عرب – لعنة النّفط / الطاهر المعز
الطاهر المعز ( تونس ) – الأحد 4/2/2024 م …
بإيجاز
تبلغ مساحة الوطن العربي، من موريتانيا إلى العراق نحو 13,5 مليون كيلومترا مربعا ويُقَدّر عدد السكان بنحو 400 مليون نسمة، ويبلغ طول السواحل العربية حوالي 23 ألف كيلومترا، وتحتوي مياه البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي (الحدود الغربية للمغرب وموريتانيا والصحراء الغربية) والبحر الأبيض المتوسط والخليج العربي على كميات كبيرة ومتنوعة من الأسماك، فضلا عن الغاز الذي ينهب الكيان الصهيوني بعضه، ويحتوي باطن الأرض على معادن مختلفة أهمها الفوسفات، وخصوصًا النفط حيث قُدّرت احتياطيات النفط العالمية – باستثناء النفط الصّخري- (سنة 2020)، بنحو 1,27 تريليون برميلا منها حوالي 720 مليار برميلا بالدّول العربية أو ما يعادل 40% من الإحتياطي العالمي، وفقا لتقرير منظمة الدول العربية المصدرة للنفط أوابك، وتعاني فنزويلا من الحظر الأمريكي لأن نظامها السياسي يريد السيطرة على ثرواته، حيث تضم أكبر احتياطي عالمي للنفط، بحوالي 304 مليار برميل أو ما يعادل 17% من إجمالي الاحتياطي العالمي تليها السعودية وكندا، وأصبح الوطن العربي من أغنى المناطق المنتجة للنفط في العالم، ويتميز نفط البلدان العربية بجَوْدَتِهِ، لأن معظمه من النّفط الخفيف، وبسهولة استخراجه بسبب قرب الآبار من سطح الأرض حيث يبلغ عمق الآبار ما بين 2000 و4000 متر مما يقلل كلفة إنتاجه، حيث لا يصل معدّل استخراجه خمس دولارات للبرميل الواحد من النفط الخام، وخصوصًا في العراق وليبيا…
ارتفع احتياطي البلدان العربية إلى 54,3% من الإحتياطيات العالمية المؤكدة من النفط الخام (سنة 2022)، و29,3% من الإنتاج العالمي للنفط وحصة 30% من إجمالي الصادرات النفطية العالمية، ويُتَوقَّعُ أن تتزايد مساهمة الدول العربية من الإمدادات النفطية العالمية إلى 38,1% سنة 2050، وتمتلك البلدان العربية حوالي 55,2 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي أو حوالي 26,9% من الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي، وبلغ إنتاج الدول العربية من الغاز الطبيعي خلال العام 2021 حوالي 661,5 مليارات متر مكعب وتَبلغ حصتها حوالي 16% من صادرات الغاز الطبيعي المسوق عالميا، وقد ترتفع إلى 19,8% سنة 2050، في حال استمر ارتفاع واردات الصين ( رغم ترتيبها كرابع أكبر منتج عالمي للغاز الطبيعي) التي تُعَدُّ أكبر مستورد عالمي للنفط والغاز الطبيعي بنسبة 41% من إجمالي الطلب العالمي على الغاز سنة 2022، وفق الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط يوم 21 أيلول/سبتمبر 2023، خلال مشاركته في فعاليات الدورة السابعة لمؤتمر التعاون العربي-الصيني في مجال الطاقة، ورغم التحولات القائمة وزيادة إنتاج الطاقات المتجددة، يُتوقّع أن أن تبقى حصة النفط والغاز الطبيعي مرتفعة تعادل 53% من الإحتياجات العالمية سنة 2045، رغم اتجاه الإستثمار نحو الإنخفاض، وتُلبِّي منطقة الخليج (بما فيها العراق) حوالي ثُلُثَ العرض العالمي من النّفط وتعبر نسبة 20% من الإمدادات العالمي للنفط مضيق هرمز، أو ما يُعادل 30% من النفط الذي يتم نَقْلُهُ بَحْرًا…
