ديبارديو قايت ، فضائح جنسية بالجملة / أحمد الحباسى

 أحمد الحباسى* – الثلاثاء 9/1/2024 م …




* كاتب و ناشط سياسي …

سيخيب بكم الظن إن فكرتم أو سبح خيالكم في الأفق البعيد على أساس أن هناك صاحب سلطة يفكر فيكم أو يهتم لمصيركم أن يريد لكم التمتع بالديمقراطية و حرية التعبير أو يعطيكم الأمل في ما يسمى بالانتخابات الشفافة و التداول على السلطة . هذه أضغاث أحلام مجنونة و آمال معلقة في المجهول و انتظارات يائسة لن تحقق و لو بعد قرون في وطننا العربي المكبوت . مع ذلك لا تيأسوا إطلاقا من رحمة الله عسى أن يعوضكم خيرا و يبعد عنكم استبداد المستبدين و جبروت المتجبرين. لا تيأسوا لان الأمرّ من الهزيمة أمام حاكم مفرط في الاستبداد و الغرور و النرجسية هو الشعور بالعجز أو القدرة على المقاومة و هي أهداف سعى إليها ذلك الحاكم باستعمال كل أدوات التنكيل و الترهيب . لعلكم تتساءلون من فرط الغباء أو الإفراط في حسن النية عن الأسباب الوجيهة التي تجعل الحاكم العربي يهجر سبل الديمقراطية و السباحة في بحر حرية التعبير و يتغاضى عن حق رعيته في العيش الكريم و لعلكم لا تواصلون طرح السؤال لأنكم تعلمون علم اليقين مصير من سبقوكم في طرحه و كيف تشرفوا بزيارة من حملوهم وراء الشمس ليطول اختفاءهم و تطال الحيرة المكلومة أهاليهم .
ربما يخصص الحكام العرب بعض فتات الأموال البترولية أو المنهوبة من جيوب الشعب باسم الضرائب بدعوى نشر التعليم و محاربة الأمية و الجهل و لكن و بالمقابل لا يتورع هؤلاء على تحصين حكمهم الفاسد بسنّ القوانين و الأوامر العليّة و المراسيم المقصود منها تحجيم كل الأصوات المثقفة المتعلمة التي تطالب بالديمقراطية و حرية التظاهر و التعبير عن الرأي المخالف زائد تمكين المؤسسة الدينية الحليفة من حق تسليط كل أدوات الضغط على كل من تسوّل له نفسه التعرض بالهمز أو اللمز أو الاستهزاء أو الاستنكار لما يأتي من الأسياد الحكام الذين يخلعون على أنفسهم ألقابا تجعل من المسّ من هالتهم ضربا من الجنون و الزندقة و يزينون صدورهم بنياشين الاستحقاق و هم لم يرفعوا يوما صوتا ضد الاستعمار و الاحتلال و لم يقدموا للمحتل إلا آيات الطاعة و التبجيل . لاحظ معي كيف انحنى أغلب حكام العرب لأوامر السلطان الأمريكي الجائر حتى تعلق الأمر بنجدة إخوانهم الفلسطينيين و كيف تباروا فرادى و جماعات و هرولوا لممارسة التطبيع مع هذا الكيان في عزّ تقتيله لأبناء غزة المنكوبة .
لعل مصيبة الشعوب العربية لم تقتصر على ما تتعرض له من استبداد و إذلال من طرف كبار مسئوليها بل تعدّى ذلك إلى ركوب بعض عمائم الشرّ موجة دموية تكفيرية عاتية اتخذت تسميات متعددة ، جبهة النصرة ، حركة النهضة ، داعش ، بوكو حرام ، جبهة الإنقاذ ، حزب العدالة و التنمية، القاعدة في بلاد المغرب العربي الإخوان المسلمين، حركة أحرار الشام ،حزب التحرير تونس ،جيش الإسلام، الجبهة الإسلامية . يقال أن الدين هو أفيون الشعوب و لذلك ركبت عمائم الشر و من وراءها دكاكين السفارات و المخابرات المتآمرة و قوة المال البترولي موجة ما يسمى بالدعوة إلى الجهاد ضد من وقع نعتهم بالحكام الطغاة الذين خططت الولايات المتحدة و إسرائيل للتخلص منهم و أنزلت قائمة أسماءهم كل واحد منهم تحت ذريعة أو حجة معينة و مختلفة و كان من الغرابة بمكان أن تترك المخابرات الأمريكية نظام الرئيس المصري الراحل محمد حسنى مبارك لتنهشه ضباع الشر من رموز الإخوان و من والاهم من المتآمرين و العملاء .
حين يصل الأمر في تونس إلى تغول مافيا الاحتكار و الفساد و بيع الضمائر و المتاجرة بقوت الشعب حدّ قطع و إخفاء و احتكار كل المواد التموينية الأساسية و تتواصل الأزمة الخانقة لأكثر من أربعة سنوات من حكم الرئيس قيس سعيد الذي استحوذ على كل السلطات دون جدوى فلا بدّ أن نقرّ حسما أن هناك منظومة باتت ـأقوى من الدولة بل لنقرّ أنها مدعومة من لوبيات فساد نافذة في الإدارة و في القضاء و في الأمن و الأحزاب و هي منظومة باتت قادرة على تجويع الشعب و دفعه للعصيان المدني أو الهروب بحرا إلى بعض البلدان الأوروبية بحثا عن لقمة العيش و ربما يتحول البعض إلى باعة متجولين للمواد المخدرة و ممارسة الدعارة و أحيانا إلى ضحايا استقطاب من أجهزة مخابرات مختلفة . يقال أن الجوع كافر و بهذا المعنى تقوم عصابات الاحتكار و بعلم الدولة أحيانا بالتلاعب بالأسعار و بعمليات التزويد و هو استعمار لذهن المواطن و جيبه حتى يبقى مجرد شخص هشّ يسهل تطويعه للقيام بمقاولات مثل ممارسة الإرهاب أو بيع المواد المخدرة أو ضرب الاستقرار. من الواضح أن الاستعمار قد اتخذ أشكالا متعددة و من الواضح أن المواطن العربي هو مجرد فأر تجارب تجرّب فيه كل أساليب الاستبداد و الاحتكار و التكفير .

