متابعات، نشرة أسبوعية – العدد السّادس والأربعون / الطاهر المعز
الطاهر المعز ( تونس ) – السبت 18/11/2023 م …
يحتوي هذا العدد من نشرة “متابعات” الأسبوعية على مقدّمة بشأن العدوان الصهيوني على فلسطينيي غزة، وفقرات عن استمرار الكيان الصهيوني في تنفيذ مُخطّط التّهجير وإخلاء الأرض ونسف البيوت بدعم أمريكي وأوروبي، وفقرة عن ارتهان مصر إلى الكيان الصهيوني بشأن الغاز الذي تستخدمه مصر لتوليد التيار الكهربائي، وتحتوي النّشرة فقرة عن تأثيرات هذه الحرب العدوانية على الإقتصاد العالمي وعلى اقتصاد العدو الصهيوني واقتصاد البلدان المجاورة لفلسطين المحتلة، وفقرة عن بعض العلاقات الإقتصادية بين الصين وقارة إفريقيا وفقرة عن إضراب عاملات وعمال النسيج في بنغلادش، وفقرة عن الفقر المدقع، من خلال تقرير الأمم المتحدة، وفقرة عن تواطؤ الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة مع الشركات العابرة للقارات، خصوصًا في إفريقيا، وأخرى عن التناقض الطبقي الصارخ في الولايات المتحدة وظاهرة العاملين الفُقراء، بفعل ضُعْف قيمة الرّواتب
هوامش العدوان الصهيوني
اجتمع ممثلو أنظمة العرب والمسلمين تحت لواء “منظمة التعاون الإسلامي” والجامعة بِالرياض عاصمة القوى الرجعية العربية، وأصدروا بيانًا يُسْتَنْتَجُ من فحواه إن هذه الأنظمة تعتبر نفسها “مُحايدة” وتنتظر من “المجتمع الدولي” الذي يُمثِّلُهُ “مجلس الأمن”، أن يبحث عن مَخْرَج للعدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، ما يجعل الكيان الصّهيوني في موقف مُرِيح يُمكّنه من مواصلة العدوان على الشعوب العربية (فلسطين ولبنان وسوريا…) مع الإفلات من العقاب…
تُشير وسائل الإعلام إلى إلقاء العدو الصهيوني أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة أو ما يفوق القُوّة التّدميرية للقنبلة النّووية التي ألقتها الطائرات الحربية الأمريكية على مدينة هيروشيما اليابانية يوم السادس من آب/أغسطس 1945، وأدّت القنابل الصهيونية إلى مقتل وإصابة أكثر من 40 ألف شخص، خلال ثلاثة أسابيع من العدوان والإبادة، وفق بيان نشره المنتدى الأورومتوسطي ( يوروميد) يوم الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2023، ومع ذلك لم تتراجع السعودية ولا الأنظمة العربية الأخرى ( خصوصًا المغرب ومصر والسّودان والأردن والإمارات والبحرين ) عن الإعتراف بالكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات السياسية والإقتصادية والعسكرية معه، رغم مُعارضة الشُّعُوب، وفق وكالات رويترز (13/10/2023) ووكالة الصحافة الفرنسية “فرنس برس” يوم 14/10/2023، وسبق أن استضافت السعودية وزير السياحة الصهيوني حاييم كاتس ووزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كارهي، فيما أدانت الإمارات بالأمم المتحدة “الهجمات الهمجية والشنيعة” التي تشنها حركة حماس على المستوطنين الصهاينة، “والإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن ووضع حد لسفك الدماء المستمر…”، وتُضْفِي مثل هذه المواقف والتّصريحات الطابع الرسمي والعلني على الخيانة وعلى طعن الشعب الفلسطيني والتنازل عن حقوقه…
نكبة مُستمرة ومُقاومة مُتواصلة
أدّى عُدْوان 1947/1949 إلى تهجير أكثر من ثمانمائة ألف فلسطيني خارج وطنهم، ولا يزال الكيان الصهيوني يُحاول إفراغ فلسطين من أهلها، ويندرج العدوان الحالي على قطاع غزّة ضمن مخطّط تدمير مُقوّمات الحياة (هدم المنازل والتّجويع والحصار وقَطْع الماء والغذاء والدّواء… ) بهدف دَفْع الفلسطينيين نحو الهجرة القَسْرِيّة، بدعم الإمبريالية الأميركية والأوروبية وتواطؤ معظم أنظمة الدّول العربية، وبالأخص تلك التي تحالفت عَلَنًا مع الكيان الصهيوني أو طَبَّعَت علاقاتها معه، ما يجعلها مُشارِكَةً في عمليات القصف والتّدمير والتّجويع والتّعطيش والتّهجير…
اقتصاد الحرب
