82 عاماً وتعاني الزهايمر وصعوبة الحركة: ما قصة اعتقال إسرائيل لـ “المقاتلة” الخالدي؟
الأردن العربي – الجمعة 2/2/2024 م …
الجيش الإسرائيلي ومصلحة السجون اعتقلوا وحبسوا غزية ابنة 82 وتعاني من الزهايمر مدة شهرين تقريباً استناداً لقانون يسمح بحبس مقاتلين غير قانونيين. بسبب شملها في تعريف مقاتلة غير قانونية، فإن سجن الدامون رفض طلب محامية من قبل جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان للالتقاء معها. وقد أطلق سراحها قبل أسبوعين بعد تقديم التماس ضد منع الالتقاء معها.
فهمية الخالدي، من مواليد 1942، اعتقلها جنود الجيش الإسرائيلي في بداية كانون الأول 2023 أثناء وجودها في مدرسة بحي الزيتون، حيث انتقلت إليها بسبب عمليات القصف. ولأن أولادها يعيشون في الخارج، وبسبب وضعها الصحي، فقد كانت ترافقها ممرضة طوال اليوم. اعتقلوا الممرضة أيضاً، لكن لم يطلقوا سراحها معها، وحسب معرفتنا، ما زالت معتقلة في إسرائيل. تفاصيل كثيرة عن الاعتقال ما زالت غير معروفة، لأنه عندما تم إطلاق سراح الخالدي، لم تتمكن من تذكر ما حدث لها.
جيرانها أخبروا ابنة وأولاد الخالدي بأمر اعتقالهاـ ولكن لم تنجح محاولتهم معرفة مكانها. فمنذ بداية الحرب وإسرائيل ترفض إعطاء معلومات للعائلات ولمنظمات حقوق الإنسان عن مكان وجود المعتقلين من غزة. موضوع حبس الخالدي في سجن الدامون، كان بمحض الصدفة من قبل طاقم جمعية “أطباء من أجل حقوق الإنسان”. محامية أخرى من جمعية لحقوق الإنسان، زارت سجينات من الضفة الغربية، وسمعت عن اعتقال غزية عجوز لا تتحدث وليست في وعيها، فأبلغت عائلة المعتقلة وطاقم جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان.
المحامية منى أبو يونس الخطيب، من جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان، قدمت في 27 كانون الأول طلباً للالتقاء مع الخالدي. في 31 من نفس الشهر، وصل الرد من سجن الدامون: “يحظر على السجينات الالتقاء بمحام استناداً للمادة (6أ) في قانون حبس المقاتلات غير القانونيات من العام 2002، ساري المفعول حتى 21/2/2004”.
حسب معطيات مصلحة السجون، فإنه حتى نهاية كانون الأول فقد تم اعتقال 661 شخص في المنشآت اعتبروا مقاتلين غير قانونيين، بينهم 10 قاصرين في أعمار 16 – 17، وقاصرة واحدة و42 امرأة. ويتضح من هذه المعطيات أن الخالدي كانت من بينهن. هذه المعطيات لا تشمل سكان غزة الذين كانوا مسجونين حتى الآن في معتقلات الجيش الإسرائيلي.
القانون الصادر في 2002 يعتبر المقاتلين غير القانونيين مشاركين بصورة مباشرة أو غير مباشرة في نشاطات معادية لدولة إسرائيل، ولا يحق لهم التمتع بمكانة أسير الحرب حسب ميثاق جنيف. التعديل الذي أجري على القانون في العام 2023 يسمح الالتقاء مع محام بعد 30 يوماً سجناً، لكن المسؤول عن تطبيق هذا القانون في السجن مخول بتمديد فترة منع اللقاء إلى 75 يوماً، كما حدث في حالة الخالدي.
في 10 كانون الثاني، قدم المحامي تمير بلانك التماساً ضد قرار السجن، وأرفق تقريراً طبياً صادراً في حزيران 2023 يفسر المشكلات الصحية وصعوبة الحركة التي تعاني منها الخالدي، إلى جانب مرض الزهايمر. وأشار إلى أنه بسبب منع الالتقاء مع المحامية، فلا تفويض موقعاً لديهم. في اليوم التالي، أمر القاضي رون شبيرا، رئيس المحكمة اللوائية في حيفا، النيابة العامة في حيفا بالرد على الالتماس حتى 14 من الشهر نفسه. المحامية عينات شتيرمان – كوهين من النيابة العامة، ردت في هذا اليوم بأن اللقاء مسموح. ولكن يجب عدم اعتبار المحامي يمثل مقدمة الاستئناف في ظل غياب التفويض. السلطات في السجن حددت لقاء محامية الجمعية مع الخالدي الأحد 21 كانون الثاني.