لم تستخدم الدّول العربية ثروات النفط والغاز ولا عائداتها طيلة عُقُود، للإستثمار في الفلاحة والصناعة والبحث العلمي والتّدريب والتنمية المُستدامة، بل لا يزال العراقيون يعانون من نقص التيار والكهربائي ولا يزال الجزائريون يُخاطرون بحياتهم في البحر الأبيض المتوسّط متجهين إلى أوروبا بحثًا عن عمل، ولا يزال اقتصاد الرّيع سائدًا في جميع الدّول النّفطية العربية التي لم تستثمر في تطوير طاقة الشمس والرياح، ولا تزال هذه الدّول تعتمد على النفط والغاز الطبيعي لتلبية متطلباتها من الطاقة، حيث يشكل هذان المصدران حوالي 98% من إجمالي استهلاك الطاقة في الدول العربية سنة 2021، وفقًا للتقرير الصادر عن صندوق النقد العربي تحت عنوان “التقرير العربي الاقتصادي الموحد”…
تسكن الشعوب العربية بلدانًا غير مُصنّعة، ومٌرتبطة اقتصاديا بالإحتكارات التي تتحكم بمواردها الطبيعية كالثّروات البحرية والفوسفات والنفط والغاز، ونصّبت الإحتكارات والدّول الإمبريالية حُكّامًا عُملاء يُمثلون مصالح هذه الشركات الإحتكارية الأجنبية، وأصبحت الأنظمة العربية من العوامل المُعَرْقلة للتنمية ولإطلاق الإقتصاد الإنتاجي، وَوَرَدَتْ عدة بيانات في تقرير التنمية الإنسانية في الوطن العربي، يمكن تلخيص بعضها كما يلي:
ارتفع عدد الأميين العرب من 58 مليوناً سنة 1982 إلى 61 مليوناً سنة 1990، وإلى حوالي 70 مليون سنة 2000 أو ما يفوق 40% من جملة القادرين على العمل (بين 16 و64 سنة) ما يُؤَدِّي إلى انخفاض مستوى الخبرات والمهارات التي تُساعد على زيادة وتحسين جودة الإنتاج، فضلا عن انخفاض الإستثمار وبالتالي انخفاض مستوى التعليم الجامعي والبحث العلمي والإبتكار التّقني
يضم الوطن العربي (كَإقليم) أعلى نسبة من الشباب في العالم، ويُقدَّرُ الوافدون الجُدُد على “سوق العمل” بالوطن العربي بنحو 3,5 مليون شخص سنويا، فيما لا يُوفر الإقصاد العربي سوى أقل من مليون فرصة عمل، بقطع النظر عن نوعية العمل، ووجب توفير حوالي 2,5 مليون فرصة عمل أخرى سنوياً، وتؤدّي البطالة إلى تعميق الفجوة الطبقية وزيادة حجم الفقر وزيادة الحاجة إلى السّكن والرعاية الصحية، حيث لا يستطيع المُعَطَّلُون ولا العاملون بالإقتصاد المُوازي تلبية الإحتياجات الأساسية للإنسان، كالغذاء الصّحّي والدّواء والسّكن، وهي الحقوق الدُّنيا الأساسية للإنسان، وتُشير نفس الإحصائيات التي تخص سنة 2020 إلى ارتفاع معدلات الفقر في كافة البلدان العربية، بما فيها المُصدّرة للنفط، ففي غزة التي تستهدفها حرب إبادة، بلغ معدل الفقر سنة 2020 نحو 70% من السكان وبلغ معدّل الفقر في السعودية 12,7% وتونس 15% ولبنان وموريتانيا 30% ومصر 33 % والجزائر 38% والعراق 41% وفي المغرب وليبيا 45% وفي الأردن 56% وفي سورية 80%، وفي السودان 82% واليمن 85% من عدد السكان، وترتبط معدّلات الفقر بارتفاع معدلات البطالة، إذ تعتبر المنطقة العربية أعلى منطقة جغرافية في العالم بمعدل 10% من القادرين على العمل، فيما يُقدّر المُعدّل العالمي بأقل من 5,4% وفق بيانات البنك العالميي منظمة العمل الدولية، ويصل معدّل البطالة في الدّول النفطية العربية إلى 19,2% في ليبيا و 17,5% في عُمَان و14% في العراق و 12,8% في السعودية و 10,7% في الجزائر…
ترتبط البطالة والفقر بالأمية ( الأمّي هو من لا يمكنه القراءة والكتابة بلغته) التي بلغت معدّلاتها21% وفق المنظمة العربية للثقافة والعلوم “ألكسو”، مع فوارق بين معدلات الأمية لدى الذّكور (14,6%) والإناث ( 25,9% )، وتؤدّي هذه المظاهر السلبية إلى انتشار الفكر الغَيْبِي وغير العَقْلاني، وإلى تَرَاُجِع مكانة العلوم والبحث في المجتمع…
الإحصائيات الواردة مُشْتَقّة من تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك العالمي ومنظمة العمل العربية، ويتعلق معظمها بسنتَيْ 2019 و 2020
التعليقات مغلقة.