نَقَلَ موقع صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية، يوم 08 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، تصريحات الرئيس التنفيذي لمصرف “جيه بي مورغان” والرئيس التنفيذي لشركة إدارة الأُصُول “بلاك روك” بشأن التّأثيرات السّلبية المحتملة للعدوان الصهيوني ضد سُكّان غزة، على الاقتصاد العالمي، واعتبرها رئيس مصرف “جي بي مورغان” الأخطر منذ سنة 1938 لأن التأثيرات سوف تكون بعيدة المدى على أسعار الطاقة والغذاء وعلى حركة التجارة الدولية التي تأثرت قبل ذلك بالحرب في أوكرانيا، وقبلها بانتشار وباء “كوفيد – 19″، مما يؤدي إلى الرُّكود وتراجع الاستهلاك والإنفاق الإضافي، وإلى ارتفاع سعر الفائدة وأسعار السّلع والخدمات ونسبة التّضخّم، رغم عدم الإرتفاع المُشِطّ لأسعار المحروقات بفعل التّصريحات المُطَمْئِنَة لحُكّام السّعودية وقَطَر بعدم استخدام النّفط وعدم دعم الشعب الفلسطيني لا بالكلمة ولا بالفِعْل السّياسي أو الإقتصادي أو العسكري، ورفض قادة مَشْيَخات الخليج – التي تنتج نحو ثُلُث الإمدادات العالمية للنّفط – اتخاذ قرار حظر تصدير النفط للضغط على الكيان الصّهيوني وعلى القوى الإمبريالية الدّاعمة له، ما يجعل من آل سعود وأبناء زايد وغيرهم مُشاركين في العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني الذي أدّى – بين السابع من تشرين الأول والسابع من تشرين الثاني 2023 – إلى استشهاد أكثر من عشرة آلاف وخمسمائة فلسطيني، بينهم قرابة خمسة آلاف طفل وثلاثة آلاف امرأة وإلى إصابة أكثر من ستّ وعشرين ألف فلسطيني، وإلى اعتقال حوالي ثلاثة آلاف فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة…
تُؤَثِّرُ المقاومة بكافة أشكالها على اقتصاد العدُوّ وعلى معنويات المُستوطنين والسّائحين وتحرم الكيان الصّهيوني من الإستثمارات الأجنبية ومن إيرادات السياحة وصادرات التكنولوجيا العسكرية، خصوصًا بعد فشل تقنية التجسّس في كشف العمليات الفدائية قبل تنفيذها، وأعلن مكتب الإحصاء الصهيوني عن تراجع حركة السياحة خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023 بنسبة 76% على أساس سنوي، وإلغاء نحو 80% من الرّحلات الجَوِّيّة من وإلى مطار تل أبيب، وفق المنظمة الدّولية للطيران المدني، وعن تَرَاجُعِ الاحتياطات النقدية الأجنبية بنحو 7,3 مليار دولارا، فيما تُقدّر تكاليف العُدوان الحالي (تشرين الأول والثاني 2023) بأكثر من 200 مليار شيكل أو ما يُعادل 51 مليار دولارًا، وفق تقرير مصرف “جي بي مورغان تشيس” الذي يتوقّع انكماش اقتصاد العدُوّ بنسبة 11% على أساس سنوي، خلال الرّبع الأخير من سنة 2023، وأَكّد التقرير الشهري الصادر عن دائرة التوظيف الصهيونية، يوم الإربعاء 08 تشرين الثاني 2023، ارتفاع عدد العاطلين الباحثين عن العمل، المُسجّلين خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023، بنسبة 60,3% من المسجلين الجدد، بفعل انكماش الإقتصاد، وأدّى ارتفاع نفقات الحرب إلى ارتفاع العجز في ميزانية العدو خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023 إلى 23 مليار شيكل أو ما يُعادل ستة مليارات دولارا، بفعل تراجع الإيرادات بنسبة 15,2% بفعل ارتفاع حجم رواتب جنود وضبّاط الإحتياط وإيواء 90 ألف شخص أتم إجلاؤهم من المُستَعْمَرات الإستيطانية القريبة من قطاع غزة، وفق بيانات نشرتها وكالة بلومبيرغ ( 07 تشرين الثاني/نوفمبر 2023) التي أشارت إلى إصدار وزارة مالية العدو سندات وأدوات دَيْن بقيمة 3,7 مليارات دولار، اشترت منها الولايات المتحدة ما قيمته مليار دولارا، منذ بدء العدوان على قطاع غزة…
قَدّرَ وزير مالية العدو التكْلفة المُباشرة للعدوان بنحو 246 مليون دولارا يوميًّا، فضلا عن التكاليف غير المُباشرة، أي ما يُعادل 7,6 مليار دولارا خلال الشهر الأول للعدوان، وقدّمت الحكومة مشروع “خطة إنعاش اقتصادي” تشمل دعمًا ماليا للشركات وللعاملين المُتَعَطِّلين بسبب ظروف الحرب والعديد من إجراءات الدّعم الأخرى التي تتحمّل الولايات المتحدة منها 14 مليار دولارا (إضافة إلى المنحة العسكرية السنوية بقيمة 3,8 مليار دولارا، إلى غاية سنة 2028) وتتحمّل ألمانيا ودولاً أوروبية أخرى قسطًا من الإنفاق الحربي ودعم الإقتصاد الصّهيوني، وتُقدّر خسائر العدو بنحو 38 مليار دولارا إذا استمر العدوان ستين يومًا، فضلا عن ارتفاع عجز الميزانية سنتَيْ 2023 و 2024، جراء خسائر الشركات وتعطّل النّشاط الإقتصادي وانخفاض إيرادات الضرائب، وقد ترتفع الخسائر إلى أكثر من خمسين مليار دولارا إذا توسّعت المُقاومة الفلسطينية إلى الضّفّة الغربية والجليل، شمال فلسطين المتاخم لجنوب لبنان…
