أهمّية كافة أشكال المُقاومة والدّعم / الطاهر المُعز
الطاهر المُعز ( تونس ) – الإثنين 25/12/2023 م …
مُلخّص مُداخلة يوم الجمعة 22/12/2023 – السابعة مساء بتوقيت الجزائر وتونس وباريس
رابط شبكة “يوتوب” أسفل المُلَخّص
مُقدّمة على هامش العدوان الصهيوني الحالي على فِلسطينيِّي غزة
ما هي معايير النصر والهزيمة للطّرف المُعْتدِي وللطّرف المُقاوم
مُقاطعة الشركات والدّول الدّاعمة للعَدُوّ كأحد أشكال التّضامن مع الشّعب الفلسطيني
تكمن خطورة المثقفين العُضْوِيِّين للإمبريالية في قُدْرَتهم على التّحليل وعلى الإستشراف وعلى تقديم النّصائح التي يُؤدّي تطبيقها إلى تدمير البُلْدان وإبادة الشُّعوب لكي تتمكّن الإمبريالية وشركاتها الإحتكارية – ومنها المُجَمّع الصناعي العسكري – من تعظيم أرباحها، وأدّى هنري كيسنغر ( 1923 – 2023 ) وزبيغنيو بريجنسكي ( 1928 – 2017 ) هذا الدّور بامتياز، فهما بحثان أكاديمِيّان كرّسا معرِفَهُما العِلْمِيّة وبُحوثهما ودراساتهما لفائدة الإمبريالية الأمريكية، رأس حربة الهيمنة والإضطهاد والتّدْمير في العالم، خصوصًا منذ الحرب العالمية الثانية، وكانت لهما مناصب رسمية في منظومة الحُكْم الأمريكية، وكان هنري كيسنغر يرأس وفد التفاوض الأمريكي مع الوفد الفيتنامي الذي كان يقوده لي دوك تو، واستمر القصف والتّدمير والتخريب الأمريكي طيلة فترة التفاوض، من 1968 إلى 1973، ولم يغادر الجيش الأمريكي فيتنام سوى بعد مهزومًا في نيسان/ابريل 1975، ومن مقولات هنري كيسنغر بشأن فيتنام “لقد خُضْنا معركة عسكرية، سعَيْنا خلالها لاستنزاف الفيتناميين مادّيًّا وجسديًّا بينما خاض خُصُومنا معركة سياسية، وتمكّنوا من إنهاكنا نفسانيًّا، وفقدنا خلال هذه الحرب الصواب ونسينا دراسة أهم المبادئ الأساسية لحرب العصابات ( ووَجَبَ تسميتها حرب الغُوار، لأن منفذيها ثُوّار وليسوا أعضاء عصابات إجرامية) وأهمّها إن حرب الغُوار تُعتبر منتصرة إذا لم تخسر أما الجيش التقليدي فهو خاسر أو منهزم إذا لم يُحقق انتصارًا على خُصُومه”، ونَسِيَ هنري كيسنغر إن ثُوّار فيتنام تمكّنوا من الإنتصار السياسي والإعلامي أمام الرأي العالمي لأنهم كبّدوا جيش الإحتلال الفرنسي هزيمة سياسية وعسكرية، لا تزال معركة ديان بيان فو ( 1954) محفورة في ذاكرة الشّعُوب، كما لا يزال هجوم الثوار الفيتناميين ضد الجيش الأمريكي ليلة السنة القَمَرِيّة (يوم 31 كانون الثاني/يناير 1968) يُدَرّس في صفوف الثّوّار كما في صفوف الجيوش الإمبريالية…
هل يمكن مُقارنة وضع فيتنام بين سنتَيْ 1954 و 1975(وبالأخص سنة 1968 ) بوضع الجزائر بين سنتَيْ 1954 و 1962 وبوضع فلسطين سنة 2023؟
