خريطة المعركة في غزة وملخص الوضع الميداني: المقاومون يكبدون الاحتلال خسائر فادحة
الأردن العربي – الإثنين 13/11/2023 م …
الاحتلال يسعى إلى أن تتصل قواته المهاجمة من الجهة الجنوبية بقواته المتقدمة من المحور الشمالي، ولكنه لم يتمّ بعد سيطرته على الجهة الغربية لشمالي القطاع، فيما تستمر المقاومة باستهداف آلياته المتوغلة وقواته الراجلة، وتكبدها خسائر فادحة.
تتواصل الاشتباكات العنيفة في المحاور الغربية الشمالية والجنوبية لغزة، حيث يكبّد المقاومون قوات جيش الاحتلال خسائر فادحة، بينما تحاول دباباته ومدرعاته فصل المنطقة الساحلية الغربية ومخيم الشاطئ عن بقية قطاع غزة، سعياً إلى تطويق الكتلة العمرانية الأهم في الشمال.
وبحسب المعلومات، يسعى الاحتلال إلى أن تتصل قواته المهاجمة من الجهة الجنوبية بقواته المتقدمة من المحور الشمالي، ولكنه لم يتمّ بعد سيطرته على الجهة الغربية لشمالي القطاع، واكتفى بتحقيق اختراقات طُولية في شارع الرشيد من الجهة الجنوبية، وصولاً إلى شارع أحمد عرابي، والتفّ حول مخيم الشاطئ متجنباً التوغل عميقاً في إحدى أصعب الكتل العمرانية في القطاع، باتجاه منطقة برج الأندلس عند شارع النصر.
وفي المحور الغربي الشمالي، وصلت قوات الاحتلال إلى مربع مستشفى الحياة التخصصي للقلب، الذي يبعد نحو 700 متر عن مستشفى الشفاء، محاولة التوغل داخل منطقة المكاتب الحكومية.
لكنّ الاحتلال يتحرك تحت وابل من قذائف المقاومة وتصدي مقاوميها من مسافة صفر، والذين يقفون في وجه الهجوم، على الرغم من القصف الجوي العنيف التي تتعرض له في كل مبنىً تصدر منه نيران في اتجاه القوات الغازية، الأمر الذي أدى إلى عرقلة محاولات التقدم السريع لتطويق الجهة الغربية من المدينة وعزل مخيم الشاطئ ومستشفى الشفاء.
عمليات المقاومة تحافظ على زخمها
وأكّد الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، في أحدث بيان له، أنّ المقاومين “يخوضون اشتباكات ضارية، ويفجرون آليات العدو في كل محاور تقدم العدو ونقاطه في غزة”.
وأعلنت كتائب القسام اليوم أنّ مقاوميها استهدفوا مجدداً قوةً صهيونية خاصة متحصنة في مبنىً شمالي بيت حانون بعبوة مضادة للأفراد، بعد أن كانت أعلنت أنّ مقاومين استهدفوا كذلك قوة صهيونية راجلة بعبوة مضادة للأفراد في منطقة خزاعة شرقي خان يونس، محققة إصابة مباشرة.
وأعلنت المقاومة في وقت سابق استهدافها 3 دبابات في محور جنوبي غربي مدينة غزة، الأحد، و3 آليات عسكرية مختلفة السبت، بقذائف “الياسين 105”.
كما أفاد صحافيون في غزة باستمرار سماع أصوات اشتباكات عنيفة في الأماكن التي وصلت إليها آليات الاحتلال، في حي النصر وحي الميناء والمشارف الجنوبية لمخيم الشاطئ.
ونشرت القسام مشاهد لتصدي قواتها في بيت حانون للتوغل البري الإسرائيلي، بحيث أظهر مقطع فيديو رصد المقاومين عن قرب قوةً راجلة للاحتلال، حاولت التحصن في أحد البيوت، واستهدفتها بالقذائف والرصاص بصورة مباشرة، على الرغم من كون بيت حانون المحور الأبعد عن وسط الكتل العمرانية، والأكثر تطرفاً في شمالي شرقي القطاع، وهو ما يُظهر عجز الاحتلال عن السيطرة على أجزاء واسعة منه، بعد أكثر من 37 يوماً على المعركة.
ونشرت القسام أيضاً مشاهد تُظهر تصدي قواتها، بالقذائف الخارقة للدروع، لتوغل الاحتلال في مناطق التوام في المحور الغربي الشمالي، حيث تحاول دباباته الالتفاف على مخيم الشاطئ بعد عدة محاولات فاشلة لاقتحامه، أدت إلى تكبد قوات الاحتلال خسائر فادحة.
وأكّدت مشاهد الإعلام الحربي تصدي المقاومين المستمر للاحتلال في محور بيت حانون، بقذائف “الياسين 105” الخارقة للدروع، وتدمير آلياته.
وأظهرت المشاهد قدرة المقاومين على التحرك، مستفيدين من الغطاء العمراني واستهداف آليات الاحتلال من مسافة لا تتعدى 50 متراً، محققين إصابات مباشرة ودقيقة.