نشرت الصحف الصهيونية بيانات عن شلل قطاعات رئيسية مثل السياحة والزراعة، وعن تأثير تعبئة نحو 360 ألف جندي احتياطي، من القادرين على العمل، وإجلاء حوالي 250 ألف مستوطن من المناطق القريبة من ساحة الحرب، وأشارت نفس البيانات إن خسائر الإقتصاد بلغت سبع مليارات دولارا، خلال الأسابيع الثلاثة الأولى (من 7 إلى 31 تشرين الأول/اكتوبر 2023) فضلا عن “الأضرار” الأخرى التي تُقدّر بنحو ثلاث مليارات دولار، وقد تصل التكاليف الإجمالية للعدوان إلى أكثر من خمسين مليار دولار أو ما يُعادل نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي…
قد تَبْدُو بعض التّفاصيل مُمِلّة لكنها تُشير إلى فداحة الخسائر الفلسطينية (بالحرب المُعْلَنَة أو من خلال القَتْل البطيء عبر الحصار والإغتيالات والإعتقالات…) وإلى تأثيرات العُدوان والمُقاومة على اقتصاد العدُوّ بشكل لا يُمكنُهُ تحمل المقاومة لفترة طويلة، لذلك كانت المُقاومة الفلسطينية تدعو إلى استمرار الحرب الشّعبية طويلة الأمد التي تُرهق كيان الإحتلال وداعميه…
عينة من الآثار السلبية على الإقتصاد الفلسطيني واقتصاد بلدان الجوار
أطْبَقَ العدو الصهيوني الحصار على غزة منذ 17 سنة، وزاد العدوان الحالي الطّين بَلّة، حيث توقّع تقرير مشترك صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “إسكوا” أن مواصلة العدوان لشهر ثان ستدفع نصف مليون فلسطيني إضافي إلى الفقر، بفعل الدّمار والأضرار التي لحقت بالمباني والبنية التحتية، ما يُؤَدِّي إلى تدهور الحالة الصحية وزيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي والتأثيرات السّلبية على الوظائف والشركات وأداء الاقتصاد الكلي في المنطقة المجاورة لفلسطين، وقدّر التقرير ارتفاع معدّل الفقر بين الفلسطينيين، في غزة والضفة الغربية، بنسبة 34% وانخفاض إجمالي الناتج المحلي بنحو 1,7 مليار دولارا، أو ما يُعادل ل 8,4%، وإذا استمرّ العدوان شهرا ثالثا، سيرتفع معدل الفقر بنحو 45%، ما سيزيد عدد الفقراء بأكثر من 660 ألفا، وينخفض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 12,2%، أو حوالي 2,5 مليار دولار، وفي الواقع فإن الوضع الاجتماعي والاقتصادي لسُكّان غَزّة كان مزريا قبل العدوان حيث بلغ مُعدّل الفقر 61% سنة 2020، وبلغت نسبة انعدام الأمن الغذائي الحاد أو المتوسط 62,9% من الأسر في غزة، سنة 2022، لأن السكان يعيشون على المساعدات الغذائية الشحيحة بفعل الحصار، ولما انطلق العدوان ارتفعت أسعار السلع الغذائية التي أصبحت مخزوناتها تكفي لمدة أسبوع واحد، وفق تقديرات الأمم المتحدة، يوم الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وقَدَّرَ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن “التنمية ستتراجع بنسبة قد تصل إلى 20% في غزة والضفة الغربية” في حال تواصل العدوان لفترة أربعة أو خمسة أسابيع، مع توقعات بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي وتدني نصيب الفرد من الدخل وارتفاع البطالة ( 46% قبل العدوان ) ونقص التغذية وتراجع مستويات التحصيل العلمي وانخفاض العمر المتوّقع،
من جهته أعلن البنك العالمي ضمن تقرير بعنوان “سباق مع الزمن” ( بداية أيلول/سبتمبر 2023) إن 25% من الفلسطينيين بالضفة الغربية وغزة يعيشون تحت خط الفقر قبل العدوان، بفعل القُيود التي يفرضها الإحتلال وخاصة في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات عدة، حيث ظل الاقتصاد الفلسطيني ( في الضفة الغربية وغزة) يعاني من الركود على مدى السنوات الخمس الماضية، ومن غير المتوقع أن يتحسن الوضع بل استمر اتساع الهوة بين اقتصاد الأراضي المحتلة سنة 1948 والأراضي المحتلة سنة 1967، التي بلغ الناتج المحلي الإجمالي بها سنة 2022، نحو 18 مليار دولار، بينما بلغ ناتج الأراضي المحتلة سنة 1948 نحو 430 مليار دولار وفق بيانات البنك العالمي، ما يرفع دخل المُستعمِرِين الصهاينة حوالي 15 مرة أكثر من دخل الفرد في الضفة الغربية وغزة…
