شهادات للمحاصرين في غزة والنازحين من خان يونس.. جثث الشهداء في الشوارع واعتقالات خلال النزوح- (صور وفيديوهات)
الأردن العربي – الثلاثاء 30/1/2024 م …
ازداد الوضع الإنساني سوءا في مدينة غزة التي عادت قوات الاحتلال للتوغل في مناطقها الغربية، وفي مدينة خان يونس، التي تتعرض لهجوم بري كبير، حيث سجل سقوط عدد كبير من الشهداء، من بينهم من لا يزال ملقى في الشوارع، بعد استهدافهم من قبل جنود الاحتلال، خلال نزوحهم القسري من مناطق العمليات العسكرية، فيما طالبت وزارة الصحة بحماية طواقمها، التي تتعرض لحصار شديد، وتمنع من تقديم الخدمات الطبية للضحايا.
حصار غرب غزة
ولا تزال قوات الاحتلال تشن غارات جوية قوية، على شكل أحزمة نارية، تستهدف غالبية مناطق مدينة غزة، وتركز على المناطق الغربية من المدينة، التي تتعرض منذ يومين لهجوم بري كبير، بعد محاصرة تلك المناطق وهي مناطق تل الهوا والصبرة والرمال ودوار أبو مازن والميناء ومحيط مشفى الشفاء، من الدبابات الإسرائيلية التي قدمت من مناطق شمال وجنوب المدينة.
وأطبقت الدبابات على شكل “فكي كماشة” على تلك المناطق المحاصرة حاليا، وكعادتها انتشرت فوق سماء تلك المناطق طائرات مسيرة كثيرة، بعضها من نوع “كواد كابتر”، حيث يؤكد السكان أنها تقوم بإطلاق النار على من تجده في الشارع، ما أدى إلى سقوط الكثير من الشهداء.
أطبقت الدبابات على شكل “فكي كماشة” على مناطق تل الهوا والصبرة والرمال ودوار أبو مازن والميناء ومحيط مشفى الشفاء المحاصرة حاليا
وبسبب عملية التوغل البرية، والاستهدافات المباشرة لجنود الاحتلال، سواء “القناصة”، أو المتمركزين في الدبابات، على سكان تلك المناطق، تواجه طواقم الإسعاف صعوبة في الوصول إلى الضحايا.
وكانت قوات الاحتلال طالبت سكان تلك المناطق بالنزوح القسري والتوجه بشكل فوري إلى مدينة دير البلح وسط القطاع، التي تبعد أكثر من 15 كيلومترا سيرا على الأقدام.
ويؤكد سكان من منطقة الرمال أن العملية البرية الحالية التي تنفذها قوات الاحتلال، تشبه تلك العنيفة التي نفذتها قبل أكثر من أسبوع، من حيث القوة النارية، وحجم الدبابات والآليات العسكرية التي دخلت المنطقة.
وحسب رواية أحد الشهود لـ “القدس العربي”، فإنهم يسمعون على مدار الساعة أصوات انفجارات قوية، وإطلاق نار كثيفا، وأكدوا أن هناك خوفا كبيرا على حياتهم، وخشية من إصابة منازلهم بصواريخ إسرائيلية.
ويوضح أن هناك ما أشبه بـ “منع تجول” في المنطقة، حيث التزم السكان منازلهم، خشية من استهدافهم من الطائرات المسيرة، وأكد أن هذا الأمر يزيد من حالة الجوع، خاصة وأن السكان هناك كانوا يتدبرون طعامهم يوما بيوم وبصعوبة بالغة، لشح كميات الطعام هناك، بسبب الحصار الإسرائيلي المطبق الذي تفرضه قوات الاحتلال على مناطق غزة وشمالها.
إجبار على النزوح
وفي السياق، فقد سجل خلال الساعات الماضية، بعد أن طلب رسميا جيش الاحتلال من سكان مربعات سكنية كثيرة في غرب مدينة غزة، النزوح القسري، قيام قوات الاحتلال باقتحام العديد من المنازل هناك، على وقع عمليات إطلاق نار كثيف صوبها، وإخراج الرجال والشبان منها واقتيادهم إلى مناطق مجهولة.
ويخشى السكان أن يتعرضوا لعمليات إعدام ميداني، على أيدي قوات الاحتلال، وأن يجبروا على النزوح القسري بعدها إلى وسط وجنوب القطاع.
كذلك قامت قوات الاحتلال باقتحام “مراكز الإيواء” المنتشرة غرب مدينة غزة، ومنها التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، وقامت باعتقال العشرات من الرجال المتواجدين فيها.
