متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الرابع والخمسون / الطاهر المعز

الطاهر المعز ( تونس ) – السبت 13/1/2024 م …




يحتوي العدد الرابع والخمسون من نشرة “متابعات” الأسبوعية على ثلاث فقرات تتعلّق بالعدوان الصهيوني على فلسطينِيِّي غزة للشهر الرابع على التّوالي، بدعم امبريالي ورجعي عربي، وفقرة عن انتخابات مصر الشكلية وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية مباشرة بعد هذه الإنتخابات الصُّورِيّة، وفقرة عن تجديد عقد إحدى القواعد الأمريكية بقَطَر وهي أكبر قاعدة عسكرية جوية أمريكية بِالمنطقة، وفقرة عن تقرير البنك العالمي بعنوان “آفاق الإقتصاد العالمي سنة 2024” وفقرة عن إضراب أطباء الصّحّة العمومية في بريطانيا، وهو ليس الإضراب الأول، ولكنه الأكبر والأشْمَل، وفقرة عن فَشَل الولايات المتحدة وأوروبا في إطلاق “ثورة مُلَوّنة” بصربيا بعد الإنتخابات التي فاز بها المُرشّح المُعارض لحلف شمال الأطلسي، وفقرة عن نشر الولايات المتحدة الأسلحة النّوَوِية بأوروبا وتعريض شعوبها للمخاطر…

 

في جبهة الأعداء – 1 : المرتزقة في غزة

أصبح المرتزقة جزءًا من القوات الإمبريالية الغازية والمُحتلّة لأوطان الشعوب الأخرى خلال القرن الواحد والعشرين منذ بداياته خلال احتلال أفغانستان سنة 2001 والعراق سنة 2003 والحروب العدوانية التي تلتها، وتراوحت قوات المرتزقة بين الجنود المحترفين مثل مرتزقة بلاك ووتر في العراق ومليشيات الدّين السياسي في سوريا، وشملت مشاركة المرتزقة كافة حروب القرن الواحد والعشرين، بما في ذلك العدوان المُستمر ضد الشعب الفلسطيني الذي قاده جنود من 37 دولة خلال النّكبة (1947 – 1949) ويُشارك بتنفيذه مرتزقة من دول عديدة سنة 2023/2024 في غزة، وفق صحف أوروبية وأمريكية وصهيونية…

أكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مُشاركة آلاف المُرتزقة القادمين من روسيا وأوكرانيا بصفوف الجيش الصهيوني، من بينهم مئات الجنود الأوكرانيين الذين أُصِيبوا خلال المعارك بين جيشَيْ أوكرانيا وروسيا وتلقّوا العلاج بمستشفيات فلسطين المحتلة ثم انخرطوا في صفوف الجيش الصهيوني ويُشارك المئات منهم في العدوان الحالي حيث قُتِلَ سبعة منهم خلال المعارك مع فصائل المقاومة في حي الشجاعية، وقَدّرت بعض وسائل الإعلام الفرنسية عدد المرتزقة الفرنسيين بالجيش الصهيوني – بين حاملي الجنسية المُزدوجة ومناضلي اليمين المتطرف – بنحو أربعة آلاف، وطالَبَ البرلماني الفرنسي، توماس بورتس، بمحاكمة وإدانة كل من شارك في العدوان على الفلسطينيين في غزة وهدّدت وزارة خارجية جنوب أفريقيا مواطنيها المُشاركين في هذا العدوان بالمحاكمة وسحب الجنسية، وأظْهَرت أشرطة مُصَوّرَة في غزة وجود مرتزقة من العديد من البلدان، منها الولايات المتحدة ولإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وبلجيكا والنمسا وألمانيا وأوكرانيا وروسيا وجنوب إفريقيا والبرازيل والأرجنتين…

