وقفة مع مبادرة رمضان شلح وإمكانية تحقيقها / ابراهيم ابو عتيلة

 

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الأحد 23/10/2016 م …

يستوقفني ما طرحه الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي الدكتور رمضان شلح من مبادرة يراها من وجهة نظره كفيلة بتغيير الواقع الفلسطيني المتردي ، هذا الواقع الذي بات يهدد ليس القضية الفلسطينية برمتها فحسب بل ومستقبل الشعب الفلسطيني بمجمله ، حيث جاءت هذه المبادرة في نقاط عشر كل نقطة منها تستحق الوقوف عندها والتفكير في مدى واقعيتها وإمكانية تنفيذها.

لقد طالبت المبادرة من الرئيس محمود عباس إلغاء اتفاقية اوسلو ووقف العمل بها وسحب الاعتراف بدويلة الكيان الصهيوني ، وعلى الرغم من أن هذا الطلب يردده الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني ، ورغم أن ذلك على الأقل يعيدنا للنظر إلى فلسطين كل فلسطين كوطن للشعب الفلسطيني ، خاصة بعد أن تم تنازل الموقعون على اتفاقية أوسلو المشؤومة عن 78 % من أرض فلسطين التاريخية لمصلحة الكيان الصهيوني ووافقوا على إبقاء مانسبه 60 % من المساحة الباقية بعد خصم ال 78% تحت مسمى مناطق ( ج ) التي تخضع لسلطة الاحتلال والتفاوض بشأن مستقبلها مع الاحتلال لاحقاً مما جعلها مرتعاً للاستيطان والمستوطنات ، وبالرغم من كل ذلك إلا أن مثل هذا الطلب الحق سيصطدم حتماً بالرد السلبي والمقاومة العنيفة !!! من قبل فئة المنتفعين من أوسلو ومن قبل مراكز القوى الذين طفوا على سطح النضال الفلسطيني كالزبد الذي ما زال فيه من الروح والكثافة ما يحول دون رؤية الوجه الحقيقي لذلك النضال ، فلقد تعود هؤلاء المنتفعين أن يتغنوا بمقولة منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهم بذلك وبعد اتفاقية اوسلو باتوا يتباهون بدولة فلسطينية متوهمة وقزمة وعلى مساحة تقل عن ما تبقى من فلسطين سنة 1967 متناسين حقيقة تاريخة وهي أن فلسطين لكل الفلسطينيين وليس من حق أحد منهم قانوناً ولا تاريخاً أن يتنازل عن شبر منها فكيف إذا وصل الأمر بهم إلى التنازل عن القسم الأكبر منها ووافقوا بطواعية غريبة على المطالبة بكل فلسطين وإسقاط حق العودة إليها.

        ومن اجل عرقلة تطبيق هذا الطلب المشروع الذي ورد في المبادرة سيخرج علينا الكثيرون من أصحاب الأقلام التي لوثها الشيكل والدولار يساندهم في ذلك طبقة ” كبار الأشخاص ال VIP’s ” بمحاربة هذا الطلب بكل قوة متذرعين بخسارة الدولة الفلسطينية المتوهمة لوجودها، وخسارة الاعتراف الدولي بها، وانهيار مستقبل واعد “واهم ” سقط سقوطاً ذريعاً خلال ما يزيد عن ثلاثة وعشرين عاماً من مفاوضات عبثية لم توصلنا إلا إلى المزيد من الخنوع والاستسلام ، ولنستذكر هنا تصريحات السلطة الفلسطينية عن سير عملية التفاوض ونسألهم : هل من أمل بنجاح المفاوضات ولو بعد حين ؟؟؟

