الشهيد إياد صوالحة.. “صائد الشاباك”.. أسطورة أوجعت الاحتلال
الخميس 10/11/2016 م …
الأردن العربي …
منذ صدح صوت الأذان ينادي لصلاة العصر وحتى غروب شمس اليوم التالي، سرنا باحثين عمّن يحدثنا عن سيرة ذلك الأمير، إلا أننا لم نستطع أن نجد فك لغز الدائرة المغلقة التي
وضعها الشهيد لنفسه، في ظل الملاحقة المستمرة له من قبل قوات الاحتلال وأجهزته الاستخباراتية.
9-11-2016، تطل ذكرى ارتقاء الشهيد القائد في سرايا القدس، إياد أحمد صوالحة (32 عاماً) من بلدة كفر راعي جنوب غرب جنين ، بالضفة الغربية المحتلة، حيث يعد هذا
القائد من الأبطال الذين تركوا بصمات لا تنسى في سجل تاريخ الشعب الفلسطيني بمسيرة نضاله ضد الاحتلال.
جسّد صوالحة ببطولاته وعملياته النوعية التي آلمت الاحتلال وأرقته نموذجا نضاليا ومقاوما يدرّس عبر الأجيال، وأثبت استحالة التعايش مع الكيان الإسرائيلي على أرضنا.
الشهيد القائد صوالحه ينتمي لأسرة مكوّنة من 10 أفراد، أنهى دراسة الثانوية العامة في كفر راعي وأكمل دراسته المهنية في كلية قلنديا للتدريب المهني .
البدايات خاض الشهيد صوالحة غمار الانتفاضة الأولى في صفوف حركة فتح، واعتقل في العام 1992 وحكم عليه بالمؤبد ضمن نشاطه في الفهد الأسود، وفي داخل السجن قرأ لبعض المفكرين الإسلاميين وتأثر فيهم، وأقام علاقات وطيدة مع أعضاء حركة الجهاد الإسلامي في سجن عسقلان، وأفرج عنه في المرحلة الأخيرة من إفراجات التسوية ” اتفاقية واي بلانتيشن” بين السلطة وإسرائيل بعد أن قضى 7 سنوات خلف القضبان.
صفاته
كان الشهيد القائد صوالحة ملتزما بأداء الفرائض وتطبيق السنن وصيام النوافل، حاد الذكاء ، مبتكرا، عزيز النفس، حيث كان يعتبر الشهيد المفكر نعمان طحاينة القدوة والنموذج له، وكان يحرص على لقاءه بشكل متواتر بحيث يأخذ استشاراته في كل الأمور السياسية والعسكرية.
وكان الشهيد إياد عبارة عن دائرة ضيقة ومغلقة في نفس الوقت، متدينا وملتزما ومجهول الشكل والهوية، حافظ على بقاء دائرته مغلقة، الأمر الذي أفشل قوات الاحتلال وأجهزتها الاستخباراتية في الوصول إليه إلا بعد فترة طويلة من المطاردة.
ومن شد حرصه وحسه الأمني، كان بعض المجاهدين يتعاملون معه وهم لا يعرفون إلا لقبه الأول “أبو شقارة”، كان دقيقا في مواعيده وحازما جدا، وفي حال وجود التزام بأي مهمة يلتزم بالدقيقة وفي حال تخلف الشخص يلغى الموعد من شدة صرامته وحسمه للأمور وسرعة قراراته الحكيمة.
مواقف للشهيد من مواقفه الحكيمة أنه وفي إحدى الأيام وبعد مطاردته من قبل قوات الاحتلال والضغط عليه ووضعه على قوائم التصفية كان يتواجد في بلدة جبع جنوب جنين، فحلقت طائرة F16 تلقي القنابل الضوئية فوق مكان تواجده، ومن أجل الهروب قرر بحكمة ودهاء أن يختبئ على جذع زيتونة وقام بتشغيل جهازه الخلوي ورماه باتجاه لكي يراوغ قوات الاحتلال وسار في اتجاه آخر.
