لماذا فشلت “ثورة الغلابة” في مصر؟

 

السبت 12/11/2016 م …

الأردن العربي …

شهدت القاهرة ومدن كبرى في مصر حالة استنفار أمني واسع اليوم الجمعة في حين لم تلق دعوات لتنظيم مظاهرات حاشدة في الشوارع احتجاجا على إجراءات تقشف استجابة تذكر.

وانتشرت قوات الأمن ومدرعات الشرطة في شوارع وسط العاصمة التي بدت شبه خالية من المارة بعد أن بقي معظم الناس في المنازل.

ونقل التلفزيون الرسمي عن رئيس الوزراء شريف إسماعيل قوله ‘الشعب المصري اختار الاستقرار والتنمية ورفض أي دعوات تخالف ذلك.’

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد حث المصريين على تجنب التظاهر مشددا على أن طريق الإصلاحات الاقتصادية لا رجعة عنه مهما تكن قسوة السير فيه.

ودعت جماعة مجهولة إلى حد كبير تسمي نفسها (حركة الغلابة) في أغسطس آب إلى تنظيم المظاهرات اليوم 11 نوفمبر تشرين الثاني احتجاجا على إجراءات التقشف التي تقول الحكومة إنها مطلوبة للحيلولة دون انهيار مالي في أكبر الدول العربية سكانا.

وحتى الساعة السابعة مساء اليوم الجمعة بالتوقيت المحلي (1700 بتوقيت جرينتش) لم يحتشد متظاهرون في أي من مدن البلاد وفرقت قوات الأمن عدة مظاهرات محدودة ووقعت اشتباكات طفيفة لم يقتل أو يصب فيها أحد.

وكانت الدعوة للمظاهرات قد أطلقت في أغسطس آب لكن أيدها كثير من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن حررت مصر سعر صرف العملة ورفعت أسعار الوقود الأسبوع الماضي في خطوتين أشاد بهما المصرفيون لكن مصريين استنكروهما واعتبروهما ضربة جديدة للقوة الشرائية المتناقصة لدخولهم في دولة تعتمد على الاستيراد.

وخلا ميدان التحرير مهد انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك بعد 30 عاما في الحكم من المارة تقريبا في حين انتشرت على مسافات متباعدة مدرعات الشرطة كما انتشر ضباط كبار.

وأغلقت السلطات محطة أنور السادات بمترو أنفاق القاهرة الكبرى أسفل ميدان التحرير في إجراء بدا أن الهدف منه منع احتمال وصول متظاهرين من المحطة إلى الميدان.

وقال أحمد عبد الهادي المتحدث باسم الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق إن المحطة سيعاد تشغيلها ‘بعد التنسيق مع الجهات الأمنية المختصة.’

وشددت إجراءات الأمن في ميدان طلعت حرب القريب.

* ‘إجراءات تخيف الناس’

وانتشرت مدرعات شرطة وعربات نقل مجندين في أماكن أخرى في القاهرة مثل حي شبرا الذي يقع على مسافة بضعة كيلومترات من التحرير كما انتشرت في مدن أخرى مثل الإسكندرية التي ألقي القبض فيها على 14 متظاهرا والسويس والمنيا.

وقال شنودة إسحق وهو سائق سيارة أجرة في شبرا ‘بيني وبينك أحسن عشان محدش ينزل. الوجود الأمني دا بيخوف الناس.’

وعلى الرغم من تأييد جماعة الإخوان المسلمين المحظورة للدعوة للمظاهرات يبدو أنها لم تجد استجابة كبيرة إذ لم تنل الكثير من تأييد جماعات النشطاء والمعارضة الرئيسية.

لكن السلطات تأهبت للأمر إذ لا مجال للمخاطرة في مجتمع أطاحت فيه المظاهرات الحاشدة برئيسين في غضون عامين.

وكانت السلطات قد اعتقلت عشرات الأشخاص في الأسابيع الماضية بتهمة التحريض على التظاهر.

وكان المتظاهرون قد اعتصموا في التحرير خلال الانتفاضة التي استمرت 18 يوما وأطاحت بمبارك.

وعندما احتشد المتظاهرون للمطالبة بتنحية الرئيس محمد مرسي في منتصف 2013 تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان وزيرا للدفاع وقائدا للجيش لتحقيق مطلبهم.