تختلف طبيعة الإستعمار وطبيعة المُقاومة وكذلك طبيعة المَرْحَلَة والوضع الدّولي بين هذه الحالات الثّلاث، فقد جَرَتْ حروب تحرير الجزائر أو جنوب شرق آسيا (فيتنام ولاوس وكمبوديا) في سياق آخر بتشكيل مُغاير وتوازن قوى مُختلف، ومع ذلك، فإن أساس “المسألة الاستعمارية” يظل كما هو، ولا يمكن للقوة العسكرية أن تمنع المستعمَرين (السكان الأصليين أو “مِلْح الأرض”) من التفكير في التّحرّر ومن ابتكار الوسائل لتحرير الأرض (الوطن) والإنسان ويؤمِنُ أفراد الشعب الواقع تحت الإستعمار إنهم “مقيمون دائمون” وأن المستعمِرين، وإن كانوا مُستَوْطِنِين، ليسوا سوى “مقيمين مؤقتين” أو “عابرين” وأن إقامتهم لن تستمر عندما لا يكون الاستثمار الإمبريالي (في الاستعمار) مربحًا، ولما يُصبح “العائد على الاستثمار” أقل من المتوقع، وأقل من الربح الذي يحصل عليه رأس المال من الاستثمارات الأخرى، يُعْتَبَرُ الاستعمار “صفقة سيئة” أو خاسرة، ولا يُغامر أي رأسمالي بالإستثمار في صفقة تُظْهِرُ المُؤَشِّرات إنها خاسرة أو يكون احتمال خسائرها مرتفعًا…
ما هي معايير النصر التكتيكي أو الهزيمة قبل التحرير الكامل؟
بالنسبة لفلسطين، إن المقاومة – بكل الوسائل الممكنة المُتَوفّرة حاليا وبالوسائل التي سوف يتم ابتكارها لاحقًا – تؤدي إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي، وانخفاض عدد السياح، وانخفاض عدد المستوطنين الجدد، وربما رحيل نسبة من المستوطنين ترتفع بحسب درجة الخوف التي تنتاب المُسْتَوْطِنين الذين حلّوا بالبلاد في وقت سابق، وسوف يزداد حجم المُغادِرين بارتفاع عمليات المقاومة، لكي تصبح فلسطين أقل أمْنًا للصهاينة من نيويورك أو برلين أو باريس.
إن الهزيمة – النسبية تمامًا، نظرًا للثمن الذي دفعه الفلسطينيون – هي عجز الجيش الاستعماري، وأجهزة استخباراته، وأسلحته الوفيرة والمتطورة، وعجز الإمبريالية وحلف شمال الأطلسي عن سحق هذه المقاومة، بعد 75 يومًا من العدوان الدّولي الوَحْشِي القتال ضد مقاتلين قد لا يتجاوز عددهم ما بين ثلاثة إلى خمسة آلاف مقاتل، ينقصهم السّلاح والتّدريب ولكنهم مُسلّحون بالإيمان بعدالة قضيّتهم ويُقاومون أقوى جيوش العالم بالوسائل المتاحة لهم، وهذه خطوة مهمة في النضال التحرري الوطني للشعب الفلسطيني، لأن رأس المال (الجبان بطبيعته) سوف يدرس مدى جدوى الاستثمار في هذه المُسْتَوْطَنَة الواقعة بالمشرق العربي، لأن استمرار المُقاومة يُؤَدِّي إلى تسريع وتكثيف “الإتجاه الهبوطي في معدل الربح” أو “انخفاض الربحية” بكل بساطة، غير إنها معركة طويلة الأمد تحتاج إلى نفس طويل وإلى دَعْم مُستمر من الشعوب العربية ومن التّقدُّمِيِّين في العالم!