لكن قبل ثلاثة أيام من هذا الموعد، في 19 كانون الثاني، تم إطلاق سراح الخالدي من سجن الدامون مع خمس معتقلات “مقاتلات غير قانونيات”. عرفت جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان عن هذا التطور بالصدفة. “مرة أخرى؛ سمعت محامية في جمعية أخرى كانت في الدامون من السجينات عن الغزيات الست اللواتي أطلق سراحهن، بمن فيهن الخالدي. محاولة جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان الحصول من النيابة العامة على مزيد من التفاصيل، على الأقل كي ينتظرها شخص من غزة لمساعدتها، محاولة تكللت بالفشل.
ثمة تقارير في وسائل الإعلام أضافت بعض التفاصيل. حسب قول إحدى المحررات في ذاك اليوم، يمكن الاستنتاج بأن الخالدي كانت تذهب أحياناً إلى عيادة السجن وهي مكبلة. ولأن المشي كان صعباً عليها فقد كانت تذهب على كرسي متحرك. وقالت المحررة أيضاً بأن الخالدي ليست العجوز المريضة الوحيدة الموجودة في السجن. وقالت أيضاً إنهن و18 رجلاً محرراً تم إنزالهم قرب معبر كرم أبو سالم، وهي منطقة لم يكونوا يعرفونها تماماً. وعندما بدأوا السير، أطلق الجنود النار في الهواء وصرخوا “ارجعوا، ارجعوا”. وهكذا عادوا وساروا في طريق آخر. مع ذلك، استمر الجنود في إطلاق النار.
في الطرف لفلسطيني للمعبر خيمة تابعة للأونروا يتم فيها استيعاب المحررين. نقلت الخالدي إلى المستشفى في رفح، وما زالت فيه حتى الآن. اتصل المستشفى مع شخص يحمل اسم عائلتها وهو نازح من مخيم الشاطئ للاجئين. فجاء على الفور لرؤيتها. وتبين أنه لا قرابة بينهما. الفيلم الذي أراد فيه سماع قصة حياتها ومن هي ويقرأ تفاصيل هويتها (بما في ذلك حقيقة أنها من مواليد اللد) نشر في الشبكات الاجتماعية. قناة “فلسطين” أيضاً بثت محادثة مع بعض المحررات، منها محاولة فاشلة لإجراء حوار مع الخالدي. وقالت المحررات بأنه قبل أن يتم نقلهن إلى سجن الدامون، تم وضعهن في “هداريم”، كما يبدو معسكر “عنتوت”، وهناك تم التحقيق معهن لبضعة أيام، “10 دقائق في اليوم”.
ناجي عباس، مدير قسم المعتقلين في جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان، الذي تواصل مع عائلة الخالدي ونسق خطوات الجمعية بشأنها، قال إن مدة الاعتقال الطويلة لامرأة ابنة 82 سنة وتعاني من الزهايمر تثير التساؤلات حول جدوى اعتقال وهوية عدد غير قليل من سكان القطاع الذين يحتجزهم الجيش الإسرائيلي ومصلحة السجون. وقال للصحيفة بأن تقارير وصلت للجمعية عن المزيد من المسنين في الثمانينيات والتسعينيات من أعمارهم، اعتقلهم الجيش. وحتى الآن، لم يجر أي اتصال معهم أو مع أبناء عائلاتهم.
وجاء من مصلحة السجون أن “المعتقلة تم استيعابها في 10 كانون الأول 2023 في مصلحة السجون، وتم حبسها 30 يوماً إلى أن أطلق سراحها. في هذه الفترة، كانت محتجزة طبقاً للقانون”. وحسب الشهادات الخالدي، تم إطلاق سراحها في 19 كانون الثاني، أي أنه خلافاً لرد مصلحة السجون، هي مكثت هناك أكثر من 30 يوماً. لم ترد مصلحة السجون على أسئلة هل تم فحص الخالدي من قبل طبيب، وهل قرر سجن الدامون استناداً لهذا الفحص، أنها مقاتلة غير قانونية، التي لا يحق لها الالتقاء مع محام، ألم تجد سلطة السجن أنه من الغريب اعتبار امرأة في وضعها مقاتلة غير قانونية؟
تم توجيه سؤال مشترك لـ “الشاباك” ووزارة العدل: هل حقق “الشاباك” مع الخالدي، وهل له أو لمصلحة السجون صلاحية لإطلاق سراح من اعتقلوا حسب ذلك القانون، عندما يتبين بأنهم ليسوا مقاتلين، وأيضاً لا يمكنهم تقديم معلومات؟ وقالت وزارة العدل إنه يجب توجيه هذه الأسئلة لـ “الشاباك”. و”الشاباك” بدوره لم يرد. وقد جاء من الجيش الإسرائيلي: “الحادثة قيد الفحص”.
عميرة هاس
هآرتس 1/2/2024
التعليقات مغلقة.