عدو العرب الاول ليسَ مملكة السحر والجن والعفاريت / د. عادل يعقوب الشمايله

د. عادل يعقوب الشمايله ( الأردن ) – الإثنين 15/1/2024 م …



من الثابت أن اليهود هم الوحيدون الذين لم تنشأ لهم أو تُسَجل لهم حضارةٌ على مدى التاريخ مقارنة بباقي المجموعات البشرية، وأعني بالحضارة جانبيها الانتاج المادي بما في ذلك التكنلوجيا بمختلف مراحل تطورها والجانب الثاني وهو الثقافي.

صحيح أن هناك مبدعين يهود في شتى مجالات العلم والادب والفن، ولكن تلك الابداعات هي نتاج البيئات التي يتواجد فيها اليهود. ففي حين لم تُعرَف أيُّ ابداعات ليهود الحبشة او يهود اليمن او يهود العراق او يهود مصر فإن ابداعات اليهود في الدول الاوروبية وامريكا كثيرة ومميزة تدبنُ لها البشريةُ، لأنهم استفادوا من الانظمة التعليمية المتقدمة والبيئة المستنيرة في امريكا واوروبا.

أما الجانب الآخر من الحضارة وهو الثقافة فإنهُ وبحكم انتشار اليهود في بلدان كثيرة فقد كون اليهود ثقافات بعدد تلك الدول التي يعيشون فيها. لذلك، فإنَّ نقطة التقاطع بين ثقافاتهم تقتصر على الخرافات الدينية المستمدة من التناخ. ولذلك يحاول الكيان الصهيوني تعويضَ هذا النقص بفبركة حضارة يهودية صهيونية اول علاماتها إحياءُ اللغة العبرية التي كانت ميتة.

بدأ تاريخُ اليهودِ كما ترويهِ خرافاتهم التوراتية باسرةٍ عاشت في جنوب فلسطين جاءت من العراق امتهنت تربية الاغنام والماشية والرعي. ونتيجةَ تحاسدِ وتنافرِ افرادها سواء ابناء اسحق او ابناء يعقوب (بني اسرائيل) فقد اضطروا للهجرة مرة أُخرى لوطن شعب آخر هو مصر، تحولوا فيه الى عبيد لمئات السنين. ولم يخرجوا من العبودية الّا بُرهةً من الزمن بفضلِ قيادة شابٍ متمردٍ ثائرٍ نشأَ في بلاط الفرعون وليسَ عبداً كحالِ بقيةِ قومهِ، حيث صدمهُ ما شاهدهُ من بؤسِ حالِ ابناء جلدتهِ مقارنةً بحالهِ هوَ أو بحال اسيادهم المصريين. ومع ذلك فقد أعيوهُ أيُما إعياء عندما حاول كنس غبار العبودية عنهم وإنهاضهم بسبب تخاذلهم وجبنهم.

بعدَ تحرر اليهود، لم يبتسم لهم الزمانُ على طولهِ الا في عهد المملكة التي يزعمون أنَّ الملكين داوود وسليمان انشآها والتي كانت تدار بالسحر والجن والعفاريت حسب توراتهم المسخ، والتي لم تستمر سوى سبعين سنة.

مملكةُ الوهمِ التي اخترعتها الخرافة التوراتية لم تُثبتْ التحريات والحفريات التي اجرتها بعثات اوروبية وامريكية واسرائيلية أيةَ آثار ودلائل لها. لأنها لم تكن سوى حلم يقظة من احلام العبيد.

ما يثبتهُ التاريخُ البشريُ المكتوب المحايد انَّ ما يطلق عليه “الشعب اليهودي” هو شعب ملفق تكونَ من فتات من الشعوب التي عاش اليهودُ بينهم بعد نفيهم المتكرر وتشتتهم حيث اعتنق أفرادٌ من الشعوب المُضيفةِ الديانة اليهودية. إلَّا أنهُ وبسبب سوء اخلاق اليهود وانانيتهم وعُقَدِهم المركبةِ خاصةً عقدة انهم شعب الله المختار أي انهم افضل من بقية البشر، فقد تعرضوا طيلةَ تاريخهم للاحتقارِ والاذلالِ والكرهِ والتضييقِ من قبل الشعوب التي عاشوا بينها.

باختصار بدأ اليهودُ حياتهم كعبيد لفرعون وهاهم الان عبيدٌ لامريكا.