فشل الكيان الصهيوني، الذي تدعمه الإمبريالية العالمية وقواتها العسكرية الضاربة (حلف شمال الأطلاسي) في تحقيق أهدافه السياسية، رغم العنف الشديد ضد الفلسطينيين الذين لا يملكون سوى إيمانهم بحقوقهم على هذه الأرض/الوطن، في مواجهة مُستعمِرِين مُستوطنين جاؤوا من مائة بلد، لكن الأمر الأهم هو استمرار المقاومة، بكافة الأشكال ومنها المُقاطعة، والإستعداد لقضاء عُقُود من النّضال والمُعاناة والدّعم، لمجابهة الدّعم الإمبريالي للإحتلال…
أهمية المقاطعة
يكمن أحد عيوب حملة المقاطعة العالمية للكيان الصهيوني “بي دي أس” في الإستيلاء عليها من قِبَل الأوروبيين والأمريكيين، بينما كانت الفكرة فلسطينية ثم عربية سنة 2005، ورافق هذا الإفتكاك تحوير لجوهرها وإضافة عبارات مثل “المُقاطعة إلى أن تُطبق إسرائيل القانون الدّولي” وهو ما لم يكن واردًا عند انطلاق الحملة سنة 2005، لأن القانون الدّولي هو نتيجة لموازين القوى، وهو ليس في صالحنا حاليا، والقانون الدّولي هو الذي خلق الكيان الصهيوني ومنحه “شرعية” على أرض الشعب الفلسطيني، والقانون الدّولي هو الذي أقر إن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية (تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1975 )، ثم وقع إلغاء القرار بعد تغيير ميزان القوى وانهيار الإتحاد السوفييتي (كانون الأول/ديسمبر 1991) واعتراف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بالكيان الصهيوني وبسيادته على 78% من وَطَن الشّعب الفلسطينيِّ، ومن العيوب كذلك عدم التّركيز على الشركات والمصارف العاملة داخل الجزء المحتل سنة 1948، وقَلّصت منظمة التحرير وكذلك حركة المقاطعة الدّولية (ب يدي إس) أرض فلسطين (من البحر إلى النهر) إلى مستوطنات الضفة الغربية وتقسيمها إلى مُستعمرات استيطانية “شرعية” وأخرى “غير شرعية” ومن عيوبها كذلك إنها حملات وليست عملا مُستمرًّا طيلة العام، ومع ذلك فإن المُقاطعة شكل من الأشكال التي وجب التّمسّك بها وتدعيمها لأنها تُضْعِفُ الكيان الصّهيوني والشركات والدّول الدّاعمة للإحتلال، وهي عمل فردي وجماعي حُرّ، فلا أحد قادر على إرغام أي فرد منا على استهلاك مشروبات أو لُمجات أو ملابس الشركات الدّاعمة للإحتلال، ولذا وجب ممارسة المُقاطعة بشكل فردي والتحريض على ممارستها بشكل جماعي وشعبي، لكن إلى جانب الشركات، هناك الدّول مثل الولايات المتحدة وكندا ودول الإتحاد الأوروبي والدّول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي التي تدعم الكيان الصهيوني، لأنه جُزْءٌ منها، أي جزء من الإمبريالية “الغربية”…
تتمثل المُقاطعة في الضغط على الشركات التي تدعم الاحتلال، ويؤدّي هذا الضّغط إلى تراجع بعضها عن العمل في فلسطين المحتلة أو التراجع عن الدّعم العَلَنِي، بشكل انتهازي لأنها خاسرة، ولأن دين رأس المال هو الرّبح، وإذا غاب الرّبح أو انخفضت نسبته يكون الرأسماليون في حالة هَلَع، فقد أعلنت شركة “بوما” ( Puma ) الألمانية للملابس والتجهيزات الرياضية التي تضرّرت من المُقاطعة بأنها سوف تتوقف عن رعاية المنتخب الصهيوني لكرة القدم عند انتهاء العقد، بداية من سنة 2024، ولن تزوده بالمعدات الرياضية، وفق صحيفة “فاينانشال تايمز” يوم الثلاثاء 12 كانون الأول/ديسمبر 2023.
