ما الذي تستطيع سورية فعله لغزة ؟ / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – السبت 25/11/2023 م …
شكّلت عملية “طوفان الأقصى” وما تبعها من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، إجماعاً بين مختلف مكونات الشعب السوري، بكل انتماءاته، مؤكدين على وحدة المسار والمصير بين سوية وفلسطين.
استقبل السوريون على المستوى الشعبي ، نبأ العملية كعمل بطولي تاريخي استطاع كسر هيبة المحتل الإسرائيلي الإرهابي، كما أبدوا تعاطفاً وتضامناً مع ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من عمليات انتقامية ومجازر طالت الأطفال والنساء والشيوخ ، داعين الى ضرورة العمل والمتابعة صفاً واحداً من أجل مواجهة هذا العدوان الغاشم.
وبذلك منح الله سورية خاصية مميزة جعلتها النواة الأساسية التي انبثقت منها المقاومة ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي وكأنها القدر الذي سيحفظ لفلسطين قضيتها مهما فرط بها الآخرون.
فالتساؤل المهم الذي يثار هنا هو: هل تملك سورية وسائل أخرى غير العبارات الدبلوماسية تشد بها أزر الفلسطينيين؟ بالطبع نعم، خاصة إن سورية تجاوزت مخطط تدميرها وحققت إنجازات كبيرة لحماية المنطقة التي كانت تتعرض للكثير من المؤامرات واستطاعت أن تحبطها جميعها.
من المؤكد أن الجميع يعلم أن ما يجري في سورية اليوم، لا يمكن فصله وعزله عن الأحداث التي تعيشها دول الجوار، فالحرب واحدة وممتدّة ومتصلة، ومن أجل قضية فلسطين إندلعت حرب سورية لإستنزاف الجيش العربي السوري، وكذلك حزب الله وإيران وفصائل المقاومة العراقية واليمنية.
فالموقف السوري واضح لدعم المقاومة الفلسطينية بالإضافة إلى دعم إيران الذي من غير الممكن أن يصل لحركة المقاومة “حماس” إلا عن طريق سورية، وبالتالي فإن دعم دمشق للمقاومة يترتب عليها أثار من خلالها، فكل من يدعم حماس يتعرض لعقوبات أميركية، وسورية منذ سنوات تتعرض لعقوبات قانون “قيصر”، الذي فرضته الولايات المتحدة إضافة لعقوبات من دول غربية.
لقد لاحظ الكل وبلا شك كيف تعمد الرئيس الأسد في القمة العربية الإسلامية الطارئة التي عقدت في الرياض الى تكرار الوقوف مع الشعب الفلســطيني ونضاله المشروع ضد الاحتـلال الإسرائيـلي لنيل حقوقه المسلوبة منذ أكثر من سبعة عقود، وهذا يحمل بين طياته معاني معينة يريد أن يوصلها الرئيس الأسد للشعب الفلسطيني بأن السوريين يراقبون معركة غزة بإهتمام شديد ويراقبون أدق تفاصيلها وأنهم مستعدون للتقدم في حال لزم الأمر.
في الواقع، تمتلك سورية قدرات عسكرية كبيرة تجعلها واحدة من الدول القادرة على استهداف إسرائيل، خاصة بعد أن شهدت سورية تحولاً حقيقياً بعد انتصارها على القوى المتطرفة والتي تملك أحدث الأسلحة العسكرية، ما يعني قدرة الجيش العربي السوري على استهداف ميناء إيلات وتل أبيب وكل المستوطنات الاسرائيلية.
الاسرائيلي يعرف ان من اهم مصادر القوة لحركات المقاومة ضد اسرائيل في المنطقة هي سورية، فالعدوان الإسرائيلي على غزّة شهد تطوراً نوعياً للمقاومة حيث بلغت الصواريخ كامل المستوطنات الإسرائيلية ، بما يعني ظهور جيل جديد من الصواريخ الدقيقة التسديد والبعيدة المدى التي تتعدى الـ160 كلم، وهذا اللغز يكمن فيما كشفته اسرائيل، عن أن مصدر هذه الصواريخ كماً ونوعاً هو سورية.
وفي الوقت نفسه إن الدعم السوري في الحرب على “الكيان الصهيوني” جاهز فسورية صنعت قاعدة إسناد إقليمية مؤثرة عبر دعم المقاومة الفلسطينية، لذلك لها دور بشكل مباشر أو غير مباشر فيما حدث مؤخراً في غزة، إما من خلال التزويد بالسلاح أو تقديم المعلومات فهي ترسل صواريخها الى غزة لمواجهة هذا المحتل الارهابي.
وفي وقت سابق تساقطت صواريخ المقاومة على القواعد الامريكية، وحلقت الطائرات المسيرة في سمائها، ووصلت الى نقاط دقيقة في القواعد التي تتوعد أمريكا من خلالها المنطقة بالفوضى والخراب، بالتزامن مع صمود المقاومة الفلسطينية في غزة، ما خلق تخبط كبير لدى إسرائيل وأمريكا، وهذه المقاومة بدأت تهدد بشكل جدي قوات الاحتلال الاسرائيلي الأمريكي بالأسلحة المتطورة.
بالتالي إن شراسة المعركة الجارية في غزة، وزيادة إرتباك اسرائيل والغرب تشير إلى أن الحرب اقتربت من جولتها الأخيرة، فنتنياهو وبايدن وحلفاؤهم حشدوا كل مرتزقتهم على قطاع غزة لتحقيق أي كسب معنوي وتوظيفه على طاولات المفاوضات، لكن غزة الصامدة أبت إلا أن تدفن أحلامهم وتعلن عن قرب حسم المعركة.
ختاماً……قلتها كثيراً وسأعيدها وسأبقى أكررها، لقد أخطأوا في الزمان والمكان، حيث أن غزة مقبرة للغزاة الصهاينة على مرّ التاريخ، وإنهم دخلوا في مغامرة مصيرها الفشل والخزي والعار لهم ولأسيادهم، ومصيرهم القتل على أيدي رجال المقاومة الفلسطينية، فغزة عصية على السقوط ولن تكون موطناً للإسرائيليين، وعليهم مراجعة حساباتهم لأن أرض فلسطين ستكون بوابة العبور لهم إلى جهنم، ورجالها هم من سيتصدون لقوى الإرهاب التي تستهدف احتلال غزة، ولكن هيهات لهم ذلك ما دام فيها من يعشق غزة ويعشق أرضها ويقدم الغالي والنفيس لأجلها.
التعليقات مغلقة.