يضم الجيش الصهيوني مرتزقةً محترفين شاركوا في حروب سابقة (أمريكية وأطلسية بشكل أساسي) ومرتزقة “متطوعون” من يهود الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا – خصوصًا خلال السنتَيْن الأخيرتَيْن، منذ بداية الحرب في أوكرانيا – ومن بريطانيا وفرنسا وغيرها أو من غير اليهود من بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، يتم تجنيدهم – مقابل رواتب “مُحْتَرَمَة” – عبر منظمات صهيونية ( منها “ماحل”) متخصّصة في الدّعاية وفي تصميم وتنفيذ حملات التجنيد، أو عبر المنظمات الإنجيلية والصهيونية المسيحية، وفق تقرير صادر عن وحدة البحث والمعلومات في «الكنيست»، وقُدِّرَ عدد المُشاركين من المرتزقة في العدوان على غزة (2023/2024) بما بين 4600 وستة آلاف جندي مرتزق، معظمهم في الخطوط الأمامية من المرتزقة المحترفين أو من المرتزقة “العَقائدِيِّين” المُتأثِّرِين بالإيديولوجية الإستعمارية الصهيونية.

 

في جبهة الأعداء 2

أدّت العملية الفدائية للمقاومة الفلسطينية، يوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، إلى مغادرة حوالي نصف مليون مُسعْمِر/مُسْتَوْطِن، بصورة مؤقتة أو نهائية، وإلى استدعاء 360 ألف من جنود الإحتياط، وإلى مُغادرة آلاف العُمّال من جنوب شرق آسيا الذين يعملون في قطاعات مختلفة، منها رعاية المسنين والمعاقين أو الزراعة أو البناء أو المطاعم والفنادق أو الصناعة والزراعة، وغادر عشرة آلاف من عُمّال الزراعة التايْلندِيِّين فلسطين المحتلّة بسبب الأوضاع الأمنية، فضلا عن إلغاء تصاريح عشرات الآلاف من العُمّال الفلسطينيين، ولجأت الحكومة الصهيونية إلى الأنظمة “الصّديقة” في إفريقيا، مثل كينيا وإيسواتيني (سوازيلاند السابقة) وليسوتو ومالاوي، لتَوْرِيد عُمّال البناء والزّراعة، المحرومين من الرعاية الطبية والسكن اللائق و يتعرضون للعديد من المخاطر المتعلقة بالسلامة والصحة، مثل المبيدات الحشرية، كما يعملون في المناطق المستهدفة بإطلاق الصواريخ، دون ملاجئ ما أدّى إلى وفاة العديد من العُمّال المتواجدين بالقرب من مناطق القتال، وعلى سبيل المثال أفادت وسائل إعلام تايلندا إن 39 عاملاً زراعيًا تايلانديًا قُتِلَ وتم الإبلاغ عن 25 مفقود تايلندي يوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023،

حافظت كل من كينيا وأُوغندا ومالاوي وإيسواتيني (سوازيلاند السابقة) وليسوتو على علاقات دبلوماسية متواصلة مع الكيان الصهيوني، حتى أثناء الحَظْر الذي أقَرّتْهُ منظمة الوحدة الإفريقية (الإتحاد الإفريقي حاليا) بعد حرب 1973، ويمكن لمواطني مالاوي دخول فلسطين المحتلة دون تأشيرة، وتوطّدت العلاقات خلال فترة رئاسة لازاروس شاكويرا، منذ 2020، وهو من عملاء الإمبريالية الأمريكية الأوْفِياء، ومن المسيحيين الإنجيليين الصهاينة، فأمر بنقل سفارة مالاوي من تل أبيب إلى القدس، واتّسمت فترة رئاسته (التي لا تزال مستمرة) بأزمة اجتماعية واقتصادية حادّة تميزت بِفَرْض سياسات التّقشّف وخفض الإنفاق الحكومي وبارتفاع كبير في أسعار المنتجات الغذائية والعلاج والطاقة، وبنقص احتياطي العملات الأجنبية وانخفاض قيمة العُمْلَة المحلية بنسبة 44% خلال الرّبع الأخير من سنة 2023 ولذلك يعتبر البُؤساء والمُعَطّلون عن العمل أن السّفر إلى فلسطين المحتلة للعمل فرصة لتحسين وضعهم، رغم غموض برنامج التوظيف، وقَدّمت السّلطات الصّهيونية رشوة لحكومة مالاوي بقيمة ستين مليون دولارا مقابل إرسال آلاف الشّبّان الذين تتراوح أعمارهم بين 23 و34 عامًا ويتم إقراض هؤلاء الشبان مبلغًا يُعادل 620 دولارا ثَمَنًا لتذكرة الطائرة، يُسدّدونه خلال عامَيْن من العمل من السادسة صباحًا إلى الثالثة بعد الزوال، مع ساعات إضافية إجبارية.