اختارت حملة المقاطعة الضّغْطَ على 18 من الشركات متعددة الجنسيات والداعمة للكيان الصهيوني خلال العُدوان الحالي (الذي بدأ يوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023) ومعظمها علامات تجارية تبيع منتجاتها يوميا لأفراد وأُسَر من عامة الشعب، وأهمها سلسلة مطاعم “ماكدونالدز”، أكبر سلسلة للوجبات السريعة في العالم، ومطاعم “برغر كينغ” وتبرّعت الشركتان بوجبات مجانية لجيش الإحتلال، وشركة كوكا كولا ومنافستها بيبسي كولا اللتين تمتلكان فيما بينهما مجموعة من سلاسل الوجبات السريعة الأخرى، مثل ستاربكس، وكوستا، وليز، ولشركة كوكاكولا مصنع في إحدى مستوطنات الضفة الغربية وتتبرع كوكاكولا وشركة بيبسي كولا بالإمدادات لجيش العدو وبملايين الدّولارات لمنظمات استعمارية صهيونية، ولا يقتصر الدّعم على شركات إنتاج الغذاء بل تدعم العديد من المؤسسات المالية الإحتلال، مثل مصرف “جي بي مورغان تشيس” الذي أعلن رئيسُهُ التنفيذي “جيمي ديمون” دعمه المُطلق، بدون أي تحفّظ للكيان الصّهيوني، كما أعلن “ديفيد سولومون”، الرئيس التنفيذي لمصرف “غولدمان ساكس”، منذ يوم الأحد 08 تشرين الأول/اكتوبر 2023، دعم الكيان الصهيوني الذي يتعرض حسب رأيه إلى “الإرهاب الذي ينتهك أهم القيم الأساسية” وفق تصريح له أوردته شبكة سي إن إن التي نَقَلَتْ كذلك تصريحًا وَرَدَ في بيان لمجموعة “بيزنس راوند تايبل”، وهي مجموعة تجارية تمثل كبار المديرين التنفيذيين الأميركيين، يوم الاثنين 09 تشرين الأول/اكتوبر 2023، يدعم مواقف (وأفعال) الحكومة الأميركية ويتضامن مع الكيان الصهيوني، وهو نفس الموقف الذي عبرت عنه غرفة التجارة الأميركية…
لا تتردّد حكومات الولايات المتحدة ( من الحزب الجمهوري أو الدّيمقراطي) وشركاتها في إظهار الدعم المُطلق للكيان الصّهيوني لأنه أهم حليف لها في منطقة استراتيجية تربط بين قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا وبين عدد من البحار والمحيطات، وهي منطقة ثريّة بالموارد الطّبيعية، ولا يتوقف الدعم الأميركي عند الشكل المالي، بل يشمل الدعم العسكري والمعلوماتي والدبلوماسي، وإقرار تشريعات تُسَهِّلُ دعم الشركات والمنظمات والجمعيات ويشمل هذا الدّعم التبرعات والاستثمارات والمِنَح، ويساهم الدعم المالي الذي تقدمه حكومة الولايات المتحدة والشركات والمنظمات الأمريكية في دعم اقتصاد الإحتلال، وبالإضافة إلى المصارف يدعم أصحاب المليارات والمُساهمون في شركات ضخمة مثل “فايزر” (أكبر شركة أدوية في العالم) الكيان الصهيوني بمليارات الدولارات والمعدات والملابس العسكرية والمواد الغذائية
