الأفاعي التركية.. وعصا موسى العراقية؟! / علاء رضائي
علاء رضائي ( الخميس ) 27/10/2016 م …
سلوك تركيا مع حكومة بغداد غريب على كل الاعراف والقوانين، رغم اننا نعيش في زمن الغرابة منذ سنين، سلوك يخلط بين العنجهية والصلف والشعور بالقدرة على الاكراه وبوجود دعم دولي واقليمي.. فما حقيقة الموقف التركي ولماذا هذا الاصرار على ابقاء القوات التركية في العراق من قبل أنقرة؟!
لاشك ان مايجعل الاتراك يقفون بهذا الشكل امام صوت العراق بضرورة خروج القوات التركية من عمق الاراضي العراقية (بعشيقة تبعد حوالي 110 كيلومتر عن الحدود التركية ولا يفصلها سوى 30 كيلومتر عن ثاني اكبر مدينة عراقية هي الموصل)، جملة من الامور:
1- ضعف الحكومة المركزية العراقية.. هذا الضعف الذي يعود بالاساس الى عدم وحدة الموقف العراقي وتشتت مواقف المكونات العراقية، بل تشظي مواقف كل مكون وتباين اراءه وتوجهاته الداخلية.
2- وجود طابور خامس للاتراك داخل العملية السياسية، وخاصة داخل المكون السني في نينوى وبين تركمان محافظة كركوك.
3- تحالف القيادة الكردية (سلطة اربيل) مع المشروع التركي في المرحلة السابقة خاصة، ومحاولاتها في استثمار المشروع التركي في توريد الارهاب الداعشي الى العراق لتوسيع نطاق الاقليم كمقدمة للانفصال.
4- الدعم القطري والسعودي في هذا المشروع الذي عنوانه اقامة كيان سني (دولة سني ستان) ومهمته اضعاف الحكومة المركزية ـ المصنفة طائفيا للشيعة ـ وبالتالي اعتبارها جزءا من المشروع “الصفوي – المجوسي”، حسب وصفهم العثمواعرابي.. والاخر اجهاض الحكم الكردي في اقامة دولته الكبرى (غريب في هذا الصدد تجد حتى مسعود بارزاني يشارك في عملية الاجهاض هذه، بسبب الصراع على زعامة الموقف الكردي، المتشظي ايضا).
5- امتلاك المشروع التركي ادوات على الارض وهذه يمكن تصنيفها الى ثلاثة اقسام، هي:
اولا: “داعش” والقوى السلفية المرتبطة بها، خاصة الاتجاهات الاخوانية العراقية المتشددة.
ثانيا: القوة العلمانية الطائفية المرتبطة تاريخيا بالآستانة، مثل اسرة النجيفي حاليا.. وما يلحقها من مليشيات “حرس نينوى” الذي دربه الاتراك في بعشيقة وغيرها.
ثالثا: التركمان السنة، وهؤلاء يمثلون حلم تركيا في الحاق كركوك والموصل بالدولة التركية بشكل كامل والانفصال من العراق.
6- الدعم الدولي المتمثل بالولايات المتحدة الاميركية والموقف الاوروبي (والاسرائيلي) الذي يعتبر تركيا شريكا اساسيا في عملية تفتيت وتجزئة دول محور المقاومة، وخلق كيانات جديدة موالية للغرب وتابعة له في العراق وسوريا.. او حتى في البلدان التي تشكل خطرا على المشروع الغربي من حيث ارثها الحضاري وقواها البشرية وتاريخها السياسي المعاصر.
هذا الدعم الاميركي الذي ياتي بعد فشل الاميركان في استبدال الرئاسة التركية وحكومة العدالة والتنمية (انقلاب يوليو) والنكوص عن مساندة الاكراد في مشروعهم القومي ولو مؤقتا لصالح المشروع الطائفي.
ورغم كل هذه الصورة، لا أعتقد انها قاتمة بالنسبة للعراق، مالم يجعلها أهل العراق انفسهم قاتمة باختلافهم وتشتتهم، لان مجرد وحدة الموقف العراقي كفيل باسقاط كل مكامن القوة التركية ومشروع أنقرة في السعي لضم الموصل وكركوك والوصول الى آبار النفط في الشمال العراقي…
ومما تقدم يتضح ان المشروع التركي يهدف الى:
1- الوصول الى نفط كركوك والموصل، بالضم ان استطاعت او النفوذ ان لم يحالفها الامر.
2- اجهاض مشروع الغاز الايراني الى سوريا ومنه الى اوروبا، او حتى الغاز الروسي والتركمنستاني.
3- خلق كيان سني (تركماني – عربي) تابع في الموصل يمكنه التاثير على الوضح الكردي في كركوك ومطالبات الاكراد بضمها الى اقليم كردستان، وايضا الوضع السني في محافظتي صلاح الدين والانبار الاقرب الى بغداد، للضغط على الحكومة المركزية في العراق.
4- قطع الاتصال بين اقليم كردستان في العراق والمناطق الكردية في سوريا، والتي تعتبر الخاصرة التركية الاضعف وتهدد وحدة الاراضي التركية.
5- تطويع قيادة اقليم كردستان العراق اكثر وربطه كليا بالموقف التركي…
6- دعم الفصائل المسلحة والارهابية في سوريا عن هذا الطريق فيما لو اضطرت تركيا الى اغلاق حدودها مع سوريا، وايضا تكوين نموذج يمكن يصار اليه في محافظة الرقة السورية، بما يحاصر اكراد الحسكة من جهة ويبسط النفوذ التركي على محافظتي حمص ودير الزور السوريتين.
7- قطع اتصال محور المقاومة (العراق – سوريا) بعد فشل القوى الاقليمية الاخرى قطر والسعودية من تولي هذه المهمة على مدى السنوات الخمس الماضية بشكل قاطع..
8- فتح كريدور (ممر) بين الجنوب التركي والشمال الاردني ـ السعودي، لنقل البضائع التركية او الاوروبية القادمة عبر البسفور الى دول الاستهلاك الخليجي.
9- محاصرة السياسة الايرانية وخاصة فيما يتعلق بمحور المقاومة والقضية الفلسطينية لصالح المشروع الاميركي – الصهيوني، وبالتالي قطع امدادات المقاومة في لبنان وفلسطين.
لذلك يعتبر اردوغان الموقف العراقي المستند الى قوة الحشد الشعبي والمدعوم اقليميا من قبل الجمهورية الاسلامية ومصر والجزائر وقوى المقاومة، ثقيلا على قلبه!
خلاصة:
ان اجهاض المشروع التركي – الاعرابي ( المشروع الاميركي في سياقاته العامة) يتوقف على قوة موقف الحشد الشعبي وتبني الحكومة العراقية لقرار تحرير الارض من الاستعمار التركي العثماني الجديد المتحالف مع الصهيواعرابية.. لذلك لابد من دعم أكبر للحشد الشعبي وتحويله الى قوة تحررية واسناد مهمة تطهير الارض اليه بجانب قوات النخبة في الجيش العراقي.
التعليقات مغلقة.