 

من تداعيات العدوان

دعمت بعض الشركات العابرة للقارات العدوان الصهيوني المستمر على فلسْطِينِيِّي غزة، ما أدّى إلى انتشار الدّعوات لمقاطعة منتوجاتها، ومنها سلاسل الوجبات السريعة وغَيْر الصّحّيّة – ومعظمها أمريكية المَنْشَأ – من بينها ماكدونالدز وستاربكس وكوكاكولا وبيبسي كولا وغيرها، وفي باب مُقاطعة الشركات الدّاعمة للعدوّ الصّهيوني أعلن الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز، يوم الخميس الرابع من كانون الثاني/يناير 2024، إن لمُقاطعة منتجات الشركة تأثير ملموس على المبيعات في عدد من الأسواق العربية وغير العربية واعتبر إن السبب هو “نشر معلومات مُضَلِّلَة” حول الشركة “بخصوص الصّراع الدّائر في الشرق الأوسط “، وكانت الشركة قد أعلنت في بداية العدوان تقديم آلاف الوجبات المجانية لأفراد الجيش الصّهيوني، وانتشرت المقاطعة في البلدان العربية التي لها علاقات مباشرة مع الكيان الصهيوني، مثل مصر والأردن والمغرب، وكذلك خارج بلدان الوطن العربي ومن بينها ماليزيا وإندونيسيا ذات الكثافة السّكّانية بأغلبية مسلمة، ما جعل أصحاب حق امتياز العلامة التجارية ماكدونالدز ببعض البلدان الإسلامية يَتَبَرّؤون من هذا التصرف بسبب تأثير المقاطعة على إيرادات مَحَلاّت ماكدونالدز التي مَنَحت (سنة 2022) حقوق امتياز وتشغيل لحوالى 40275 مطعما في أكثر من مائة دولة، وبلغت إيراداتها السنوية 23,18 مليار دولارا، سنة 2022، بربْحِيّةٍ عالية…

في مجال الطّاقة، صعدت أسعار النفط مع تصاعد المخاوف بشأن إمدادات الخليج وتوقف الإنتاج في حقل نفطي في ليبيا، وتصاعد عمليات المقاومة اليمنية ، وتراوح سعر البرميل بنحو 3% خلال يوم واحد، كما ارتفعت أسعار الشحن البحري بشكل كبير بعد الهجوم الصاروخي للمقاومة اليمنية ومحاولة احتجاز سفينة تابعة لشركة ميرسك في البحر الأحمر، ضمن سلسلة من الهجمات المتكررة على السفن، ما تسبّب في تأخير تسليم البضائع وتغيير مسار السفن، مما أدى إلى زيادة زمن الرحلة وارتفاع تكاليف الشحن إلى أكثر من أَلْفَيْ دولار لكل حاوية بطول 12 مترًا، وإلى تعليق بعض الشركات خطط استئناف عبور البحر الأحمر وقناة السويس، وتأثرت الولايات المتحدة بشكل خاص، حيث تمر نسبة 30% من البضائع التي تصل إلى الساحل الشرقي الأمريكي عبر قناة السويس، ولذلك تُخَطّط الشركات لتحويل بعض الشحنات إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة كبديل مرتفع الثمن لأن هذا التغيير يؤدي إلى ارتفاع أسعار الشحن إلى السواحل الأمريكية، ما يُعَدُّ تحديًا جديدًا للقطاع اللوجستي والشحن البحري في ظل استمرار العدوان الصهيوني… من ناحيتها أعلنت شركة ميرسك الدنمركية، يوم الخميس الرابع من كانون الثاني/يناير 2023، تغيير مسار أربع سفن حاويات من أصل خمس كانت عالقة في البحر الأحمر لتعود صوب قناة السويس وتقطع الرحلة الطويلة عبر طريق رأس الرجاء حول أفريقيا لتجنب خطر هجمات المُقاومة اليَمَنِيّة التي أحدثت اضطرابات في حركة التجارة العالمية وارتفاع أسعار الشحن…

