أكبر تمثيلية مُفبركة.. ما الذي حدث فعلاً ليلة إعادة الاحتلال لأسيرين من قطاع غزة قبل ايام؟

الأردن العربي –  السبت 17/2/2024 م …




قبل أيّام، أعلن “جيش” الاحتلال الإسرائيلي أنّه تمكّن، بالاشتراك مع قوات خاصة تابعة للشرطة و”الشاباك، من إعادة أسيرين إسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في رفح جنوبي قطاع غزة، في عملية ارتكب خلالها الاحتلال مجزرة أودت بحياة أكثر من مئة شهيد وعشرات الجرحى.
ونسج إعلام الاحتلال وصحافيوه روايات مزعومة عن البطولة والإنجاز المعقد والمركب للعملية، بالتوازي مع الاحتفاء والتمجيد من جانب مسؤولي الاحتلال وجنرالاته.
ولكن ما الذي حدث فعلاً على أرض الميدان؟ وهل كانا في عهدة المقاومة حقاً؟
تكشف مصادر خاصة للميادين نت، رداً على هذه الأسئلة، التفاصيل الكاملة لليلة الثاني عشر من شباط/فبراير الجاري. وتعرّي زيف الرواية الإسرائيلية حول العملية التي لم تكن أكثر من تمثيلية مفككة وغير متماسكة، توضح حجم المأزق الإسرائيلي، وتضاف إلى سياق الأكاذيب والفبركات الإسرائيلية المتلاحقة منذ بداية العدوان.
تمثيلية مفبركة
مع تحطم السياج الفاصل وانهيار دفاعات الاحتلال وقواعده العسكرية، وأسر عناصر المقاومة الفلسطينية الجنود والعسكريين، عَبَر أفراد مدنيون ومجموعات عائلية أيضاً، إلى مستوطنات الغلاف، وقاموا بدورهم بأسر مستوطنين من المدنيين والأطفال وكبار السن، فيما لم تتمكن فصائل المقاومة من ضبط ما حصل وتقييم النتائج بشكل فوري، بعد شنّ الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية على مدار الساعة وفي كامل مساحة القطاع.
في هذا السياق، قامت أفرادٌ من إحدى العائلات المعروفة في مدينة رفح، صبيحة السابع من أكتوبر بأسر الإسرائيليين، فرناندو سيمون مارمان (60 عاماً)، ولويس هار (70 عاماً)، وهما الأسيران الذين ادّعا الاحتلال إعادتهما.
عاد أفراد المجموعة بالأسيرين مارمان وهار إلى مدينة رفح، حيث وضعوهما في أحد البيوت، ثم عهد قائد المجموعة العائلية بالأسيرين لأخيه واثنين من أولاد عمومته، من أجل حراستهما وتأمين الطعام والعلاجات اللازمة لهما. وفي إطار المحافظة عليهما، كان هؤلاء الأفراد ينقلون الأسيرين بشكل متكرر بين فترة وأخرى من مكان إلى آخر.
لكن بعدما استشهد قائد المجموعة في محيط خان يونس، بداية كانون الثاني/يناير الفائت، أصبح أقاربه الثلاثة مسؤولين عن الأسيرين من دون مرجعية، خاصةً وأنّ لا علاقة تنظيمية لهم مع جهة أو شخص. وبناءً على ذلك، أصبحت المجموعة تتصرف وفق اجتهادها الشخصي، فقامت بنقل الأسيرين من بيت إلى آخر، حتى استقروا بهم في أحد البيوت في منطقة مخيم الشابورا، بحسب مصادر الميادين نت.
وبالنظر إلى “الطبيعة العائلية للأفراد وبساطتهم وعدم ارتباطهم التنظيمي”، تمكّن أحد الأسيرين – وهو لويس هار – “من اختراق المجموعة، وانفتح عليهم مقدماً إغراءات ووعود تشمل توفير ما يطلبونه ومساعدتهم على الخروج من قطاع غزة إلى أي مكان، وذلك عبر ابنته التي ادعى أنّها تمتلك شركة كبيرة قادرة على تنفيذ وعوده. وبذلك تمكن الأسير هار من إقناع المجموعة بالاتصال بابنته”.