التطورُ الوحيد الذي طرأ على اليهود هو أنهم اصبحوا يعبدون الثور بدلا من العجل. الثور الإنجليزي، الثور الفرنسي، الثور الامريكي، ومن المتوقع أن يتحولوا لعبادة البقرة الهندية اذا ضعف الثور الامريكي وهو أمرٌ آتٍ لا محالة. وسيظلُ الكيان الصهيوني عبداً معروضاً للتداول في سوق النخاسةِ السياسيةِ كلمّا ظهرت دولةٌ عالميةٌ ترى فيه اداةً تخدمُ مصالحها في الوطن العربي بدونِ كلفةٍ عاليةٍ.

وهكذا، تصدقُ عليهم الايةُ القرآنية “كتبت عليهم الذلةُ والمسكنةُ الا بحبل من الله او حبل من الناس”. سيظل اليهودُ عاجزين عن الاعتماد على أنفسهم يحتاجون الى السحر والعفاريت والجن الذي ادار دولتهم الاولى دولة الملك سليمان بن داوود ولكن بموديلاتٍ جديدة متجددةٍ.

لقد اثبتت حربُ غزةَ أنَّ الكيان الاسرائيلي الصهيوني المصطنع هو اصغر واحقر واتفه من أن يكون عدواً للأمة العربية. وأنهُ من السفهِ والهوان على العربِ اعتبار اسرائيل نداً للامة العربية بأي مقياس من المقاييس الاقتصادية والمالية والبشرية والحضارية والجغرافية. هذا اذا كان للعرب كرامةٌ واذا كانوا يستحون.

وحيثُ أنَّ لكلِ حربٍ دروساً يتعلمها المنتصرون والمنهزمون والمراقبون والمحللون، فإن الدرس الذي يجب أن يعيه الفلسطينيون والعرب وجميع من ينتمون الى الانسانية هو أن لا يثقوا بامريكا ولا بالدول الاوروبية الغربيةِ وأن لا يأمنوا غدرهم لأنَّ الشيطان يرفضُ الطهارة وإنْ تَطَهَرَ فإنهُ يتطهرُ بالدماء والدموع والتدمير. فالجنسُ الابيضُ هم أعداءٌ تاريخيونَ أزليون لبقية شعوب العالم، ولا يمكن أن يكونوا حياديين او مصلحين. ولذلك يجب استنكارُ جميع مواقف وسياسات امريكا أولاً واوروبا ثانيا واسرائيل ثالثا بدون تحفظ، وأن تُدانَ افعالهم وأقوالهم بأقسى الكلمات والمشاعر.

التاريخُ الامريكي بمجمله وتفاصيله تاريخٌ مدرجٌ بالدم والابادات الجماعية والهمجية والغطرسةِ والمواقف المنحازة دائما مع الباطل والاستبداد.

على العربِ وعلى شعوب العالم أن يعتبروا ان امريكا ستظلُ مُدانةً بجرائمها، وأنَّ ذمتها المالية ستظلُ مدينةً بكل ما نهبتهُ من ثروات الشعوب الاخرى بما في ذلك ما تنهبه من خلال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنوك الاخرى الاستعمارية الطابع والسلوك والهدف، وبأثمانِ الاسلحةِ التي تحصلُ عليها شركاتُ تصنيع الاسلحة الامريكية نتيجة الحروب والفتن التي تثيرها وتختلقها امريكا وحلفائها في شتى انحاء العالم.

التكاليفُ القاسيةُ والمؤلمةُ التي تتحملها شعوبُ العالم نتيجة مواقف وسياسات امريكا وجرائمها، وتأييد امريكا وحمايتها لأنظمة الحكم الاستبدادية التي توظفها كمخالب سامةٍ تنهشُ بها الشعوب لصالحها، لا يجبُ أن تسقط بالتقادم، وأن العدل لا يتحقق الا بمعاقبة امريكا عسكريا وسياسيا واقتصاديا. هذا الهدفُ هو هدفٌ مشروع للشعوب المظلومة.

إنَّ مغازلةَ امريكا او التعاون معها بأي صورة من الصور يعتبر خيانةً واحتقاراً للذات، وخاصةً اذا تمت من طرف الشعب الفلسطيني.
الوقاحةُ والبجاحةُ والحماقةُ المقرفة التي تتعامل بها امريكا مع القضايا العربية وموقفها العدائي الواضح مما يجري في منطقتنا يجعلها اكثرَ عدوانيةً واكثرَ خطراً من دويلةِ اسرائيل لذلكَ يجبُ أن تصنف امريكا بأنها العدو الاول للفلسطينيين والعرب.

هذا لا يعني عدم التعامل السياسي والدبلوماسي مع امريكا ولكن اي تعامل او تواصل يجب أن يتم تحت قاعدة الشك والتقيا وأن نظهر لها ما لا نبطن وان نخادعها ونلدغها حين يتسنى لنا ذلك، ولن تعوزنا المبررات والاعذار والاعتذارات.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.