أطلقت الولايات المتحدة – جريًا على عادتها التي اقتضت عَسْكَرَةَ السياسات الخارجية والعلاقات الدّولية – يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 2023، مشروع تأسي قوة عسكريّة متعدّدة الجنسيات، في البحر الأحمر والخليج العربي، بذريعة “حماية الأمن القومي الأمريكي وحماية التّجارة الدّولية”، لكن تحَفّظت العديد من شركات الشحن والتّجارة الدّولية على هذا الحلّ العسكري واستمرت في تغيير مسار السفن لتعبر رأس الرجاء الصالح (جنوب إفريقيا) ومن بينها شركة ميرسك الدّنماركية العملاقة المُتخصصة في نقل النّفط والحاويات التي تعطّلت بعض سُفُنها في البحر، وقرّرت هذه الشركة خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2023 زيادة رُسُوم إضافية بنحو 700 دولار لكل رحلة من جنوب آسيا إلى شمال أوروبا، عبْرَ طريق رأس الرجاء الصالح…

يمر نحو ثلث الشحنات المنقولة بسفن الحاويات على مستوى العالم عبر قناة السويس، ومن المتوقع أن تصل تكلفة الوقود المستخدم لتغيير مسار السفن لتمر حول الطرف الجنوبي لأفريقيا إلى مليون دولار إضافي لكل رحلة ذهاب وعودة بين آسيا وشمال أوروبا، وفقًا لوكالة “رويترز” بتاريخ 04 كانون الثاني/يناير 2024

 

مصر

لم يزدهر الإقتصاد المصري جراء التطبيع كما ادّعى أنور السّادات، بل تراجعت مكانة مصر في إفريقيا وآسيا وفي الوطن العربي، وتدهوَر الوضع الإقتصادي، وبقيت السيادة المصرية منقوصة في سيناء وبالخصوص في الأراضي المُحاذية لقطاع غزة والنّقب، جنوب فلسطين، وازداد حجم الضّرر بفعل العدوان الصهيوني على فلسطينِيِّي غزة وانخفاض حركة النقل التجاري البحري عبر قناة السّويس، ما زاد من أزمة اقتصاد مصر وتتمثل بعض جوانبها في انخفاض قيمة العُملة المحلية (كأحد شروط قُرُوض صندوق النقد الدّولي) إلى 53 جنيها مقابل الدّولار الأمريكي (كان الدولار يُعادل سبع جنيهات سنة 2011) وارتفاع نسبة التّضخّم إلى 40% بنهاية سنة 2023، ما يُؤثّر سَلْبًا على الحياة اليومية للمواطنين بفعل انخفاض القيمة الحقيقية للأجور وعدم مجاراتها لارتفاع السّلع الأساسية الضّرورية مثل الكهرباء والأرز والسكر والخضروات وشُحّ العديد من السلع الأخرى والخدمات مثل التيار الكهربائي والأدوية والسلع المُستورَدَة، نظرًا لنقص العملة الأجنبية الضرورية للتوريد ولسداد الدُّيُون الخارجية التي بلغت حدًّا قياسيا وارتفع بالتالي حجم الحصص التي حان أجل سدادها، وأهمها قُرُوض المؤسسات المالية مثل صندوق النّقد الدّولي ومَشْيَخات الخليج، وقد يُؤَدِّي نقص مخزون العملات الأجنبية إلى خفض حجم السلع المستوردة، ومنها القمح، وإلى التخلّف عن سداد الديون وفوائدها، التي ارتفعت وفاق حجمها نصف قيمة ميزانية الدّولة التي اضطرت إلى بيع حصصها بالشركات العمومية (كُلِّيًّا أو جزئيا) للمستثمرين الأجانب، أملاً في جمع السيولة الكافية للتوريد ولسداد الدّيون، بعد انخفاض عائدات الصادرات ( بما فيها صادرات الغاز الطبيعي ) والسياحة، ولجأت الدّولة إلى زيادة الضرائب وإقرار ضرائب جديدة، أملا في حل أزمة مستمرة منذ عُقُود…