ولا يقتصر الدّعم على الشركات ذات المنشأ الأمريكي بل قدّمت المجموعة المصرفية السويسرية “يو.بي.إس” تبرعات بقيمة 5 ملايين دولار ودعت موظفيها لدعم الجيش الصهيوني ماليا وإعلاميا، وأعلنت مجموعة جيفريز المالية (Jefferies Financial Group) أنها جمعت 13 مليون دولار من الزبائن والشركاء والموظفين لدعم الجيش الصهيوني، وساهم الملياردير مايكل بلومبرغ رئيس بلدية نيويورك الأسبق ومالك وكالة وشركة “بلومبيرغ إل.بي“. بمليونَيْ دولار، وشركة “دلتا إيرلاينز” بمليون دولار، وقدّمت شركة “بلاك روك” وشركة “هيوليت باكارد – HP ” وشركة “أمازون” وشركة “ميتا بلاتفورمز” و”ألفابت”، الشركة الأم لـ”غوغل” وشركة “مايكروسوفت” و”أبل” و”وول مارت” (أكبر شركة عالمية لتجارة التجزئة) وكارفور (ثاني شركة عالمية لتجارة التّجْزِئة) وغيرها دعمًا ماليا ضخما ودعما سياسيا وإعلاميا، وحملة تبرّع بين موظفيها، وفق برقيات وكالة رويترز من 08 تشرين الأول/اكتوبر إلى 12 كانون الأول/ديسمبر 2023…
قائمة أهم الشركات الدّاعمة للكيان الصهيوني خلال العدوان
بوينغ لتصنيع الطائرات التي استثمرت 300 مليون دولارا سنة 2020 في شركة الطيران الصهيونية (AeroScout ) وبلغت قيمة المساعدات العسكرية والمالية والفنية، 1,2 مليار دولارا، وتشمل تمويل التدريب والتطوير للعاملين في جيش الجو الصهيوني، وتقديم منح مالية للجامعات والمراكز البحثية، ودعم المشاريع الصناعية، وبيع الطائرات الحربية، وتقديم الدعم الفني والصيانة والتعاون في مجال البحث والتطوير في مجال الطيران الحربي، وقدمت بوينغ سنة 2022 تمويلاً بقيمة 200 مليون دولار لتدريب طياري الجيش الصهيوني على طائرات F-35 ( التي لم توافق الولايات المتحدة على بيعها إلى بعض أعضاء حلف شمال الأطلسي) وقدمت الشركة سنة 2020 دعماً بقيمة 50 مليون دولار لمشروع تطوير طائرة هليكوبتر، وقدمت منحة سنة 2021، بقيمة 100 مليون دولار لجامعة تل أبيب لإنشاء مركز بحثي في مجال الطيران، وتدّعي شركة بوينغ بأن “هذه المساعدات ضرورية للحفاظ على أمن إسرائيل”، كما قدّمت بوينغ منحاً إلى الجامعات ومؤسسات البحث الصهيونية، بهدف دعم الأبحاث والتطوير في مجالات مثل الطيران والفضاء والأمن المعلوماتي، ومن ضمنها منحة بقيمة مليون دولار قدّمتها سنة 2021 إلى معهد تكنيون، وهو معهد تكنولوجي للأبحاث المتطورة…
كوكاكولا وتتمثل استثماراتها في دعم اليمين المتطرف (بمقاييس الصهاينة) وكذلك المدارس والمستشفيات، حيث يُعالج جرحى الجيش الصهيوني، وفي تمويل المشاريع الاجتماعية والرياضية وتقديم منح للطلاب الصهاينة، وفق تقرير نشرته صحيفة “هآرتس” سنة 2017، لما تبرعت شركة كوكاكولا بمبلغ 14 ألف دولارا لمنظمة “إم تيرتسو” اليمينية المتطرفة بالمقاييس الصهيونية، وتدعم العديد من البرامج الإستيطانية…
جنرال إلكتريك: قدمت سنة 2022 مساعدات بحجم 200 مليون دولار، وتتمثل في المعدات العسكرية والدعم الفني والصيانة، والبحث لأغراض عسكرية، بالإضافة إلى طائرات هليكوبتر بقيمة 100 مليون دولار لحكومة الاحتلال.
