التكنولوجيا المسخّرة لحفر الأنفاق

الأردن العربي –  الخميس 28/12/2023 م …




تقنية الحفر النفقي، أو ما يُعرف بتقنية “Trenchless Technology” بالإنكليزية، تمثل نهجاً مبتكراً في أعمال البناء تحت سطح الأرض، حيث تتميز بالحد الأدنى من الحفر السطحي والخنادق. يتم استخدام هذه التقنية بشكل رئيسي لتوصيل وتركيب المرافق المختلفة المتعلقة بالمياه والكهرباء.

يُعد هذا القطاع من أسرع القطاعات نمواً في صناعة البناء والهندسة المدنية. يمكن تعريف تقنية الحفر النفقي على أنها “مجموعة من الأساليب والمواد والمعدات التي عادة ما يكون استخدامها لتركيب أو استبدال أو تجديد البنية التحتية تحت الأرض، مع الحد الأدنى من التأثير على حركة المرور على سطح الأرض والأعمال التجارية والأنشطة الأخرى”.

تمثل هذه التقنية شكلاً مختلفاً تماماً عن الحفر المفتوح، حيث يتم التحكم الآلي في جميع الآليات المستخدمة في هذا النوع من الحفر عبر وحدة التحكم في غرفة التحكم الموجودة فوق سطح الأرض.

تقنيات حفر الأنفاق

توجد العديد من تقنيات حفر الأنفاق المختلفة، وكل منها يتمتع بمزايا وعيوب خاصة به. فيما يلي 5 من أهم تقنيات حفر الأنفاق:

– التنقيب: التنقيب يُعد أبسط تقنيات حفر الأنفاق، حيث يتم إزالة المواد من الأرض باستخدام أدوات حادة مثل المكابس أو المجارف. يُستخدم التنقيب عادة لإنشاء أنفاق صغيرة نسبياً، ولكنه غير فعّال بشكل كبير للأنفاق الكبيرة أو العميقة.

– الحفر: الحفر هو تقنية أخرى تستخدم لحفر الأنفاق، حيث يتم إنشاء حفرة في الأرض باستخدام أدوات حادة مثل الشفرة أو المناشير. يُمكن استخدام الحفر لإنشاء أنفاق أكبر من تلك التي يمكن إنشاؤها بواسطة التنقيب، ولكنه أيضاً غير فعّال للأنفاق العميقة.

– المناجم: تُعتبر المناجم تقنية قوية لحفر الأنفاق، حيث يتم استخدام انفجارات لإزالة المواد من الأرض. تُستخدم المناجم لإنشاء أنفاق كبيرة وعميقة بسرعة، ولكنها تشكل تقنية خطرة وتسبب أحياناً أضراراً بيئية.

– الحفر المائي: الحفر المائي هو تقنية فعالة تستخدم ضغط الماء لإنشاء حفرة في الأرض. يُمكن استخدامها لإنشاء أنفاق كبيرة وعميقة بسرعة، ولكنها تُعتبر تقنية مكلفة وتسبب أحياناً أضراراً بيئية.

– الحفر بالليزر: الحفر بالليزر هو تقنية جديدة تستخدم شعاع الليزر لإزالة المواد من الأرض. يُستخدم لإنشاء أنفاق دقيقة وسلسة، ولكنها تعتبر تقنية مكلفة ولا تزال قيد التطوير.

الأنواع المختلفة للأنفاق

تُعتبر الأنفاق أحد عجائب الهندسة التي فتحت أفقاً جديداً لربط أقاليم متباينة في العالم، واستكشاف الأنقاض تحت سطح الأرض، وإنشاء أنظمة نقل فعّالة. ومع ذلك، ليست كل الأنفاق متماثلة، فهناك عدة أنواع تخدم أغراضاً متنوعة. في هذا القسم، سنستكشف الأنواع المختلفة للأنفاق مع خصائصها وأمثلة على استخداماتها الفعّالة:

أنفاق القطع والتغطية

– يعتبر هذا النوع من الأنفاق الأكثر انتشاراً في المناطق الحضرية.

– يتم بناءه عن طريق حفر خندق وتغطيته بسقف، غالباً ما يكون من الخرسانة.

– يستخدم لأنظمة المترو وممرات المشاة وأنفاق المرافق.

الأنفاق المحفورة (TBM)

– تُستخدم للمسافات الطويلة وتحفر باستخدام آلات مخصصة (TBM).

– مثالية لأنظمة النقل والطرق السريعة وأنظمة إمدادات المياه.

– تستخدم في التعدين وتوليد الطاقة الكهرومائية.

الأنفاق المغمورة

– يتم بناء النفق جزئياً على السطح ثم يُغمر في الماء.

– مثالية لعبور المسطحات المائية كالأنهار والبحيرات.

– تستخدم في النقل وأنظمة الصرف الصحي وأنظمة إمدادات المياه.

الأنفاق المغمورة المقطوعة والغطاءية

– مزيج من الأنواع المغمورة والغطاءية، يُبنى جزء في خندق ثم يُغمر ويُغطى بسقف.

– مثالية للمناطق ذات المياه الضحلة والتربة الناعمة.

– تستخدم لأنظمة النقل وأنفاق المرافق.

الأنفاق الملغومة

– يتم بناؤها بواسطة حفر النفق باستخدام المتفجرات وتقنيات التعدين.

– تُستخدم في التعدين وتوليد الطاقة وأنظمة إمدادات المياه.

– مناسبة للصخور الصلبة وتستخدم للمسافات الطويلة.

