تصريح صحفي صادر عن اتّحاد الشيوعيين الأردنيين حول مسيرة «الإخوان المسلمين» في الزرقاء
الإثنين 17/10/2016 م …
الأردن العربي …
استغلت «جماعة الإخوان المسلمين»، ومعها التيارات المحافظة في الدولة والمجتمع، إقدام الحكومة على إجراء تغييرات شكلية وطفيفة على بعض الكتب المدرسية لتطلق حملة شعواء من التحريض والإفتراء على مخالفيها في الرأي بزعم أنهم يستهدفون الثوابت الدينية للشعب الأردني! وفي سياق هذه الحملة المغرضة نظَّمت «جماعة الإخوان المسلمين»، يوم الجمعة الماضي، مسيرة لأنصارها تحت شعار ” لا للعلمانية “.
إن استعادة هذا التيار السياسي أجواء الصراع المكشوف مع القوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية وكيل الاتهامات المجافية للحقيقة والواقع لها، وتشويه دوافعها ومقاصدها الحقيقية من وراء دعواتها المخلصة للتغيير الشامل لمختلف جوانب حياة المجتمع الأردني، بما في ذلك العملية التعليمية والتربوية، يستهدف في الواقع وأد إرهاصات التغيير في الكتب والمناهج المدرسية التي بقيت لعقود طويلة تدور ضمن دائرة الرتابة والجمود والانفصال عن الحياة والواقع وروح العصر، تُخرّج أجيالاً من الطلبة اعتادوا التلقين، والإعراض عن إعمال العقل والتفكير النقدي الحر، فقط لكونه يتعارض مع منهجية التفكير النمطية والتقليدية السائدة في أوساط التيارات المحافظة التي تتكئ على الدين المؤول أيديولوجياً لضمان إحكام قبضتها على عملية تشكيل الوعي وأنماط التفكير والسلوك لدى الأجيال الناشئة، ولتبقى هذه العمليّة أحد مصادر التغذية البشرية للأحزاب اليمينيَّة المحافظة، بما فيها ” جماعة الإخوان “.
لقد دأب تيار التأسلم السياسي على استحضار مصادر خطر متوهمة، للتستر على مصادر الخطر الحقيقية التي لا تتمثل في وجود التيار العلماني على الإطلاق، بل في إنتشار الفقر والبطالة، وفي قمع الحريات الديمقراطية والعامة، وفي الخضوع والاستكانة للإستبداد والظلم وانتهاك حقوق الناس وحرياتهم، وفي الإرتماء في أحضان الدوائر الإمبريالية والصهيونية والرجعية، وفي تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني العنصري وإبرام الإتفاقيات الإقتصادية معه والتي كان آخرها إتفاقية الغاز. وهذا الخطر الداهم يتمثل أيضاً في تنامي نفوذ وتأثير الجماعات الإرهابية والتكفيرية، التي ثبت أن مضامين المناهج والكتب المدرسية قد مهدت التربة أمامها وسهلت لها ومكنتها من الترويج لأفكار تحض على كراهية الآخر المخالف لها في الرأي أو المعتقد الديني أو الإنتماء الطائفي والعرقي والمذهبي، وسهلت لها استقطاب الأنصار والمؤيدين الذين يرتكبون على مدى السنوات الـ 5 الأخيرة أبشع المجازر في عدد من البلدان العربية الشقيقة.
وفي الوقت الذي تتواطأ فيه تيارات التأسلم السياسي على تعمية الناس عن هذه المخاطر أو تلتزم الصمت تجاه أكثرها وتعمد الى التبرير في كثير من الأحيان، فان القوى الديمقراطية والتقدمية، والشيوعيون في مقدمتها، يكشفون بجرأة عن الأسباب الحقيقية التي تولد هذه المخاطر، وهم يتصدون لها، ويناضلون من أجل التغيير السياسي والديمقراطي والإقتصادي الجذري والشامل الذي يكفل مواجهة هذه المخاطر بصورة ناجعة، ويخلق الظروف الكفيلة بإحباطها.
إن اتحاد الشيوعيين الأردنيين يدين بشدّة تصعيد تيار التأسلم السياسي لحملة التحريض على التيارات العلمانية، ويطالب السلطات الرسمية بعدم التساهل تجاه هذا التحريض الذي ثبت أنه يشكل مقدمة ودعوة صريحة للإغتيال والتصفية الجسدية على خلفية سياسية فكرية تتعلق بالرأي المغاير، كما حصل مع الكاتب والصحفي ناهض حتر.
ويناشد الاتحاد القوى الديمقراطية والتقدمية لتوحيد الطاقات والجهود لمواجهة هذا التحريض وتداعياته على حرية الرأي والتعبير وحق الاختلاف، ومِنْ أجل إشاعة التنوير والعقلانية والتفكير النقدي الحر، بما يخلّص المجتمع من فكر العصر الوسيط وممارساته التي لا تزال تهيمن على الدولة الأردنية والمجتمع الأردني.
اتحاد الشيوعيين الأردنيين
التعليقات مغلقة.