إنتل: تمتلك أهم مركز لها في ضواحي تل أبيب وتدعم شركة إنتل برامج البحث والتطوير في مجال الإلكترونيات والذكاء الاصطناعي وتدريب التقنيين والمهندسين بقيمة خمسين مليون دولارا سنة 2022، فضلا عن تمويل المشاريع الرياضية والإجتماعية للجيش وللمستوطنين، وأعلنت بناء مصنع جديد لتصنيع الرقائق والشرائح الإلكترونية بقيمة 25 مليار دولار، وهو أكبر استثمار أجنبي، بعد إعلان استثمار بقيمة عشر مليارات دولارا سنة 2021، وتوظف الشركة نحو 12 ألف عامل في فلسطين المحتلة، ويتوقع أن يُضيف هذا المصنع آلاف الوظائف في اختصاصات تكنولوجية متقدّمة.
شركة أوراكل: تتبرع الشركة بملايين الدّولارات التي يعسر حصرها لأنها تُقدّمه في شكل تبرّعات للجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية المُوَجّهة نحو دعم الجيش الصهيوني والمُستوطنين الجدد، وتبرعت شركة أوراكل سنة 2022 بمليون دولار لمعهد التكنيون (المذكور في الفقرة السابقة) وخلال السنوات الثلاث الماضية استثمرت الشركة مليارات الدولارات في الشركات الصهيونية على ومن بينها الإستحواذ سنة 2921، على شركة الحوسبة السحابية ( Ravello Systems ) مقابل 500 مليون دولار، وقدّمت سنة 2020، منحاً لدعم البحث بالجامعات والمؤسسات البحثية وللتطوير في مجالات مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، وقدّمت منحة، سنة 2020، بقيمة مليون دولار إلى الجامعة العبرية في القدس لدعم الأبحاث حول تقنيات الحوسبة السحابية من الجيل التالي، فضلا عن الدّعم العيْنِي، مثل التدريب والمساعدة الفنية، ومن ذلك برنامج انطلق سنة 2019، لتدريب 20 ألف موظف على تقنيات الحوسبة السحابية…
تُقَدِّمُ شركة هيوليت باكار د (HP) الدعم المالي بملايين الدّولارات من خلال التبرعات للجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية الصهيونية من بينها تمويل برنامج سنة 2019 لتدريب عشرة آلاف موظف وتقني على تقنيات الحوسبة السّحابية، ومنحة بقيمة مليون دولارا سنة 2020 للجامعة العبرية بالقدس، ومنحة (تَبَرّع) سنة 2018 بمبلغ مليون دولار لمعهد التكنيون، ومنحة أخرى لنفس المعهد بنفس القيمة سنة 2022 واستحوذت سنة 2021 على شركة الأمن السيبراني الصهيونية ( NIARA ) بقيمة 486 مليون دولارا، واستثمرت مليارات الدولارات لتطوير وتأهيل الشركات الصهيونية، ما ساعد على خلق فرص عمل وتعزيز اقتصاد العدو…
تُقدم شركة “جونسون آند جونسون” للمختبرات والأدوية مساعدات تهدف دعم البحث والتطوير وتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية، وتمويل المشاريع الاجتماعية والصحية لحكومة الاحتلال ومن المعروف إن البرامج الإجتماعية والصحية ومجالات التعليم والبحث انتقائية، وتُقصي أحفاد من بقوا في وطنهم، بذريعة إنهم لا يؤدّون الخدمة العسكرية ولذلك ليست لهم أولوية التعليم والوظائف في العديد من المجالات، وقدمت سنة 2022 تمويلاً بقيمة 25 مليون دولار لمشروع تطوير لقاح ضد فيروس كورونا في الأراضي المحتلة، ما أثار انتقادات تجاهلتها الشركة.
