خطة الاستخبارات الإسرائيلية لغزة! / محمد حسن التل
محمد حسن التل ( الأردن ) – الثلاثاء 14/11/2023 م …
من الأشياء المهمة التي تصلني باستمرار من السياسي المخضرم الأستاذ أحمد سلامة ، وصلتني بالأمس منه وثيقة سربت عن الاستخبارات الإسرائيلية تحت عنوان “ورقة سياسية صادرة عن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، وخيارات التوجيه السياسي للسكان في قطاع غزة”، تؤكد الوثيقة أن إسرائيل لا تعمل على الجبهة العسكرية على الأرض في غزة فقط، بل أصبح لديها برنامجا لما بعد الحرب إذا قدر لها الإنتصار على حماس والمقاومة الفلسطينية هناك، من باب كما يقولون إنهاء الخطر المستمر عليهم من غزة، وتطالب الوثيقة أو البرنامج حكومة إسرائيل استقطاب الولايات المتحدة ودول أخرى لدعم التوجه الإسرائيلي بخصوص أهداف تغيير على الواقع المدني في القطاع بعد تمكن إسرائيل من إسقاط حكومة غزة كسلطة على الأرض!! وقدمت الوثيقة ثلاث خيارات للسلطة السياسية في تل أبيب، أولها بقاء السكان في القطاع وإسناد الحكم إلى السلطة الفلسطينية، والخيار الثاني بقاء السكان في غزة واستحداث سلطة عربية محلية من أوساطهم، والخيار الثالث إجلاء السكان إلى سيناء ، وهذه الخيارات وقبل تسريب وثيقة الاستخبارات الإسرائيلية ترددت كأفكار منذ الأسبوع الأول للحرب، مع العلم بأن الوثيقة المشار اليها صدرت في الثالث عشر من أكتوبر، أي بعد أسبوع واحد من الحرب،وهذ يعني أن كل ما يصدر عن تل أبيب لأيأتي من فراغ، وتصريحات المسؤولين فيها ليست في الهواء بل هي بالونات إختبار.. ويميل من كتب الوثيقة إلى الخيار الثالث الذي يدعو الى إخراج الفلسطينين إلى سيناء بوصفه حسب رأيه أن هذا الخيار سيحقق نتائج استراتيجية إيجابية وطويلة الأمد بالنسبة لإسرائيل، خصوصا أن الخيارين الأول والثاني كما تقول الوثيقة أنهما لن يوفرا الردع لإسرائيل والسلام الذي تريده على مقاسها، حيث أن الاختيار الأول سيفجر انقساما كبيرا بين السلطة القادمة من رام الله وأبناء غزة بصفتها قادمة على الدبابة الإسرائيلية ، كما أن وصول سلطة عربية في القطاع يعاونها شخصيات غزاوية من خارج المقاومة سيجعل الأمور أسوأ مما هي عليه الآن بالنسبة للتهديد القادم إلى إسرائيل من غزة، وفي حال فرض السلطة الفلسطينية على غزة فإن إسرائيل عليها في البداية إقامة حكم عسكري يمهد لاستلام السلطة زمام الأمور الأمر الذي سيزيد من احتمالات الصدام مع الغزيين ويكلف الإسرائيليين ثمنا كبيرا.
تطرقت الوثيقة الاستخباراتية أيضا إلى ضرورة خلق تغيير أيديولوجي من خلال تبني سردية تدعي فشل حماس و ظلمها لأهل غزة واستبدال الوضع القائم بإيجاد أيديولوجية إسلامية معتدلة وهذا التصور تشير إليه الوثيقة بأنه سيلاقي صدا كبيرا من الغزيين خصوصا أن جيلا كاملا تربى في أحضان حماس وبالتالي فإنه سيرفض تجربة الاحتلال الإسرائيلي أو من يثله أو أي خيار أخر ، ولن تنجح في محاولات التغيير الأيديولوجي، بل ستظهر حركات إسلامية جديدة يحتمل أن تكون أكثر تشددا من حماس حسب الوثيقة.
الوثيقة الاستخباراتية طويلة وفيها تفاصيل كثيرة، وهي برنامج عمل بدأت خطوطه ترتسم على الأرض، أولها تشديد الخناق على المدنييمن من خلال القصف العنيف لدفعهم للتوجه إلى الجنوب بحجة أن هذه المناطق آمنة، ونقل ثقلهم إلى الحدود المصرية، لتشكيل حالة ضغط كبير على مصر التي تصر بقوة ولن تسمح بأن تكون الأرض المصرية ساحة لجوء جديدة لهم، وأخطر من فكرة محاولة تهجير الفلسطينيين لسيناء، طرح الوثيقة إمكانية تهجير أهالي غزة إلى دول متعددة عربية وأوربية وتقديم كل الإغراءات لهم لدفعهم إلى الهجرة، كما تطرح تقديم الدعم الكبير للدول التي توافق على استقبالهم وطبعا سيكون هذا الدعم بوصاية الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في العالم.
تذكر الوثيقة المشار إليها أن القضاء على حماس سيشكل حالة ردع كبيرة لكل رافض للأوضاع القائمة في المنطقة وبالطبع لصالح إسرائيل ، خصوصا إيران وحلفائها .
بموازاة هذه الأفكار وغيرها التي تطرح على الصفيح الساخن للمعركة حتى هذه اللحظه يرفض نتنياهو التعامل في الظاهر مع أي فكرة ويصر على هدفه المعلن وهو ابادة حماس واحتلال غزة بالكامل ،وكثير من تصريحاته تنسف معظم ما جاء في الوثيقة المسربة طبعا باستثناء التهجير إلى سيناء ، ويصر على تغيير وجه غزة، لكنه في النهاية سينزل على قرار الدولة العميقة في إسرائيل وحليفتها أمريكا بعد انتهاء المعركة إذا قدر لإسرائيل الإنتصار!!
الأمور في غزة لا زالت تحت النار ، وكل ما يطرح هو من باب الإفتراض فقط لا سيما أن الشعب الفلسطيني في غزة ومقاومته لا زالا بموقف جيد في المعركة ، حيث يرفض الغزيون الخروج من أرضهم وترفض المقاومة رفع الراية البيضاء، وسوف يرى نتياهو ومن معه من جنرالات الموت بعد المعركة أفرس كان تحتهم أم حمار..
التعليقات مغلقة.