رسالة مفتوحة مني شخصيآ الى (بعض) قادة أنظمتنا العربية!! / سماك العبوشي

سماك العبوشي ( العراق ) – الأحد 11/2/2024 م ...

أستهل رسالتي المفتوحة هذه بنص الآية الكريمة من سورة الذاريات، الآية 55: “وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ”، لتكون مدخلا طبيعيا مُمهدا لما سأذكره في متن مقالي المتواضع هذا، فعسى أن ينتبه مَنْ وجهت إليهم رسالتي المفتوحة هذه دون الإفصاح عن أسمائهم فهم كثر بحمد الله في عالمنا العربي، عسى أن يهديهم الله تعالى للرشاد، فيستيقظوا من غفوتهم التي طالت، ويستعيدوا ( بعض ) توازنهم ويتحملوا جزءً يسيرا من مسؤولياتهم القومية والشرعية … قبل فوات الأوان!!




 

أقول وعلى الله التكلان:

السلام على من اتبع الهدى…

لم يأت مقالي هذا إلا في خضم أمرين اثنين:

 

أولهما … الأنباء التي تناقلتها وكالات الانباء والمواقع الإخبارية العالمية من أن النتن ياهو قد أمر الجيش الاسرائيلي بــ ”التحضير” لهجوم قريب على رفح القريبة من الحدود مع مصر على أن يتم الانتهاء منه قبل شهر رمضان المبارك، والتي باتت تستضيف أكثر من مليون شخص، بعد الدمار الواسع والقصف الوحشي الذي طال شمال القطاع ووسطه منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر، وخشية مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة من وقوع “إبادة جماعية” لهم بحال نفذّت إسرائيل تهديداتها بشنّ عملية عسكرية واسعة في المدينة، في ظل انعدام الخيارات المتبقية أمام النازحين في قطاع غزة، لاسيما وأنهم أبدوا تمسكهم بأرضهم ورفضهم التهجير الطوعي او القسري على حد سواء!!

ثانيهما… استمرار خذلان قادة الأنظمة العربية وتقاعسهم عن نُصْرَةِ أبناء غزة ومد يد العون لهم وتركهم وحدهم يلقون مصيرا مجهولا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، بعدما كابده وعاناه أبناء غزة من قتل وتهجير وتجويع وإرهاب طيلة 123 يوما، في ظل صمت مطبق لأنظمة عربية، بل ولا أكون مغاليا لو قلت في ظل خيانة وتآمر كثير منهم على أبناء غزة وقضية فلسطين عموما!!

لقد تمخض (جبل) الأنظمة العربية بعقد قمة في الرياض وُصفت تباهيا وتبجحا بأنها (طارئة عاجلة !!) يوم السبت 11 نوفمبر 2023، بعد 35 يوما من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة العزة، فما كان من هذا المؤتمر إلا أن ولد (فأرا) هزيلا مشوها مقيتا مثيرا للسخرية متمثلا بقرارات مسخ جوفاء، قرارات لم يكن لها صدى دولي، كما ولم تردع إسرائيل التي لم يهتز لها جفن عند صدورها، بل وزادت من غطرستها وعنجهيتها فاقترفت المجازر تلو المجازر، وها هي اليوم على أعتاب قرب تنفيذها لهدف التهجير وإخلاء غزة من أهلها في ظل وجوم هذه الأنظمة العربية وصمتها وحيرتها!!.

