إغتيال صالح العاروري…إسرائيل تلعب بالنار مجدداً / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – الثلاثاء 2/1/2024 م …
السؤال الشائع الذي يتردد في العديد من الدوائر العربية والغربية، ولا يغيب عن مخيلة أحد من أبناء هذا الوطن: إلى أين تتجه الأوضاع في غزة ، وما هي أخر التطورات هناك ؟!
فهذا السؤال حول مستقبل غزة أصبح مطروحاً بل وحاضراً في الأجندات الراهنة ومحدداً ضمن مسارات الأحداث من حيث التخطيط وان بدت معالمه واضحة ومؤكدة للبعض (انتصارات المقاومة الفلسطينية) التي حققت إنجازات كبيرة منذ بداية الحرب على قطاع غزة للدفاع عن فلسطين التي كانت تتعرض للكثير من المؤامرات واستطاعت أن تحبطها جميعها.
اليوم يتّخذ الإسرائيليون أشكالاً متعددة لتحقيق أهدافهم، فمن عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية إلى المجازر الجماعية التي باتت أوسمة تُعلّق على صدور القادة الإسرائيليين وجنودهم، وبمباركة الصمت العربي المخيف الذي نراه حالياً، حيث وصل الوضع إلى قمة الخزي والعار، وتجرد من كل معاني القيم والمبادئ الإنسانية.
إن حالة الرعب والقلق التي يعيشها الاحتلال الإسرائيلي بفعل التقارير الكثيرة التي تتحدث عن الصواريخ الموجودة لدى المقاومة الفلسطينية ومداها البعيد والتي قد تودي بإسرائيل إلى الزوال، فإن عيني رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير دفاعه شاخصة نحو قيادي المقاومة ، ومن جهتها تدرك إسرائيل بأنها لا تستطيع الصمود في حرب طويلة لافتقادها للعمق الاستراتيجي، ومن هنا تلجأ إسرائيل الى الاغتيالات المنظمة ،ولم تستهدف هذه الاغتيالات ذوي الرتب العسكرية فقط، إنما شملت الشخصيات القيادية ذات النفوذ خارج إطار المؤسسة العسكرية، وهو ما حصل من استهداف أعضاء أساسيين وبارزين في حركة حماس ” اغتيال القيادي صالح العاروري ” بواسطة مسيّرة إسرائيلية، استهدفت مكتباً تابعاً لحركة “حماس” في الضاحية الجنوبية لبيروت.
في هذا الإطار ومنذ الإعلان عن جريمة الاغتيال، تعيش إسرائيل وذيولها حالة متنامية من القلق والخشية غير المسبوقين، فالكيان الصهيوني متيقن من أن الرد آت لا محالة، ومفتقر في الوقت نفسه إلى معلومات حسية تقوده إلى تحديد مكان الرد وزمانه وحجمه وأسلوبه، الأمر الذي يطلق العنان لتقديرات وتنبؤات استخبارات واسعة، وهي في أغلبها تقديرات تشاؤمية مقلقة.
مما سبق يمكنني القول إن نتنياهو يلعب بالنار وأن جيش الاحتلال يتحمل نتيجة ما يرتكبه الآن، وإن للمقاومة الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها، فالحرب القادمة لا محالة و ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم إسرائيل وعملائها وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، كما أنها ستدفع بالقوى الدولية لإعادة النظر في حقيقة موازين القوى وسبل قياسها، فالمقاومة الفلسطينية لن تفاجئ تل أبيب في حجم ترسانة صواريخها وتنوعها فحسب، بل ستفاجأها أيضاً بأسلوبها وجهوزيتها القتالية على مستوى العدة والعديد.
إن المتتبع للشأن السياسي والعسكري في فلسطين ليس بحاجة الى قدرات عظيمة لإستشراف المصالح الإسرائيلية-الغربية في المنطقة بشكل عام، وفي غزة بشكل خاص، ولا نُجافي الحقيقة إذا قلنا بأن إسرائيل باتت على قناعة تامّة بأنّها أوهن وأعجز عن تحقيق طموحها في غزة، وهو السيطرة عليها، ومن هنا، باتت واشنطن تُخفّض من سقف رهاناتها لاستخدام اسرائيل كوسيلة لتحقيق مآربها في المنطقة، في حين يستعد “العلم الفلسطيني” ليرتفع في سماء كل المدن الفلسطينية.
ومما لا شك فيه يبدو أن إسرائيل أصبحت تلفظ أنفاسها الأخيرة، بهمة المقاومة وبهمة من لا يريدون أن تدنس أرض الانبياء والأولياء بأقدام أقزام الارهاب .. إسرائيل سوف لن تبقى منها الا ذكريات القتل والتدمير التي خلفتها طوال السنين العجاف ، ذكريات مزينة بلون الدم ورائحة الموت.
بالتالي يمكن النظر الى هذه الوقائع انها إشارة واضحة ودعوة للاستيقاظ، لذلك لا بد لإسرائيل بدلاً من اللعب بكرة النار التي قد تحرق أصابعها قبل غيرها، أن تبتعد عن لغة التهديد والوعيد وشن الهجمات ووقف الاستيطان، وأن تجنح الى لغة العقل والمنطق والسلام التي تدعوا اليها فلسطين، وذلك بابتداع لغة سياسية جديدة، تعترف إسرائيل بالواقع، وبأن الفلسطينيين متجذرون في هذه الأرض.
وأختم بالقول: إن كل هذه الحوادث لا تهز فلسطين لأنها دولة كالجبال، هدفها الرئيسي الدفاع عن الوطن، ولأن تلك الحرب التي تخوضها المقاومة ضد إسرائيل الارهابية هي مسألة حياة أو موت، فقد كان رجال المقاومة الفلسطينية بالمرصاد لكل من يعبث بأمن البلاد وسيادتها في كل زمان ومكان.
التعليقات مغلقة.