أما خارج فلسطين فقد تأثرت اقتصادات الدّول المجاورة، وحتى الإقتصاد العالمي، بالعدوان الأخير الذي انطلق يوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، فتراجعت حجوزات الطيران الدولية على مستوى العالم، خاصة في الأميركتين بنسبة 10% خلال الأسابيع الثلاثة الأولى “مع انخفاض الطلب العالمي على السفر بشكل ملحوظ، وإلغاء الرحلات إلى الشرق الأوسط ومختلف أنحاء العالم وتراجعت حركة السفر من وإلى الشرق الأوسط بنسبة 26% من السابع إلى الثلاثين من تشرين الأول/اكتوبر 2023″، وفق بيانات شركة “فوروارد كيز” لتحليل حركة السفر ( 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2023)، وتراجعت رحلات الطيران من وإلى مطار بن غوريون بنسبة 80% منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة، وفق تقرير نشره موقع “سيكرت فلايت”بنهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023 وألغت حوالي 50 شركة طيران عالمية، وشركات طيران فرعية، جميع الرحلات الجوية المقررة من وإلى فلسطين المحتلة خلال الأسبوع الأول للعدوان، ولم يقتصر التّأثير على الشعب الفلسطيني وعلى الكيان الصهيوني، بل تأثّرت اقتصادات البلدان المجاورة لفلسطين، ما قد يؤدي إلى فوضى اقتصادية في كل من مصر ولبنان والأردن، وفق موقع “فورشن” الذي علّل ذلك بالضغوط الإقتصادية المختلفة السابقة للعدوان والتي ذكرها تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في أيلول/سبتمبر 2023، وانحصرت مخاوف الصندوق والحكومة الإتحادية الأمريكية، منذ انطلاق العدوان، في احتمال انقطاع إمدادات المحروقات، غير إن الأنظمة الرجعية العربية، منها السعودية وقطر والإمارات والعراق، طمأنت الولايات المتحدة بهذا الخصوص…
من جهة أخرى تكثفت اللقاءات والمشاورات بين البنك العالمي وصندوق النقد الدّولي والإتحاد الأوروبي، فيما أعلنت الحكومة الأمريكية “دعم الحكومة المصرية لمواجهة الضغوط بسبب احتمال التدفق المحتمل للاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة والأشخاص الفارين من الحرب الأهلية في السودان”، وهو تصريح خبيث ينم عن دعم الولايات المتحدة تهجير الفلسطينيين، وتحميل مصر نتائج السياسات العدوانية الصهيونية، في ظل أزمة اقتصادية لخصها تقرير صندوق النقد الدّولي قبل العدوان، منذ نيسان/ابريل 2023، الذي قَدَّر احتياجات مصر التمويلية لسنة 2023 بنحو 35% من ناتجها المحلي الإجمالي، وقبل يومَيْن من اندلاع العدوان، خفضت وكالة “موديز” في الخامس من تشرين الأول/اكتوبر 2023، تصنيف الديون المصرية التي بلغت نحو 160 مليار دولار بنهاية 2022، وفق تقرير نشره برنامج الدراسات المصرية بمعهد الشرق الأوسط ( 03 تشرين الثاني/نوفمبر 2023) عن “تزايد الضائقة الاقتصادية المصرية” وفقدان عائدات السياحة والغاز المَنْهُوب من سواحل فلسطين والإستثمار الأجنبي وارتفاع نسبة التضخم إلى 38%… كما يواجه الأردن صعوبات بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض الاستثمار الأجنبي، وفقا لصندوق النقد الدولي الذي قَدَّرَ معدل البطالة بأكثر من 10%… وفي لبنان المُجاور لفلسطين المحتلة، حيث انهارت قيمة الليرة اللبنانية وانهار قطاع السياحة وانكمش حجم الاقتصاد بأكثر من النصف خلال الفترة من 2019 إلى 2021، وارتفع حجم الدَّيْن العام إلى قرابة 550% من الناتج المحلي الإجمالي بحسب صندوق النقد الدّولي…
صهاينة العرب – عرب أمريكا
