ما سر الإصرار الأمريكي على إسقاط المقاومة؟ / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – الأربعاء 31/1/2024 م …
لم يكن الإعلام الغربي رائداً في المصداقية بل بنى كل منظومته الإعلامية على أكاذيب، حتى وصل به الحال الى إستخدام أرشيف الحرب على غزة من أجل بث مشاهد مختلفة ليعطوا الحرب على غزة بعداً جماهيرياً، والأهم من ذلك السيناريوهات التي وُضعت في إسرائيل والولايات المتحدة لإدارة غزة بعد انتهاء الحرب و الآمال بالقضاء على المقاومة الفلسطينية.
منذ بداية الحرب على غزة، وأمريكا تضع هدفاً واحداً معلناً لسياستها، وهو إسقاط المقاومة، بغرض تحقيق الهدف الأكبر الخفي، وهو تفتيت الدولة الفلسطينية وفرض مشروع التقسيم على البلاد، وكلاهما فشلت فى تحقيقه حتى الآن، لكنها ما زالت مستمرة في محاولاتها وأهدافها، من محاولة سياسة الدعم المطلق والمستمر لإسرائيل ، ومروراً بتحول السلاح إلى أيدي القوات الاسرائيلية، بل إن بايدن وفي مقال له في صحيفة “واشنطن بوست” قال، إنه يعارض وقف إطلاق النار لأنه يريد حل الصراع والمعنى هنا واضح جداً، أي أنه يأمل في أن تكون نتيجة هذه المعركة القضاء التام على المقاومة، وبالتالي سيكون من الممكن حل الصراع وفق الرؤية الإسرائيلية ، الأمر الذى طرح السؤال حول الأهداف التي تقصفها إسرائيل بالفعل، حتى تكشفت حقيقة الغرض منها، وهو إفشال وقف الحرب على غزة وإطالة أمدها، حتى تحقيق أهدافها التي رسمتها منذ البداية.
لا بد من التأكيد أن واشنطن وفّرت منذ البداية الدعم اللامحدود (الدعم السياسي والعسكري والأمني) لإسرائيل في هذه الحرب، بل إنها قادتها عملياً، على اعتبار أن فشل الاحتلال سيشكل ضربة للمشروع الاستعماري الأمريكي ولمصالحه في المنطقة، وسيؤثر سلباً في الحرب في أوكرانيا ضدّ روسيا وفي الصراع مع الصين.
الجميع يعلم جيداً أن أمريكا تدعم إسرائيل تمهيدا لتقسيم الشرق الأوسط، باستخدام تكتيك لتنفيذ مخططاتهم، هذا ما نشاهده اليوم من خلال دعم بعض الدول الإقليمية والدولية لإسرائيل الارهابية ومساندتها بالمال والسلاح لتنفيذ مخططاتهم لرسم خارطة الشرق الأوسط الجديد، فضلاً عن تململ الحلفاء من المجازر اليومية التي يرتكبها الاحتلال في غزة، خصوصاً مع انتشار صور استهداف المستشفيات والمدارس والمدنيين الأبرياء، إضافة إلى الحصار والتجويع للشعب الفلسطيني. ولذلك منذ أن بدأت الحرب الاسرائيلية على غزة لم تحرز تقدما يذكر، مقارنة بما فعله رجال المقاومة على أرض الواقع.
في السياق ذاته إن إستمرار الإقتتال في غزة هي نية أمريكا وحلفاؤها التي تبحث عن مكاسب ما بعد الصراع، بالرغم من نشر الدمار وتحريك معامل الأسلحة الغربية، إلا أنه لم يحصل الهدف الأكبر لهم، وهو التقسيم الجغرافي لغزة والقضاء على المقاومة، فهناك محور الضد، الذي يسعى على مواجهة العدوان وصده عن غزة، هذا المحور يركز على المقاومة الاسلامية العراقية والمقاومة في اليمن وإيران وسورية وحزب الله في لبنان.
اليوم المقاومة في غزة لا تحتاج إلى شهادة من إعلام الغرب وحليفه لتؤكد أنها تنتصر، فنحن نفهم عمق الخيبة التي يشعر بها الأميركان والإسرائيليين، وحجم الصدمة بالهزيمة التي حلت بهم بعد أن قدم الشعب القلسطيني نموذجاً في الصمود والتضحية والفداء بكل ما يملك من أجل أن تبقى فلسطين منيعة قوية بمقاومتها التي سطرت كل أنواع الملاحم البطولية لتبقى غزة قلعة الأسود تنكسر على أسوارها كل مشاريع وتتحطم على أبوابها مخططات أدواتهم، لذلك فإن تحرير غزة من الكيان الصهيوني وأدواته يحقق عدة أهداف، أهمها:
– ترسيخ وحدة الشعب الفلسطيني لإجهاض المخطط الأميركي الاسرائيلي لتقسيم غزة.
-إثبات قدرة المقاومة الفلسطينية على هزيمة إسرائيل وأدواتها في المنطقة، وفتح الطريق لتحرير بقية المدن الفلسطينية، ومن هنا فإن إسرائيل تعيش أواخر عمرها في فلسطين والمنطقة، والتي بشر نتنياهو بأنه يحتاج إلى أعوام للقضاء عليها، لكن ها هي المقاومة تهزمها بأقل من تلك الفترة.
لذلك نستطيع أن نضع أيدينا في “ماء بارد” لإدراكنا إدراكا يقينياً بأن أمريكا وإستراتيجيتها ستلقى ذات المصير وذات الفشل الذي لقته أدواتها في سورية، وبهذا يتم إسقاط أول هدف من أهداف العدوان على غزة والمتجسد بمحاولة خلق حواجز تعزل الشعب الفلسطيني عن المقاومة ونهجها المقاوم، لذلك ستظل غزة دوماً رأس حربة في وجه أمريكا والحصن المنيع بوجه الكيان العبري وبوجه إجرامه.
التعليقات مغلقة.