كشفت مجموعة من الفيديوهات و التصريحات و المقالات تورط الممثل الفرنسي جيرارد ديبارديو بجرائم جنسية مبتذلة و جديرة ببعض الأفلام الجنسية التي توفرها شبكات الدعارة العالمية و مافيا تجارة الرقيق الأبيض التي تنشط في عديد دول العالم و من بينها دول مشرقية مثل لبنان و الإمارات العربية المتحدة . قائمة المتضررات من تصرف هذا الممثل الماجن و المثير للاشمئزاز طويلة جدا لتشمل كثيرا من هؤلاء الفتيات الذين اعتبرن في وقت من الأوقات أن وقوفهن أمام هذا الممثل الشهير في بعض المشاهد السينمائية يمثل في حدّ ذاته حدثا لا يأتي في تاريخهن إلا مرة واحدة غير أن الرجل لم يكن يرى فيهن إلى مجرد فرائس طيّعة لإرضاء فسقه و مجونه كل ذلك على مرأى و مسمع من الشهود الحاضرين أثناء التصوير . خروج وقائع هذه الفضيحة المدوية في هذا الوقت ليس عفويا بل لنقل أنه يأتي في وقت تراجعت فيه شعبية الممثل بشكل كبير و بات عرضة لكثير من الهجومات التي تستهدفه في علاقة بالتهريب الضريبي .