أعلنت شركة شيفرون الأميركية، يوم الإثنين 13/11/2023، استئناف إنتاج وضخ الغاز الطبيعي الفلسطيني المَسْرُوق من حقل غاز تمار البحري (قبالة ساحل مدينة وميناء حيفا) الذي تُدِيرُهُ “شيفرون”، وكان الحقل مُغْلَقًا لفترة خمسة أسابيع، منذ يوم التاسع من تشرين الأول/نوفمبر 2023، في أعقاب العملية الفدائية الفلسطينية التي جرت يوم السابع من نفس الشهر، ما أدّى إلى انخفاض الإنتاج وصادرات العدو من الغاز الطبيعي بنسبة 70% وإلى خسارة قَدّرتها وكالة رويترز بأكثر من مائتَيْ مليون دولارا شهريا، وكانت وزارة النفط والثروة المعدنية المصرية قد أعلنت “استئناف صادرات الغاز الإسرائيلي بكميات صغيرة”، لكن نَقَلت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية “عن مصادر مصرية مطلعة”، يوم الإثنين 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، ارتفاع حجم تدفقات الغاز الطبيعي المنهوب من فلسطين إلى مصر خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر بنسبة تصل إلى 60%، مقارنة مع أرقام نهاية الشهر السابق، بفعل “انحسار حدة المخاطر الأمنية” وفق المَصْدَر المصري، وكتبت وكالة “بلومبرغ” إن الإمدادات (من حقل تمارا إلى مصر) ارتفعت من 250 مليون قدم مُكَعّب يوميا خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر إلى 400 مليون قدم مُكَعّب يوميا خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، ومن المرجح أن يستأنف خط أنابيب غاز شرق البحر الأبيض المتوسط، الذي يمتد من ميناء عسقلان بفلسطين المحتلة إلى مدينة العريش المصرية، خلال الأسبوع الجاري، وفق وكالة بلومبرغ.
مصر – دُيُون
بلغ الدّيْن الخارجي لِمصر أربعة أضعاف ما كان عليه سنة 2010، ووصل إلى مستوى قياسي بقيمة 165,4 مليار دولارا، بنهاية الرّبع الأول من سنة 2023، وارتفعت تكاليف الدّيون و”خدمتها” (نسبة الفائدة التي يشترطها الدّائنون)، وقَدَّرَ المصرف المركزي المصري قيمة مدفوعات الديون المصرية بين سَنَتَيْ 2024 و2027 ب83,7 مليار دولارا، بسبب زيادة الاقتراض من صندوق النقد الدّولي والأسواق المالية الدّولية ودائنين آخرين، وأصبحت الدّولة مُلْزَمَة بسداد ديون تصل قيمتها إلى 29,2 مليار دولار أو ما يقرب من 20% من إجمالي التزامات ديونها الخارجية، خلال سنة 2024، بزيادة حوالي عشرة مليارات دولارا عن سنة 2023، والتي بلغت 19,3 مليار دولارا، وفق بيانات المصرف المركزي المصري، الصادرة خلال الأسبوع الأخير من شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023، ولا تزال الدّولة بحاجة إلى الإقتراض لأن “الفجوة التمويلية” ( الفارق بين الموارد المالية والتزامات الإنفاق) تتجاوز 11 مليار دولارا خلال السنوات الخمس القادمة، وهي مُرَشَّحَة للزيادة، وفق تقديرات مصرف “غولدمان ساكس”، وتلجأ الحكومة المصرية إلى بَيْع الأصول الحكومية (ممتلكات الشعب المصري) وزيادة عائدات السياحة وتحويلات العُمال المصريين بالخارج وزيادة عائدات الصّادرات والإقتراض مُجَدَّدًا لتسديد الدّيُون القديمة، وليس بغرض الإستثمار في مشاريع مُنْتِجَة وخالقة للوظائف، وتتوقع الحكومة الحصول على ديون جديدة بقيمة إجمالية تتراوح بين 6 و7 مليارات دولار، وعلى عائدات من مبيعات محتملة لسندات بقيمة مليار دولار، وبيع أُصُول بقيمة تفوق خمسة مليارات دولارا فضلاً عن حوالي 1,9 مليار دولارا من صندوق النقد الدّولي، بين دفعات مُتبَقِّية من قَرْض سابق (700 مليون دولارا) وقرض بحوالي 1,2 مليار دولارا في إطار برنامج الصمود والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي، وتعهّدت الحكومة بتنفيذ شروط صندوق النّقد الدّولي لتتمكّن من ترفيع قيمة القرض المتفق عليه من الصندوق، من 3 مليارات دولار إلى نحو 6 أو حتى 8 مليارات دولار، بهدف “تضييق فجوة التمويل الخارجي الكبيرة “، في ظل ارتفاع قيمة الديون المقومة بالدولار إلى أكثر من ثُلُثَيْ الديون الخارجية للبلاد، وفقدان الجُنَيْه المصري أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار منذ شهر آذار/مارس 2022، في مناخ تَمَيَّزَ بارتفاع أسعار الفائدة وباضطراب الأسواق المالية وبنقص النقد الأجنبي. ويمكن تلخيص الوضع المالي كالتالي: بلغ صافي الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية نحو 