45 ساعة من التدمير في طولكرم: 8 شهداء ومعتقلون واقتحام 1000 منزل

الأردن العربي –  السبت 20/1/2024 م …




بعد نحو 45 ساعة متواصلة انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من المخيم الملاصق لمدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، مخلفة وراءها دمارا واسعا.
ووفق شهود عيان ما تعرض له المخيم يفوق بمراحل ما تعرضت له مخيمات جنين ونور شمس وبلاطة، شرق مدينة نابلس.
وتأسس مخيم طولكرم للاجئين الذي يقع شرق المدينة طولكرم ويلاصق أحيائها من الغرب والشمال والجنوب في عام 1950، على رقعة مساحتها حوالى 165 دونماً، ثم زادت لتصل إلى 465 دونماً. ويصل عدد سكانه حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2023، 10951 لاجئاً
وجاء الانسحاب بعد أن قتلت قوات الاحتلال ثمانية شهداء وهم أحمد طارق نعمان فرج (18 عاماً)، وليد إبراهيم محمد غانم (17 عاماً)، أحمد موسى مطلق بدو (17 عاماً)، أحمد معين ذيب مهداوي (35 عاماً)، عبد الرَّحمـٰن عصام إبراهيم عثمان (23 عاماً)، محمد مطيع محمود سليط (22 عاماً)، وأشرف أحمد ياسين ياسين من عزبة الجراد – طولكرم (22 عاماً)، محمّد فيصل دواس أبو عواد من مخيّم نور شمس (27 عاماً).
وعثر عند منتصف ليلة أمس على جثمان الشهيد محمد مطيع محمود سليط (22 عاما)، في مخيم طولكرم، ليرتفع عدد الشهداء في مخيمي طولكرم ونور شمس إلى 8 منذ بداية العدوان.
وكان الشهيد قد ارتقى إثر إصابته بعيار ناري من قناص إسرائيلي بداية العدوان الأخير على المخيمين يوم الأربعاء، فيما منعت قوات الاحتلال الاسعاف من الوصول إليه واختفى جثمانه، ليتم العثور عليه فجر هذا الجمعة.
وشيّع سكان طولكرم جثامين 6 شهداء، وانطلق موكب التشييع بمشاركة شعبية ورسمية، من مستشفى الشهيد ثابت ثابت الحكومي في طولكرم.
وردد المشاركون التكبيرات والهتافات الوطنية الغاضبة المنددة بجرائم الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني، وجابوا بهم شوارع المدينة باتجاه المخيم، وعرجوا على منازل ذويهم لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم، وسط أجواء من الحزن على فراقهم، والغضب من مجازر الاحتلال .
وروى مواطنون من مخيم طولكرم جانبا من المعاناة التي وقعت على العائلات حيث اعتدى الجنود عليها وفجروا الأبواب ودمروا منزلين بالصواريخ في أوسع تدمير ممنهج بحق المدنيين الذي سكنوا المخيم بعد أن كانوا يعيشون في قرى ومدن تتبع مناطق حيفا ويافا وقيسارية قبل عام 1948.
وخلال العملية التي استمرت نحو 45 ساعة من الاقتحام، قال جيش الاحتلال إن قواته داهمت نحو 1000 مبنى، مدعياً العثور على نحو 400 عبوة ناسفة.
وزعم بإحباط العشرات من العبوات الناسفة التي زرعت تحت الطرق من أجل استهداف الجيش في المخيم.
وأشار إلى أن قواته حققت مع المئات من المواطنين في المخيم، واعتقل منهم العشرات، ما يزيد عن 37 شخصاً.
كما ادعى مصادرة 27 قطعة سلاح والكثير من العتاد العسكري، وتدمير خمسة مختبرات لتصنيع العبوات الناسفة، وأربع غرف لعمليات الاستطلاع.
واعترف بإصابة أحد جنوده بجراح بالغة الخطورة جراء إطلاق النار من مقاومين فلسطينيين. في المقابل أظهرت فيديوهات لمقاومين تفجير جيب عسكري إسرائيلي أثناء الانسحاب من المخيم من دون أن يعلن الاحتلال عن أي إصابات.
وبعد الانسحاب انهمك المواطنون في عملية إزالة مخلفات العدوان في مهمة تبدو شبه مستحيلة في ظل تكرار الهجمات على المخيم، حيث يتنقل جيش الاحتلال في 3 مخيمات أساسية في عمليات أسبوعية وهي جنين ونور شمس وطولكرم.
وقال أحد المواطنين إن الدمار لا يمكن الحديث عنه، فالمشهد يظهر حجم الدمار، وتساءل: «الشوارع ما علاقتها؟ يتم تدميرها، نحن أمام عملية تدمير ممنهجة وسرقة وقتل واعتقال».
وتابع: «نحن نعلم هدف الاحتلال، إنه يريد أن نصل الى نتيجة نقول فيها إن المقاومة هي السبب في كل ذلك. لكن نقول لهم نحن مع المقاومة، وسنبقى داعمين لها، أولادنا وشبابنا ونساؤنا مع المقاومة، ما نقوله هو كلمة واحدة وهي أن المقاومة تاج على رؤوسنا».
وتابع: «ما يقومون به هو من أجل أن نصل الى مرحلة نقول فيها للمقاومة توقفوا، لكن العكس هو الذي يحدث، نحن وكل المخيم سند، ولن نتهجر من المخيمات».
وأضاف: «في حال خرجنا فسيكون من أجل العودة الى بلادنا، المقاومة ثابتة والدمار والمأساة كبيرة. لكن كله يمكن تعويضه والمال لا شيء أمام سلامة المقاومين».
وعقب أحد المواطنين بعد أن دمر الاحتلال محلا لبيع الهواتف الخلوية، ومخبزا إلى جانب سيارة من نوع جيب، مشيرا بنوع من الغضب إلى أن سكان المخيمات يتوقعون كل شيء من الاحتلال، حيث التدمير والقتل والتنكيل، لكنه تساءل: أين هي القيادة التي تغيب عن المشهد؟
لا يمكن كسره
وقال: «العتب على القيادة التي لا تنظر غلى شيء اسمه المخيم»، وطالب بأن تأتي القيادة الى لمخيمات وتعيش ظروف الحال التي يعيشها المواطنون.
وتابع: «لن نأسف على ما خسرناه، ولا عتب على الاحتلال، والحقيقة أن المخيم لا يمكن كسره، وفي المقابل لا يوجد من يمثل اللاجئين، المخيم يمثل نفسه فقط».
وأضاف وهو يسير مستعرضا ما تعرض له من خسائر: «الخسائر هي ضريبة ندفعها لكوننا لاجئين، وفي المقابل تحول مخيم طولكرم ليصبح أسطورة، وهنا لا يمكن أن تكسر شباب المخيم. كل ما يجري فداء للشباب».
وقال مدير عام الإدارة العامة لدائرة شؤون المخيمات في منظمة التحرير، محمد عليان، إن «ما تتعرض له المخيمات هو جانب من مسلسل إجرامي احتلالي يمارس في غزة وأصبح يمارس بنفس الصورة في الضفة الغربية».
وتابع في حديث صحافي: «الدموية في التعامل مع الفلسطيني تتنقل من مكان الى آخر ومن مخيم الى آخر، وهي تصب في محاولة التهجير التي أصبحت تسير بطريقة ممنهجة، لكن يقابل كل ذلك بصمود المخيمات رغم كونها الأكثر فقرا وصعوبة للحياة».

