المفكر المصري محمد سيف الدولة: معبر رفح يخضع للرقابة والفيتو الإسرائيلي والأمن القومي المصري بات مهددا
الأردن العربي – الأحد 21/1/2024 م …
تواجه مصر انتقادات تتعلق بتحكم الاحتلال الإسرائيلي في حجم المساعدات التي تدخل قطاع غزة عبر معبر رفح البري، في وقت تتصاعد المخاوف من تنفيذ الاحتلال خطة تهجير أهالي القطاع إلى سيناء.
المفكر المصري القومي محمد سيف الدولة مستشار رئيس الجمهورية الأسبق للشؤون العربية، أكد أن مصر مكبلة باتفاقية فيلادلفيا التي جعلتها تقوم بدور مراقبة غزة، مؤكدا أن على السلطة في مصر أن تسعى للتحرر من قيود اتفاقية السلام المعروفة إعلاميا بـ«كامب ديفيد».
وأكد سيف الدولة في حديثه لـ«القدس العربي» أن مصر تمتلك من الأدوات ما يمكنها للتصدي إلى مخطط تهجير أهالي القطاع إلى سيناء. وفي ما يأتي نص الحوار.
○ كيف ترى اتهام إسرائيل لمصر بأنها المسؤولة عن منع إدخال المساعدات إلى قطاع غزة؟
• هذا الاتهام كاذب، مصر بريئة من منع إدخال المساعدات، فمصر وإسرائيل وقعتا عام 2005 اتفاقية تسمى «فيلادلفيا» بعد انسحاب الاحتلال من غزة تحت ضغط المقاومة، وهذا الانسحاب تسبب في ضغط على الاحتلال لأن الحدود بين مصر والقطاع لم تعد تحت سيطرته، فقرر الاحتلال أن يكلف مصر بمراقبة الفلسطينيين والمقاومة وتهريب السلاح، وأنا اسمي هذه الاتفاقية بأنها الاتفاقية المصرية الإسرائيلية لمراقبة غزة، في المقابل وافق الاحتلال لمصر على وجود 750 جندي حرس حدود مسلحين بأسلحة خفيفة، رغم أن مصر طلبت وجود 2250 جنديا لتقسيمهم على 3 فترات، وبموجب هذه الاتفاقية، بات معبر رفح يخضع للرقابة الإسرائيلية والفيتو الإسرائيلي، وهذه الاتفاقية تخضع لاتفاقية أكبر هي «اتفاقية المعابر الفلسطينية الإسرائيلية» وهي الاتفاقية التي كانت تعطي لإسرائيل حق الرقابة وتحديد من يعبر منه، في وجود إشراف ورقابة من الاتحاد الأوروبي، وعندما تولت حركة حماس المسؤولية في قطاع غزة، انسحب الاتحاد الأوروبي وانسحب الاحتلال، وغرفة الكنترول الإسرائيلية لم تعد قائمة، وأصبحت مصر تقوم بهذا الدور، على أن توافق إسرائيل على مرور الأشخاص أو حتى البضائع.
وأذكر أنه في عام 2008 نظمنا عدة قوافل لمحاولة الدخول إلى غزة، وكنا أمام المعبر في إحدى المرات وسألنا أحد الضباط لماذا تأخرتم علينا في الرد والسماح لنا بدخول القطاع، فرد علينا، أن الأسماء أرسلت لإسرائيل وننتظر الرد.
وبالتالي الاتهام الإسرائيلي كاذب، ولكن، مصر إذا كانت بريئة من اتهام منع المساعدات، فهي غير بريئة من السماح لإسرائيل أن تفقدها السيادة الكاملة على معبر رفح، هي ممتنعة عن توقيع اتفاق معابر مصري فلسطيني مستقل عن إرادة الاحتلال، فعليها أن تعامله معاملة معبر السلوم مع ليبيا.
ومصر ليست بريئة من تصدير حسن العلاقات مع الاحتلال، في ظل المذابح التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق أهلنا في فلسطين.
○ لماذا لا تقدم مصر على فتح المعبر أمام كافة المساعدات بعد الاتهام الإسرائيلي الذي تجاهل الاتفاقية؟
• لأن مصر منذ سبعينيات القرن الماضي، تضع علاقتها مع إسرائيل، كأولوية على أي علاقات أخرى، وهذا الأمر بموجب نصوص واضحة في اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، فالمادة السادسة، تنص على أن المعاهدة لها أولوية على أي اتفاقيات أخرى سابقة وقعتها مصر في إشارة لاتفاقية الدفاع العربي المشترك، وعدم السماح للطرفين في المستقبل توقيع أي معاهدة تخل بالالتزامات الموجودة في هذه الاتفاقية، وأن هذه المعاهدة مستقلة عن أي أحداث أو أطراف، وبالتالي وفقا لنصوص كامب ديفيد، نحن مقيدون وإرادتنا مجروحة ومقيدة في أي علاقات مع إسرائيل، وهذا هو الجانب القانوني في اتفاقية كامب ديفيد الباطلة.