34,9 مليار دولارا بنهاية شهر تموز/يوليو 2023، وفق بيانات المصرف المركزي المصري، ويتوقع المصرف الأمريكي “غولدمان ساكس”، أن تبلغ فجوة التمويل من النقد الأجنبي نحو 11 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة، أي بنهاية العام المالي 2027/2028، بينما يُقدَّر متوسط متطلبات التمويل الخارجي لمصر نحو 20 مليار دولار سنويًّا، خلال السنوات الخمس المقبلة، فيما يُقَدَّرُ مُتوسط قيمة تدفقات التمويل الوافدة خلال نفس الفترة بنحو 18 مليار دولار في سنويًّا، مما يؤدي إلى توسيع الفجوة التمويلية، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي ومصرف “غولدمان ساكس”… أما وضع الأُجَراء والكادحين وصغار الفلاحين والحرفِيّين والفُقراء فهو لا يُطاق…
الصين/إفريقيا
بلغت قيمة التجارة بين الصين وأفريقيا 140,9 مليار دولار خلال النّصف الأول من سنة 2023، ، بزيادة 3,1%على أساس سنوي، وفق بيانات موقع وزارة التجارة الصينية التي أوردتها وكالة الصين الجديدة (شينخوا 13/11/2023) وزادت قيمة الصادرات الصينية بنسبة 15,4% على سنوي وبلغت 87,9 مليار دولارا، بينما انخفضت قيمة واردات الصين من أفريقيا خلال نفس الفترة بنسبة 12,4% على أساس سنوي، وبلغت 53 مليار دولار، بانخفاض 12.4% على أساس سنوي، خلال النصف الأول لسنة 2023
وبلغت استثمارات الصين في إفريقيا 1,82 مليار دولار في كافة القطاعات بأفريقيا ما بين يناير/كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو 2023 بزيادة 4,4% على أساس سنوي، ووقّعت الصين عُقُودًا جديدة لمشاريع في أفريقيا بقيمة 28,4 مليار دولار، وأنجزت أعمالا بقيمة 16,5 مليار دولار، بانخفاض 10% على أساس سنوي، خلال نفس الفترة، وتعد الصين من بين أكبر المقرضين للقارة الأفريقية، وبلغت قيمتها 170 مليار دولارا خلال الفترة الممتدة من 2000 إلى 2022، رغم تراجع حجم هذه القروض إلى أقل من مليار دولار سنة 2022، وهو أدنى مستوى خلال عِقْدَيْن، رغم أهمّيّة قارة إفريقيا في مبادرة الحزام والطّريق (أو طريق الحرير الجديد)، وكانت زامبيا، وهي من أكبر المُقترِضِين من الصين، أول دولة أفريقية تتخلف عن سداد الديون خلال جائحة كوفيد-19 في أواخر سنة 2020، في حين تواجه حكومات دول أخرى -من بينها غانا وكينيا والحبشة- صعوبات اقتصادية ومالية كبيرة…
بنغلادش
لم ترتفع رواتب العاملين بقطاع النسيج منذ سنة 2019، رغم الإرتفاعات المتعدّدة لأسعار إيجار المسكن وأسعار السلع الأساسية من غذاء وأدوية وطاقة ونَقْل، وارتفاع نسبة التضخم إلى 10% بنهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023، وانهيار قيمة العملة المحلية (تاكا) بنسبة 30% مقابل الدّولار، ما اضطر عمال قطاع النسيج إلى الإضراب الشامل، منذ نهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023، والمطالبة بزيادة الأجر الأدنى بنسبة 300% في حين اقترح أرباب العمل زيادة بنسبة 25%، وهو ما اعتبرته النقابات استهتارًا بمطالبهم، وازدراءً لهم، وبعد إضراب ناجح واحتجاجات عشرات الآلاف من العاملين في قطاع النسيج، أعلنت الحكومة، يوم الثلاثاء 07 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، رفع الحد الأدنى للأجر الشهري لعمال مصانع النسيج بنسبة 56,25%، ليُعادل 12500 “تاكل” أو نحو 112,1 دولارا، وهو ما رفضته النقابات التي تُطالب بزيادة قدرها ثلاثة أضعاف، أي رفع الحد الأدنى الحالي البالغ 8300 تاكا (74,7 دولار) إلى 23 ألف تاكا (202,9 دولار)، لمواجهة الارتفاع في تكاليف المعيشة وتوفير احتياجات أسرهم، وكانت قوات الشرطة وحرس الحدود قد استخدمت الرصاص وقتلت عامِلَيْن وعاملة واحدة، واستخدمت، يوم الثلاثاء 07 والخميس 09 والسبت 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، الرصاص المطاطي وخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف عمال وعاملات مصانع النسيج المُضربين في أكثر من 600 مصنع مُتوقفة عن العمل ومُغلقة بشكل كامل، وفق تصريح رئيسة اتحاد عمّال الصناعة والملابس، “كالبونا أكتر “.