بعد الإنتخابات الرئاسية التي كانت نتيجتها محسومة سَلَفًا، يواجه الشعب المصري موجة جديدة من ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز والمياه والاتصالات والنّقل والخدمات الإدارية والحكومية، بداية من يوم الثاني من كانون الثاني/يناير 2024، وتراوحت زيادة أسعار شرائح الكهرباء بين 16% و26%، رُضُوخًا من الحكومة لصندوق النّقد الدّولي الذي يشترط منذ نيسان/ابريل 2023 الموافقة على قرض بقيمة ثلاث مليارات دولارا، بوضع جدول زمني محدد لرفع الدعم نهائياً عن الكهرباء والطاقة، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة في الأسواق العالمية، وتراجع قيمة العملة المَحَلِّية ( الجُنَيْه) أمام الدولار من 18 جنيهاً إلى 31 جنيهاً للدّولار الأمريكي الواحد، وقررت الحكومة طَرْحَ ثلاث محطات توليد الطاقة الكهربائية تعمل بالغاز والرياح والشمس للبيع ضمن برنامج بيع الأصول العامة، قبل حزيران/يونيو 2024، أملاَ في جمع ثلاث مليارات دولار من بيعها، ويُتوقّع أن تتكَرّر زيادة أسعار الكهرباء والغاز (بما في ذلك غاز الإستخدام المنزلي) مرتين خلال العام 2024، فيما يتم توجيه جزء من الغاز المنتج محلياً للتصدير إلى الأسواق الدولية… كما ارتفعت أسعار تذاكر قطار الأنفاق بين 15% و20%، مع تقليص خدمات الاشتراكات الشهرية المخفضة للجمهور، وذلك للمرة الثانية خلال 4 شهور، ما قد يزيد من ارتفاع معدلات التضخم الأساسي التي قاربت 40% بنهاية العام 2023، وارتفعت أسعار الإتصالات بنسبة تراوحت بين 14% و 33%، وتُعَدُّ الارتفاعات الجديدة في أسعار الطّاقة والكهرباء والنقل والإتصالات والخدمات جزءًا من الإصلاحات الهيكلية التي تجريها الحكومة لسَدّ عجز الموازنة، استجابة لشروط صندوق النّقد الدّولي، وتأمل الحكومة أن يُمَكِّنها قرض صندوق النقد الدّولي من اقتراض ما يصل إلى 12 مليار دولارا من المُقْرِضين الآخرين، ليرتفع الدّيْن الخارجي البالغ بنهاية شهر أيلول/سبتمبر 2023 نحو 164,5 مليار دولارا، ولذلك تُعِدُّ الحكومة قائمة مُحْدَثَة بالشركات الحكومية المقرر طرحها للبيع من بينها المطارات والاتصالات والتأمين والخدمات المصرفية، كما وافق مجلس النواب المصري، يوم الأربعاء 03 كانون الثاني/يناير 2023، على تمليك الأراضي الزراعية والعقارية والصحراوية للمستثمرين الأجانب… (دولار أمريكي واحد = 31 جنيهًا يوم الإربعاء الثالث من كانون الثاني/يناير 2024 )

 

