لن تهزم المقاومة / جهاد المنسي
جهاد المنسي ( الأردن ) – الأحد 03/12/2023 م …
تستطيع قوات الاحتلال من الجو قتل الأطفال والنساء، وقصف المساجد والكنائس، واستهداف المستشفيات والمدارس وسيارات الإسعاف، وهدم البيوت على رؤوس أصحابها، ولكنهم عندما يدخلون الحرب البرية فإنهم يخسرون جنودهم على الأرض، ويعرفون يقينا أن في الأرض مقاومة تؤمن بالتحرر الوطني، ورجالا يبحثون عن الحرية والاستقلال وكنس الاحتلال.
فإسرائيل بكل أسلحتها المتطورة ودباباتها الأسطورية، وقبتها الحديدية عاجزة تماما عن وقف مقاومة الشعب الفلسطيني، وليس لديها قدرة على الوقوف بوجه عنفوان المقاتلين على الأرض، فمن يقاومون يدافعون عن حقهم في الحياة، ويؤمنون بحقهم في مقاومة محتلهم، يخرجون من بين أنقاض المنازل المهدمة، يتصدون لجنود الاحتلال بصدور عارية، يصلون دبابات عدوهم مشيا، يزرعون الألغام على سطحها، ويمضون بعيدا يشاهدون انفجارها ويرون قوة إرادة هذا الشعب الذي لا يمكن قتل فكرة التحرير لديه.
في فلسطين، وفي غزة تحديدا يولد المولود مقاوما، يرفض المحتل، يريد العيش دون طائرات معادية في الجو، دون حصار قاتل يهدد حياته يوميا، في غزة شعب يرى أن المقاومة هي أمل المستقبل، وروح الحياة، وشريان البقاء، وفي غزة شعب صامد يعض على جراحه وينهض ليقول للعالم لا يمكن السكوت عن الحق في الاستقلال.
إن اعتقد العالم ولو في الأحلام أن المقاومة ستهزم (لا قدر الله) واهم، حالم، يعبر عن أمنياته لا أكثر، فالمقاومة لا تموت، فهل تموت الفكرة؟ والنضال لتحقيق التحرر الوطني باقِ في الوجدان إلى الأبد، فهل يتوقف العصفور عن محاولات الهروب من قفصه، وهل تستطيع الأسود العيش في السجون؟
من يعتقد أن تجربة بيروت 1982 عندما خرجت المقاومة الفلسطينية من بيروت بعد صمود أسطوري استمر 88 يوما، ستتكرر، واهم وحالم أيضا، فالأمور مختلفة على الأرض، والمقاربات ليست أبدا كما سابقا، فالمقاومة الفلسطينية وقتذاك، خرجت بناء عن طلب أهل البلد وشخصيات وطنية لبنانية لوقف القصف الصهيوني البربري على العاصمة اللبنانية بيروت، أما في غزة فالأمور فكل المعطيات مختلفة، فالمقاومة اليوم بين شعبها وناسها وأهلها، والمقاوم يدافع عن أمه وأخته وأبيه وحقه في الحياة، يدافع عن أرضه ووطنه وحقه في الاستقلال وكنس الاحتلال من غزة والضفة الغربية وكل فلسطين.
لأولئك الذين يفكرون بمثل تلك المقاربات وخروج آمن لقيادة المقاومة من غزة؛ يحلمون، ويريدون مساعدة المحتل للخروج من ورطته في القطاع، أما تلك الأصوات العربية النشاز، وأبواق الصهاينة الذين يخرجون علينا عبر شاشات التلفاز، لكسر معنويات الشعوب، ويهاجمون بشكل مباشر أو غير مباشر المقاومة، فإنهم لا يعرفون معنى المقاومة ولم يخبروا كيف يصنع الاستقلال الوطني والتحرر، إنهم يريدون زرع المهانة والاستسلام والخنوع في نفوس أجيال قادمة، وتبرير صمتهم.
يخطئ العالم إن اعتقد أن الشعب الفلسطيني يسكت عن حقه في الاستقلال وتقرير المصير وحق لاجئيه في العودة لديارهم، فهذا الشعب الذي ما زالت مفاتيح بيوتهم التي هجروا منها عام 1948 في جيوبهم ويتم نقلها من جيل لجيل لن يقبل مهما ارتفعت حجم التضحيات بأقل من فلسطين، ومخطئ من يعتقد أن الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية سيقبلون نكبة جديدة بحقهم، هذا الشعب كما رأينا وشاهدنا يجلسون فوق بيوتهم المهدمة ويفترشون الطرقات المؤدية لمنازلهم، نعم، سيعانون يتعبون، يستشهدون، ولكنهم لن يخرجوا من أرضهم.
عاد الصهاينة للحرب، بعد هدنة إنسانية، وعادت طائراته لممارسة نازيتها في الجو، وبالتوازي عادت المقاومة للتصدي لجنود الصهاينة على الأرض، إذ دخلت تل أبيت مرحلة ثانية من حربها على قطاع غزة على أمل تحقيق مكسب عسكري، ولكن كل أحلام نتنياهو وحكومته النازية لن تستطيع نزع المقاومة من أرضها ولن تستطيع سرقة الفكرة وإنهاءها، ولذلك فإنه لن يتبقى أمام عصابة تل أبيب الداعشية إلا النزول عن الشجرة، والإقرار بحق الشعب الفلسطيني في الاستقلال.
التعليقات مغلقة.