أعلنت شركات صناعة الملابس في بنغلاديش إغلاق 150 مصنعا “لأجل غير مسمى”، في في مدينتي “أشوليا” و”غازيبور” الصناعيتين الرئيسيتين شمالي العاصمة “دكّا”، بداية من يوم السبت 11/11/2023، على خلفية استمرار احتجاجات عُمال وعاملات قطاع النسيج للمطالبة بزيادة الأجور ورفض الزيادة “السّخيفة” التي اقترحتها الحكومة، واتّهمت الشرطة 11 ألف عامل بممارسة أعمال عنف، حسب السلطات، في محاولة للضغط على المُضربين، وحصلت مواجهات يوم الخميس 09/11/2023 بين نحو 15 ألف عامل والشرطة على طريق سريع، وفق وكالة الصحافة الفرنسية “فرانس برس”، واعتادت شرطة بنغلادش على توجيه اتهامات لآلاف الأشخاص – من دون تحديد أسمائهم – في أعقاب الإحتجاجات الكبيرة، وهو تكتيك لقمع المعارضين والنقابيين والعُمّال المُضربين، خصوصًا في هذه الفترة التي تسبق انتخابات شهر كانون الثاني/يناير 2024، حيث اعتبرت رئيسة الوزراء “شيخة حسينة” التي تحكم البلاد بقبضة من حديد منذ عام 2009، إن هذه الاحتجاجات للمطالبة بزيادة الأجور تُشكل تحديًا كبيرًا لها في حين تواجه منافسة كبيرة من المعارضة، مُنْكِرَة ظروف العمل المُزْرِيَة للعاملين في هذا القطاع البالغ عددهم أربعة ملايين، وغالبيتهم العظمى من النساء، وسبق أن انهارت أو احترقت مصانع عديدة وراح ضحيتها آلاف العاملات والعُمّال الذين لا يزال بعضهم ينتظر التعويضات منذ انهيار مصنع مبنى “رانا بلازا” سنة 2013…
تعدّ بنغلادش ثاني أكبر مُصدّر عالمي للمنسوجات والملابس، بعد الصين، بأكثر من 3600 مصنع تصنع ملابس فاخرة لشركات عالمية منها العلامات التجارية الرياضية وأكبر المُوزّعين مثل “زارا” و ( H&M ) وولمارت وغاب وغيرها، وتُصدّر نحو 85% من إنتاجها بقيمة 55 مليار دولارا سنويا…
فَقْر مدْقَع
أفاد تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة ( يونيسف) والبنك العالمي يوم 13 أيلول/سبتمبر 2023 بأن حوالي ثُلث مليار ( 333 مليون) طفل يعانون الفقر المدقع الذي تفاقم بفعل تَواتُر الأزمات الاقتصادية والحُرُوب والعوامل الطّبيعية، وخصوصًا بفعل السياسات التي تنتهجها معظم حكومات العالم والتي تُحابِي الأثرياء وتظلم الكادحين والنساء والأطفال والفُقراء، وخصوصًا في قارة إفريقيا، حيث يعيش نحو 40% من الأطفال في أفريقيا جنوب الصحراء في فقر مدقع، سنة 2023، وهي أعلى نسبة في العالم، غير إن تقارير البنك العالمي والأمم المتحدة، على حدّ السّواء، تدعو “المُحْسِنِين” إلى التّبَرُّعِ ببعض الطّعام، بينما يكمُنُ الحل في توفير العمل والأرض للفُقراء والمُعَطّلين عن العمل، وإعادة توزيع الثروات، ومُعاقبة التّهرُّب من تسديد الضّرائب وتهريب الأموال والثّروات إلى الملاذات الضّريبية…
تواطؤ منظمات الأمم المتحدة مع الشركات العابرة للقارات