قَطَر مُستوطنة عسكرية أمريكية؟

للجيش الأمريكي قاعدتان عسكريتان (“السِّيلِيّة” و “العِديد” ) تُعادل مساحة قاعدة “العديد” الجوّيّة نصف مساحة مَشْيَخَة قَطَر، وتقع في الصحراء جنوب غرب الدوحة وتستضيف أكبر منشأة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وتمتلك دول أخرى قواعد عسكرية في قطر مثل فرنسا – التي ساعدت استخباراتها العسكرية حَمَد، والد تميم، على الإنقلاب على أبيه سنة 1995 – وتركيا، عضو حلف شمال الأطلسي وراعي الإخوان المسلمين، وأعلنت شبكة “سي إن إن” التلفزيونية الأمريكية، يوم الثلاثاء 02 كانون الثاني/يناير 2024، إن الولايات المتحدة قَرّرت تمديد وجودها العسكري في القاعدة الجَوّيّة القَطَرِيّة “العِدِيد” لعشر سنوات أخرى، وتلعب دُوَيْلَة قَطَر في تمويل المجموعات الإرهابية التي خرّبت بعض الجمهوريات العربية، من بينها ليبيا وسوريا واليمن، ودَفَعت أموالاً (بعنوان فِدْيَة) لإطلاق سراح رهائن أمريكيين في عدد من مناطق العالم، منها إيران وفنزويلا، وإطلاق سراح أَسْرى صهاينة لدى المقاومة الفلسطينية، وأنشأت مشيخة قَطَر قناة الجزيرة السّمْعِيّة- البَصَرِيّة التي تستضيف باستمرار قادة عسكريين للجيش الصهيوني لِيَنْشُرُوا الدّعاية الإستعمارية الصّهيونية في كل بيت عربي، ولذلك سَمِحَ الصهاينة باعتماد مراسلين قارّين لقناة الجزيرة بفلسطين المحتلة…

تُعْتَبَرُ قَطَر – كما بعض الدّول العربية الأخرى – حليفًا رئيسيًّا للولايات المتحدة من خارج الناتو، وهو التصنيف الذي تمنحه الولايات المتحدة للحلفاء المقربين من خارج الناتو الذين لديهم علاقات عمل استراتيجية مع الجيش الأمريكي، وكانت ولا تزال قَناةً أمريكية للتفاوض مع “طالبان” أو “حماس” أو لعقد صفقات تبادل أسْرَى وتسديد مبالغ في شكل “فِدْيَة”…

 

اقتصاد عالمي:

نشر البنك العالمي، يوم الثلاثاء التاسع من كانون الثاني/ يناير 2024، تقريرًا بعنوان ” آفاق الإقتصاد العالمي” يُشير إلى تباطُؤ نمو الإقتصاد العالمي للسنة الثالثة على التّوالي، وعدم تجاوز مُعدّل نُمُوّ الإقتصاد العالمي (الناتج الإجمالي المُجَمَّع) نسبة 2,4%، مما مما يجعله الأضْعَف منذ أزمة 2008، ومما يرفع دُيُون الدّول ويزيد من نسبة الفقر في الكثير من “الدول النامية” سنة 2024، نتيجة ما حصل في السنوات السابقة من ارتفاعات في الأسعار ونسبة التضخم وأسعار الفائدة، وبلغ مُعدّل النمو العالمي 6,2% سنة 2021 و 3% سنة 2022 و 2,6% سنة 2023 ولا يتوقع تقرير البنك العالمي أن تتجاوز نسبة النّموّ 2,7% سنة 2025، بسبب “الصراعات الجيوسياسية” التي يُتوقّع أن تُؤَدِّيَ إلى استمرار التباطؤ لاقتصادات الدّول الرأسمالية المتطورة، أما في الدّول الفقيرة ومتوسّطة الدّخل فيتوقع أن ترتفع نسبة النمو إلى 3,9% (كمتوسط نمو) غير إن هذه النسبة لا تُمكّن من استيعاب الدّاخلين الجُدُد إلى “سوق العمل” أو من الحدّ من نسبة الفَقْر، لأن اقتصاد هذه الدّول يعتمد على قطاعات ذات قيمة زائدة ضعيفة ( تصدير المواد الخام والسياحة واستيراد المواد المُصَنَّعَة) ويتوقع أن ترتفع قيمة ونسبة الدّيُون من الناتج المحلي الإجمالي، وقد ترتفع نسبة الفقر، ما يُعيق إنجاز خطة الأمم المتحدة لإنهاء الفقر المدقع بحلول سنة 2030، لأن ثُلُثَ سكان الدّول الفقيرة يجدون صعوبات في الحصول على الغذاء، ويتوقّع تقرير البنك العالمي أن يكون سُكّان “الدّول النّامية”، بنهاية سنة 2024، أقَلَّ دخْلاً وأكثر فقرا مما كانوا عليه سنة 2019 (قبل جائحة كوفيد-19) ويُقدّر البنك العالمي “إن تعزيز النّموّ في الأسواق الناشئة والدول النامية، يتطلب ضخ 2,4 تريليون دولار من الاستثمارات السنوية اللازمة للتحول إلى الطاقة النظيفة والتكيف مع تغير المناخ…”

