رسائل بوتين من القاهرة : نحن شركاء / روزانا رمّال

 

 

روزانا رمال ( الأحد ) 15/2/2015 م …

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لم يكن لديه الوقت لينتظر زملاءه قادة الدول العشرين الأهمّ في العالم لإلقاء تحية الوداع في قمة أوستراليا نهاية العام الماضي، يجد مزيداً من الوقت ليلتقي الرئيس المصري الجنرال عبد الفتاح السيسي مرتين في أقلّ من عام، من دون أن يتذكر أنّ ساعات النوم أهمّ عنده.

ليست مواعيد قمم الرئيس بوتين ترفاً، ولا هي علاقات شخصية، إنها سياسة الدولة العظمى المشحونة بالطريقة الشخصية للرئيس بوتين بالتعبير، فالحاجة إلى النوم في قمة أوستراليا رسالة، والمجيء إلى القاهرة رسالة.

يأتي الرئيس بوتين وخلفه صورة ما أنجز في أوكرانيا، من صمود لحلفائه في جيوش وجمهوريات الشرق، التي هزمت جيش كييف المدعوم من واشنطن وفرنسا وألمانيا، وقد جلب المستشارة أنجيلا ميركل والرئيس فرنسوا هولاند إلى بيت الطاعة في الكرملين للإعلان عن وثيقة مشتركة حول أوكرانيا تتضمّن وقف التسليح وإعلان بدء حلّ سياسي امتنع الغرب عن تسهيله رهاناً على استنزاف روسيا وحلفائها الأوكرانيين، بالتزامن مع حرب أسعار النفط التي تقودها واشنطن ضدّه وتنفذها السعودية، وفيما تمانع فرنسا وألمانيا الذهاب إلى قمة جديدة في مينسك عاصمة روسيا البيضاء حليفة روسيا، التي يريد بوتين فرضها شريكاً رابعاً في الحلّ، تشتعل جبهات القتال الأوكرانية مجدّداً ويحقق حلفاء بوتين المزيد من الانتصارات.

يصل بوتين إلى القاهرة، ليوجه رسائل متعددة الاتجاهات والمضامين، محورها كلها: نحن شركاء.

يقول بوتين من القاهرة لواشنطن نحن شركاء، وفي الشرق الأوسط لا يمكن تجاهل روسيا، ومصر التي تعتبرونها حليفة لكم هي حليفة لنا، وسنسلّح جيشها بأفضل ما عندنا من دون إذن «إسرائيل» الذي تشترطونه على كلّ قطعة سلاح تصل إلى جيشها، وفي الحرب على الإرهاب نحن معها بتصنيف «الإخوان المسلمين» تنظيماً إرهابياً، بينما أنتم تعارضون.

يقول بوتين لتركيا نحن شركاء، أقمنا تفاهماً اقتصادياً يحقق المصلحة المتبادلة، لكن روسيا لا تحكم تحالفاتها بحساب ما يرضيكم، أو يغضبكم. قرارها المستقلّ يدفعها إلى بناء العلاقات الأفضل مع مصر، ورغم ما تفعلونه لتقويضها، سنفعل ما نستطيع لدعمها وتعزيز قوتها.

يقول بوتين للسعودية، نحن شركاء، فنحن أكبر بلدين في سوق النفط العالمي الذي تخرّبونه كرمى لعيون السياسة الأميركية وتخسرون لتخسّرونا، لكننا لن نغيّر في سياستنا المصرّة على كوننا شركاء كاملين لأميركا في العالم، ولن تجعلنا حرب الأسعار نتراجع، ومن القاهرة تقول روسيا لكم أوقفوا الانتحار فلن يتغيّر شيء، ومثلما نقف مع مصر لأنّ فيها رئيساً نثق به وجيشاً وشعباً يواجهون الإرهاب، نقف مع سورية ورئيسها وجيشها لذات الاعتبارات، وسنبقى نسلح الجيش السوري وندعم الرئيس السوري بمثل ما نسلح الجيش المصري وندعم الرئيس المصري.

للرئيس عبد الفتاح السيسي سيقول بوتين من القاهرة، نحن شركاء، تشجعوا لملء مقعدكم الشاغر في المساعي الخاصة بالحلّ السياسي في سورية، ولا تنتظروا موافقة أحد، فمصر أكبر من أن تنتظر أو تستأذن أحداً، وسيجد الأميركي المرتبك والذاهب إلى تفاهم مع إيران، والسعودي المنشغل باليمن والمنكفئ عن سورية، أنكم خشبة خلاصهما، والقيادة كما تعلّم مدارس تخريج الجنرالات شجاعة الإقدام، وروسيا تنتظر أن ترى جنرالاً يقود مصر ويستردّ لها مكانتها القيادية في منطقة تعاني من فراغ القيادة.

ستصل رسائل بوتين، فروسيا على عتبة إعلان انتصاراتها، ولا وقت لدى الرئيس بوتين للنوم هذه الأيام.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.