وهناك جانب آخر، فبعد حرب 1973 خرج التيار الرئيسي الذي دشنه الرئيس الراحل أنور السادات ويحكم مصر حتى الآن بطرح تتبناه كل مؤسسات الدولة، يتمثل في أن التبعية هي الحل، وأن الحل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على مصر، أن ندخل تحت الحماية الأمريكية، وبالتالي لا أستطيع أن أغضب الولايات المتحدة أو إسرائيل في أي صغيرة أو كبيرة، وبالتالي طالما هناك تعليمات أمريكية بعدم إدخال مساعدات إلا بموافقة إسرائيل، فستلتزم مصر، رغم إن أمنها القومي مهدد، في ظل حرب التجويع والتعطيش القائمة الآن في القطاع.
○ السلطة تبرر موقفها بأنها ملتزمة باتفاقيات لم توقع عليها، فهل يمكن لها أن تتحرر من هذه الاتفاقيات؟
• نعم وهناك شقان، الأول أن كل الرؤساء الذين حكموا مصر منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد، ينتمون لمدرسة التبعية هي الحل، ولكن هناك فرقا بين الطريقة التي التزم بها الرئيسان محمد أنور السادات ومحمد حسني مبارك في التعامل مع اتفاقية كامب ديفيد، والطريق التي يتعامل بها الرئيس عبدالفتاح السيسي.
السادات ومبارك وخاصة مبارك لأنه حكم مصر لأكثر من 30 عاما، تعامل بطريقة مكره أخاك لا بطل، لكن السيسي تعامل مع الأمر بعنوان بطل أخاك لا مكره، لدرجة أن بعض المحسوبين على السلطة يتحدثون عن أنهم أخطأوا في فترات سابقة عندما كانوا يتعاملون مع إسرائيل كتحدي، وأنه آن الأوان أن نتعامل معها كفرصة أي كصديقة حليفة.
وفي هذا الشق أيضا من المهم التذكير، عندما تدهورت العلاقات بين مصر والولايات المتحدة في صيف عام 2013 وقررت أمريكا تعليق نسبة من المساعدات العسكرية لمصر، تدخلت إسرائيل للمرة الأولى لإقناع الإدارة الأمريكية بتسليم المساعدات إلى مصر، فالاحتلال اعتاد كل عام في شهري آذار/مارس ونيسان/ابريل، أثناء مناقشة الميزانية الأمريكية أن يضغط على الكونغرس، لمنع المساعدات عن مصر، بسبب عدم إغلاقها للأنفاق مع قطاع غزة.
وهذه كانت أول مرة يضغط الاحتلال على أمريكا لتسليم المساعدات لمصر، وهذا ما يمكن تلخيصه فيما قاله مصطفى الفقي سكرتير رئيس الجمهورية الأسبق عام 2010 من أن رئيس مصر يجب أن توافق عليه الإدارة الأمريكية ويحظى بقبول إسرائيل.
الشق الثاني، يتمثل في أن التحرر من كامب ديفيد، هو السبيل الوحيد لإنقاذ مصر، ومثلما طالبت كل القوى الوطنية قبل ثورة 1952 بالتحرر من الاحتلال البريطاني، فعلينا أن نطالب بالتحرر من التبعية الأمريكية.
لكن التحرر من التبعية الأمريكية وكامب ديفيد لن يتم عبر مؤسسات الدولة التي تربت في أحضان كامب ديفيد، وتستفيد من صفقاتها، والتحرر من التبعية لن يتم إلا من خلال وجود ضغط شعبي هائل يجبر أمريكا والمجتمع الدولي على قبول تحرير مصر من كامب ديفيد، وكان الأمر قابلا للتنفيذ في فترة وحيدة أثناء ثورة يناير، وحدث بالفعل عندما تمكنا من إغلاق سفارة إسرائيل الذي استمر إغلاقها لمدة 4 سنوات، وكانت السعودية ودول الخليج يرفضون محاكمة مبارك، والشارع صمم على محاكمته، في عدة اختبارات أجبرت الثورة المجتمع الدولي على قبول شروطها، ولكن للأسف أن كل الفرقاء السياسيين من كافة الاتجاهات كانوا اتخذوا قرارا بعدم استفزاز الولايات المتحدة وإسرائيل، وإرسال أكبر قدر من التطمينات لكليهما بأنهم لن يقتربوا من اتفاقية كامب ديفيد، وضاعت علينا هذه الفرصة.