قامت قوات الاحتلال باقتحام “مراكز الإيواء” المنتشرة غرب مدينة غزة، ومنها التابعة لـ”الأونروا”، وقامت باعتقال العشرات من الرجال المتواجدين فيها
وكانت قوات الاحتلال في الاجتياح السابق، نقلت جميع المعتقلين الذين أجبرتهم على السير بين الدبابات، إلى منطقة أنصار، التي أقامت فيها مركزا عسكريا، وهناك أخضعتهم للتحقيق، وتعرضوا خلاله للضرب المبرح، قبل إجبارهم على السير من هناك حتى مدينة دير البلح مشيا على الأقدام، تحت تهديد القصف بالطائرات المسيرة، في حال أخلوا بالأمر العسكري، خلال رحلة النزوح القسري.
ويؤكد شهود عيان أن الطريق الذي حدده جنود الاحتلال لسكان تلك المناطق، من أجل الخروج والنزوح القسري، وهو الطريق الساحلي “الرشيد”، مليء بآليات عسكرية يعتليها جنود الاحتلال، فيما هناك حاجز عسكري على أحد مقاطع الشارع، يجري خلاله التدقيق في شخصيات النازحين.
ويتواصل الهجوم البري على غزة، في الوقت الذي تعاني منه المدينة من أوضاع إنسانية وحياتية صعبة، أساسها نفاد المواد الأساسية الضرورية، وانعدام كل سبل الحياة.
ويواجه السكان صعوبات بالغة في الحصول على كيلو دقيق واحد، والذي بات يباع بأثمان مرتفعة جدا، ويؤكدون أنهم يتعرضون لمجاعة حقيقية.
ولا تزال قوات الاحتلال تتحكم في عملية إدخال المساعدات الإنسانية لسكان تلك المناطق، حيث تسمح بدخول النزر القليل منها، بشكل لا يتلاءم مع احتياجات السكان هناك.
مأساة المنخفض
وفي سياق قريب، فقد أثر المنخفض الجوي العميق الذي تتعرض له المنطقة، على سكان المدينة، كغيرهم من سكان القطاع، خاصة النازحين منهم في الخيام.
وأعلنت بلدية غزة أنها لا تزال غير قادرة على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين بسبب انقطاع الوقود وتدمير معظم الآليات.
وأكدت في بيان لها أن مدينة غزة تعاني من “كارثة صحية وبيئية”، بسبب شح المياه وتراكم النفايات وتسرب الصرف الصحي.
أعلنت بلدية غزة أنها لا تزال غير قادرة على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين بسبب انقطاع الوقود وتدمير معظم الآليات
وحذرت في ذات الوقت من فيضان بركة الشيخ رضوان، التي يجري فيها تجميع مياه الأمطار، ما يعني إغراق منازل مئات المواطنين بسبب استمرار تساقط الأمطار وعدم توفر الوقود.
ولم تتمكن البلدية بسبب عدم توفر الوقود، من تشغيل مضخات مياه تصريف الأمطار من تلك البركة إلى البحر، كما تجري العادة.
وكانت المديرية العامة للدفاع المدني، حذرت من تسرب مياه الصرف الصحي إلى منازل المواطنين ومراكز الايواء، بفعل العوامل الجوية والأمطار الشديدة، وقلة ساعات ضخ مياه الصرف الصحي، بسبب ممارسات الاحتلال.
وفي السياق، فقد استمرت الغارات الدامية التي تنفذها قوات جيش الاحتلال، على مناطق وسط قطاع غزة، وسجل شن الطيران الحربي غارات جديدة على مخيم النصيرات وسط القطاع، استهدفت العديد من المنازل، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء.
الهجوم على خان يونس
إلى ذلك فقد تواصل الهجوم البري العنيف والدامي على مدينة خان يونس جنوبي القطاع، بعد أن وسع جيش الاحتلال من نطاق التوغلات هناك، على وقع عمليات الاستهدافات الجوية وتلك التي ينفذها جنود القناصة الذين يتمركزون في عدة مناطق غربي المدينة.
ولا تزال قوات الاحتلال تجبر السكان على النزوح القسري إما تجاه مدينة دير البلح، أو مدينة رفح، وذلك بعد إخراج السكان واحدا تلو الآخر من بوابة عسكرية، أقامتها غربي المدينة.
وحسب أحد النازحين الذين أجبروا على ترك منازلهم، من شدة الغارات الجوية والاستهدافات المباشرة، وانعدام كل مقومات الحياة بسبب الحصار المطبق لجيش الاحتلال، فإنه مر من خلال بوابة عسكرية أقامها جيش الاحتلال، تفصل ما بين مناطق خان يونس “المخيم والمشروع”، وبين منطقة المواصي غربا.