 

بريطانيا – إضراب أطباء الصّحّة العُمُومِيّة

تعدّدت إضرابات الأطباء في بريطانيا منذ 2016، بعد أربعين سنة من “الهدوء” وانطلق الإضراب يوم الثالث من كانون الثاني/يناير 2024، حيث بدأ الأطباء المبتدئون في إنغلترا ( وهم أطباء مؤهلون، بعد سنوات عديدة من الخبرة، ويعملون تحت إشراف كبار الأطباء ويشكلون نسبة كبيرة من أطبّاء الصحة العمومية ) إضرابا عن العمل لمدة ستة أيام وهو أطول إضراب في تاريخ هيئة الصحة الوطنية التي تديرها الدولة منذ 75 عاما، وعلى غرار القطاعات الرئيسية الأخرى، سبق أن نَظّم الأطباء الذين تمثلهم الجمعية الطبية البريطانية (BMA منتصف وأواخر سنة 2023 سلسلة من الإضرابات للمطالبة بأجور أفضل في مواجهة التضخم المتزايد، وحثت النقابة في بيان لها الحكومة على تقديم عرض رواتب “ذي مصداقية” لإنهاء الإضرابات، التي تهدد بزيادة الضغط على الخدمة الصحية، حيث يوجد أكثر من 7,7 ملايين شخص مريض على قوائم الانتظار للعلاج، بعد إلغاء 1,2 موعد من قِبَل هيئة الخدمات الصحية الوطنية، منذ بدء الإضرابات سنة 2023، خلال إضراب العاملين في مجال الرعاية الصحية، من بينهم الممرضات والأطباء للمطالبة بزيادة بنسبة 35% لتدارك تدهور القيمة الحقيقية للأجُور، لكن الحكومة عرضت زيادة تتراوح بين 8% إلى 10%، ولذلك نظمت النقابات إضرابات من 20 إلى 23 كانون الأول/ديسمبر 2023 بهدف تحسين الأجور وتغطية تأثيرات التضخم، ويتزامن الإضراب مع موسم الشّتاء حيث ترتفع حالات الإصابة بكورونا والأنفلونزا وترتفع نسبة العاملين المتغيبين عن العمل بسبب المرض…

 

صربيا – فشل “الثورة الملونة”

أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش يوم 18 كانون الأول/ديسمبر 2023، أن الائتلاف الرئاسي حصل على الأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية، ولم تكن النتائج مُطابقة لرغبة الولايات المتحدة وسُلُطات الإتحاد الأوروبي، ما جعلهما يُنظّمان محاولة “ثورة ملونة” في الشوارع، كان مُخَطّطُها جاهزًا على غرار النموذج الأوكراني، لكي تخضع صربيا تمامًا للمصالح الإمبريالية، بدون أي تَحَفُّط، ورفع المُتظاهرون في شوارع العاصمة بلغراد عَلَم الإتحاد الأوروبي، بداية من الرابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر 2023، وتم طلاء مبنى الإدارة في بلغراد بألوان العلم الأوكراني، ما يُشير إلى محاولة تكرار الإنقلاب الذي صمّمته الإستخبارات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا سنة 2014 ضد برلمان منتخب وائتلاف حكومي منبثق عن انتخابات ديمقراطية، واستخدمت وسائل الإعلام الأوروبي والأمريكي نفس العبارات التي تصف الحُكُومة بالإستبدادية ( لأنها رفضت تطبيق “العقوبات” الأمريكية ضدّ روسيا) والمعارضة بـ”الديمقراطية”، وادّعت (دون تقديم أي حجة أو دليل) كما في إيران أو فنزويلا أو هونغ كونغ إن “الديمقراطيين” انتصروا عبر صناديق الاقتراع، لكن الحكومة افتَكّت منهم انتصارهم، عبر تدبير انقلاب على الدّيمقراطية، لكن وضع صربيا – التي خرّبها حلف شمال الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة بين سنتَيْ 1999 و 2002 وفتّت يوغسلافيا إلى دُوَيْلات وكيانات صغيرة لِتَيْسِير السيطرة عليها – يختلف عن وضع أوكرانيا، ومع ذلك تمكّنت القُوى المُوالية “للغرب” من تنظيم مظاهرات في الشوارع مع محاولة الاستيلاء على المباني الرسمية وعلى بلدية بلغراد التي تم تخريبها، لكن الشرطة تصدت لهم، بفعل تعاونها مع الإستخبارات الروسية التي حذرت الحكومة الصربية من مخطط الإنقلاب وفق تصريحات رئيس الجمهورية ألكسندر فوتشيتش ورئيسة الوزراء آنا برنابيتش التي نقلتها وسائل الإعلام الروسية والصربية، كما نقلت خبر اعتقال بعض من اعتبرتهم الشرطة “من المُحرّضين أو من قادة أعمال الشغب الذين سوف يُحالون على القضاء لمحاكمتهم ” وبسرعة غريبة صدرت بيانات وتصريحات في الولايات المتحدة وأمريكا الشمالية تُطالب بإطلاق سراحهم، من قِبَلِ أطراف تجاهلت تمامًا حرب الإبادة التي يُنفّذها الكيان الصهيوني بإشراف الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في فلسطين…

