أمّا أطفال غزّة فلا بواكي لهم / نور الدين نديم

نور الدين نديم ( الأردن ) –  الأربعاء 22/11/2023 م …




عالم أقل ما يُقال في حقّه، أنه أعمى، يسير خلف السرديّة الصهيونيّة، وتُحرّكه أطماعه الاستعمارية، دون أدنى شعور إنساني، فبعد مرور 46 يوماً من العدوان الهمجي الصهيوني على غزّة، يتباكى الناطق العسكري الصهيوني بكل وقاحة أمام الشاشات، على ما يزعمه من إحتجاز المقاومة الفلسطينية لأربعين طفلا لديها، متناسياً ما قام به جيش الاحتلال الذي ينطق بإسمه، من اعتقال ما يزيد عن (880) طفلاً فلسطينيّاً، وذلك منذ بداية العام الحالي فقط.

هذا عدا عن قتله 5500 طفل فلسطيني في قطاع غزة وحدها منذ بداية حربه المسعورة ولغاية أول أمس، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الأطفال الذين بُترت أطرافهم وفقدوا أسرهم بفعل إستهداف طائرات الاحتلال ومدفعيته بشكل همجي مقصود، المدارس والمستشفيات والبيوت الآمنة.

أُعدمت الطفولة في غزة ولا زالت على مرأى ومسمع من العالم، فهنا أبٌ يجمع أشلاء أطفاله في “كيس” وهناك طفلٌ يضع ما تبقى من أخيه في حقيبته المدرسيّة ويرتديها على ظهره على أمل عودته للحياة مرّةً أُخرى، وآخر يبكي أخاه ويطلب شعرةً من رأسه ليحتفظ بها، كي لا ينسى ثأره.

ما تراه عين الإنسانيّة في قطاع غزة فاق الشعور بالفاجعة، وفاض بالألم، فأيُّ طفولةٍ يحياها أبناء غزة وهم ينامون على حلم بالحياة ويستيقظون على صوت الردم فوق رؤوسهم، فإما موت أو إعاقة أو فقد وتشرد في المياتم والملاجئ.

كلُّ هذه الانتهاكات الجسيمة بحق أطفال غزة لم تلفت إنتباه العالم الذي يدعي الحضارة ويتباكى على الإنسانية، لكن لفت انتباههم كذبة جيش الاحتلال على لسان ناطقه عن أربعين طفل مزعوم بيد المقاومة الفلسطينية.

العالم الذي يحتفل اليوم بيوم الطفل العالمي، ويتظاهر بدعوته إلى حماية حقوق الطفل من خلال تشريعات تستهدف مجتمعاتنا وتقود إلى تفكك أسرنا وتشويه ثقافتنا وموروثنا القيمي، هو ذاته العالم الذي يتعامى عن 625 ألف طالب وطالبة في قطاع غزة تم حرمانهم من التعليم بشكل كلّي، بسبب الحرب المجنونة التي يشنها الاحتلال على القطاع ودمرت لغاية الآن 266 مدرسة من أصل 796 مدرسة.

ما ينطبق على من يُسمّي نفسه بالعالم المتحضّراليوم، وعلى المنظمات والمؤسسات الدولية التي تدّعي الدفاع عن حقوق الطفولة والحق في التعليم، وتُنتج الأغاني، وتُصمم المُلصقات، وتعقد الندوات، وتُنظّم المؤتمرات في أفخم الفنادق والمنتجعات، هو ما قيل في الأمثال قديماً: “أسمع كلامك يعجبني، أشوف أفعالك أستغرب”.

في هذا اليوم “اليوم العالمي للطفولة” يزور الفرح بيوت أطفال العالم كلّه إلا بيوت أطفال غزّة، لأنه باختصار، أضاع بوصلته بين الحدائق والملاعب التي تحولت إلى مقابر جماعية، تفوح منها رائحة الموت والدمار.

فهل سيستيقظ ضمير العالم بعد هذا الكم من دماء أطفال غزة، أم بلغت فيه الوحشية حاجته للمزيد.

إنّ ألف ألف يومٍ للطفولة لن يُعيد لطفلٍ غزّاوي قدمه المبتورة، أو أمّه التي شاهدها تتبعثر أمام عينيه.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.