حلب في انتظار ساعة الصفر لبدء أم المعارك / عمر معربوني

 

عمر معربوني ( الإثنين ) 7/11/2016 م …

حتى اللحظة، كلّفت معارك حلب الجماعات الإرهابية المسلّحة آلاف القتلى وأضعافهم من الجرحى والمعوّقين، خسائر فادحة وكبيرة في الأرواح والعتاد، ولم تستطع هذه الجماعات ان تحقق نصرًا ثابتًا بل على العكس. فمنذ بدء معارك مزارع الملّاح وما افضت اليه من سيطرة الجيش على طريق الكاستيلو، ومن بعدها العمليات اللاحقة التي أدّت الى تحرير حي بني زيد، وهذه الجماعات تعاني من عدم قدرتها على تحقيق منجزات ميدانية ثابتة، وما العمليات المتتابعة منذ تطويق الأحياء الشرقية والمستمرة إلّا عبارة عن معارك متسرعة سرعان ما تتحول نتائجها الى مصائب حقيقية على الجماعات الإرهابية ومعارك الكليات العسكرية وما يحصل الآن خير دليل على أقوالنا.

هجمات الجماعات الإرهابية المسلّحة جاءت بناءً على مطالب اميركية وتركية وسعودية بهدف تغيير ملامح الميدان وخرائط السيطرة لاستثمار النتائج في المفاوضات المتوقفة، والتي لن تجد طريقها الى الإستئناف قريبًا، حيث كنا امام تصريح علني واضح لوزير الدفاع الروسي ينعى فيه العملية السياسية لعدم توفر شروط استكمالها، تبعه بيان للناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية تحمّل اميركا تبعات فشل المفاوضات في وقت اعلن فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فشل كل اشكال الإتصال مع اميركا حول سوريا.

البارحة كنا امام المهلة الأخيرة التي قدّمتها الدولة السورية ومعها روسيا للجماعات الإرهابية للخروج ومغادرة مدينة حلب، وهو أمر قوبل باستهداف طريق الكاستيلو بالقذائف من قبل الجماعات الإرهابية حيث اصيب عدد من العسكريين السوريين واثنين من الجنود الروس.

بالتأكيد نحن امام الفرصة الأخيرة لهذه الجماعات والتي انتهت الى غير رجعة لتحل محلها اجواء مختلفة تمامًا، فالتحضيرات الميدانية تتجه الى استكمال عمليات التحشيد وتوزيع المهام لننتقل قريبًا الى مرحلة التمهيد الناري التي ستسبق بدء الهجمات المضادة لوحدات الجيش السوري وحلفائه.

في المباشر الذي يرتبط بالمعركة، فإنّ اكثر من عامل يلعب دوره في تحديد ساعة الصفر وانطلاق المعارك، واهم هذه العوامل:

1- استكمال تموضع القوة البحرية الروسية الضاربة، حيث سيكون لهذه القوة دور اساسي في تقديم الدعم الناري سواء عبر طائرات الأميرال كوزنيتسوف والتي ستضاعف حجم القوة الجوية الروسية، او من خلال القطع الأخرى التي سيكون لها دور مرتبط باستهداف مجموعة من الأهداف الهامة كغرف العمليات ومستودعات الذخائر ونقاط الحشد والتجمع بصواريخ ذات دقة عالية ستترك تأثيرها على مسرح العمليات، اضافة الى مشاركة منظومات المراقبة والتشويش سواء الموجودة على متن القطع البحرية او من خلال استقدام طائرة المراقبة والإستطلاع المتقدمة تو – 214 إر.

2- في الجانب الميداني المباشر، لم يعد خافيًا ان قوات من مشاة البحرية الروسية ستتولى عمليات التمهيد الناري على بعض مدافع الميدان وراجمات الصواريخ اوراغان “الإعصارBM- 27” عيار 220 ملم وراجمات سميرتش “BM- 30” عيار 300 ملم، كما بات واضحًا ان وحدات من الإستطلاع الميداني الروسية ستتولى إرشاد الطائرات الروسية الى اهدافها اضافة الى وحدات حرب الكترونية.

3- من المفيد الإشارة الى أنّ الجيش السوري وحلفاءه خلال هجمات الجماعات الإرهابية على الجبهة الغربية استخدموا تكتيكات مرنة للتعامل مع الهجمات لم تؤثر على البنية الدفاعية الأساسية، حيث كانت تتم عمليات جذب الى كمائن معدّة مسبقًا بهدف استنزاف المهاجمين وانهاكهم، وهو امر سيستمر حتى لحظة بدء الهجوم المضاد بواسطة قوات لم تشارك في عمليات الصد وتمتلك قدرات الحركة العالية والقدرات النارية. وفي هذا الجانب سيكون للتنسيق وادارة العمليات الدور الأساسي في التحكم بالمهمات الأساسية واللاحقة، حيث ستشارك الى جانب الطائرات الحربية الحوامات الهجومية وطائرات الإستطلاع المسيّرة يسبقها صبيب ناري غير مسبوق.

4- في اتجاهات الهجوم ليس مستبعدًا ان تشن وحدات الجيش السوري هجماتها على اكثر من اتجاه لإجبار الجماعات الإرهابية على تشتيت قدراتها البشرية والنارية، وهي اتجاهات ستشمل جبهات المدينة من اكثر من محور والجبهة الغربية حيث بات الجيش يمتلك نقاط ارتكاز تمكنه من الإندفاع برأسَي سهم احدهما من الشمال الى الجنوب والثاني من الجنوب الى الشمال لوضع الجماعات المهاجمة في ضاحية الأسد والـ1070 داخل الطوق، كما أنّ اندفاعات مماثلة قد يتم الشروع بها باتجاه خان طومان وتل العيس لإستعادة السيطرة على طريق حلب – دمشق ناريًا، وهو بحد ذاته سيكون اهم العوامل التي ستؤدي الى قصور في حركة الجماعات الإرهابية والتأثير بشكل كبير في طرق امدادها مع عدم اغفال امكانية البدء بتقدم قوات الجيش المتموضعة في محيط قاعدة كويرس الجوية نحو مدينة الباب، وهي قوات لا ترتبط مباشرة بجبهات المدينة الداخلية ولا محاور القتال سواء شمال حلب عند منطقة الزهراء – المخابرات الجوية ولا الجبهة الغربية عند ضاحية الأسد منيان.

5- العامل الأخير المرتبط بتحديد ساعة الصفر قد يكون موعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية حيث سيكون بمقدور الجيش السوري وحلفائه ادارة المعركة في توقيت حساس على الداخل الأميركي المنشغل باستحقاق الإنتخابات.

في كل الأحوال، إنّ تحديد ساعة الصفر يرجع لقيادة المعركة وحدها، مع الإشارة الى أنّ الأولويات في خوضها تنحصر بين جبهات حلب (محور المدينة الداخلية ومحاور الأطراف) وجبهة الباب حيث لكل معركة نتائجها وخصوصيتها، وعليه قد يكون توقيت خوض المعركة وساعة الصفر على الجبهتين معًا وهو امر لم يعد بعيدًا ابدًا.

عمر معربوني

ضابط سابق – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.