رسالة إلى الآباء والأمهات / تقوى العلي
تقوى العلي ( الأردن ) الإثنين 7/11/2016 م …
إلهي ، أسألك في كل وقت طلبًا خاصًا جدًا ،بأن تجعلني صفقةً أو تلفازًا أو هاتفًأ أو مشروعًا مربحًا أو غير ذلك ،لأحتل أماكنهم في عقل أبي وأمي ….
لّعلّ وعسى التفتَ أحدهما إليّ،وأخذا مني كل ما أريده محملَ الجِدّ! ،وأصبحُ مركز
اهتمامهم ،يسمعونني دون مقاطعة أو توجيه أسئلة؟!، لا،اريد إلّا ما هو طبيعيّ
أريد أن أكون في صحبة والدي أثناء عودته إلى المنزل حتّى إذا كان متعبًا، ويسألني عن يومياتي في المدرسة، عن أصدقائي ،ومعلماتي ، عن أيُّ أحداثٍ المهم أن يسألَني ،أريد منه أن يمنعنيي من اللّعب المتواصل على جهاز الجاسوب ، أريد أن يهتم بي كاهتمامه بمديره في الشّركة ،أو أصدقائه في المقهى ،أو بالصفقة التي تودّ أن تبرمها في الغدّ أو العام المقبل ، أوبعلبة السجائر التي يراقبها بدّقة كم سيجارةٌ باقية!، أريد أن تتحدّث إليّ خمسة عشرة دقيقة …التفت إلي أنا هنا
وأمي..أريدُ أن تكون بجانبي رغم واجباتك البيتية ،أشعرُ جيدًا بمدى تعبك وجهدك الذي تبذلينه من أجلنا لكن ،تقضين وقتك بين الآواني أكثرُ مني ، ومع ملابسنا المتسخّة والنظيفة أكثر مني ، ومع جارتك أكثر مني ، ومع صالونات تصفيف الشَعر والمساحيق التجميلة أكثرُ مني ،ومع هاتفك الذي أعده أخي وأقرب إليكِ أكثر بكثيرٍ مني ،وإن التفتي إليّ قليلًا فأخي الهاتف يشاركني الحوار، والطلب والسؤال ،حتى المداعبة أمي ….يا إلهي اجعلني هاتفًا..
إلهي لا أطلب منك الكثير ،إلا أن أعيش كأيّ هاتفٍ أو تلفازٍ
رسالة مدّتُها خمسة عشرة دقيقة لكما
أحبتي ..
الأبناء نعمة من الله عزّوجل ،كونوا لطيفين معهم ، حاوروهم ،ومازحوهم تفاعلوا مع مشّاعرهم الصّغيرة وأحاسيسهم الكبيرة ؛وهذا لا يتتطلب منكما مبلغًا من المال والجهد ،أظهروا السرور لفرحهم ..والحزن لآلآمهم .
تابعوهم أولًا بأول ،راقبوا سلوكهم خفيةً عنهم ،فإن ذلك يعينكم على معرفة ما ينطوون عليه من أسرارٍ، وما في أنفسهم يخبّئون عنكم وقد تكون في غاية الخطورة وأنتم غافلون .
أحبتي ..
لا تكثروا من الوعيد والتهديد والعقاب ،واتبعوا أسلوب التحفيز ،وروّحوا عن أبنائكم مرةٍ بعد مرة بالهدايا والمكافآتْ،امرحوا معهم وأدخلوا ما هو كل جميل على قلوبهم التي لم تعرفْ سوى عشقكما
خاطبوهم بالّلغة التي يفهمونها ويرغبونها ،احرصا على تقوية العلاقات فيما بينكم لأهمية الأمر مستقبلًا ،كونا قدوةً حسنة لهم فأنتما الصورة الوحيدة التي يرفضوا أن يشوبها أيّ شائب …بالرغم من تقصيركم الملفت لهم!.
رفقًا بأبنائكم …. خصّصوا لهم على الأقل خمسة عشرة إلى ثلاثون دقيقة ..وأكثر يوميًا
ومهما كانت حياتُنا مليئة …فستبقى هناك دائمًا مساحة .
التعليقات مغلقة.