وفي شهر حزيران من العام 2002 أقدمت قوات الاحتلال على حصار مخيم جنين من جميع محاوره، حيث كان يتواجد إلى جانب الأسير سعيد الطوباسي في بيت الطوباسي، وطلبت قوات الاحتلال من المواطنين إخلاء منازلهم واقتحموا المنزل إلا أن تدخل العناية الربانية حال دون اغتيالهم أو اعتقالهم بأعجوبة، ليظل إياد صوالحة الرجل الذي أرّق مضاجع الاحتلال ، وشكّل لهم كابوسا يعيشونه ليل نهار.
ومن مواقفه، أن الشهيد المفكر نعمان طحاينة عرض عليه تسجيل بيت باسمه لما بعد استشهاده لكي تتملكه عائلته، إلا انه رفض رفضا قاطعا وقال له هذا ليس في حساباتي، وهمّي هو بيت في الجنة.
بعد الإفراج عقب الإفراج عنه بفترة قصيرة انطلقت شرارة انتفاضة الأقصى، ليبدأ مشواره مع سرايا القدس وانتقاله من العمل العسكري المقاوم في منطقة طولكرم إلى جنين حيث كانت بلدته تتوسط جنين وطولكرم، فكانت باكورة أعماله عملية حاجز الطيبة والتي نفذها الاستشهادي مراد أبو العسل عندما فجّر نفسه وسط مجموعة من ضباط المخابرات ، ليطلق عليه لقب “صائد الشاباك”.
نقل إياد صوالحة عمله العسكري من منطقة طولكرم، من خلال الأسير ثابت المرداوي والشهيد المفكر نعمان طحاينة، ناقلا معه خبراته العسكرية وأساليب جديدة في مقاومة ومواجهة المحتل.
بطولات الشهيد
لم يكن الشهيد إياد مجرد رجل عسكري بقدر ما كان يحمل مشروعا فكريا سياسيا ، فقد كان يتمتع بالقدرات الإبداعية والميدانية والتقنية في تطوير أداء سرايا القدس، فجاءت عملية مجدو التي نفذها الاستشهادي حمزة السمودي من جنين ليفجر جسده وسط مجموعة من الجنود والضباط الإسرائيليين ويوقع 20 قتيلا ، وسبقها محاولة تفجير الشاحنة المليئة بالمتفجرات والتي أفشلتها قوات الاحتلال، وعقب عليها رئيس كيان الاحتلال في حينه شمعون بيرس أنها لو حصلت لغيرت خريطة الشرق الأوسط ، ليعوضها بعدها بعملية مفرق كركور التي نفذها الشهيدان أشرف الأسمر ومحمد حسنين قرب الخضيرة وأوقعت 22 قتيلا وعشرات الجرحى من ضباط وجنود الاحتلال.
وكان إياد صوالحة أحد جناحي سرايا القدس في الضفة الغربية.
استشهاده
في 9من تشرين ثاني من العام 2002 وعندما كان الشهيد البطل إياد يلتزم مكان سكنه السري في حي السيباط بمدينة جنين، وعقب عملية كركور التي أوجعت المحتل شنت قوات
الاحتلال عملية على البلدة القديمة والسيباط ، أطلقت عليها اسم “اجتياح الألوان” لم تشهد محافظة جنين لها مثيلا من قبل، وبعد 14 يوما من الحصار عملت خلالها قوات الاحتلال على استخدام أسلوب الانسحاب الوهمي ، تمكنت قوات الاحتلال من الوصول إلى مكانه السري عن طريق مراقبة هاتفه عندما أرسل رسالة لزوجته مكنت الأجهزة اللاسلكية التي استعانت بها قوات الاحتلال في تجسسها عليه من رصد مكانه .
طالبته قوات الاحتلال بتسليم نفسه عبر مكبرات الصوت إلا أنه رفض إلا أن يكون مقبلا غير مدبر واشتبك معهم، حيث أصاب عددا من الجنود قبل أن تبدأ قوات الاحتلال بهدم
الجدران القريبة من مكانه من الخلف ليستقبلهم بإلقاء قنبلة يدوية عليهم ويستمر الاشتباك حتى لقي ربه شهيدا مقبلا غير مدبر ، واعتقلت قوات الاحتلال في حينها زوجته ونقلتها لمركز تحقيق الجلمة.
التعليقات مغلقة.