 

الأسلحة النووية الأمريكية في أوروبا

تشير وثائق حلف شمال الأطلسي إلى وجود حوالي 200 سلاح نووي تكتيكي أمريكي منتشر في أوروبا، وأهمها قنابل من نوع “ب 61″، خصوصًا في القواعد العسكرية الأمريكية بألمانيا وإيطاليا ومنطقة جبل طارق الفاصلة بين إفريقيا وأوروبا، بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، بهدف “حماية أوروبا” وتَضَمَّنَ الدليل الإستراتيجي لمنظمة حلف شمال الأطلسي “إن القوات النووية المتمركزة في أوروبا والمخصصة لحلف شمال الأطلسي تشكل رابطاً سياسياً وعسكرياً أساسياً بين أعضاء الحلف من أوروبا وأميركا الشمالية”.

تُعتَبَر الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تنشر عددًا هامًّا من الأسلحة النّوَويّة “لضمان الأمن القومي الأمريكي” خارج حدودها، على أراضي الغَيْر، وخصوصًا في أوروبا حيث وزّعتها في أماكن نائية لإجبار الخصم المُفْتَرَض على توزيع قواته، ولئن كان نشر الأسلحة النووية باسم حلف شمال الأطلسي فإن هذه الأسلحة أمريكية وتخضع للرقابة والصّيانة ووالإشراف الأمريكِي حصْرِيًّا، ولا تشترك أي دولة أوروبية في إدارة مخزون الأسلحة النووية في أوروبا بل تُعتَبَرُ القواعد والأسلحة الأمريكية بأنواعها امتدادًا لنفوذ الولايات المتحدة خارج أراضيها، وهي تُحَوِّلُ أوروبا إلى هدف عسكري مشروع، بدل “حماية الأمن الأوروبي” وفق البروباغندا الأمريكية التي تجاهلت اتفاقيات الحَدّ من نشر الأسلحة النووية في أوروبا وفي العالم، منذ الفترة السّابِقَة لانهيار الإتحاد السوفييتي، وتدّعي وثائق حلف شمال الأطلسي “سوف يُواصل حلف (ناتو) القيام بدوره في تعزيز الحد من إنتاج الأسلحة وتعزيز نزع السلاح النووي والتقليدي وفقا لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، فضلا عن جهود منع الانتشار”، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تُعزز الترسانة النووية الأمريكية – باسم حلف شمال الأطلسي – “لتُشَكِّلَ (الأسلحة النووية الأمريكية) ضمانةً كافيةً لردع أي هجوم ضد أي من الدول الأعضاء بالحلف”، وأثْبَتَت الوقائع إن الولايات المتحدة لا تلتزم أبدًا بأي شيء ولا تدافع عن أي بلد إذا لم تكن لها مصلحة مُباشرة، وصرّح مدير وكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية (MDA) خلال جلسة استماع في الكونغرس: الدفاع المضاد للصواريخ “يعزز قدرتنا على الدفاع عن مصالحنا في الخارج”.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.