المفكر العربي الأردني الياس فاخوري يكتب: القصة تبدا من بعيد .. من عند الغرب العربيد .. ومن امريكا بالتحديد!
(==) حيثما وردت كلمة ” ديانا ” في مقالات الكاتب، فهي تعني تحديدا زوجته الراحلة الكبيرة والمفكرة القومية ، شهيدة الكلمة الحرة والموقف الوطني ” ديانا فاخوري “…
والصورة المرفقة لهما معا …
الياس فاخوري – الأردن الأربعاء 14/2/2024 م …
“القصة تبدا من بعيد .. من عند الغرب العربيد .. ومن امريكا بالتحديد”، أُسُّ الطغمة المالية بلا رأس، او برأس طالما أراد “ماركس” الإطاحة به نحو “مساواة محققة تنفي الفوارق بين الجار والجار، حيث لا عبد ولا أمة .. ولا احتراب على فلس ودينار” كما أراد “عرار – مصطفى وهبي التل” الذي تُنسب اليه قصيدة مطلعها: “ولدتُ ولسوف أبعثُ بلشفياً”! وكما هو معروف، فقد تمسك ماركس بحتمية انهيار النظام الرأسمالي نتيجةً لتناقضات نمط الانتاج الرأسمالي وما يستجلبه من أزمات يستلزم حلها الارتقاء لنمط إنتاجي جديد وفقاً للديالكتيك التاريخي الذي أتى بالرأسمالية ذاتها في سياق تطور انماط واشكال الانتاج السابقة!
|
||
“القصة تبدا من بعيد .. من عند الغرب العربيد .. ومن امريكا بالتحديد”!
هتافٌ لطالما ملأ الساحات ويعود ليملأها مجدداً على نبض ساعة السابع من اكتوبر/تشرين الاول 2023 استمراراً تراكمياً لحرب تموز 2006 .. فامريكا كانت، وأَضْحَت، وأَصْبَحَت، وأَمْسَت، وبَاتَت، وصَارَت، ومَا زَالَت، وما بَرِحَت، وما انْفَكَّت، وما فَتِئَت، وظلَّت على الأسوار (أسوار غزة، والقدس، وكل فلسطين) تُهدي كل طفل لعبةً للموت عنقودية ..
وهنا أحيلكم لكتابات “ديانا فاخوري” فقد أفردت عدة مقالات لهذا الموضوع ( منها بتاريخ March 11, 2022 وFebruary 13, 2019) اذ تناولت الرئيس الامريكي “الذي عين نفسه إلها اعلى على الكون يمنح القدس عاصمةً لإسرائيل، وفنزويلا ولايةً لخوان غوايدو في الوقت الذي يحاول التوصل لاتفاقات مع طالبان وداعش وماشابه .. يلغي اتفاقا نوويا هنا، ويجمد اخر هناك، ويعقد ثالثا في زاوية اخرى من الكرة الأرضية .. له مال العالم، ذهب العالم، نفط العالم، وغاز العالم .. له الجزية وكل الضرائب و”الخُوّات” .. له الشمس، والقمر، واحد عشر كوكبا – بل كل النجوم والأجرام وكل صفقات الإجرام! أكرر: من أعطاك هذا الحق؟ من سماك بأسماء الله الحسنى؟ كيف اغتصبتها فتأخذ ما تشاء وتمنع ما تشاء!؟ هل غدوت الرحمن على العرش استوى تقبض وتبسط وتلعن وتبارك .. تعز من تشاء وتذل من تشاء .. تدين من تشاء وتسامح من تشاء؟! “من نصبك (بالشدة وبدونها) “هُبَلا” (بفتح الباء) على مجموعة “هُبل” (بتسكين الباء) كما يبدو من تغريداتك ومقابلاتك وبياناتك، وكلها تنوء بحمولتها من إشارات التعجب وعلامات الاستغراب!؟”
كما تجدر العودة ل”ميخائيل نعيمة” وموقفه الذي يكاد ان يكون مجهولاً اذ قال مخاطباً امريكا:
“من أنتَ حتى تحكمَ البشرا، كأن في قبضتيكَ الشمس والقمرا.
هل أنت نور السما؟ أم أنت خالقها، تسيّر الفلكَ والدوارَ والقدرا؟
أم أن ربّك لاقى فيك سيّده، فعاف من أجلك السلطان وانتحرا”!