وبحسب بيان الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبي عبيدة، وثقت المقاومة حتى الآن تدمير أكثر من 160 آلية عسكرية تدميراً كلياً أو جزئياً، منها أكثر من 25 آلية خلال يومين.
استمرار الرشقات الصاروخية
كما نشرت المقاومة مشاهد تظهر استمرار رشقاتها الصاروخية حتى ليل يوم أمس، ما يشير إلى أنّ القدرات الصاروخية للمقاومة ما تزال فعالة وسرية رغم القصف العنيف الذي يتعرض له القطاع والرصد الدقيق لكافة مناطقه من قبل الاحتلال وطائراته الاستطلاعية ومنظوماته التجسسية.
سرايا القدس
بدورها، قالت سرايا القدس إنّ مقاوميها يخوضون اشتباكات عنيفة في تل الهوى ومخيم الشاطئ في قطاع غزة ضد قوات الاحتلال المتوغلة، وإنهم أوقعوا إصابات مباشرة في صفوف القوات الإسرائيلية.
وأكّدت السرايا استهداف موقع “كيسوفيم” و”مارس” العسكرية برشقات صاروخية مركزة.
وبالإضافة إلى ذلك، استهدفت طائرة صهيونية من نوع “هيرون تي بي (إيتان)”، وأصابتها إصابة مباشرة، ونشرت فيديو يوثق لحظة استهداف الطائرة الإسرائيلية بصاروخ مضاد لطائرات محمول على الكتف.
قصف قوات الاحتلال ومراكزها المستحدثة
ومع تضييق مسافة الاشتباك مع الاحتلال أكثر فأكثر واستحداث العدو لمراكز قتالية وتحشيدات داخل المناطق المفتوحة في شمالي القطاع، تدكّ كتائب القسام ومعها سرايا القدس تجمعات آليات الاحتلال المتوغلة في مختلف المحاور بقذائف الهاون من العيار 120 ملم الثقيل، والصواريخ القريبة المدى.
وقصفت كتائب القسام تحشدات لقوات العدو في كيبوتس “حوليت” بقذائف الهاون من العيار الثقيل، كما أعلنت أنها أنها دكت حشداً للآليات المتوغلة غربي “إيرز” بقذائف الهاون، من العيار الثقيل.
وتستعمل المقاومة عيارات عدّة من قذائف الهاون، أبرزها تأثيراً وفعالية اليوم القذائف من عيار 120 ملم، وهي تمتاز بفعاليةٍ كبيرة ضد الأفراد الحشود وبدائرة تأثير واسعة، ويمكن أن تُسبب أضراراً كبيرة في الآليات المصفحة، وأضراراً في الدبابات والمدرّعات في حال أصابتها بشكلٍ مباشر، ويوجد منها لدى المقاومة مدافع وذخائر صناعة محلية وأجنبية.
كيف أصبحت السيطرة على مستشفى الشفاء هدفاً عسكرياً؟
زعم الاحتلال، منذ بداية عدوانه العسكري البري، والذي بدأه بإعلانه نية الهجوم على كامل قطاع غزة، ثم انتقل إلى إعلان بدء توغل قواته في المنطقة الشمالية للقطاع، أنّ المستشفى هو مقرّ قيادة للمقاومة، من غير أن يقدم أي دلائل واقعية على هذا الأمر.
وسعى الاحتلال مؤخراً، عبر نشر صور فتحة في الأرض قريبة من المستشفى، إلى ترويج هذه الكذبة، إلا أنّ شهادات المواطنين وصورهم، بالقرب من المكان، الذي تظهر فيه البوابة الحديدية بصورة علنية وواضحة منذ أعوام مضت، أظهرت أن هذا المكان علني وليس سرياً، ليَظهر لاحقاً أنها فتحة تهوئة لخزانات المياه أو الوقود تحت المستشفى، وليفشل الاحتلال في إقناع أي من الجهات الدولية بجدية ادعاءاته.
لكن استهداف المستشفيات ليس صدفة أو هدفاً ثانوياً لدى الاحتلال، فهو قرر أن يخوض معركة إرادات ضد المقاومة، ووضع هدفه كسر إرادة أهل غزة ومقاومتها، بعد الضربة القوية والهزيمة التي تلقاها، عسكرياً وأمنياً واستخبارياً، في 7 تشرين الأول/أكتوبر. والمستشفيات تُعَدّ ركناً أساسياً من أركان صمود المجتمع الفلسطيني بصورة عامة، وفي غزة وشماليها اليوم، على نحو خاص.
ويريد الاحتلال، بقضائه على المسشتفيات وتدمير دورها، أن يمارس أبشع الجرائم ضد الإنسانية، والتي تنتهك كل قواعد السلم والحرب، عبر منع الفلسطينيين من تلقي العلاج من جراء العداون الذي يستمر في ممارسته ضد المدنيين في القطاع، منذ أكثر من 37 يوماً، والذي أدّى، حتى الساعة، إلى استشهاد أكثر من 11 ألف فلسطيني، وجرح نحو 30 ألفاً آخرين، كان من الممكن أن يُستشهدوا بدورهم لولا قدرة المسشتفيات على تقديم العلاج.
