في المكان والتوقيت.. ما دلالات استهداف السفينتين الإسرائيليتين بالمحيط الهندي؟
الأردن العربي – الثلاثاء 9/1/2024 م …
إنّ استهداف سفينتين إسرائيليتين في المحيط الهندي يحمل في خلفياته رسائل ودلالات عسكرية وسياسية في التوقيت والمكان.. ما هي؟
استُهدفت باخرتان تابعتان للاحتلال الإسرائيلي تحملان كمية ضخمة من النفط في المحيط الهندي في الرابع من شهر كانون الثاني/يناير الحالي، بحسب ما أفادت مصادر الميادين.
الباخرة الأولى الإسرائيلية استُهدفت شمالي غربي جزر المالديف، واسمها “CHEM CILICON”، وهي تابعة لشركة “ACE”، وكانت ترفع علم ليبيريا.
أمّا الباخرة الثانية، فهي إسرائيلية واسمها “PACIFIC GOLD”، وهي تابعة لشركة استرن. وقد استُهدِفَت قرب مرفأ “كوتشي” في الهند.
هذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها استهداف سفن للاحتلال الإسرائيلي في المُحيط الهندي؛ ففي 23 كانون الثاني/يناير 2023، تعرّضت سفينة تجارية “مرتبطة بإسرائيل” ترفع علم ليبيريا لهجوم بطائرة مسيّرة في المحيط الهندي، على بعد 200 ميل من فيرافال الهندية، ما أدّى إلى اندلاع حريق على متنها.
لكن اللافت في استهداف السفينتين مطلع العام الجاري أنّه جاء بعد نحو 48 ساعة من استشهاد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” صالح العاروي (2 كانون الثاني/يناير) باعتداء إسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت، وبعد مرور أيام على استشهاد المستشار العسكري لحرس الثورة الإيراني العميد السيد رضي موسوي (25 كانون الأول/ديسمبر) باعتداء إسرائيلي على سوريا.
لذلك، فإنّ هذا الاستهداف، وعلى الرغم من عدم تبنّيه من أي جهة، يحمل في خلفياته رسائل ودلالات عسكرية وسياسية في التوقيت والمكان. ما هي؟
رسائل عسكرية
بحسب محلل الميادين للشؤون الأمنية والعسكرية شارل أبي نادر، فإنّ هذا الاستهداف، من الناحية العسكرية، “قد يكون رسالة من محور المقاومة مفادها أنّ لديه القدرة والإمكانيات العسكرية لتنفيذ تهديداته ضد الاحتلال الإسرائيلي دعماً لقطاع غزة”.
ووفق أبي نادر، فإنّ “قوى محور المقاومة لديها قدرات عسكرية في الطائرات المسيرة والصواريخ البحرية، وأيضاً في الصواريخ بعيدة أو قصيرة المدى”، مشيراً إلى أنّ طبيعة هذا الاستهداف قابلة لأن تكون عبر هذه الخيارات في القدرات المطروحة، بانتظار بيان رسمي في الأمر.
وأكّد للميادين نت، في هذا السياق، أنّ “قوى محور المقاومة أثبتت هذه القدرات في العديد من العمليات التي شُنّت ضد الاحتلال والقواعد الأميركية، وأيضاً في البحر الأحمر والمحيط الهندي، ضمن معركة طوفان الأقصى”.
رسائل سياسية
لناحية الرسائل السياسية، فهذا الاستهداف “يدخل ضمن إطار التزام محور المقاومة بالقضية الفلسطينية ومسار دعم غزة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية والدعم الغربي لها”، بحسب أبي نادر.
وأضاف للميادين نت أنّ “هذه المنطقة البحرية في المحيط الهندي لها دلالة مهمة وأساسية، لأنّ التأثير العسكري فيها بالتحديد سيكون داعماً لموقف محور المقاومة السياسي في هذه المواجهة”.
دلالات التوقيت
أمّا بشأن توقيت هذا الاستهداف عقب اغتيال القائدين موسوي والعاروري، فقد رأى أبي نادر أنّ هذا التوقيت هدفه “تثبيت ارتباط محور المقاومة في إطار مواجهة إسرائيل ودعم قطاع غزة، إذ إنّه يأتي ضمن هذا المسار، وليس منعزلاً عنه”.
وأوضح أنّ تداعيات هذا الاستهداف الاقتصادي في ظل الحصار اليمني المفروض على السفن الإسرائيلي في البحر الأحمر “قد تكون مؤلمة، لأنّها تضرب وتُخلّ باقتصاد الاحتلال وحركة تنقلاته وتأثيره في مجتمعه”.
لمحة عامة عن المُحيط الهندي
يقع المحيط الهندي بين آسيا وأستراليا وأفريقيا، وكذلك المحيط الجنوبي، إذ تحدّه من الشمال آسيا، ومن الغرب أفريقيا. أمّا من الشرق فتحدّه أستراليا. ومن جهة الجنوب، يحدّه المحيط الجنوبي.
يُغطي هذا المحيط نحو 20% من مساحة سطح الأرض، وهو من حيث الحجم يعادل تقريباً أكثر من 5 أضعاف حجم الولايات المتحدة الأميركية بأكملها، فهو ثالث أكبر محيطات العالم الخمسة (بعد المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي).
تكمن أهمية هذا المحيط الجيوبوليتيكية في أنّه يضم 4 ممرات من أهم المعابر المائية، هي قناة السويس (مصر)، وباب المندب (جيبوتي – اليمن)، ومضيق هرمز (إيران – عمان)، ومضيق ملقا (إندونيسيا-ماليزيا).
كما أنّ المحيط الهندي يُعدّ ساحة رئيسية لحركة النفط والبضائع من جميع أنحاء العالم، بحيث يمرّ عبره نحو 80% من النفط البحري في العالم، و9.84 مليار طن من البضائع، بحسب أحدث الدراسات.
أبعد من البحر الأحمر
وبعد تكرار استهداف السفن الإسرائيلية وتلك المتجهة إلى موانئ الاحتلال، يمكن القول إنّ المحيط الهندي أصبح، مثل البحرين الأحمر والعربي، كابوساً لهذه السفن، لأنّها ستكون عرضةً للاستهداف من جانب قوى محور المقاومة الذي يواصل دعمه وإسناده لقطاع غزة ومقاومته حتى النصر وفكّ الحصار عنه.
هذا الأمر دليلٌ آخر، بعد تردد الدول الأوروبية في المشاركة الفعلية فيه، على فشل ما يسمى تحالف “حارس الازدهار” الذي قادته الولايات المتحدة لحماية ملاحة السفن الإسرائيلية، ظنّاً منها أنّ ذلك سيردع القوات اليمنية أو قوى محور المُقاومة عن استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، إذ إنّ الرد على أنّها لن تردع أحداً من هذا المحور جاء أبعد منه؛ جاء من المحيط الهندي.
التعليقات مغلقة.