الم يصف “فرانز فانون” أمريكا بمطحنة التاريخ كونها مطحنة البشرية!؟
ثم، ألم يتحدث “بابلو نيرودا” عن “تلك الامريكا التي تقتل البريق الذي في عيوننا”؟! .. ألم يقل محمود درويش “أمريكا هي الطاعون والطاعون امريكا”!؟ هي الطاعون، والطاعون هي من يوم التكوين الی يوم الدين .. فهل يعيدها “أهل البيت الأبيض” أرض ميعاد نقية صافية للامريكيين بلا مهاجرين ولا مسلمين وقد أحاطوا “البيت” بشخصيات من شأنها الإطاحة بمجموعة المصالح الاستراتيجية والمؤسسات المتنفذة؟!
وقبلهم، ألم تزخر كتابات “نيتشه” بالزرادشتية، وإشعار “غوته” بالشيرازية، وكوميديا “دانتي” الإلهية برسالة الغفران ل”أبي العلاء المعري”!؟ .. وماذا عن “الغزالي” صاحب أطروحة “الشك أولى مراتب اليقين”؟ الم ينسب الغرب هذه الفكرة ل”ديكارت” افتتاحاً لمرحلة الحادثة هناك!؟ نهب “مشروع” لموروثنا الفكري!
وماذا عن مقولة “هيغل” بأنّ “القدر المحتوم للامبرطوريات الآسيوية أن تخضع للأوروبيين وسوف تضطر الصين في يوم من الأيام أن تستسلم لهذا المصير”!
اما المؤرخ والأنتربولوجي الفرنسي “إيمانويل تود” فيستعين بنظرية “ابن خلدون” في كتابه الأخير “هزيمة الغرب” ليعلن بالأرقام والتحليلات العميقة أن الغرب قد وضع رجلا ونصف على سكة الانحدار السريع بعد ان هندس هزيمته المحققة!
وبعد، الم تلجأ “إسرائيل” إلى أفكار “هتلر” ذاتها استخداماً للقوة المفرطة، والإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى!؟ هل سمعتم بسابقة تاريخية لما قامت به دولة احتلال من حصار للشعب المحتل، وقطع المياه، والكهرباء، والطاقة عنه، ومنع وصول الغذاء إليه الى جانب عمليات التهجير القسرى للسكان، وقتل الأطفال، والنساء، والشيوخ!؟ الم يقولوا ببناء “الهيكل الثالث” ليس فقط بأرز لبنان وبحجارة لبنان، وانما بجماجم اللبنانيين!؟ .. بسرقتها لهذه الأفكار وتنفيذها على ارض الواقع، تُعيد “إسرائيل” إلى الأذهان صفحات نازية سوداء تفيض وحشية وقذارة فى غزة!؟
اما تداخل اللاهوتي مع السياسي في صياغة المواقف الصهيونية فمستمر ويؤدي الى جنون أيدولوجي يطيح بالديانة اليهودية نفسها حيث لا يتحدث “حاخاماتهم” عن “دولة يهوه” فقط، بل عن “أمبراطورية يهوه”، ولا يَرَوْن في الفلسطينيين الا “اشياء بشرية”، وفي الاسلام الا ظاهرة نازية تهدد كل أبناء الجنس الأبيض وليس الْيَهُود وحسب!
الم يسرقوا حتى انواع المأكولات الفلسطينية (حُمُّص، فلافل و، و، و … الخ ) وادعوها لهم، واليوم يسرقون حتى المعاناة الفلسطينية ويدعونها معاناتهم في سردية الرواية الإسرائيلية .. وهل تم دفع خريجي المحرقة النازية (الهولوكوست) للقيام بمهام الاستعمار “الأوروأمريكي” في فلسطين والمنطقة!؟
وها هو المصطلح “Got) Israeled)” بمعنى “تأسرل”، او “اصبح إسرائيلياً”، يُرصد لغوياً ليتم استخدامه وينتشر عند الحديث عن شخص يسرق/يغتصب ما ليس من حقّه ويدّعي أحقيّته وملكيته له بكل جرأة!
الم تحرق جذورهم “الأوروأمريكية” المكتبات العربية كمكتبة غرناطة ومكتبة قرطبة بكُتُبها التي كانت تزيد على نصف مليون كتاب!؟ إبادة ثقافية معرفية حضاربة يُتوِّجها “غالانت” بتصريحه الشهير انه إنما يحارب حيوانات بشرية لا يستدعي التخلص منها أية مشاعر إنسانية كما سبق وخلص لذلك “إيمانويل كانت” في الحديث عن شعوب افريقيا تبريراً لتوحش المستعمر الأوروبي وما كان يفعله في تلك القارة!