فرنسا ليست بلد الحريات فقط بل هي بلد يمارس فيها الفساد الأخلاقي بكل أنواعه و فيها عصابات تمتهن تجارة المخدرات و الدعارة و هذه العصابات تلقى الغطاء من كبار السياسيين و الأمنيين و رجال المخابرات و في هذا المجال يمارس بعض الممثلين من الجنسين علاقات دعارة مفضوحة تتناولها صحف الإثارة بشبه يومي على غرار فضيحة الدعارة التي تورط فيها الممثل آلان دولون و المعروفة بقضية ماركوفيك الشهيرة و فضيحة الوزير السابق و رئيس البنك الدولي دومنيك ستراوس كان التي قضت على مستقبله السياسي بعد أن كان مرشحا رئاسيا جديّا . تاريخ الطبقة الفرنسية و فضائح كبار شخصياتها السياسية و الفنية و الإعلامية و الرياضية يعج بالأحداث و القصص المثيرة و ربما يصعب العثور على شخصية كبرى من هذه الشخصيات غير متورط في فضيحة جنسية و إخفاء ثمرتها على أعين صحافة الفضائح و على سبيل المثال فقد كشفت صحيفة بارى ماتش فضيحة ابنة الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران المدعوة مزارين بنجوت .

أن يكشف الإعلام فضيحة الممثل الفرنسي بعد أن قررت بعض المتضررات كشف المستور في علاقة بما تعرضن له منه من مداعبات و اغتصاب و كلام يندى لها الجبين فهذا متوقع لان الفضيحة تخرج حين يظن البعض أنها ماتت مع الوقت لكن الأمر المثير للغثيان أن يعلن الرئيس الفرنسي مانوال ماكرون مساندته المطلقة لهذا الممثل الفاسد و المجرم في تحدّ أثار مشاعر نساء فرنسا و طبعا نساء العالم بأسره بمن فيهن من يعشقن تمثيل هذا الفنان و من يرون فيه ” حيوان ” تمثيل . لعل موقف الرئيس الفرنسي لم يكن مفاجأة للبعض الذين يرون في هذا الرجل شخصا فاقدا للإنسانية و الشهامة لم يتورع عن إعلان مساندة وقحة لإسرائيل و للقيادة الصهيونية التي تمارس القتل بدم بارد ضد الشعب الفلسطيني و إذا كان هذا الرئيس لا يخجل من ممارسة الدعارة السياسية فكيف له أن لا يكون مساندا لمن يمارس الدعارة الجنسية .

ربما هناك من شعر بعد فوات الأوان أن فضيحة الممثل الفرنسي لن يتم التعتيم عليها و قبرها في المهد لذلك نرى كثير من هؤلاء يتراجعون سريعا عن مواقفهم المخجلة المساندة لهذا الممثل الوقح المجرم خاصة بعد أن عبرت كثير من الأقلام الجادة و المنظمات النسائية في فرنسا و في كل بلدان العالم عن امتعاضها و سخطها و نادت بسرعة محاسبة الفاعل و طالبت بالتوازي كل من انتهك الرجل شرفهن بسرعة الخروج للعلن لتقديم شهادتهن و المطالبة بالقصاص القضائي . هى فضيحة بجلاجل كما يقول الإخوة في المشرق و ” ديبارديو قايت ” فرنسية أخرى تضاف إلى سلسلة الفضائح الجنسية الفرنسية التي تعودنا عليها من بلد بات مسرحا لكل أنواع الفساد و العهر و الخيانة و اللانسانية . لعله من نكد الدهر أن يدعى هذا الممثل الفاسد إلى مهرجان ” الجونة ” بمصر و أن يبسط له السجاد الأحمر و يسمح له بالتنقل و ربما بالقيام ببعض ممارسته الجنسية الهابطة خاصة أن الرجل قد تعوّد على ذلك دون حمرة خجل و من الصدف الساخرة أن يتم التفكير و الإعلان عن نية بعض المخرجين تكليف هذا الرجل بتصوير فيلم حول الفضيحة الجنسية لرئيس صندوق النقد الدولي السابق دومينيك ستراوس كان و هو ما يمثل قمة الكوميديا السوداء في هذا الزمن الرديء

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.