نامت أم ماتت.. ما مصير الطفلة هند بعد قضاء ليلة مرعبة بين الجثث بغزة؟
الأردن العربي – الأربعاء 31/1/2024 م …
“كيف قضت هند ليلتها بين جثث داخل سيارة تحيط بها دبابات الاحتلال وكلاب الشوارع؟ لا يمكن لأحد أن يتصور حجم الرعب الذي كانت عليه هذه الطفلة ذات الستة أعوام، وقد بقيت وحيدة على قيد الحياة بعد استهداف سيارة خالها بشار حمادة واستشهاده وزوجته وأطفاله الثلاثة.
لا توجد معلومة مؤكدة عن مصير هند رجب (6 سنوات)، وهل نامت أم ماتت؟، فقد انقطع الاتصال بها عند الساعة الخامسة من مساء الاثنين، وكانت آخر كلماتها، وقد أنهكتها الجروح ومشاهد الرعب من حولها “أنا تعبانة بدي أنام”.
يقول خال هند وشقيق بشار، عمر حمادة: “أكثر من 24 ساعة مرت على هذه الجريمة، مصابنا جلل باستشهاد شقيقي وأسرته، ولم نصل بعد لهند لنعرف مصيرها بعد هذه الليلة المرعبة”.
فيلم رعب
وقعت المأساة عندما استهدفت دبابات الاحتلال المتوغلة في محيط “دوار المالية” بحي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة، سيارة مدنية تعود لبشار حمادة وبرفقته زوجته وأطفاله محمد (11 عاما) وليان (14 سنة) ورغد (13 عاما)، وابنة شقيقته الطفلة هند.
كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد ظهر الاثنين عندما استقبل عمر اتصالا من ليان “عمو أنا مصابة وهند كمان، وأبي وأمي وإخوتي استشهدوا، بدنا إسعاف”.
“حاولتُ تهدئتها، وطلبت منها أن تحاول مساعدة أي أحد بجوارها لوقف النزيف وشجعتها “أنت كبيرة وقوية، لكن الحدث كان أكبر من كل كلمات التشجيع، وأكبر من هذه الطفلة، مش قادرة يا عمو أطلع عليهم (أنظر نحوهم)”، يقول عمر.
وبحسب رواية ليان لعمها عمر، فقد قرر والدها الشهيد بشار النزوح بهم من محطة الوقود التي يملكها قرب “دوار المالية” إلى منزل للعائلة في شارع الوحدة بمدينة غزة بعدما استشعر خطر البقاء، حيث عاودت دبابات الاحتلال التوغل في الحي ومناطق غرب المدينة.
محاولة النجاة
فتحت دبابات الاحتلال نيرانها باتجاه هذه السيارة المدنية، وأوقعت من بداخلها بين شهيد وجريح، وتعالى بشار على جراحه، وفتح باب السيارة في محاولة للنجاة بنفسه وبمن بقي من أسرته على قيد الحياة، فباغتته رصاصات أوقعته شهيدا على مرأى من ليان وهند.
في تلك اللحظات، يضيف عمر، كانت ليان تنزف جراء إصابتها بجروح في فخدها وبطنها، في حين أصيبت هند في ساقها، وتوقفت ليان عن الكلام، وكانت آخر كلماتها “أطلقوا علينا النار كمان مرة، والكلاب هجموا على الجثث”.
وقبيل تلك المحادثة الأخيرة، ولساعات، كان عمر النازح في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، يُجري اتصالات ويبذل محاولات لضمان وصول سيارة إسعاف لمسرح الجريمة في منطقة يعتبرها جيش الاحتلال “عسكرية”، والتحرك فيها يحفه الموت.
ونجحت جهود جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بعد اتصالات أجراها مسؤولون فيها من غزة مع “الارتباط الفلسطيني” في رام الله المسؤول عن التنسيق والتواصل مع الجانب الإسرائيلي، ومع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من أجل تحريك سيارة إسعاف.
نامت أم ماتت؟
ويقول الناطق باسم الهلال الأحمر رائد النمس: “قُطع الاتصال تماما مع سيارة الإسعاف التي تُقل مسعفين اثنين، ولا نعلم أي شيء عن مصيرهما أو عن مصير ليان وهند، ولم يعد هناك أي تواصل منذ الساعة السادسة من مساء الاثنين”.
يرجّح عمر استشهاد ليان بعد آخر مكالمة لها، ويقول “بعد ذلك تواصلت أنا والهلال الأحمر مع هند، وأخبرتني أن الدماء تغطي وجه ليان”.
كان صوت هند يرسم مشاهد الرعب من حولها، وظلت على تواصل مع خالها عمر وطواقم الهلال الأحمر حتى الساعة الخامسة من مساء الاثنين قبل أن تستسلم “أنا تعبانة، بدي أنام”، فهل نامت أم فاضت روحها إلى بارئها؟ يتساءل عمر والألم يعتصر قلبه.
التعليقات مغلقة.