وقالت المصادر الأمنية إن الشرطة لاحقت عشرات المتظاهرين في ميدان الأربعين في مدينة السويس شرقي القاهرة الذي سقط فيه أوائل قتلى الانتفاضة. وأضافت أن الشرطة ألقت القبض على عشرة منهم.

وفي محافظة البحيرة في دلتا النيل ردد متظاهرون هتافات مناوئة لغلاء الأسعار وقالت مصادر أمنية إن الشرطة أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع وألقت القبض على 98 متظاهرا في ثلاث مدن. وأضافت المصادر أن المتظاهرين رشقوا الشرطة بالحجارة.

وفي محافظة الشرقية نظم مؤيدون لجماعة الإخوان المسلمين مظاهرة في قرية العدوة مسقط رأس مرسي المنتمي للجماعة لكنهم لم يشتبكوا مع الشرطة.

* السيسي والمعارضة

يعتقد كثير من المصريين والنشطاء أن أيام التغيير عن طريق احتجاجات الشوارع قد ولت. فبعد وصول السيسي إلى الحكم سارع إلى ضرب المعارضة وصدر قبل شهور من انتخابه قانون يمنع التظاهر دون إذن من السلطات الأمنية مما يجعل القليل فقط من المحتجين يخاطرون وينزلون إلى الشوارع.

وقالت وسائل الإعلام الرسمية إن الشرطة طوقت مداخل القاهرة الكبرى لمنع مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين من المشاركة في أي مظاهرات.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن مصدر أمني قوله ‘قوات الشرطة قامت بتطويق مداخل محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية وذلك من خلال نشر الأكمنة والتمركزات الأمنية الثابتة والمتحركة على تلك المداخل سواء بالطرق الصحراوية أو الزراعية.’

وأضاف أن الهدف من ذلك هو ‘الحيلولة دون تمكن عناصر الجماعة الإرهابية من التسلل والاندساس وسط أي من المسيرات التي قد تخرج تلبية لتلك الدعوات المشبوهة لإحداث حالة من الفوضى.’

وقالت وزارة الداخلية أمس الخميس إنها صادرت كمية من الأسلحة والذخيرة كانت مخبأة في مقبرة ومنزل في محافظة الفيوم جنوب غربي القاهرة.

واتهمت الوزارة جماعة الإخوان المسلمين بأنها تنسق مع حركة متشددة لشن هجمات اليوم تزامنا مع المظاهرات.

وأضافت الوزارة أنها داهمت خمسة ‘أوكار لتصنيع المتفجرات’ في أنحاء البلاد يوم الأربعاء واتهمت جماعة متشددة بالتنسيق مع الإخوان المسلمين للهجوم على نقاط تفتيش للشرطة عشية الاحتجاجات.

لكن كثيرا من المصريين الذين تدهور مستوى معيشتهم في ظل الاحتجاجات قالوا إنهم سيلزمون بيوتهم اليوم.

وقال خالد البلشي وكيل نقابة الصحفيين إن الشرطة ألقت القبض على ثلاثة صحفيين خلال تغطية اشتباكات طفيفة بينها وبين محتجين لكن أطلقت سراح أحدهم لاحقا.

وقال خمسة نشطاء تحدثت إليهم رويترز إن احتجاجات الشوارع لن تحقق الكثير وإنهم يخشون اندلاع العنف إذا خرجت مظاهرات.

وقال المحامي الحقوقي مالك عدلي من المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ‘الكتلة الثورية غير مقبلة على التظاهر. إحنا دلوقتي عارفين إن أي حركة في الشارع هتجيب دم. مفيش نتيجة ممكن نوصل ليها مع هذا النظام.’

ووصل السيسي إلى الحكم بوعد بأن يصلح الاقتصاد ويعيد الاستقرار لكن المشاكل تراكمت. وتواجه مصر عجزا في الميزانية بنسبة 12 في المئة بجانب فجوة تمويل تلوح في الأفق لكنها توصلت إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي في أغسطس آب للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار لتعزيز الإصلاحات.

ويتجه مجلس إدارة الصندوق اليوم الجمعة لاتخاذ قرار بالموافقة على القرض. وإذا تم ذلك ستحصل مصر فورا على شريحة قدرها 2.75 مليار دولار.

مع ذلك يشعر المصريون بأنهم يتعرضون لضربات موجعة جراء زيادة الضرائب وأسعار الطعام وتخفيض الدعم.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.