وبناءً على هذا الاتصال، تمكنت ابنة الأسير هار من فتح قناة اتصال دائمة بالشبان الثلاثة، فيما كانت هذه الاتصالات تجري بإشراف ومراقبة أجهزة الأمن الإسرائيلية.
ولكسب ثقة المجموعة، أوصلت ابنة الأسير مبالغ مادية لأقارب أفراد المجموعة في لندن والسويد، كما قدّمت عرضاً بأن يحضر أفراد المجموعة مع الأسيرين إلى الأراضي الحتلة، زاعمةً أنها ستضمن سلامتهم، وفق معلومات مصادر الميادين نت.
لكنّ أفراد المجموعة رفضوا ذلك، فجرى الاتفاق على أن يتسلموا مبلغاً متفقاً عليه في لحظة الإفراج عن الأسيرين، مع وعد بالمساعدة على إخراجهم من قطاع غزة عبر مصر، ومن ثم إلى إحدى الدول الأوروبية.
تفاصيل الصفقة
وبحسب مصادر الميادين نت، فإنّ ملخص الاتفاق بين الشبان الثلاثة وابنة الأسير هار – ومن خلفها أجهزة الاحتلال الأمنية – كان أن يتم نقل الأسيرين إلى محيط غلاف غزة، حيث تكون ابنة الأسير موجودة في نقطة بعيدة عن تواجد “جيش” الاحتلال.
وجرى الاتفاق على أن يحضر أحد الشبان إلى نقطة حُدّدت في محيط مدينة رفح، بعد أن أصبحت المدينة محاصرة من كل الجهات، ليلتقي ابنة الأسير ويحصل منها على المبلغ، وعندها يتصل هاتفياً بالشابين الآخرين ليبلغهما أنّه تسلم المبلغ، ويطلب منهما التحرك إلى نقطة أخرى لتسليم الأسيرين بعد أن يكون هو قد غادر وبعهدته المبلغ.
وأشارت المصادر إلى تحديد 3 تواريخ لتنفيذ الصفقة، لكن في كل مرة كانت ابنة الأسير تتصل وتطلب التأجيل تحت عنوان المخاوف الأمنية، إلى أن جرى تحديد الموعد النهائي في الساعة الواحدة فجراً من يوم الاثنين بتاريخ 12 شباط/فبراير الجاري.
عملية مضللة
وتكشف مصادر الميادين نت أنه مع وصول الشاب الأول لمقابلة ابنة الأسير، انطلقت العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، بعد أن كانت أجهزة الاحتلال – عبر إدارتها عملية التواصل – قد تعرفت إلى تفاصيل المنطقة في المخيم، والبيت الذي يتواجد فيه الأسيران، وعدد المتواجدين في البيت.
وللتضليل، انطلقت العملية العسكرية في كل أنحاء رفح، عدا المنطقة القريبة من المنزل حيث وصل جنود الاحتلال وصعدوا إلى البيت من دون أي إطلاق نار، فأخذوا الأسيرين والشابين المتواجدان معهما. ومن الواضح، بحسب المصادر، أنّ جنود الاحتلال اعتقلوا أو قتلوا الشاب الذي ذهب أولاً لمقابلة ابنة الأسير. وهذا الأمر ينفي مزاعم الاحتلال بأنّ قواته وصلت “بصورة سرية” إلى المبنى الذي احتجز فيه الأسيرين، وأنّه “جرت اشتباكات مع المسلحين داخل الشقة السكنية وفي الشقق المجاورة أثناء العملية”.
إذاً، وبناءً على هذه المعلومات، عمد الاحتلال، وبعد فشله في إعادة أي أسير خلال الأشهر الأربعة من الحرب على القطاع، إلى الترويج أنّ جنوده نفّذوا “عملية معقدة ومركبة”، من أجل “تسويق إنجاز كبير” لـ “الجيش” والأجهزة الأمنية، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تتصاعد الاحتجاجات ضدّه وضد سياسته من جانب عوائل الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، خصوصاً بعد مقتل عدد كبير من هؤلاء الأسرى بقصف الاحتلال الوحشي على القطاع.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.