رب متبجح من قادة أنظمتنا العربية سينبري لي مدافعا عن دورهم في تلبية النداء ونُصرة أبناء غزة في محنتهم هذه، ويدعي أنهم قد تنادوا وعقدوا قمة عربية إسلامية (طارئة وعاجلة!!)، وأصدروا بيانا ختاميا تضمن فقرات نادت وسعت لتحقيق الامن والأمان لأبناء غزة ورفع الحيف عنهم والتخفيف من معاناتهم، وأجيبه بأنني سأنعش ذاكرتكم، فلربما نسيتم أو تناسيتم في قمة انشغالكم واهتمامكم بترتيب أمور عروشكم وكراسيكم، وأذكر لكم الذي تحقق من مقررات قمة الرياض ( الطارئة والعاجلة !!) تلك والتي عقدت (بعد 35 يوما !!) من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة وكالتالي:

1-     أكدت القمة الإسلامية العربية، في بيانها الختامي، أنه “ما لم ينعم الشعب الفلسطيني بالأمن والسلام فإنه لا يمكن لإسرائيل ولا لأي دولة أخرى في المنطقة أن تنعم بالأمن والسلام، وها هم أبناء غزة يرفلون بالأمن والأمان والاستقرار في ظل صدور هذه الفقرة تحديدا بعد قمتكم (الطارئة العاجلة!!) !؟

2-     دعا البيان الختامي للقمة “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى التحقيق في استخدام إسرائيل أسلحة كيميائية”، فهل توقفت إسرائيل عن قصف غزة بأكثر القنابل وحشية ودموية يا ترى!؟

3-     طالب البيان “المحكمة الجنائية الدولية باستكمال التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة من قبل إسرائيل”، فسمعنا جعجعة دون أن نرى طحينا، فما هي نتائج التحقيقات في جرائم الاحتلال الإسرائيلي!!؟، وهل سعيتم حقا لمتابعة المحكمة الجنائية الدولية!؟  

4-     شدد البيان الختامي على ضرورة “كسر الحصار عن غزة وإلزام دخول قوافل المساعدات فورا، وربما فات عن أذهانكم حجم المأساة الإنسانية التي مرت وتمر على أبناء غزة وتفاقمها منذ صدور هذا البيان حتى ساعة نشر مقالي هذا!!؟

5-     دعا البيان الختامي إلى “الوقف الفوري لتصدير الأسلحة التي يستخدمها جيش الاحتلال والمستوطنون الإرهابيون لقتل الفلسطينيين، فهل توقفت اعتداءات قطعان المستوطنين في الضفة الغربية يا ترى!؟، وبالمناسبة، والشيء بالشيء يذكر، أما سمعتم أن إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي الإسرائيلي)  قد وزع الأسلحة على قطعان مستوطنيه لتشجيعهم على اقتراف المزيد من الجرائم والانتهاكات في الضفة!!؟

6-     أتعلمون أن عدد شهداء غزة عند التئام جمعكم المبارك في القمة ( الطارئة والعاجلة !!) قد تضاعف وارتفع من 11078 شخصا بينهم أكثر من 4506 أطفال، فوصل الآن الى 27585 شخصا بينهم 12345 طفلا و8000 امرأة، عدا عن المفقودين الذين بلغ عددهم 7800 شخصا، فأي عار هذا الذي تلبسكم وبتم تتسربلون به!!؟

فهل رأيتم بالله عليكم نتائج قرارات قمتكم (الطارئة والعاجلة!!)، وكيف أثمرت!؟

هل رأيتم كيف أن مؤتمرا (طارئا عاجلا!!) قد تم عقده بعد مرور 35 يوما من بدء العدوان الوحشي الغاشم على قطاع غزة، وها هو العدوان يستمر بعد القمة ( الطارئة العاجلة!!) بثلاثة أشهر، وغزة اليوم على أعتاب قيام إسرائيل باقتراف آخر فصول عدوانها بتهجير أبناء غزة المتجمعين النازحين في مدينة رفح المحاذية للشقيقة الكبرى مصر!! 

هل رأيتم أيها القادة البواسل كم أنتم تافهون، لا وزن لكم في المعادلة السياسية الدولية، وأنكم (سقط متاع ) هذا الزمن الأغبر الذي ابتلينا بكم وبوجودكم بيننا!!

