حرب فناء تهدد السودان ومصر والعراق وسورية / صالح عوض

 

صالح عوض ( الأحد ) 23/10/2016 م …

هناك حرب لا تجد فرصة في الضجيج الاعلامي رغم انها حرب حقيقية بل لعلها تكون ذات يوم الحرب الخطرة الماحقة التي تهدد بلاد العرب بالقضاء على عشرات ملايينهم وتدمير حواضرهم وقراهم وتشتيت البقية الباقية منهم الى خارج ارض العرب..

انها حرب المياه التي تديرها قوى عدوانية تتربص بالامة الدوائر من كل جهة وسنكتشف ان حروب الارهابيين على الامة اقل خطرا من تلك الحرب التي يتم الاعداد لها.. فيكفي ان نكتشف ان العراق وسوريا تقعان تحت تهديد تركيا الدائم لهما بقطع المياه عنهما، وكما تقع دولة الاردن تحت التهديد بالعطش بعد ما فعلته إسرائيل بنهر الأردن واصبحت متحكمة في حصة مياه سكان المملكة الاردنية، فهل ستنسق مصر والسودان معا لحماية أمنهما المائي،وهل تنسق العراق وسورية ومصر مواجهة تهديدات تركيا في محاصرة العراق وسورية وتدخلها في تدعيم اثيوبيا لاقامة سدود تحجب المياه عن مصر او تشكل خطرا حقيقيا على سلامة الوطن المصري والسوداني ؟ هل ستواجه مصر ضغوط  إسرائيل التي تحاول تركيع مصر للقبول بامداد تمتد “ترعة السلام”عبر سيناء مقابل وقف دعمها لإثيوبيا؟

خطر سد النهضة الاثيوبي: على بعد 30 كم شرق الحدود السودانية يبنى سد النهضة الاثيوبي وقد تم اختياره لاعتبارات جغرافية وجيولوجية واقتصادية، وهذا المكان على النيل الأزرق الذي يسهم بنحو 80 % من حجم المياه القادمة لمصر، ومن المتوقع أن يحجز خلفه 74.4 مليار متر مكعب من المياه،  اي نحو نصف السعة التخزينية لبحيرة السد العالي في مصر، مما يعني نقل المخزون المائي من أمام بحيرة ناصر إلى الهضبة الإثيوبية ، مما سيؤثر على الاحتياجات المائية لمصر بانخفاض السعة التخزينية لبحيرة ناصر الى النصف.  و هناك عدد من الآثار السلبية  على مصر والسودان فمباشرة سيقف تدفق نهر النيل الى مصر حتى يمتلأ السد وذلك خلال عام كامل منها ماهو على مصر حيث بعد ملء خزان سد النهضة لن تصل مياه النيل إلى مصر عامًا كاملاً، كما أن له تأثيرا سلبيًا على السودان الذي سوف يُحرم من الطمي مثلما هو الحال في مصر الآن وتدهور التربة فيه، كما أن موقع السد الحالي بالقرب من الأخدود الإفريقي العظيم النشط تكتونيا، يمثل خطرا مستقبليا ماحقا فمع ملء بحيرة السد المقترحة التى “2375 كم2 ” سوف ينشا عن ذلك ضغط هائل على قاع البحيرة، الامر الذي يهدد بحدوث زلازل رهيبة تتسبب في انهيار السد، ثم انهيار سد الروصيرص جنوباً وفيضان بحيرته، وغرق جميع المناطق في مسار النهر خاصة في السودان.. ثم ان وجود هذا السد يمثل خطرا دائما محتملا على الوجود الانساني في السودان ومصريستطيع اي عدو متربص بالامة استخدامه وقت الحاجةفلنا ان نتوقع اذا تم توجيه ضربة للسد و هدمه فإن ذلك معناه بمنتهى البساطه عدم تأثر اثيوبيا و دمار ساحق لدولتى السودان و مصر. حيث ان المياه المتجمعه خلف السد ستتجه شمالا فى اتجاه السودان و مصر و مبتعده عن اثيوبيا…وهكذا يتضح انه فى حاله المساس بسد النهضه الاثيوبى أو انهياره لأى سبب كان سيعنى ذلك فناء لكل السدود علي امتداد النهر في مصر والسودان، فبالإضافه للمياه الهائله التى ستدفق على السودان و مصر و تحصد فى طريقها الاخضر و اليابس فإن انهيار سد النهضه الاثيوبى يعنى ببساطه انهيار السد العالى بالتالى, فجسد السد العالى لن يتحمل ضغط المياه المفاجئ الناتج عن انهيار سد النهضه, فتصبح الكارثه بالنسبه لمصر  كارثتين,

ويقول خبراء ومتخصصون انه بأجراء حسابات بسيطة فإن انهيار سد النهضه و السد العالى فى آن واحد يعنى غرق الكتله السكانيه فى صعيد و دلتا مصر بالكامل و فناء اكثر من 70 مليون  شخص.

