سورية ووعد ترامب بالتغيير / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) الأربعاء 16/11/2016 م …
هل ستتغير السياسة الأمريكية تجاه سورية بعد فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية وهل ستتوقف عن دعم التنظيمات الإرهابية؟، وهل ستوقف مخططها لمحاولة تدمير الجيش السوري؟، أسئلة عديدة تدور فى عقول العديد من المواطنين السوريين، هناك من هو متفائل وأيضاً المتشائم، ولكن الحقيقة الأساسية مفادها أن السياسة العليا لأمريكا لا تتغير طبقا لمصالحها وأهدافها، وكل رئيس وإدارته عليه ان ينفذ تلك السياسة بالشكل والأسلوب المطلوب.
اليوم تنهال الإستراتيجيات على الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب بهدف التأثير في التغيير الذي وعد به كعنوان لسياسته الخارجية، وهذه الدعوات تأتي من هؤلاء الذين عملوا في إدارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما، فيعطون بنصائح بعضها بعيد كل البعد عن التغيير الضروري في السياسة الأمريكية الخارجية وخاصة نحو منطقة الشرق الأوسط ، فبعضهم يروّجون لإعادة صوغ تحالفات إستراتيجية جديدة وخاصة مع روسيا وإيران وسورية، والبعض الآخر يروّجون لإسقاط سورية وتجريدها من دورها، والبعض الآخر يدعون إلى تصعيد اللهجة تجاهها والسبب الرئيسي هو إسرائيل العنصرية التي لها أهداف استراتيجية في سورية والمنطقة بأكملها.
إن استمرار شلال الدم في سورية مصلحة أمريكية اسرائيلية يريدونها مقسّمة وملغاة من دورها في الصراع العربي الإسرائيلي حتى ينجح مشروع الشرق الأوسط الكبير ضد الوجود العربي، لذلك وضعت واشنطن خططها للقضاء على سورية عن طريق الصراع المسلح أو الحرب بالوكالة من خلال دعم الجماعات الإرهابية المتطرفة التي ظهرت على الساحة فجأة مثل تنظيم داعش وأخواته، فالهدف منه قتال الجيش السوري وإنهاكه والتخلص من ترسانته العسكرية من إجل اسقاط النظام في سورية والبدء فى اعادة تقسيمها من جديد على أساس اثني وطائفي، بالإضافة الى دعم الجماعات المسلحة في الشمال السوري بهدف فصل حلب عن الدولة السورية ضمن مخطط يضمن لأمريكا تأمين أمن اسرائيل.
فالرهان على رئاسة ترامب في رفع راية العدل والعدالة ليس رهاناً اعتباطيّاً ، بل إنه الرهان على شخصية ووعد ترامب ، فإذا كان يريد أن ينفذ تعهداته والتزاماته تجاه الحرب على الإرهاب فإنه يحتاج إلى مكافحة الازدواجية والنفاق ومحاسبة القوى المتطرفة بكافة أصنافها فضلاً عن محاسبة الإرهابيين بما اقترفوا من جرائم ومجازر بحق المدنيين في سورية، في هذا الإطار لا يزال ترامب في مرحلة الغموض واللايقين في التعامل مع السياسة الدولية ، وهي تحتاج للمزيد من الوقت، فما يتم الحديث عنه خلال فترة الانتخابات هو دعاية انتخابية لغايات إضعاف الخصم .
فالمتتبع لمواقف أمريكا يستطيع ان يرى نواياها المشينة وقراراتها المتحيزة لبعض القضايا منها القضية الفلسطينية ، فإسرائيل تقتل وتدمر كيف تشاء ومتى شاءت، في الوقت التي تتحدث فيه واشنطن عن ضرورات ضمان أمن اسرائيل، ونرى العراق اليوم الذي حولته أمريكا الى ساحة عنف وأرض للعصابات ولم تأن في تكريس الإنقسام بين السنة والشيعة عن طريق بث المعلومات الكاذبة بهدف تحقيق الفوضى والخراب للعراق، ولا ننسى محاولة تفتيت اليمن ومصر وتونس والسودان ولبنان والصومال من خلال محاولة صنّاع القرار الأمريكيين بتكريس الخلافات وتشجيع النعرات الطائفية وإنشاء تكتلات دينية مختلفة، وإنطلاقاً من ذلك فأمريكا منذ نشأتها وحتى الآن لم تغير سياستها تجاه العرب فهي تعمل على إسقاط الدول ذات الثقل الإقليمي والدولي لإحداث فراغ فى المنطقة، مثلما تفعل حالياً مع سورية.
اذاً هنا السياسة الأمريكية واضحة، برغم من أن أمريكا قد مرت على العديد من الرؤساء منهم الجمهوري ومنهم الديمقراطي إلا أن النهاية واحدة تنفيذ السياسة العليا للبيت الأبيض، وان اختلفت سبل التنفيذ، فلا يمكن ان ننتظر من دونالد ترامب الكثير في سورية ومنطقة الشرق الأوسط، أو انه سيصنع المستحيل ولكن العكس هو الصحيح، وربما سيكون القرار الوحيد الذي قد يأخذه ترامب هو إقرار ان الجماعات المسلحة والقوى المتطرفة الأخرى جماعات إرهابية كما وعد من قبل، أما عن تغيير السياسات الخارجية فمن الصعب أن تحدث، كون أن إسرائيل وأمريكا تقفان على أرضية واحدة لأن الأهداف مشتركة والإستراتيجية متناغمة للهيمنة والوصاية على المنطقة العربية.
وفي ضوء هذا الواقع، فإن التوقعات التي خططت لها أمريكا وحلفاؤها جاءت في غير صالحهم، لو تابعنا المسار الذي رسمته واشنطن في سورية والتي وضعت به كل إمكاناتها، نجد بأنها خسرت رهانها لذلك نرى إن سياستها تجاه سورية في حالة يرثى لها، إنطلاقاً من وقائع الميدان، فبعد إقتراب الجيش السوري وحلفاؤه من إعلان تطهير كامل مدينة حلب والمناطق المجاورة لها من الجماعات المسلحة، بدت المسألة أقرب الى الحسم النهائي من أي وقت آخر، بذلك تبدو أمريكا وحلفاؤها المتضرر الأكبر وهي تراقب إنتصارات الجيش السوري التي قلبت الموازين على الأرض السورية، وبذلك أحدث صمود الجيش السوري إنقلاباً إستراتيجياً وخللاً كبير في ميزان الردع لدى أعداء سورية.
وأختم مقالي بالقول أن سياسة التخبط والتردد التي اتبعتها واشنطن فشلت في هزيمة الشعب السوري من خلال توجيه بوصلة حب الوطن ضد كل ما تقوم به أمريكا وأعوانها ومحاصرة كل مغامرة تؤدي الى ضرب وحدة السوريين وزعزعة أمنهم وإستقرارهم، ولا بد أمام هذا الواقع من صحوة الضمير من قبل العرب وأن يعوا خطورة ما تقوم به أمريكا وحلفاؤها من أهداف سعياً لتعزيز أمن إسرائيل والسيطرة على مقدرات البلاد.
التعليقات مغلقة.