اليمن لأميركا وبريطانيا: لا تراجع عن مساندة غزة والرد آتٍ / علي ظافر

علي ظافر ( اليمن ) – الأربعاء 24/1/2024 م …




صنعاء أكّدت من مختلف المستويات القيادية العسكرية والسياسية أنها لن تتراجع عن عمليات المساندة لغزة لو تحالف العالم كله ضد اليمن.

للمرة السابعة، تشنّ الولايات المتحدة الأميركية والبريطانية عدوانها غير المبرر على اليمن، إذ نفذت مساء أمس الثلاثاء أكثر من 14 ضربة جوية على صنعاء وتعز والبيضاء، بقصف المقصوف واستهداف المستهدف. 

وقد استخدمت هذه المرة طائرات متطورة وقنابل فتاكة كنوع من استعراض القوة وإرهاب صنعاء، بهدف “إضعاف قدرة القوات المسلحة اليمنية”، وثنيها عن مساندة غزة، وإجبارها على رفع الحظر البحري على سفن العدو الإسرائيلي والمتجهة إليه.

تأتي هذه الجولة العدوانية بعد ساعات من إعلان القوات المسلحة اليمنية عن عملية عسكرية جديدة استهدفت سفينة “أوشن جاز” في خليج عدن بصواريخ بحرية متطورة، محقّقة إصابة دقيقة كجزء من الرد الأولي على العدوان الأميركي البريطاني خلال الجولات السابقة، متوعّدة بأنَّ الرد المزلزل قادم لا محالة، وباتخاذ كل الإجراءات الدفاعية والهجومية إسناد لغزة ودفاعاً عن سيادة اليمن.

هذا التزامن يكشف أن عملية القوات المسلحة باستهداف سفينة الشحن العسكرية الأميركية “أوشن جاز” كانت مؤثرة ومؤلمة للأميركي بدليل العملية الهستيرية الأخيرة على خلاف الدعاية الأميركية بأن السفينة المذكورة “لم تتعرض لأي هجوم”. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى، فإن المنحى المتصاعد للعمليات العسكرية اليمنية ضد السفن الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى “إسرائيل” والمساندة لها، أميركية كانت أو بريطانية، يكشف فشل الضغوط العسكرية المتمثل بالعدوان الأميركي البريطاني وزيف الادعاء بتدمير القدرات اليمنية، كما يكشف أيضاً أن خطوة تصنيف أنصار الله “منظمة إرهابية دولية” وفق ما جاء في القرار الأميركي منزوعة المفاعيل على الأرض وغير ذات جدوى على بلد محاصر ومعتدى عليه بمشاركة أميركية واضحة على مدى 9 سنوات.

الأمر الآخر أن العمليات اليمنية الأربع باستهداف 3 سفن تجارية أميركية وسفن شحن عسكرية أميركية يؤكد عملياً، وبما لا يدع مجالاً للشكّ، أن القوات المسلحة اليمنية أدخلت أسلحة متطورة قادرة على تجاوز منظومات الدفاع والرصد الأميركي البريطاني عبر الطيران التجسسي والأقمار الاصطناعية، بل عن العمليات اليمنية، تؤكد تصريحات السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي والرئيس المشاط خلال الفترة الماضية بـ”القدرة على استهداف أي نقطة في البحر، وبما لا يؤثر في حركة الملاحة الدولية مطلقاً”.

أمام تهشم هيبة الردع الأميركية البريطانية، والعجز العسكري والسياسي الواضح عن ثني اليمن عن مواصلة معادلة الإسناد لغزة وتدمير القدرات العسكرية اليمنية، وباعتراف الرئيس الأميركي جو بايدن، تذهب واشنطن ولندن رسمياً إلى الادعاء أن عملياتهما “استهدفت موقع تخزين تحت الأرض” تابعاً للقوات المسلحة اليمنية و”مواقع مرتبطة بالقدرات الصاروخية والمراقبة الجوية”، كما جاء في البيان الأميركي – البريطاني – البحريني المشترك.

المثير للسخرية أن دول العدوان تضع هذه الاعتداءات في خانة “الدفاع عن النفس” و”حماية الملاحة الدولية” كنوع من أنواع تضليل الرأي العام الدولي من جهة، والمشرعين الأميركيين والبريطانيين من جهة، ولمحاولة إعطاء العدوان بعداً قانونياً، وبالتالي جرجرة مزيد من الدول إلى جانب نظام آل خليفة في البحرين لتوريطها في العدوان على اليمن.