وفي النهاية يمكن القول إن الإدارة الحالية في مصر تتعبد في معاهدة كامب ديفيد، وأنا اسميهم كهنة كامب ديفيد، وأن الحل الوحيد للتحرر هو وجود حالة شعبية ضاغطة في الشارع المصري.
○ هدد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بإعادة احتلال محور فيلادلفيا، هل تسمح له الاتفاقية بإعادة الاحتلال؟
• اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية في مادتها الرابعة تحدثت عن ترتيبات أمنية ووضعت لها ملحق أمني، هو قدس الأقداس المفروض على رقبة مصر، يمكن تلخيصه في أن أقرب دبابة إسرائيلية للنقطة الحدودية تبعد 3 كيلومترات، فيما تبعد أقرب دبابة مصرية عن نفس النقطة 150 كيلومترا، وبالتالي هذا هو ملخص أزمة الأمن القومي المصري، فالاتفاقيات الموقعة انحازت للأمن القومي الإسرائيلي عن الأمن القومي المصري، عبر مرحلتين، الأولى تمت عام 1974 فيما يسمى باتفاقية فض الاشتباك الأول، حين قبل السادات شروط وزير الخارجية الأمريكي آنذاك هنرى كيسنجر بسحب القوات المصرية التي عبرت في 6 تشرين الثاني/اكتوبر 1973 وإعادتها مرة أخرى إلى الضفة الغربية لقناة السويس، فكان لدينا 80 ألف جندي تم إعادة 73 ألفا، وكان لدينا ما يوازي ألف دبابة، تم سحبها وترك 30 دبابة، مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من الثغرة.
في المرحلة الثانية، صنعت إسرائيل لمصر حدودين، دولية وهي التي نعرفها بين مصر وفلسطين المحتلة، وحدود أمنية، على بعد 55 كيلومترا من قناة السويس، من خلال تقسيم سيناء إلى 3 مناطق، الأولى، بجوار قناة السويس، مسموح فيها بتواجد 22 ألف جندي مصري و230 دبابة، والمنطقة ب وعرضها 109 كيلومترات ومسموح فيها بـ 4 آلاف عسكري حرس حدود فقط، والمنطقة ج، عرضها 33 كيلومترا بجوار فلسطين، وغير مسموح فيها إلا بقوات الشرطة فقط، بالإضافة إلى بعض القوات المصرية التي سمحت بها إسرائيل لمكافحة الإرهاب، في المقابل تنص الاتفاقية على شريط حدودي من الجانب الآخر عرضه 3 كيلومترات، وقيدت وجود إسرائيل العسكري بـ4 آلاف عسكري حرس حدود فقط ولا يجوز لإسرائيل وضع مدرعات في هذه المنطقة، ومحور فيلادلفيا يقع في هذا الشريط الحدودي، وبالتالي لا يجوز لإسرائيل، احتلال المحور، ورغم أننا نطالب الإدارة المصرية بالتحرر من شروط كامب ديفيد، إلا لو أنها مصرة على الالتزام بالاتفاقية، فعليها رفض إعادة احتلال المحور لما يمثله من انتهاك للاتفاقية.
كما أنه ليس من حق مصر أو أي دولة أخرى أن تعطي لإسرئيل حق احتلال أراض فلسطينية، وهنا أرد على بعض المتحدثين باسم السلطة، الذين تحدثوا عن أن إعادة احتلال المحور لابد أن يتم بالتشاور مع مصر، من خلال لجان التنسيق.
○ تحدثت عن تعامل مبارك والسيسي مع كامب ديفيد، ما الفرق بينهما؟
• مبارك لم يهدم الأنفاق، ولم ينشأ منطقة عازلة ولم يفرغ منطقتي رفح والشيخ زويد من سكان، على عكس السيسي الذي فعل كل ذلك، وما قام به مبارك، يعود لسبيين، الأول أن الدولة المصرية تعي أنها حتى لو لم ترغب في قتال إسرائيل، فإنها ترغب في وجود من يشاغب المحتل، والسبب الثاني انه في عام 2008 نظرا لحالة الحصار، اقتحم أهالي فلسطين الحدود وحصلوا على احتياجاتهم وعادوا مرة أخرى، وكانت وجهة نظر مبارك ومؤسساته انه لابد من وجود مكان للتنفيس، وهذه مشكلة نعاني منها.
