يا للعجب … (بلينكن) يعزي (وائل الدحدوح)!! / سماك العبوشي
سماك العبوشي ( العراق ) – الخميس 11/1/2023 م …
قيل قديما: “إن لم تستح فاصنع ما شئت”!!، ولقد تطور هذا المثل في القرن الحادي والعشرين، وتحديدا في ظل وأجواء العدوان المستمر على غزة العزة فتطور الأمر بذاك المثل وأصبح: “إن لم تستح فاصنع أو صرّح بما شئت”!!
“إن لم تستح يا هذا فصرّح بما شئت”!!
مقولة تمنيت أن أصرخ بها بوجه انتوني بلينكن – وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية – عقب رده على سؤالوجهه اليهأحد الصحفيين أثناء مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري في الدوحة بالأمس، عن انطباعه ورأيه بمقتل حمزة الدحدوح (وهو نجل السيد وائل الدحدوح مراسل الجزيرة في غزة)، حيث أبدى سعادة الوزير ألمه وعمق أسفه لهذا الحدث، قائلا وأقتبس نصا: “أنا آسف جداً جداً على الخسارة التي لا يمكن تخيلها التي عانى منها زميلكم الدحدوح، أنا والد أيضاً لا أستطيع أن أتخيل المعاناة التي عاشها ليس مرة واحدة بل مرتين”.. انتهى الاقتباس!!!
هكذا وبمنتهى برودة الأعصاب والهدوء والصفاقة يجيب انتوني بلينكن!!
وأتساءل بدوري:
أستحلفكم برب العزة والجلال …
هل رأيتم أو سمعتم يوما قبحا وسماجة وتفاهة منطق أكبر وقعا وأكثر سفاهة وسخفا مما أجاب به أنتوني بلينكن!!؟
هكذا بمنتهى البساطة وبرودة اعصاب وصفاقة وجه لا مثيل لها، يُعرب وزير الخارجية الأميركي عن عميق إنسانيته، ويُعبّر عن لطف مشاعره ورفاهة ورقة أحاسيسه، ويبدي أسفه العميق لوائل الدحدوح لمصابهالجلل بفقدانه نجله حمزة بقصف همجي بربري من مُسَيّرة إسرائيلية، مرسلا تعازيه تلك وعبر الأثير من منصة مؤتمره الصحفي!!، فصدق عليه المثل المصري القائل: يقتل القتيل ويمشي بجنازته!!
أجل ورب الكعبة … فهو كمن قتل القتيل ثم جاء ببرودة أعصاب معزيا مواسيا أهله بمقتله!!!
لقد نسي أو تناسى صفيق الوجه، بليد المشاعر، عديم الاحساس هذا، أن عائلة وائل الدحدوح الكريمة والمرابطة كانت قد استشهدت على أرض غزة العزة بوجبتين اثنتين، بفعل الصواريخ والقنابل الامريكية التي زودت بها إسرائيل في عدوانها الغاشم والوحشي المستمر على غزة العزة!!
وأعود للتساؤل مجددا:
أيبدو لكم بلينكن أنه غبي، أم أنه يحاول أن يتغابى، أو ربما يحاول أن يتذاكى علينا من خلال استغفالنابإجابته الخاوية تلك!؟
ألم يتفكر قليلا ويستعرض أحداث غزة وما جرى لها ولأبنائها ومن المسبب في ذلك قبل أن يجيب برده ذاك!؟
ما الذي يعنيه قيام دولته بتزويد إسرائيل بمعدات القتل والتدمير الجاري في غزة والتي راح ضحيتها آلاف الشهداء ومنهم عائلة وائل الدحدوح رحمهم الله!؟
وما الذي يعنيه غض طرف دولته عن عدوانية إسرائيل تجاه شعب محاصر يدافع عن كرامته وحريته،وتسخير إعلامها لتشويه وتزييف الحقيقة كاملة!!؟
وما الذي تعنيه استماتة دولته بالدفاع عن إصرارواستمرار (مدللتها) إسرائيل اقتراف الابادة الجماعية في غزة أمام المحافل الأممية والدولية، علاوة على نقضها المستمر لأي قرار إدانة قد يصدر بحقها!!؟
آلاف الشهداء، وعشرات الآلاف من الجرحى، ودمار هائل في قطاع غزة، وأكثر من مليوني شخص في القطاع بلا ماء ولا غذاء، كل هذا لم يحرك لدى إدارته الأميركية ساكنا لتدعم قرارا بمجلس الأمن الدولي لوقف حرب وحشية متواصلة على القطاع منذ أكثر من 90 يوما، ثم يظهر بلينكن على منصة مؤتمر صحفي ليعلن عن أسفه لاستشهاد حمزة ابن المراسل وائل الدحدوح!!