وأوضح لـ “القدس العربي” أن جنديا إسرائيليا يتكلم العربية بصعوبة كان ينادي عبر مكبر صوت على السكان، ويطلب منهم واحدا تلو الآخر الاقتراب، قبل أن يسمح له بالمرور أو الذهاب إلى منطقة جانبية من البوابة.
وأكد أنه شاهد خلال النزوح معاناة الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى، حيث لم يقدر المرضى وكبار السن على السير لمسافات طويلة حتى الوصول إلى أقرب منطقة تتواجد فيها وسائل نقل.
وقال هذا النازح ويدعى أبو محمد، إنه خاف كثيرا على أفراد أسرته عند الاقتراب من الحاجز العسكري، عندما شاهد آليات الاحتلال، خاصة مع سماع النازحين لأصوات طلقات رصاص.
اعتقالات على الحواجز
وأكد أنه شاهد رجلا لم يسمح له الجندي الإسرائيلي بالمرور من البوابة، وأجبره على الدخول في منطقة مجاورة لها، مخصصة للمواطنين الذين يخضعون إما للتحقيق أو الاعتقال من قبل جنود الاحتلال، وأنهم ساروا خلفه ومروا من البوابة، دون أن يخرج ذلك الرجل.
وحسب هذا الشاهد، فإنه لم يسمح للنازحين الجدد، الذين يمرون عبر بوابة أقامها الاحتلال، بحمل أي أمتعة أو أغطية أو ملابس شتوية، غير تلك التي على أبدانهم، مما ضاعف مأساته عند وصوله إلى مدينة رفح، في ظل الأجواء الباردة.
وقابلت “القدس العربي” أسرا عدة وصلت إلى مدينة رفح قادمة من خان يونس، بين أفرادها رجال ونساء مسنون، وقد تحدثوا عن معاناتهم خلال الخروج سيرا من مناطق سكنهم، حتى الوصول إلى المناطق البعيدة نسبيا عن منطقة الاجتياح.
قابلت “القدس العربي” أسرا عدة وصلت إلى مدينة رفح قادمة من خان يونس، وقد تحدثوا عن معاناتهم خلال الخروج سيرا من مناطق سكنهم
كما قابلت رجالا تفرقوا خلال النزوح عن باقي أفراد أسرهم، وقال أحدهم ويدعى فادي إنه بسبب الاكتظاظ لحظة الخروج من البوابة العسكرية الإسرائيلية، فقد باقي أفراد أسرته، وكان لتوه قد وصل على متن شاحنة تقل النازحين، وبدأ بإجراء اتصالات هاتفية على أمل التواصل معهم لمعرفة منطقة تواجدهم.
ويواجه سكان القطاع صعوبات بالغة في التواصل، بسبب سوء الشبكات، والذي يعود للاستهدافات المتعمدة التي نفذها جيش الاحتلال لشركات الاتصالات منذ بداية الحرب.
هذا وقد سجلت عمليات اعتقال الكثير من المواطنين واستهداف آخرين وقتلهم بنيران جنود الاحتلال، خلال النزوح القسري.
كما استمرت فصائل المقاومة الفلسطينية بالتصدي للهجوم البري على مدينة خان يونس، وأعلنت أذرع عسكرية في عدة بلاغات، عن تمكن ناشطيها من استهداف الدبابات المتوغلة بصواريخ مضادة للدروع وبعبوات ناسفة، محققين إصابات مباشرة وتدميرها.
وفي السياق، فقد تواصلت معاناة الطواقم الطبية العاملة في مدينة خان يونس، وتحديدا في مشفيي ناصر والأمل، حيث لا تزال قوات الاحتلال تحاصر المشفيين، وتمنع طواقمهما من القيام بعمليات إنقاذ ونجدة المصابين.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر التي تدير مشفى الأمل، عن توقف قسم الجراحة في المستشفى، بشكل كامل بسبب نفاد مخزون الأوكسجين، كما أعلن عن قيام آليات الاحتلال بإطلاق النار بشكل مباشر باتجاه النقطة الطبية التابعة للجمعية في منطقة المواصي غربي خان يونس.
كما أعلنت وزارة الصحة أن قوات الاحتلال لا تزال تشدد الحصار على مجمع ناصر الطبي ومستشفى الأمل، مما يشل قدرات المنظومة الصحية في إنقاذ الجرحى نتيجة الحصار، ونفاد العديد من أدوية التخدير والعناية المركزة ومثبتات العظام ووحدات الدم.
وقالت أيضا إن ️الاحتلال الإسرائيلي يرتكب إعدامات ميدانية للمواطنين في خان يونس ويمنع وصول سيارات الإسعاف لإخلاء الشهداء والجرحى.
التعليقات مغلقة.