○ المسؤولون المصريون أعلنوا أنهم يرفضون مخطط تهجير أهالي القطاع، لكن حتى الآن لم تتخذ خطوات للتصدي لهذا المخطط، في رأيك ما الخطوات الواجبة على السلطة في مصر لمنع التهجير؟
• التهجير القسري قائم على قدم وساق في كل مرة تقدم فيها قوات الاحتلال على هدم منزل أو مستشفى أو البنية التحتية وتقتل الناس في الشمال للنزوح إلى الجنوب، ومن يتصور أنه في يوم من الأيام، سنجد مئات الآلاف من أهالي القطاع أمام بوابة رفح يريدون الدخول وسنقول لهم لن تدخلوا واهم.
السلطة المصرية تنقل يوميا تصريحات المسؤولين الأمريكيين التي تؤكد رفضهم للتهجير، وعلى السلطات المصرية ألا تصدق الادعاءات الأمريكية، والرئيس الأمريكي قدم للكونغرس طلبا تم نشره بالفعل، بـ14 مليار دولار لدعم إسرائيل في الحرب على غزة، مقسم إلى بنود إحداها مخصص لهجرة أهالي القطاع إلى دول مجاورة.
وعلينا أن نعي مخاطر التهجير القسري على مصر، لو كنا نعيش حالة قومية والمصريون في حالة صراع مع الاحتلال، والفلسطينيون كذلك، كما كانت الحالة بعد حرب 1967 وحدثت ضغوط عسكرية من الاحتلال أجبرت الأشقاء الفلسطينيين على التقهقر والانسحاب لإعادة التنظيم ومعاودة الهجوم، كان الأمر اختلف، لكن هذا ليس الوضع القائم، وبالتالي عندما يتم التهجير القسري، ستأتي غزة بأهلها بمقاومتها وسلاحها، وسيكون في سيناء سيادتان مسلحتان، والدستور المصري ينص على انه لا يحق لأحد أن يحمل السلاح إلا القوات المسلحة، وبالتالي ستكون هناك قطعة من أرض مصر مساحتها 60 ألف كيلومتر مربع، عليها قوتان مسلحتان، بالضرورة سيتكرر ما حدث في أيلول الأسود في الأردن وفي الحرب الأهلية اللبنانية، وسيتحول الصراع، من حرب تحرير فلسطينية في مواجهة المحتل لصراع بين المقاومة الفلسطينية ومؤسسات الدولة المصرية.
وهذا الأمر سيترتب عليه سقوط شرعية النظام الحاكم في مصر، لان أي نظام يحكم حتى لو كان مستبدا يستمد شرعيته من الحفاظ على الأرض، فإذا كانت القيادات المصرية متخيلة أن الأمر ممكن أن يتم وأن تظل في مواقعها فهي واهمة.
وهناك تسريبات أتمنى ألا تكون صحيحة، تتحدث عن ضغوط تتعلق بإسقاط ديون مصر مقابل القبول بمخطط التهجير، وهذا لو تم ستكون المرة الثانية التي تبيع فيها مصر الرسمية فلسطين، الأولى عندما اعترفت بشرعية إسرائيل وانسحبت من الصراع.
وما قامت به مصر حتى الآن تمثل في تصريحات بأن التهجير خط أحمر وهدد السيسي بأن يجعل المصريين يخرجوا إلى الشوارع، وسمح بالتظاهر، لكن كانت هناك مظاهرتين، الأولى تتبع مؤسساته، وأخرى للشعب المصري الحقيقي، وترك المظاهرات 24 ساعة قبل أن يلقي القبض على قيادات التظاهرات، وحذر التظاهر، والإدارة الأمريكية وإسرائيل يعرفون أن الدولة المصرية قادرة على التحكم في المظاهرات التي تنظمها، وما يخيف أمريكا وإسرائيل وجود حالة شبيهة لثوار يناير يرفضون التهجير ويهتفون ضد أمريكا وإسرائيل.
كما قامت مصر بتفتيش حرب كان فيه استعراض للقوة، لكنه في مدينة السويس وليس في سيناء، وبينه وبين سيناء حاجز مائي هو قناة السويس وبنود معاهدة كامب ديفيد، التي لا تسمح للقوات المصرية بدخول سيناء.