هنا تبرز عدة تساؤلات، أهمها: كيف يدّعي الأميركي والبريطاني، اللذان جاءا من وراء الأطلسي، على بعد آلاف الأميال، الى منطقتنا ومياهنا وبحارنا، أنهما في “موقع الدفاع عن النفس”، وأنهما جاءا من أجل حماية الملاحة الدولية؟ وهل عسكرة البحر وتفجير الوضع، في أهم ممر حيويّ، يخدمان الملاحة؟ وكيف للولايات المتحدة وبريطانيا، العاجزتين عن حماية سفنهما التجارية والعسكرية وسفن “إسرائيل”، أن تحميا سفن الآخرين، إن كان اليمن، كما تدّعيان، يهدِّد الملاحة الدولية؟

هذه الأسئلة تقودنا إلى حقيقة مفادها أن من يهدّد التجارة والملاحة الدوليتين، ويهدد الاستقرار الإقليمي، هو “ثلاثي الشر”، الذي يرفض كل الدعوات إلى خفض التصعيد في المنطقة، عبر إنهاء العدوان على غزة.

أما زعمهم أن هذه العمليات العدوانية هدفها حماية “الاستقرار الإقليمي” فهو محض افتراء، فمن شأن هذه الاعتداءات المتكررة والإصرار على جرائم الإبادة في غزة أن يوسعا رقعة الصراع ويدفعا الأمور نحو الحرب الكبرى، وبالتالي توسيع دائرة النار لاستهداف المصالح الأميركية البريطانية الإسرائيلية في المنطقة.

وقد جاءت عملية المقاومة الإسلامية في العراق على ميناء أسدود، وقبلها عملية حرس الثورة الإيراني على سفينتين إسرائيليتين في المحيط الهندي، كجزء من المساندة لغزة والرد على الاغتيالات، مصداقاً لهذه الفرضية التي تخشاها أميركا، والتي ستكون أكبر الخاسرين فيها.

والأخطر من ذلك أن الأميركي والبريطاني يحاولان فصل ما يجري في البحر الأحمر عما يجري من جرائم إبادة في غزة، من خلال اعتمادهم تسمية “بوسيدون آرتشر” لجولة ليل الثلاثاء العدوانية على اليمن، وقولهم إنها منفصلة عن عمليات “حارس الازدهار” الذي فرط منذ الأيام الأولى، والذي لم نجد منه سوى الأميركي والبريطاني ونظام التطبيع البحريني.

صنعاء: نحن في زمن الرد وشعبنا لا يعرف الاستسلام

قبل أن ينحسر دخان العدوان الأميركي البريطاني ليل الثلاثاء، توعدت صنعاء بالرد، وأكدت أن منطق الاستسلام والاخضاع غير مقبول في اليمن، وأن “العدوان الأميركي البريطاني يُعزز تصميم الشعب اليمني على المواجهة”، كما جاء في تصريح أدلى به عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي للمسيرة، مؤكداً أن “العدوان الأميركي البريطاني هو محاولة يائسة لثني اليمن عن مناصرة غزة وإيقاف عملياته البحرية، وهو ما لم ولن يتحقق”، متوعداً بالرد.

هذا ما أكده رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام بأن “اليمن، وعملاً بمبدأ حق الدفاع عن النفس، لن يسمح بانتهاك سيادته، ولن يظل مكتوف اليدين أمام أي عدوان يتعرَّض له”، مهيباً بجميع الدول أن تقف إلى جانب الموقف اليمني، وألا تسمح لنفسها بأن تكون ضحية الخداع الأميركي، مؤكداً أن “على أميركا نفسها أن توقف عملية الهروب من مسؤولية وقف العدوان على غزة نحو اختلاق أزمات الجميع في غنى عنها”.

وسبق أن أكدت صنعاء من مختلف المستويات القيادية العسكرية والسياسية أنها لن تتراجع عن عمليات المساندة لغزة لو تحالف العالم كله ضد اليمن، بل هدد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بأن عمليات الرد ستكون “أكبر وأوسع إذ تكرر العدوان الأميركي”، كاشفاً في خطابه الأخير إدخال صواريخ وأسلحة جديدة إلى الخدمة، مؤكداً أن استمرار الاعتداءات سيمكّن اليمن من تطوير أسلحته الكاسرة للتوازن ولن يضعفها.

هذا يقودنا في النهاية إلى خلاصة واحدة، مفادها أن الرد آتٍ لا محالة وقريب جداً، ليس من باب التخمين والتنجيم، إنما من منطلق اليقين الكامل بأن صنعاء تقول وتفعل، أين؟ وكيف؟ الله وحده يعلم.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.