شهادات مروعة للأهالي: جنود الاحتلال تبوّلوا على جثة شهيد

الضفة – «القدس العربي»: تبقى القصة الأبرز خلال اقتحام الاحتلال لطولكرم، تلك المتعلقة بالشهيد عبد الله عثمان الذي وثق مواطنون عبر فيديوهات تظهره مقيد الرجلين واليدين، وممددا على الأرض على وجهه.
وكانت الروايات قد تضاربت حول ما تعرض له الشهيد. وفي شهادة أم جمال أبو هيش التي يقع منزلها في مكان استشهاد الشاب عثمان، أكدت أن الشاب تفاجأ بالجنود الذي أطلقوا النار عليه من داخل منزلها، وأنهم قاموا بعد إطلاق النار عليه والتأكد من استشهاده بالدعس عليه بالأرجل وركله وضربه وشتمه بمختلف الألفاظ.
وتضيف: «كما قام الجنود بالسخرية من الشهيد ومن ثم تصوروا معه وهم يضحكون، ولاحقا قاموا بتمزيق أغطية من منزلها، ومن ثم سحبوه وقاموا بربطه وتعليقه على عمود قريب من المنزل وهناك نكلوا بجثته وقاموا بالتبول عليه».
وبقي الشهيد عثمان لساعات ممددا على الأرض حتى تمكنت مسعفتان من الهلال الأحمر الفلسطيني في تمام الساعة السابعة مساء من الوصول الى المكان ونقله إلى منزل مجاور حيث تم تنظيفه من آثار الدماء، ومن ثم نقله عبر سيارات إسعاف الى منطقة تمكنت سيارة الإسعاف من الوصول إليها.
في حين روت المسعفة داليا حدايدة تفاصيل محاولة إنقاذها للشاب عبد الرحمن، مشيرة إلى أنها خاطرت بنفسها وبطواقم الإسعاف من أجل إنقاذ الشاب الذي تبين أنه كان قد استشهد.
وقالت: «في ساعات المساء وبعدما أعلن عن انسحاب جزئي تمكنت برفقة مسعفة أخرى من الاقتراب من المكان، وهناك وجدت الجثة مسحوبة من مكانها وملفوفة بغطاء وكان جسمه باردا وينزف، حيث قمنا بنقله الى منزل قريب وهناك طلبنا الإسعاف الذي جاء وتمكنا من نقله، لكن الجنود اعترضوا طريقنا وفتشوا السيارة وحاولوا اختطاف الجثة، لكننا رفضنا ذلك وتمكنا من نقله الى لمستشفى». وفي مشهد آخر نشر جنود من جيش الاحتلال فيديوهات تظهرهم في لحظات تنكيل بالمواطنين، حيث ظهر في أحد الفيديوهات جنود يجلسون على كنب يعود لأحد المنازل فيما يجلس معتقلون معصوبي الأعين على الأرض، فيما الجنود يغنون ويضحكون ويسخرون منهم.
وفي فيديو ثان، نشرته صفحات عبرية ظهر جندي متدين وهو يقوم بالنفخ في البوق في إشارة توراتية، فيما يظهر في خلفية المشهد مئات الجنود في أحد شوارع المخيم وهم ينفذون عمليات تمشيط واسعة.
وروت إحدى الأمهات ان جنودا متدينين قاموا بتكثيف عمليات التدمير الممنهج في المخيم، وفي استهداف العائلات التي تم نقل رجالها وشبابها إلى مناطق بعيدة من أجل التحقيق الميداني معهم، فيما بقي الأطفال والأمهات وسط الخوف والرعب.
وقالت مواطنة إنه في حالات كثيرة قام الجنود بالسيطرة على المنازل، فيما طردت النساء والأطفال في البرد والعتمة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.