ولدى السلطة المصرية، خطوات يمكن اتخاذها لوقف التهجير، منها تجميد المادة الرابعة من اتفاقية السلام، وتدفع بقوات إلى المنطقة «ج» بالقرب من الحدود، اعتمادا على سند قانوني دولي هو نظرية تغير الظروف، وهو حق الدول في إعادة النظر في بنود الاتفاقيات إذا تغيرت الظروف التي وقعت فيها، والأمن القومي المصري مهدد الآن بضياع سيناء، وإعادة الأهالي الذين تم تهجيرهم من رفح والشيخ زويد وتلغي فكرة المنطقة العازلة، وتجميد اتفاقية فيلادلفيا وإدخال المساعدات رغم أنف إسرائيل، وتدشين دعوة واسعة لتواجد كل الفنانين والسياسيين الداعمين لفلسطين من أوروبا وأمريكا للاعتصام أمام معبر رفح لصناعة حماية من الرأي العام الدولي لحماية المساعدات، ويمكنها إلغاء صفقة استيراد الغاز من إسرائيل وقيمتها 15 مليار دولار، وتلغي اتفاقية طابا التي تسمح للسياح الإسرائيليين بدخول شواطئ خليج العقبة لمدة أسبوعين بدون تأشيرة، وإلغاء اتفاقية الكويز، وتلمح للولايات المتحدة أنها ستتوقف عن تقديم التسهيلات الممنوحة لها في قناة السويس.
○ لكن السلطة في مصر تعتبر أن مثل هذه الخطوات هي إعلان حرب؟
• هناك كذبة كبرى تتمثل في أن المطالبة بتحرير مصر من قيود اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية ستؤدي إلى حرب، وستعيد إسرائيل احتلال سيناء، قياسا على ذلك، إذا لم تقم الآن بإدخال قوات مصرية لحماية سيناء، ستضيع سيناء وبدون حرب، وبالتالي الالتزام باتفاقية السلام يؤدي إلى احتمال كبير لفقدان سيناء، والتحرر من الاتفاقية، يحمل ضمانات أكبر لحماية سيناء.
○ وصفت الدول العربية بأنها تلعب دورا في حماية الأمن الإسرائيلي، كيف ذلك؟
• كان للمفكر عبدالوهاب المسيري مصطلح وصف فيه إسرائيل بالدولة الوظيفية، التي صنعها الغرب لحماية مصالحه، باعتبارها قاعدة عسكرية استراتيجية رخيصة للغرب، وحاجزا بشريا بين المشرق والمغرب للحيلولة دون وحدة الأمة العربية، وشرطي تأديب للأنظمة العربية، وهذا أمر نجحت فيه بعد حرب 1973 ما دفع عدد كبير من الأنظمة العربية للدخول في الحظيرة الأمريكية، إضافة إلى أن أمريكا تحتكر تسليح كل الدول العربية، والشرط الرئيسي لبقاء الحاكم العربي في مكانه هو الاعتراف والقبول من أمريكا، كما قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إن السعودية وعددا من الدول العربية ليست سوى محميات أمريكية، إذا رفعت أمريكا الحماية عنها ستسقط خلال أسبوع، وبالتالي الوضع الآن يؤكد أن دور الأنظمة العربية هو تنفيذ المشروع الأمريكي وحماية إسرائيل، إضافة إلى أن تقسيم الحدود العربية فيما يعرف بالإقليمية العربية وبعودتها إلى اتفاقية سايكس بيكو، فإن الدول العربية تلعب دورا في حماية إسرائيل من الشعوب العربية، وهذا يفسر غياب المظاهرات في البلدان العربية بالمقارنة بالدول الأوروبية، ولماذا لم يطلق نظام عربي واحد رصاصة على إسرائيل، بل أن كل الأنظمة العربية تدين العدوان الإسرائيلي وتدين في الوقت نفسه عملية طوفان الأقصى، وفي النهاية إذا تعامل المواطن العربي مع الأنظمة العربية باعتبارها ولاة للسلطان الأمريكي، سيفسر له ذلك كثيرا ما يحدث في المنطقة.
○ هل تتفق مع الآراء التي تقول إن هناك مؤشرات على ان الكيان الصهيوني دخل في نفق النهاية؟
• لا اتفق مع هذه الآراء، فاحتمال تفكك إسرائيل الداخلي هو أمر مشكوك فيه في المستقبل القريب، لأن إسرائيل ليست دولة ومجتمعا طبيعيا، والغرب سيكون دائما مهتما ومسؤولا في ضمان بقاء الدولة رغم كل التناقضات، ما لم يتم استيفاء عدة شروط أهمها نجاح ضربات المقاومة المستمرة التي تجبر الإسرائيليين على ذلك والقيام بهجرة عكسية والعودة إلى حيث أتوا، وأيضا زيادة تكاليف حماية إسرائيل بما يجعل الغرب يسحب يده منها، وهذا لا يمكن أن يحدث دون توجيه ضربات موجعة لمصالحه في المنطقة.
التعليقات مغلقة.