تقدم شركة مايكروسوفت مساعدات مالية وتقنية للعدو بملايين الدولارات سنوياً، وقدّمت سنة 2022 تمويلاً بقيمة 25 مليون دولار لتدريب العاملين في شركات الإحتلال على استخدام منتجات وخدمات مايكروسوفت، وبلغت قيمة المساعدات التي قدمتها الشركة سنة 2022 إلى دولة الإحتلال 50 مليون دولار، وشملت تمويل التدريب والتأهيل والمساعدات التقنية والدعم الفني والخدمات للشركات وصيانة منتجاتها، والتعاون في مجال البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا، وتقديم منح مالية إلى الجامعات والمراكز البحثية ودعم المشاريع الصناعية الصهيونية…
وَرَدَ ذِكْرُ “ستاربكس” في مناسبات عديدة لأنها تُقدّم منتجاتها مجانًا إلى جيش الإحتلال، وتدعم مؤسسات الإحتلال منذ سنة 2014، كما تقدم الشركة المالكة لمقاهي ستاربكس مجموعة متنوعة من المساعدات من بينها توفير حوالي ستمائة وظيفة للمستوطنين في متاجرها بالضفة الغربية المحتلة وأسهمت ستاربكس في النمو الاقتصادي للإحتلال بمبلغ 100 مليون دولار سنة 2022، كما تقدم دعماً مالياً لمؤسسات التعليم والرعاية الصحية وحماية البيئة (أي غرس أشجار مكان القرى الفلسطينية التي تمت إزالتها) وقدمت بواسطة مؤسسة ستاربكس الخيرية (جزء من الشركة) ملايين الدولارات في شكل تبرعات إلى مؤسسات استيطانية…
وردت هذه المعلومات في تقرير صادر عن منظمة “من يستفيد؟ ” (Who Profits) وكذلك في برقيات وكالة رويترز بين 14 تشرين الأول/اكتوبر و 10 كانون الأول/ديسمبر 2023
في البلدان العربية، رغم التّطبيع الكامل للعلاقات بين الأردن والكيان الصهيوني، لا تزال المُقاطعة الشعبية قوية، بل أجبرت حملات المقاطعة العديد من الشركات “الغربية” العاملة بالأردن على إغلاق فروعها وأخرى على تخفيض طاقاتها الإنتاجية وتقليص عدد ساعات العمل، بفعل تراجع الإقبال على إنتاجها بنسبة تتراوح بين 80% و90% وتُشكل مقاهي “ستاربكس” ومطاعم “ماكدونالدز” نموذجًا للشركات الأمريكية العابرة للقارات التي تُسَدّد ثمن دعمها شبه المُطْلَق للكيان الصّهيوني، واستفادت العلامات التجارية المَحلِّيّة من حملات المقاطعة سواء في الأردن أو في مصر والمغرب والدّول التي كانت حكوماتها رائدة التّطبيع، ومن بينها شركات صناعة المنظفات والعطور والمنتجات الاستهلاكية اليومية الأخرى، وقدّمت إنتاجها كبديل لسلع شركات ودول داعمة للاحتلال، وأعلنت العديد من الشركات المحلية استعدادها لتشغيل العمال المسرّحين من العمل من قبل المنشآت التي يُقاطعها المواطنون، غير إن هذا الإعلان لا يتجاوز الدّعاية الزائفة، وشملت المقاطعة شركات من قطاعات المحروقات والطاقة والأغذية، ما يُشكّل فرصة لزيادة الإنتاج المحلي، وحاولت بعض الشركات الأجنبية مُراوغة الجمهور والحدّ من تأثير المقاطعة عبر الإدّعاء بأنها شركات ذات رأس مال محلِّي وتُشغِّلُ العاملين المَحلِّيِّين ولا تدعم الإحتلال، بل أعلن بعضها تقديم تبرعات إنسانية لإغاثة سُكّان قطاع غزة، وهو ما لم يتم التّأكّد منه، ويتم عادة في شكل تبرّع لهيئات تُشرف عليها الأنظمة العربية المُطَبِّعَة التي لا يعتمد اقتصادها على القطاعات المُنْتِجَة بل على ريع المحروقات والسياحة وتحويلات العُمّال المهاجرين والتجارة والعقارات وغيرها…