أما عن إعادة بناء منظمة التحرير كي تصبح الاطار الوطني الجامع فهو أيضاً مطلب حق إلا أن ذلك أضحىع مرور الوقت من المستحيلات ، فكيف يتم إعادة بناء منظمة فقدت شرعيتها كممثلة شرعية ووحيدة للشعب الفلسطيني يوم أسقطت الكفاح المسلح وأسقطت الغرض التي تم إنشائها من أجله وهو تحرير فلسطين ، كل فلسطين ، بكافة الوسائل وعلى رأسها الكفاح المسلح ، نعم ، لقد أصبحت المنظمة منظمة مشكوك بشرعيتها وشرعية وجودها فالميثاق الوطني الفلسطيني تم تعطيله وفلسطين تقلصت إلى الخمس والعودة فقدت وتاهت وضاعت ، نعم ، لقد أصبحنا أمام منظمة مشكوك بشرعيتها وشرعية وجودها فالميثاق الوطني الفلسطيني تم تعطيله وفلسطين تقلصت إلى الخمس والعودة فقدت وتاهت وضاعت في إرشيف ملفات المفاوضات ومن الصعوبة بمكان أن يتم إحياء ما هو ميت فنحن بشر ولا نستطيع إحياء الموتى ، ولا نغفل عن أن خيارت القيادة الحالية للنضال لا تتجاوز المفاوضات وما يسمى بالنضال السلمي مع مراعاة أن أغلب القادة الحاليين للمنظمة لم يطلقوا في حياتهم طلقة واحدة على الاحتلال ، وليس هذا فحسب ، بل تجاوز الأمر لأن تعمل أجهزة ” السلطة الفلسطينية ” على منع أي نوع من المقاومة ضد الاحتلال عن طريق ما يسمى بالتنسيق الأمني ” المقدس ” الذي وعلى الرغم من مطالبة الشعب الفلسطيني بوقفه وعلى كافة المستويات بما في ذلك أجهزة منظمة التحرير الفلسطينية  وعلى رأسها المجلس المركزي للمنظمة إلا أنه ما ما يمارس وبقوة حيث أصبح سلاحاً تستخدمه السلطة والاحتلال لقمع أي محاولة حقيقية للمقاومة .

لقد هددت سلطة ” اوسلو ” مراراً وتكراراً بوقف التنسيق الأمني وبحل السلطة الفلسطينية إلا أن ذلك لم يخرج قط إلى الواقع العملي إلا من خلال تصريحات وخطابات أجمعت بمجملها على أن السلطة في رام الله لا ” سلطة لها  ” ، ومع ذلك فهي باقية ما بقي الاحتلال طالما أن أمريكا وغيرها تشدد على بقائها لما تقدمه من خدمات للاحتلال أقلها محاصرة ومنع المقاومة المسلحة والعمل كشرطي معين من قبل الاحتلال .

لقد عبر الدكتور رمضان شلح عما يراه من برنامج من أجل إعادة النضال الفلسطيني للطريق الصحيح فكان بطرحه قريباً مما يشعر به الفلسطيني أينما وجد ، فإنهاء الانقسام مطلب يجب العمل على تحقيقه من قبل الجميع خاصة وأن الإنقسام قد أصبح أمراً مخجلاً للشعب الفلسطيني وعلى كل من السلطة في رام الله والقائمين على الأمر في غزة  ، ولا بد من الوصول إلى توافق ينهي الانقسام ودون شروط وتمرتس ومواقف مسبقة هدفها عرقلة تنفيذ ما تحقق خلال جولات المباحثات والاتفاقات التي تم توقيعها في أوقات سابقة وأماكن مختلفة من أجل انهاء هذا الإنقسام المعيب ،،،،

ورغم الصعوبة الكبيرة في تحقيق ما طالب به أمين عام حركة الجهاد الإسلامي ، إلا أن الأمر يتطلب من كافة الفصائل والقوى الحية في الشعب الفلسطيني التوقف بجدية ووعي كبيرين عند كل ما ورد حيث يتطلب الأمر من الجميع إبداء وجهة نظرهم فيما ورد في المبادرة وخاصة تلك الفصائل التي اعتادت نقد السلطة تنظيماً ومؤسسة وقيادة وتحافظ في الوقت نفسه على وجودها في السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية ، فلعله من خلال ذلك يمكن الوصول إلى حوار وطني حقيقي هادئ يساعد في التوصل إلى صياغة برنامج وطني يتوافق عليه الفلسطينيون بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم وحيثما وجدوا على قاعدة أن الفلسطيني ليس هو من يعيش في الضفة أو غزة  فقط ، بل أن الأمر يتجاوز ذلك إلى كل من يعيش تحت سلطة الاحتلال منذ عام 1948 وإلى اللاجئ في الشتات والمنافي ففلسطين ليست الضفة الغربية ولا قطاع غزة  ، فلسطين هي كل فلسطين الأرض الممتدة من النهر إلى البحر وكما عرفناها تاريخيا ففلسطين جزء لا يتجزء من الوطن العربي الأمر الذي يستوجب المشاركة في الحوار مع القوى الحية والمؤمنة بالمقاومة والنضال من أجل الحرية في الوطن العربي من أجل إعادة قضية فلسطين إلى موقعها ومكانتها المركزية بين قضايا  الأمة العربية وذلك بعد الفشل الذريع الذي تسبب فيه تفرد البعض في القضية بدعوى أنها قضية فلسطينية خالصة ، وكيف لا يتم التنسيق وقضية فلسطين هي السبب الرئيس في كل ما جرى ويجري من أحداث في منطقتنا العربية تستهدف خراب وتدمير وإنهاك العرب من أجل بقاء الهيمنة الصهيونية وحماية الكيان الصهيوني .

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.