وماذا عن الصفقة المزعومة: الله لإدارة السماء، والشيطان (أمريكا) لإدارة الارض على ان تعمل الملائكة لحساب الـ “سي آي. اي”!؟
“ألم يتجاوز “هاري ترومان”، بالقائه القنبلة النووية على هيروشيما، كل آلهة الخراب في الميثولوجيا القديمة”؟ هكذا تسائل “ريجيس دوبريه” عندما قارن بين آلهة النار في الميثولوجيا الاغريقية وآلهة النار في الميثولوجيا الأميركية!
هل تُراني جاوزت حدّي بتحديدي ان المسافة صفر بين “ترومان ونتنياهو” من ناحية و”كانت وهيغل” من ناحية اخرى .. بل هي الناحية ذاتها، وليأتهم مِنَ المقاومة كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُم .. “وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ”؛ قرون من جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والثقافي والحضاري ونهب الخيرات وتهريب الآثار .. لم يعد باستطاعة الغرب التستر على ما كَسَبَتْ أَيْدِيهمْ او التبرّؤ منه، !
وَهَذَا “شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا”، المؤرّخ الإسرائيلي “إيلان بابيه” في كتابه “التطهير العرقي في فلسطين” يصل لنتيجة مؤدّاها أنّ الفكر الصهيوني إنما يستمدّ جذوره من المنطق العنصري الاستعماري الأوروبي، وهو يخدم مصالح الهيمنة على شعوب المنطقة، ويضيف انّ مقولة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” كانت مهمة واجبة الإنجاز!
أفلم تجعل الولايات المتحدة الكرة الأرضية نسخة عن الجحيم؛ صراعات وحروب في كل مكان وتكديس للجماجم من الهند الصينية الى شبه الجزيرة الكورية، ومن أميركا الوسطى الى الشرق الأوسط!؟
أبادوا 20 مليون من السكان الاصليين المعروفين بالهنود الحمر، ثم اعتذروا! .. فالولايات المتحدة الامريكية انما قامت علی ما غرسه البيوريتانز (الطهرانيون) الانجليز، وقد تمثلوا التوراة، في اللاوعي الامريكي من ثقافة الغاء الاخر علی طريقة داعش و ابن تيمية .. فأين ذهب أصحاب الارض الاصليون؟! الا يتماهی اغتصاب البيض لامريكا الشمالية مع اغتصاب الصهاينة لفلسطين؟!
أبحروا الی افريقيا و عادوا بالوف الافارقة فأسسوا أسواق النخاسة، ثم اعتذروا!
قصفوا اليابان بالنووي، ثم اعتذروا!
أبادوا قری عن بكرة أبيها في فيتنام، ثم اعتذروا!
دمروا العراق بحجة امتلاكه السلاح النووي وجعلوه يبابا، ثم اعتذروا!
اعتدوا علی الجيش السوري الملتحم مع داعش، ثم اعتذروا!
ولعله من نعم “طوفان الأقصى” أنه اماط اللثام عن تموضع “الحضارة الغربية” على الهمجية والشراسة والتوحّش والبربرية، كما اظهر للعيان تهافت خطابها “التنويري” وتهالك بنيتها المعرفية العنصرية الاقصائية!
تعلمون، كما أسلفنا في مقالات سابقة، ان محمود درويش لم يعتذر، وقال لاَخره: لا تعتذر الا لأمِّك! .. اما أنا فاعتذر! اعتذر عن خظيئة كولومبوس المميتة!
نعم، اليوم أعيد تقديم اعتذار “ديانا” عن خطيئة كولومبوس المميتة، حين ضل طريقه الی الهند لينتهي باكتشاف امريكا سيما وان الرحلة تمت بتمويل عربي .. نعم كان التمويل عربيا حيث غطتها ايزابيلا بالجواهر التي تركها العرب في غرناطة لينعم العالم ب“الويلات المحتدة الامريكية” .. فأمريكا هي الطاعون، والطاعون أمريكا!
اما عنك يا “ديانا” فيدعوني المتنبي ان:
أُسائِلُ عَنكِ بَعدَكِ كُلَّ مَجدٍ .. وَما عَهدي بِمَجدٍ عَنكِ خالي
يَمُرُّ بِقَبرِكِ العافي فَيَبكي .. وَيَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السُؤالِ
يا امرأةً تجسد كل أمجاد المقاومة الابية .. القصة تبدا من بعيد .. من عند الغرب العربيد .. ومن امريكا بالتحديد”!
التعليقات مغلقة.