مستقبل تكنولوجيا حفر الأنفاق

تُظهر تكنولوجيا حفر الأنفاق تقدماً ملحوظاً، ويُتوقع أن يشهد مستقبلها المزيد من التطورات والابتكارات. إليكم بعض الاتجاهات المتوقعة لمستقبل تكنولوجيا حفر الأنفاق:

– تحسين التكنولوجيا: يُتوقع تطوير تقنيات حفر الأنفاق بمزيد من التحسينات التكنولوجية، مما يتيح استخدام معدات أكثر كفاءة ودقة في العمليات.

– تكامل الذكاء الاصطناعي: قد يتم تكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين إدارة عمليات حفر الأنفاق، مثل التخطيط التلقائي ومراقبة السلامة.

– تقنيات الحفر الصديقة للبيئة: ستركز التقنيات الجديدة على تحقيق حفر أنفاق أكبر بأقل تأثير بيئي، مع تبني أساليب صديقة للبيئة.

– تفعيل حفر الأنفاق بالليزر: قد يشهد المستقبل استخدام تقنيات الليزر في حفر الأنفاق، مما يتيح عمليات دقيقة وفعالة.

– تطوير مواد البناء: قد يشمل المستقبل تطوير مواد البناء المستخدمة في الأنفاق لتحسين متانتها وقوتها.

– استخدام الطاقة المتجددة: يُتوقع استكشاف استخدام مصادر الطاقة المتجددة في عمليات حفر الأنفاق لجعلها أكثر استدامة.

– تكنولوجيا الاتصالات: قد يتم دمج تقنيات الاتصالات الفعّالة لتحسين التواصل وإدارة المشاريع بشكل أفضل.

التحديات تحت الأرض وإجراءات السلامة

يُعَد حفر الأنفاق عملية معقدة تتضمن تحديات عديدة يجب التعامل معها لضمان سلامة العمال ونجاح المشروع. يعد احتمال حوادث البناء تحت الأرض واحداً من أبرز التحديات، حيث تتضمن طبيعة العمل هناك مجموعة من المخاطر مثل الكهوف والفيضانات والحرائق وتسرب الغاز. لذا، يتعين اتخاذ تدابير السلامة لتقليل المخاطر المرتبطة بحفر الأنفاق.

تقييم المخاطر

– إجراء تقييم شامل للمخاطر يُعَد الخطوة الأولى لضمان السلامة في بناء الأنفاق.

– يجب تحديد المخاطر والتهديدات المرتبطة بالمشروع، بما في ذلك الظروف الجيولوجية والتهوية وتدفق المياه وخطط الطوارئ.

التهوية المناسبة

– توفير نظام تهوية فعّال لضمان جودة الهواء وتقليل مخاطر الحوادث.

– يجب تصميم أنظمة التهوية لتوفير الهواء النقي وإزالة الغازات الخطرة مثل أول أكسيد الكربون والميثان.

الدعم الأرضي

– توفير دعم أرضي مناسب لمنع الانهيارات وضمان استقرار النفق.

– استخدام الأقواس الفولاذية والمسامير الصخرية والخرسانة المرشوشة لضمان الاستقرار.

خطة الاستجابة للطوارئ

– وضع خطة فعّالة للاستجابة للطوارئ في حال وقوع حادث.

– تتضمن خطة الطوارئ إجراءات الإخلاء والتواصل وعمليات الإنقاذ.

معدات الحماية الشخصية

– استخدام معدات الحماية الشخصية (PPE) مثل القبعات الصلبة ونظارات السلامة وأجهزة التنفس.

– يجب على العمال ارتداء PPE للحماية من المخاطر المحتملة.

الاتصالات

– توفير نظام اتصال قوي للتواصل بين العمال ومع السطح.

– استخدام أجهزة الراديو والهواتف وغيرها من وسائل الاتصال لضمان التواصل السلس.

بتنفيذ تدابير السلامة اللازمة مثل تقييم المخاطر، وضمان التهوية الملائمة، وتقديم الدعم الأرضي، ووضع خطط الاستجابة للطوارئ، واستخدام معدات الحماية الشخصية، وتحسين وسائل الاتصال، يمكن تحقيق بيئة عمل آمنة وناجحة في مشروع حفر الأنفاق.

مدن تحت الأرض

المدن القديمة

– ديرنكويو: هي مدينة واسعة تحت الأرض واسعة، تم بناؤها في الألفية الأولى قبل الميلاد، وتحتوي على 8 طوابق تضم مخابئ وكنائس وغرف أخرى.

– مدينة مازيه: مدينة تحت الأرض في الصين يعود تاريخها إلى عهد أسرة هان، تحتوي على مخابئ وغرف وقنوات مائية.

– مدينة باغانغ: مدينة تحت الأرض  في إندونيسيا يعود تاريخها إلى القرنين التاسع والعاشر، تحتوي على معابد ومباني أخرى.

المدن الحديثة

– مدينة أوساكا: مدينة تحت الأرض في اليابان تحتوي على شبكة واسعة من الأنفاق تستخدم لنقل الأشخاص والبضائع.

– مدينة لندن: مدينة تحت الأرض  في المملكة المتحدة تحتوي على شبكة واسعة من الأنفاق تستخدم لنقل الأشخاص والبضائع.

– أنفاق غزة التي تشكل نظاماً معقداً من هندسة الأنفاق، تندرج ضمن الساحل الشمالي الشرقي لقطاع غزة، الموقع الذي يمتد في الجزء الجنوبي الغربي لفلسطين. يعتبر هذا النظام من الأنفاق جزءاً لا يتجزأ من الواقع الحضري والاقتصادي والعسكري. وقد بقيت هذه الأنفاق عصية على التعامل معها من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.