تمكّنت القوى الإستعمارية وشركاتها متعددة الجنسية من خلق بُؤَر تَوتُّر وحُرُوب مُستمرّة في جُلّ مناطق قارّة إفريقيا التي تَضُمُّ أراضيها ثروات هامّة، تحت أنظار الأمم المتحدة – التي تورّط جُنودها في قضايا أخلاقية عديدة- وعلى سبيل المثال لم تعرف جمهورية الكونغو الدّيمقراطية (الجزء الذي كانت تحتله بلجيكا من الكونغو، فيما كانت فرنسا تحتل الجزء الىخر) هدوءًا منذ الإستقلال، حيث تم اغتيال “باتريس لومومبا ( 1925 – 1961) أول رئيس حكومة منتخب ديمقراطيا، لأنه أراد تأميم ثروات البلاد والقَطْع مع المنظومة الإستعمارية، ولا تزال جمهورية الكونغو الديمقراطية محط اهتمام الشركات والدّول الإمبريالية التي تجتذبها الموارد المعدنية الوفيرة، مثل النحاس والماس والكوبالت والذهب وأشارت الأخبار، خلال الفترة الأخيرة إلى محاولة شركة ( KoBold Metals ) التي يُعْتَبَرُ بيل غيتس، مؤسس مايكروسوفت، أحد أهم مُساهميها، الاستحواذ على جزء من هذه الثروات، بعد الإستحواذ على مناجم النّحاس في زامبيا، فالنحاس والكوبالت المُتوفِّران في الكونغو ضروريان لتطوير الصناعات والطاقة المَوْصُوفة ب”النّظيفة” وللتحول البيئي ولصناعة البطاريات القابلة لإعادة الشحن…
تُعْتَبَرُ شركة (KoBold Metals ) من الشركات النّاشئة والمُبْتَكِرَة ويدعمها مضاربون مشهورون مثل بيل غيتس، وتسعى إلى ترسيخ نفسها في عدد من المناطق الإفريقية الغنية بالموارد المَنْجِمِيّة، ومنافسة الشركات الصينية التي عززت مكانتها في أفريقيا من خلال الاستحواذ على حصة أغلبية في مشاريع مثل مشروع سيكومين، واستثمرت مبالغ هامة في استخراج الليثيوم الضروري لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، وتندرج محاولة بيل غيتس وشركة “كي أوبولد ميتالس” ضمن محاولات الولايات المتحدة…
أما “بيل غيتس” فهو يواجه تُهمًا عديدة، منها التّحرّش الجنسي بالأطفال بسبب علاقاته بشبكة جيفري إبستاين وجيسلين ماكسويلن غير أن لهؤلاء المُتّهمين علاقات سياسية واقتصادية واسعة مع رجال السّلطة، ومن بينهم الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، ما يمنح الجميع حصانة كبيرة، وتضم قائمة علاقات هؤلاء الأثرياء رؤساء حكومات ومديري المصارف وهيئات الأمم المتحدة، وعلى سبيل المثال وَقّعَ الأمين العام للأمم المتحدة ” أنطونيو غوتيريش”، في حزيران/يونيو 2019، مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي “كلاوس شواب” – الذي يُمثل مصالح الشركات الدولية الكبرى – على مذكرة تفاهم ( بين المنتدى الاقتصادي العالمي والأمم المتحدة) لتنسيق العمل في مجالات التعليم والتمويل وتغير المناخ والصحة، وبذلك تم إضفاء الطابع الرسمي على خضوع الأمم المتحدة للشركات الكبرى، والذي بدأ تجسيده سنة 2010، لمّا بدأت منظمة الصحة العالمية تخضع لمصالح الشركات الكبرى بخصوص الأوبئة وتطويع اللوائح الصحية الدولية لمنظمة الصحة العالمية بما يتوافق مع مصالح الشركات العابرة للقارات التي تدعمها، وإضْعاف دَوْر الدول في عملية صنع القرارات الدّولية، وتعزيز دور الشركات العابرة للقارات، باسم “الشراكة بين القطاعَيْن العام والخاص”…
تَمَكَّنَ رأس المال العالمي، منذ سنة 2009، من تحويل الأمم المتحدة إلى هيأة تخدم مصالح الشركات العابرة للقارات، وأصبحت منظمة الصحة العالمية فرعًا من شركات المُختَبَرات والأدْوية، فيما أصبحت اليونسكو فرعًا لشركات الثقافة الأمريكية الهابطة واليونيسيف بوق دعاية لخفض عدد السكان في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، وأصبحت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مكتبًا لمراقبة حركات الهجرة الجماعية…
التعليقات مغلقة.