وعند التدقيق في الامر نكتشف ان هناك طرفان نشطان في دفع اثيوبيا للتحرك نحو بناء سد الننهضة وست سدود اخرى انها تركيا والكيان الصهيوني حيثث يتم توفير القروض والاستشارات لهذه المشاريع على اعتبار ان الحرب القادمة هي حرب المياه وهناك مخططات لجلب الكيان الصهيوني مياه من تركيا مما سيدفع تركيا لاقامة سدود على الفرات وحرمان العراق وسورية من مياهه وبالفعل أقامت المؤسسات الصهيونية العديد من السدود على الفرات في تركية.. وتدخل تركيا على خط بناء السدود الاثيوبية نكاية في النظام المصري او مشاركة في الضغط الصهيوني على مصر لتقبل بتزويد الكيان الصهيوني بالمياه مباشرة..

فهل هناك مايمكن فعله قبل ان تقع الفأس في الرأس.. بالتأكيد هناك خطوات كثيرة يمكن اتخاذها تجعل من الاصرار الاثيوبي على ااقامة السدود واستكمالها امرا مرهقا بل معجزا فيما لو قامت الدول العربية المعنية لاسيما مصر والسودان والصومال والقرن الافريقي بالتنسيق من اجل امن قومي واقليمي مشترك والتخلي عن روح الغطرسة نحو البعض ووضع خطط عملية يقوم كل بلد بدوره المنوط به فيها.

 تحسين علاقة مصر الاستراتيجية بدول القرن الإفريقى المحيطة بإثيوبيا خاصة العربية منها؛ السودان والصومال وجيبوتى ، لإحداث توازن ضد النفوذ الغربي والإسرائيلي في إثيوبيا، والمبادرة بحلول حقيقية لاهالي الصومال ودعمهم بمشاريع حيوية تقوي الدولة وترفع الضغط عن البلد ومساندة القضية الصومالية لتحرير أوجادين من إثيوبيا، وهي منطقة تمثل نصف إثيوبيا ويعيش فيها صوماليون “عرب مسلمون سُنَّة”، ويبدو ان تمردا اخذ في التصاعد في اثيوبيا سيجد فرصته بصد المخطط الصهيوني الغربي في اثيوبيا ، لذا يجب أن يكون لمصر دور بحجمها الاقليمي والاستراتيجي.. وهذا يعني تسوية كل القضايا العالقة بينها والسودان والتخلي عن حالات الاستفزاز له والتقدم نحو الدول العربية في القرن الافريقي باقامة علاقات مثمرة ومفيدة كما في كل دول الحوض المائي لطرد التغلغل الصهيوني الامني والاقتصادي الذي يطوق الدول العربية.

أن تتخلى مصر عن موقفها اللامبالي تجاه الاوضاع في الاقليم وان تستعيد المبادرة للخروج من مصر والتقدم نحو الازمات الداخلية لدول الجوار العربي والافريقي ومساعدة السودان في حل مشكلاته ضد التدخلات الاجنبية في مسائل التمردات المسلحة وتقوية جسور التعاون بين البلدين من أجل استقرار الوضع الأمني هناك لتيسير إقامة مشروعات أعالي النيل لتوفير مصادر مياه اخرى تغطى الاحتياجات.

والتوجه نحو تنمية المنابع الاستوائية لنهر النيل، فإذا كان سد النهضة متوقَّعًا أن يحرم مصر من 10- 15 مليار متر مكعب من المياه، فإذا تم تنفيذ مشروعات أعالي النيل الاستوائية سوف يزيد الإيراد المائي عند أسوان 12 مليار مترمكعب.

وهنا دوما ينبغي النظر للخطر المحتمل من انهيار السد والسدود الاثيوبية الواقعة في منطقة مهتزة جيولوجيا ستكون تحت وطأة كميات المياه المحتشدة في طور التهيوء لسلسلة زلزالية تتسبب مع الزمن باتصدعات في السدود الامر الذي يهدد عشرات ملايين المصريين والسودانيين.. ورغم ان الوقت قد فات في ضرب منشآت السد وتفجيره حيث لم يمتلك النظام العربي القدرة على التفكير الاستراتيجي والعمل الاستراتيجي فان ضغوطا حقيقية يجب ممارستها فان فشل النظام العربي في ايقاف بناء هذه السدود بالقوة والضغط فليس اقل من ان يضمن الحصة المائية لبلدين عربيين وبالذات لمصر التي تحيا على مياه النيل وهذا الامر لايتوقف عند حدود بنود البروتوكولات كما حصل في اتفاق الخرطوم بين اثيوبيا والسودان ومصر ذلك الاتفاق الذي منح اثيوبيا شرعية المواصلة في اقامة السدود انما يبنغي ان تكون هناك اليات لحفظ الحقوق المائية للبلدين الجارين.

 

صحيح ان السودان وقعت بين مشروعين من شمالها وجنوبها الشرقي يهددان تربتها واراضيها ومصالحها.. فلقد كان لبناء السد العالي اثارا واضحة على التربة السودانية والبنية الاجتماعية البيئية لان السد العالي وسدود مصر عموما كانت تقام بالقرب من الحدود السودانية والامر نفسه يتكرر مع بناء سد النهضة القريب من الحدود السودانية.. و هنا تتضح اهمية التفكير الاستراتيجي وان المصلحة الحقيقية ببلد تكمن في مراعاة مصالح الجار الاستراتيجية..وان الاستقواء على الجار تنتهي بمشكلات لا قبل لها.. السودان ومصر امام حتمية التحالف الاستراتيجي والتعاون والتكامل لمواجهة اخطار محدقة فهل ينتبه السياسيون لذلك..تولانا الله برحمته.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.