ومجموعة انديتكس وبستسيلر وليفايس وماركس أند سبنسر وبرايمارك وألدي وغيرها، في ظروف قاسية جدًّا أدّت إلى العديد من الحوادث القاتلة، برواتب تُعادل 75 دولارا ( 8300 تَاكا) ويُطالب العُمال برواتب لا تقل عن 23 ألف تاكا أو ما يُعادل مائتَيْ دولار، بسبب ارتفاع الأسعار والتضخم وسوء ظروف العمل، غير إن جمعية مصنعي ومصدري الملابس في بنغلادش التي تمثل أصحاب المصانع، تقترح زيادة بنسبة 25% فقط، رَفَضَها العُمّال بالإجْماع، مما اضطر الحكومة إلى تعيين لجنة أعلنت يوم الثلاثاء 07/11/2023 زيادة الرواتب بنسبة 56,25%، واعتبر مُمثّلُو العُمّال إنها زيادة هزيلة لا تكفي لاقتناء الطعام لأسرة من أربعة أفراد، وقام حوالي خمسة آلاف من العاملات والعُمّال بإغلاق الطرقات في المناطق الصناعية حول العاصمة “دكا”، يوم الخميس 09 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 فأطلقت شرطة مكافحة الشغب وفِرَق حَرَس الحُدُود الرصاص المطاط والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت لتفريقهم في العديد من المُدُن، وأدانت شبكة حقوق العمال العالمية “حملة الملابس النظيفة”، بشدة القمع العنيف الذي تعرض له عمال مصانع الملابس، واتهمت معظم العلامات التجارية برفض دعم مطالبهم علناً، فيما استَغَلّ حزب بنغلادش الوطني المعارض الوضع لنقد حكومة الشيخة حسينة التي تتهيأ لخوض انتخابات نهاية شهر كانون الثاني/يناير 2024، وانطلقت حملة تضامن مع عُمال وعاملات النّسيج ومسيرات مناهضة للحكومة قمعتها الشرطة بعنف وبإطلاق الأعيرة المطاطية والغاز المسيل للدموع يوم السبت 04 ويوم الخميس 09 تشرين الثاني 2023، بحسب مسؤولين وشهود عيان، وفق وكالة الصحافة الفرنسية – أ ف ب 09/11/2023

صناعة النسيج والملابس في بنغلادش

يُعَدّ قطاع صناعة النسيج حيَوِيًّا في بنغلادش ( قرابة 200 مليون نسمة)، حيث يُقَدَّرُ عدد المصانع بثلاثة آلاف وخمسمائة تمتلكها شركات محلية مُتعاقدة من الباطن مع شركات عابرة للقارات، وتُشغّل نحو أربعة ملايين عامل من بينهم %85 من النساء الأميات، وتُزَوّد هذه المصانع أهم العلامات التجارية العالمية بملابس فاخرة وأزياء رياضية وغيرها وتُمثل الملابس والمنسوجات 85% من صادرات البلاد التي تُعَدُّ ثاني أكبر مصدِّر للملابس في العالم، بعد الصين، بقيمة 55 مليار دولار سنوياً، وتُمثّل هذه العائدات أهَمّ مصدر للعملات الأجنبية، غير إن ظروف العمل قاسية، وسبق أن حصلت حوادث عديدة قاتلة، منها انهيار مصنع رانا بلازا في العاصمة دكّا سنة 2013 وتسبب بمقتل نحو 1200 عامل وعاملة، ورغم تحسن الأجور والسلامة في المصانع، إثر ذلك الحادث، لا تزال ظروف العمل قاسية، وتُعَدُّ الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي أكبر أسواق للملابس المنسوجة في بنغلاديش التي زادت صادراتها بنسبة 10% سنة 2009، بعد زيادة الأجور في الصين ونزوح العديد من الشركات الأجنبية إلى فيتنام وبنغلادش ودول أخرى، حيث الرواتب منخفضة وساعات العمل غير محدودة، وبعد إقرار الولايات المتحدة وكندا والإتحاد الأوروبي دخول الملابس المجمعة في بعض البلدان، ومنها بنغلادش، بدون رسوم جمركية، وتَغَضُّ أمريكا الشمالية وأوروبا الطّرف عن تشغيل الأطفال في بنغلادش، حيث يضطر ما لا يقل عن 15 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 10 و 14 سنة للعمل في مختلف القطاعات، من بينهم ما لا يقل عن عشرة آلاف طفل يعملون في قطاع النسيج والملابس الفاخرة المُعَدّة حصْرِيًّا للتصدير، في ظروف سيئة أدّت إلى احتجاجات كبرى منذ سنة 2006، احتجاجًا على الرواتب المنخفضة وغياب شروط السلامة المهنية، وغياب التّهوِئة الذي تسبّب في احتراق مصنع أزياء يوم الرابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 2012، أودى بحياة نحو 120 عاملة وعامل وإصابة ما لا يقل عن مائتَيْن، وحريق آخر وانهيار مبنى صناعي في رانا بلازا (ضواحي العاصمة دكا) يوم 24 نيسان / أبريل 2013 أدى إلى مقتل 1200 شخص معظمهم من النساء العاملات، ولا يزال أقارب الضحايا يحاولون – بعد مضي أكثر من عشر سنوات – الحصول على تعويض لفقدان ذويهم، وفي كانون الثاني/يناير 2019، أضرَبَ العُمال مُجدّدًا، احتجاجًا على انخفاض الرواتب وسوء ظروف العمل، فطردت مصانع النسيج مئات العمال…

بعد أكثر من أسبوع من الاضرابات والتظاهرات التي عطلت أبرز مواقع الانتاج، انتهى التحرك الاجتماعي بعد اتفاق على زيادات في الأجور، لكن الكثير من العمال الذين قدموا لاستئناف العمل يوم الإربعاء 08 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، اكتشفوا أنه تم طردهم، وأحصت النقابات ما لا يقل عن 750 حالة طرد تعسفي من عدة شركات في مركز أشوليا للنسيج بالضاحية الصناعية للعاصمة دكا، ونشرت المصانع أسماءهم وصُوَرَهُم على لائحات تضم مطرودين لا يستطيعون العمل في قطاع النسيج، لأنهم مصنّفون “كمُشاغبين”، وفق تصريحات النّقابيين…

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.