وبالتالي، يمكن القول إنّ الاحتلال قرر، في مقابل ما يتكبده من خسائر عسكرية فادحة من جراء تصدي المقاومة، أن يرفع تكلفة المقاومة على المدنيين الفلسطينيين، إذ إنّ قيامه بقصف المستشفى، على نحو متفرق وجزئي، ثمّ محاولته السيطرة عليه، هما السبيل الوحيد إلى تعطيل دوره الحيوي، بسبب عدم استعداده لتحمل عواقب قصفه مباشرة، مع ما يضمّع من آلاف المدنيين والطواقم الطبية والصحافيين.
انسداد الأفق أمام الإسرائيلي بتحقيق انتصار عسكري
يشكك خبراء إسرائيليون وأميركيون بأنّه من الصعب جداً أن يخرج الاحتلال من معركة غزة في صورة المنتصر، لأنّ الهدفين الأساسيين الذين حددتهما قيادته بعيدين عن التحقق، وأولهما القضاء على حماس وكتائب القسام والمقاومة بصورة عامة، في شمالي القطاع، على الأقل، عبر تدمير قدراتها البشرية والعسكرية وشبكة الأنفاق، والثاني هو حلّ أزمة الأسرى، عبر استعادتهم، أو استعادة جثثهم، إذا قتلوا.
وفي كِلا الهدفين، تبرز مشاكل كبرى تعوّق إمكان تحققهما. فالقضاء على حماس، حتى لو اختزله الإسرائيلي، تحت وطأة الخسائر الميدانية والمقاومة الشرسة، في القضاء على قدراتها العسكرية في الشمال، يعيقه الواقع الميدني الذي كبده حتى الآن مئات الآليات والدبابات والمدرعات والقتلى والجرحى في صفوف جنوده.
كما أنّ إعادة الأسرى أو جثثهم عملية معقّدة وصعبة، فالأسرى قد لا يكونون موجودين فقط في الشمال. يضاف إلى ذلك احتمال كبير، مفاده أن من الصعب جداً على الإسرائيلي أن يجدهم أو يجد الجثث في حال تمّ دفنها في مدافن، أو تمت تخبئة الأسرى في أنفاق تحت الأرض لا يعرفها إلّا أصحابها.
وهذا ما يشير إليه عدد من المحللين الإسرائيليين، عبر القول إن هذه العملية “مجهولة الأفق”، وإنّ السبيل إلى إعلان نجاحها غير واضح.
أهداف المقاومة في المعركة
لا تتشابه أهداف المعركة، بالنسبة إلى القوة الغازية والقوة المقاومة، بحسب قواعد الحرب العامة. واليوم، في غزة، تظهر صدقية هذه القاعدة، من خلال كون المقاومة غير ملزمة بالدفاع الجغرافي عن المناطق في غزة، في وقت يجد الاحتلال نفسه مجبراً على محاولة السيطرة على المناطق العمرانية من أجل مواجهة المقاومين، على رغم تكبده الخسائر الفادحة.
وبالتالي، فإنّ مجرد سيطرة الاحتلال على مناطق جغرافية في غزة ليس إنجازاً، في حدّ ذاته، وخصوصاً إذا لم يتضمن سيطرته على مواقع حساسة، أو أماكن وجود الأسرى، أو القبض على مقاومين، أو كشف أماكن سرية أو أنفاق سرية، وهو ما لم يحدث حتى الساعة.
كما لم يتمكن الاحتلال حتى الآن من أسر مقاومين، بعد شهر وأسبوع على بداية المعركة، ولم يعرض أيضاً أي مشاهد لاشتباكات قواته مع المقاومين، ولا سيما قواته الراجلة، بينما تستمر المقاومة في عرض مشاهد استهدافاتها لدبابات الاحتلال ومدرعاته وقواته، بواسطة الأسلحة المتعددة.
ويشير هذا الأمر إلى حجم اعتماد الاحتلال على السيطرة بالمدرعات، وهو ما يفاقم خسائره، ويجعل سيطرته ناقصة. وهذا ما ظهر في مشاهد الإعلام الحربي الأخيرة للقسام، بحيث يخرج المقاومون من شوارع خلف الدبابات، ويستهدفونها من مسافات لا تتعدى في بعض الأحيان 20 متراً، وينسحبون تحت غطاء الكتل العمرانية الكثيفة.
في معركة الاستنزاف الجارية، تعمل المقاومة، في هذه المرحلة، على الاستفادة من توغل العدو في الكتل العمرانية في سبيل مفاقمة خسائره، وهو إنجاز أساسي لدى المقاومة، التي كبدته حتى الآن ما يزيد على 160 دبابة ومدرعة وآلية متضررة، بصورة كلية أو جزئية، وما لا يقل عن 300 جندي إسرائيلي مصاب، ونحو 40 قتيلاً، أعلن الاحتلال عنهم، على رغم التعتيم الإعلامي والرقابة، وهو ما يعني أنّ الأرقام قد تكون أكبر.
التعليقات مغلقة.