تُحاول المنظمات الدّاعية للمقاطعة التركيز على بضع شركات لها فروع في مستوطنات مقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، من بينها شركة “بوما” للملابس والأحذية والمُعِدّات الرياضية التي ترعى اتحاد كرة القدم الصهيوني، وسلسلة متاجر “كارفور” وشركة “أكسا” الفرنسية للتأمين التي تستثمر في مؤسسات مالية صهيونية منها بنك “لئومي”، وشركة HP، وعلامة “Ahava” لمستحضرات التجميل، و”صودا ستريم” للمشروبات الغازية، وشركة “شيفرون” النفطية الأميركية و”سيمنز” الألمانية و”CAF” لتصنيع القطارات، وشركة “JCB” للحفارات، وهيونداي للمعدات الثقيلة، و”كاتربيلر” و”هيتاشي” و”فولفو”، التي يستخدم جيش الاحتلال معداتها في هدم منازل الفلسطينيين وتجريف المزارع وبناء المستعمرات، والعديد من شركات الصناعات الغذائية والمشروبات الأكثر ارتباطاً بالأسواق الاستهلاكية العربية الكبيرة مثل مصر التي يفوق عدد سكانها 104 مليون نسمة، ما رفع خسائر الشركات التي تتعرّض لحملات المقاطعة، وأظهرت البيانات المالية الصادرة عن بعض الشركات “الغربية” لتؤكّد حجم الضّرر لشركات مثل “ستاربكس” و”ماكدونالدز”، و”كنتاكي” و”إتش آند إم” التي بدَتْ محلاّتها فارغة من الزّبائن، رغم التخفيضات المُؤقّتة في الأسعار، وكشفت بيانات “ستاربكس” حجم خسائر أسْهُمِها بفعل تزايد مخاوف أصحاب الأسهم من حدة التراجع التي أصابت مبيعات شركة القهوة العملاقة، حيث خسرت الشركة خلال 20 يوما نحو 10% من قيمتها أو ما يعادل 12 مليار دولار تقريباً، بحسب وكالة بلومبيرغ الأميركية، بناء على تقديرات مصرف “جيه بي مورغان” الأميركي.
أيّدت إدارة شركة “سبارتكس” الأمريكية العابرة للقارات، منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، دولة الإحتلال الصهيوني بدون أي لُبْس، ورفعت دعوى قضائية ضد نقابة العاملين بها (“اتحاد عمال ستاربكس”) التي أصدرت منشورًا يُندّد بالعدوان الصهيوني، أما سلسلة مطاعم “ماكدونالدز” فقد أعلنت تقديم طرود غذائية ووجبات مجانية لجيش الاحتلال، ما أدّى إلى انخفاض مبيعات فروعها في المغرب والدّول المُطبّعة وخصوصًا الفرع المصري خلال شهرَيْ تشرين الأول/اكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2023 بنسبة 70% على الأقل مقارنة بنفس الشهرين من العام 2022، كما انخفضت مبيعات الشركَتَيْن الأمريكيّتَيْن في الخليج، خصوصًا في قَطَر والكويت وعُمان، بنسبة تصل إلى 90% في بعض الفُرُوع بسبب تصاعد الحِس الشعبي المناهض للتطبيع وللكيان الصهيوني وللولايات المتحدة، ولم يعلن عن حجم الخسائر التي تكبدتها المطاعم السبعون لفروع “ماكدونالدز” أو فروع شركة كارفور للبيع بالتجزئة بالمغرب في ظل حملة المقاطعة، وتتوقّع بعض الدّراسات إن استمرار المُقاطعة بهذه الحِدّة لفترة تتراوح بين ستة أشهر و12 شهرا في الدّول العربية والإسلامية التي يُشكّل سُكّانها رُبُعَ سُكّان العالم، قد يُؤَدِّي إلى إفلاس شركات ضخمة مثل ماكدونالدس وكوكاكولا وستاربكس وشركة الملابس “إتش أند إم”، وفق وكالات “رويترز” و “بلومبرغ” و”أسوشيتد برس” بين السادس والثاني عشر من كانون الأول/ديسمبر 2023…
رابط المداخلة
الطاهر المعز-لقاءات عربية 3 : أهمّية كافة أشكال المُقاومة والدّعم
التعليقات مغلقة.