هل دخلت أمريكا المصيدة اليمنية ؟ / د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) – الأربعاء 17/1/2024 م …




مرة أخرى، يتأكد خطأ التقديرات والحسابات الأمريكية ومخيلة رئيسها المغامر بايدن في كسر المقاومة اليمنية، بل وتمكن من جر أمريكا إلى رمال متحركة، حتى تغوص قدماها بالمستنقعات وتنشل حركتها بالكامل هناك، وأمام هذا المشهد المعقد على ما يبدو فأن بايدن تورط وتخطى كل حدوده بشأن الأوضاع اليمنية، ولهذا فهو في حالة بحث عن أوراق ووسائل جديدة لحفظ ماء وجهه من خلال افتعال وخلق ذرائع جديدة لاستمرار الحرب على المقاومة في اليمن.

المتتبع لأحداث الشرق الأوسط لا بد أن يلاحظ أن أمريكا جلبت كافة الدول الحليفة لها لمقارعة أنصار الله في اليمن، مرة بحجة الدفاع عن النفس، ومرة بحجة محاربة الإرهاب، ببساطة شديدة ما أن أعلنت إسرائيل شن حرب “السيوف الحديدية” على قطاع غزة يوم 7 أكتوبر 2023 حتى بدأت ملامح الاستراتيجيات الإقليمية والدولية تتضح شيئاً فشيئاً، فرسمت أمريكا رؤيتها لتحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية من خلال سياساتها المتهورة في دعم الكيان الصهيوني، فذهبت في اتجاه إطالة أمد الصراع وذلك من أجل تركيع غزة وإضعاف مقدرة المقاومة من خلال محاولات فك التحالف الاستراتيجي الذي يربط اليمن مع محور المقاومة ضمن مخطط يضمن للغرب تأمين أمن اسرائيل.
اليوم وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر من الحرب على غزة والتي ضخت لها أموالاً طائله للوصول الى الهدف الرئيس ألا وهو إسقاط غزة، كانت أمريكا صاحبة الحضور الأبرز فيها والمدبر والممول لمعاركها والمستفيد الأول من نتائجها، كونها تمارس تأثيراً قوياً على تل أبيب من خلال تزويد القوات الاسرائيلية بالمال والسلاح، حيث أجمعت مختلف وسائل الإعلام العالمية على أن إسرائيل الإرهابية المتورطة في إرتكاب أبشع الجرائم في غزة تستمد تمويلها ودعمها من أمريكا وحلفاؤها .

في هذا السياق فإن التوقعات التي خططت لها إسرائيل وحلفاؤها جاءت في غير صالحهم، لو تابعنا المسار الذي رسمته تل أبيب في غزة والتي وضعت به كل إمكاناتها، نجد بأنها خسرت رهانها لذلك نرى إن سياستها تجاه قطاع غزة في حالة يرثى لها وتعاني من ضربات مستمرة، فاليوم هناك فارق هائل في قراءة المشهد الفلسطيني، إنطلاقاً من وقائع الميدان، بذلك تبدو أمريكا المتضرر الأكبر وهي تراقب إعادة تشكيل المنطقة على وقع تنسيق المقاومة في اليمن ولبنان والعراق وسورية وايران، وتطورات ميدانية قلبت الموازين على الأرض في غزة.

ولا نبالغ إذ نقول أن الإدارة الأمريكية، التي نفذت العدوان الإجرامي على اليمن خدمة للمصالح الإسرائيلية المتضررة، من هجمات أنصار الله على السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، أدخلت نفسها في ورطة عسكرية واقتصادية وجيوسياسية، لا سيما وأن القيادة اليمنية في هذه المواجهة، ووفق تجربة حربها الدفاعية مع التحالف العربي المزعوم لا تأبه لأية خسائر في سبيل تحقيق الأهداف الاستراتيجية الوطنية، وفي سبيل نصرة غزة وفلسطين .
على خط مواز، فإن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه الرئيس الأمريكي هو سوء تقديره لقوة خصومه، وقدرة المقاومة اليمنية على الصمود، برغم الدعم الغربي –الإسرائيلي له، فضرب السفن الأمريكية والإسرائيلية أعطى رجال المقاومة مؤشر ودفعة قوية في هذه الحرب، لذلك وجد الجميع أن حركة أنصار الله كانت واضحة ودقيقة عندما قالت ” إن موازين القوى أصبحت للمقاومة وبايدن أصبح عاجزاً عن تحقيق أهدافه”.

لذلك فإن الخيار العسكري ضد أنصار الله يزيد الوضع الأمريكي الداخلي تدهوراً، وينذر بمواجهة عسكرية مع محور المقاومة معاً، ما يعني معركة طويلة الأمد لها عواقب وخيمة، خصوصاً في الداخل الأمريكي والاسرائيلي، لأن واشنطن وتل أبيب ستغرقان في المستنقع اليمني ولن تستطيعا الخروج سالمتين منه كما سيحمّل أمريكا وإسرائيل أعباء مستقبلية عديدة، في هذا الإطار رأى سياسيون أن الحرب الأمريكية على اليمن فشلت في تحقيق أهدافها وقالوا خلال شهادات أدلوا بها لوسائل الإعلام إن الانتصار الحقيقي الذى حققته المقاومة اليمنية هو ذلك الانتصار المتعلق بمساحة الجريمة التي اقترفتها ضد المدنيين والبنية التحتية بينما لم تنجح في تحقيق الهدف الاستراتيجي الكبير وهو كسر شوكة المقاومة اليمنية.

مجملاً… إن أمريكا تلعب بالنار، ولكنها نار مختلفة هذه المرة وتزداد قوة وقد تحرق أصابع أخرى، والمأمول آن تدرك القيادة الأمريكية حجم هذه المغامرة، وتبادر الى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع اليمني، وإنطلاقاً من ذلك يمكنني التساؤل هل تبدأ أمريكا بمراجعة حساباتها، خاصة بعدما شعرت بإرتفاع المعنويات لدى رجال المقاومة في المرحلة الراهنة؟ وهل بدأت إسرائيل بدفع الثمن كونها طرفاً أساسياً في الحرب؟، فالمأمول هنا آن تدرك إسرائيل حجم المغامرة التي يدفعها الأمريكي نحوها، وأن تبادر إلى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع اليمني.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.