 

يا قادة الأنظمة العربية:

يبدو ان النتن ياهو كان أكثر مصداقية منكم في ما سعى ويسعى اليه، وأن ما يصرح به ينفذه دون إعارة أهمية لرئيس الولايات المتحدة الامريكية وغيره من رؤساء وقادة دول الاستكبار العالمي!!

 

يا قادة الأنظمة العربية:

ربما قد فات على الكثيرين منكم – في تسارع الدنيا وإقبالها عليكم –  تساؤلات تتمحور بالتالي:

كم مضى من أعماركم، وكم تبقى منها يا تُرى!؟

ما الذي قدمتموه لدينكم، لنبيكم، لرعيتكم من أبناء شعبكم أولا، ولأبناء جلدتكم من أبناء العروبة، لإخوتكم في الدين من أبناء غزة العزة والكرامة والرباط ثانيا!!؟

أما دار بالله عليكم في خلدكم تساؤلات، من منا ومنكم المخلد في هذه الدنيا!!؟

أين أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم جميعا!؟

أين صحابة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم!؟

أين قادة الفتح الإسلامي رضوان الله تعالى عنهم أجمعين!؟

 

بل والأجدر أن يدور في خلدكم تساؤلات، أين الطغاة والظلمة والفاسدون وجبابرة الأمم:

–         الملك النمرود على سبيل المثال لا الحصر، الذي طغى وتجبر حتى وصل به الأمر أن ادعى الربوبية، وكان الباعث له على ذلك الملك والسلطة، قال عزوجل “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ” (البقرة:258)!!

–         فرعون وجبروته وغطرسته، فرعون الذي قد اتخذ لقومه أصناما وأمرهم بعبادتها، وقال لقومه: هذه آلهتكم، وأنا ربها وربكم فاعبدوني، قال تعالى فيه: “أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ” (الزخرف:51).

–         قارون الذي رزقه الله سعة وكثرة في الأموال حتى فاضت بها خزائنه، واكتظت صناديقه، فلم يعد يستطيع حمل مفاتيحها مجموعة من الرجال الأقوياء، فخسف الله به الأرض، فقال تعالى بحقه: ” إنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ” !!

 

كلهم – الرسل والانبياء والصالحون، وكذا الطاغوت والجبابرة – قد رحلوا الى يوم سيقفون فيه عرايا أمام رب العباد عزوجل ينتظرون فيه حسابه لهم، فمنهم الفائزون ومنهم الخاسرون، وشتان بين من كانت دنياه محطة صالحة ليحصد في آخرته نعيما أبديا، وبين من اقترفت يداه الظلم والجبروت والفساد ليحصد شر أعماله ويحشر في جهنم، قال تعالى في محكم آياته من سورة مريم، الآية 75: “قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَٰنُ مَدًّا ۚ حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا”.

 

يا قادة الأنظمة العربية:

لن يقتصر الأمر على حساب أخروي فحسب:

–         فهناك من سيسجل اسمه في الدنيا بأحرف من نور، وستذكره الأجيال عبر العصور بالفخر كونه كان أمينا على دينه ومبادئه، ورعيته.

–         وهناك من سيلعنه التاريخ، وستلعنه الأجيال القادمة، ويسجل اسمه في صفحاته بأسوأ عبارات الخيانة والطغيان والجبروت والتفريط بحق دينه ومصالح رعيته، وأبناء جلدته ودينه!!

ختاما أقول:

قال تعالى في محكم آياته من سورة النجم: “وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ (40ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ (41وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ (42“.

وقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:في محكم آياته من سورة آل عمران، الآية 77: “ِإنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ”.

عن أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون … قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “شر الناس من باع دينه بدنياه، وأشر منه من باع دينه بدنيا غيره والذين باعوا دينهم بدنيا غيرهم هؤلاء أشر خلق الله لأنهم لا عقل لهم، بمعنى أنهم أسلموا عقولهم لغيرهم وتنازلوا عن مروءتهم وكرامتهم ودينهم ليرضى عنهم الناس ولو بغضب الله عليهم!!

 

سماك العبوشي

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.