المعادلة تغيرت في فلسطين / العين علي السنيد
العين علي السنيد ( الأردن ) – الأحد 31/12/2023 م …
ترى كم من الوقت يحتاج الراعي الأمريكي وربيبه الاحتلال الإسرائيلي كي يتفهموا ان الفلسطينيين دخلوا في مرحلة حرب التحرير، والتي ستستمر على حلقات حتى الجلاء، وان المقاومة هي الخيار النهائي لهذا الشعب المعذب الذي يحرم من حقه في وطنه.
ومتى يدرك الامريكان ان الشعب الفلسطيني الذي بقي وحيدا تحت الاحتلال بعد تحرر كل شعوب الأرض سينشد حريته، واستقلاله، ولو فني عن بكرة ابيه، وان الفلسطينيين سيقاتلون حتى قيام دولتهم، والوصول الى حق تقرير المصير، ولن يستجدوا حياتهم من الصهاينة، وهم صامدون برغم كل الفظائع التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ، ويحتسبون الشهداء الذين يرتقون يومياً بالمئات رصيدا وطنيا كبيرا لفلسطين يظل يؤكد على شرعية وطنهم.
ولا شك ان الصراع الذي بدأ عقب مؤامرة الاحتلال التي تمت برعاية دولية تطور مع الأجيال الفلسطينية من مقاومة لا تتوفر لديها الا بنادق قليلة، وصولا الى المرحلة التي كانت تتم فيها المقاومة من خلال رمي الاحتلال بالحجارة، والى هذه المرحلة التي تمكنت فيها المقاومة الأسطورية في غزة من منازلة الجيش الإسرائيلي بكامل عدته وعتاده بأسلحة يتم تصنيعها محلياً، ولتتمكن من إيقاع الخسائر المتواصلة في هذا العدو الذي أصابه الخور، ودب الرعب في جنوده.
وبعد ان كسرت المقاومة عموده الفقري في غلاف غزة لم يجد الجيش الصهيوني من آلية لتحسين صورته امام الصهاينة سوى باستهداف الفلسطينيين العزل من خلال قصف الطيران المتواصل للأحياء والحارات والمنازل والعمارات السكنية، وارتكاب المجازر غير المسبوقة في التاريخ البشري، وايقاع اكبر كم من الخسائر في المدنيين لتقديمها كإنجاز للشعب الإسرائيلي الذي اصبح امام واقع يشي بتغير المعادلة التي اعطته ميزة التفوق لعقود خلت، والانتهاء من تلك المرحلة التي كان فيها الفلسطينيون ليسوا سوى رهائن للاحتلال لا حول لهم ولا قوة.
وهذا يعني ان المعادلة تغيرت في فلسطين مع تطور أساليب المقاومة، وان الفلسطينيين بإمكانياتهم العسكرية محلية الصنع، وبالتدريبات التي يقوم عليها عناصر من أبنائهم “وجلهم من ايتام المراحل السابقة” باتوا يواجهون الجيش الإسرائيلي ببسالة، وهم يحطمون صورته العسكرية امام العالم، وخاصة وان الأرض تقاتل معهم لأنها تعرف أصحابها، وسيتمكنون بإذن الله من تدمير معنويات هذا الجيش الغازي، وليس امام الاحتلال الا ان يعترف بتغير موازين القوى، وان يرضخ لحق الشعب الفلسطيني في السيادة على ارضه،
فالإسرائيليون الذين وجهوا نحو غزة -وكأنها قارة او دولة عظمى- جيشاً مدججاً بكل صنوف الأسلحة، والذي تم امداده بالقذائف، وفتحت له مخازن السلاح من قبل العديد من الدول الكبرى، والذين أيضا قدموا آلاف الجنود للقتال معه، وكذلك بعض الخبرات العسكرية المساندة.
وتم دعم هذا الاحتلال بالبوارج الغربية لتأمين المياه الاقليمية، ومنح الغطاء السياسي في الأمم المتحدة، وكل ذلك، ورغم استنفار المجتمع الإسرائيلي بكل طاقاته خلف العدوان، واقتراب الحرب من دخول شهرها الرابع الا ان الفلسطينيين المؤمنين بحقهم التاريخي في وطنهم، وبمطلبهم العادل في التحرر الوطني، والسيادة فوق ترابهم الوطني تمكنوا من منازلة هذا العدو، وهم يكبدونه الخسائر الفادحة في الجنود والعتاد على الرغم مما قدموا إزاء ذلك من تضحيات جسام.
ولأن حكم التاريخ لا يتغير، فان الصهاينة لن يستطيعوا الاحتفاظ بحقهم في الحياة على حساب حياة ملايين الفلسطينيين، ولن يربحوا دولة مهما مر الزمن في مقابل تشريد الشعب الفلسطيني، وستبقى دوامة الموت تحكم حلقات هذا الصراع حتى تنتصر الشرعية، ويصحو ضمير العالم.
التعليقات مغلقة.