ألا يعني هذا أنها شريكة متضامنة مع إسرائيل، وأنها متواطئة معها مع سبق الإصرار والترصد، وأن ما جرى من قتل وتدمير في غزة إنما قد جرى تحت أنظارها وبرعايتها وإسنادها!!
ثم …
ما الذي يُستشف من قيام وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية بخمس زيارات متعاقبة لإسرائيل منذ بدء عدوانها الوحشي البربري حتى يومنا هذا وما أسفر عنه من سقوط نحو 23 ألف شهيد و58 ألفا و416 جريحا، معظمهم من الأطفال والنساء، ودمار هائل بالبنية التحتية، وكارثة إنسانية غير مسبوقة، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية!!؟
ما الذي يُفهم من قيام هذا الصفيق بليد الأحاسيس باجتماعه بمجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي في كل زيارة له لتل أبيب، مشاركا أعضاء المجلس نقاشاتهم وآراءهم بكيفية ذبح وقتل أبناء غزة، مستمعا منهم لآخر تطورات عمليات الإبادة الجماعية الجارية على قدم وساق على أرض غزة، ولا أستبعد مطلقا من أنه قد شاركهم بمناقشة ما يجب أن يجري على غزة، وأنه أبدى لهم مقترحاته بكيفية تعزيز وتشديد القصف الوحشي على أبناء غزة للإيقاع بأكبر الخسائر بين صفوفهم!!، هذا كما ولا أستبعد منه أيضا أن يكون مَنْ اقترح عليهم خدعة الممرات الآمنة لإجلاء الفلسطينيين ونزوحهم من شمال إلى جنوب غزة أثناء اشتداد القصف الوحشي على شمال غزة، فإذا بها كانت خدعة كبيرة للإيقاع بأبناء غزة أثناء سلوكهم لتلك الممرات التي أعلنت عنها قوات الاحتلال، فتم قصفهم بوحشية متناهية وسقط آلاف الشهداء والجرحى والمصابين بين صفوفهم في تلك الطرقات والممرات ( الأمنة )!!
ربما تناسى صفيق الوجه هذا أنه بزيارته الأولى لتل أبيب بعد عدوان جيش الاحتلال على غزة قد اعترف على نفسه وأدانها ووصفها بالانحياز المطلق لإسرائيل حين وقف معلنا أمام رؤوس الأشهاد متباهيا متفاخرً بأنه يزور إسرائيل باعتباره يهوديا وليس كوزير أمريكي!!
بعد كل ذلك … ألا يعني هذا لكل ذي لب أنه تواطؤ مباشر من الولايات المتحدة الامريكية على استمرار الإبادة الجماعية التي اقترفتها إسرائيل بحق شعب فلسطين في غزة الصمود!!؟
وأخيرا … وليس آخرا، وكي تكتمل فصول مسرحيته التهكمية المثيرة للسخرية والتندر والتهكم ما نشر في الانباء مؤخرا عن تأكيد بلينكن للنتن ياهو بضرورة وأهمية “تجنب المزيد من الأضرار للمدنيين وحماية البنية التحتية المدنية” في غزة!!
قال تعالى: “قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ”…(المائدة: 60).
التعليقات مغلقة.