رحيل مصطفى الكرد.. حنجرة القدس وصاحب “هات السكّة” / يوسف الشايب

يوسف الشايب –  الخميس 22/2/2024 م …




رحل الفنان مصطفى الكرد، في القدس، مساء أول من أمس، عن 79 عاماً، إثر مرض عضال، هو الذي يعدّ أيقونة فنيّة لجهة الغناء والعزف والمسرح منذ ما بعد احتلال العام 1967، وجزءاً من تاريخ النضال الفنّي الفلسطيني.
ونعى عديد المؤسسات الثقافية والفنيّة الفنان الكرد، كما العديد من أصدقائه الفنانين، في فلسطين وخارجها.
ووصفه معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، بعد أن نعاه، بـ”المناضل والفنان الفلسطيني المقدسي مصطفى الكرد”، الذي “أسس للأغنية الوطنية الملتحمة مع مشروع بناء الحركة الوطنية منذ بداية سبعينيات القرن الماضي”، معتبراً الكرد مؤسس الأغنية الفلسطينية الحاملة لقضايا شعبها، معزياً في بيان له، أمس، عائلته، وكل فلسطين “بفقد قامة وطنية جسّدت بالقول والفعل والإنشاد كينونة الفلسطيني المثقف الثائر”.
ونعته جمعية الكمنجاتي لافتة إلى أن ابن “باب حطة” في القدس العريقة، له مسيرة حافلة على مستوى النهضة الثقافية في فلسطين، فهو بالإضافة إلى دوره الموسيقي وترؤسه مركز الموسيقى، كان مسرحياً، خاصة في أعمال مسرح “الحكواتي”.
إدارة مسرح عشتار، نعته أيضاً، مشيرة إلى أن الكرد “ترك إرثاً موسيقياً مهماً، ضمن إنتاجات الفرقة بين الأعوام 1982 و1990، خلال مسيرته الفنية الطويلة والملهمة”.
وأشار مدير المسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي) في القدس، عامر خليل، إلى أن اسم الكرد ارتبط بـ”الحكواتي” مسرحاً وفرقةً وأعمالاً، ففي التاسع من أيار 1984، تم إهداء افتتاح المسرح له، تقديراً لدوره الكبير، وكان ذلك بحضوره، بعد عودته من برلين، عقب إبعاده لسنوات.
ولفت خليل، في حديثه لـ”الأيام”، إلى أن سلطات الاحتلال اعتقلت الكرد مجدداً في العام 1987، إثر إصداره ألبوم “أطفال الانتفاضة”، مشيراً إلى أنه تعرّف على فن الراحل حين كان في بيروت ومن ثم أوروبا، حيث أحضر له الفنان المسرحي الراحل فرانسوا أبو سالم ألبوم “أشبال وزهرات”، وقاما بطباعة 150 نسخة منه يدوياً في أستوديو الفنان سعيد مراد.
من جهته، أشار الفنان سعيد مراد إلى أنه تعرّف إلى الكرد كفنان عبر أغنية “هات السكة”، مطلع سبعينيات القرن الماضي، قائلاً لـ”الأيام”: تعرفت إليه من خلال أغنيته “هات السكة هات المنجل”، وكنت وقتها قد أسست مع مجموعة من الأصدقاء فرقة حملت اسم “إن عاد رفاقي من دوني لا تبكِ يا أمي”.. كانت “هات السكة” ذائعة الصيت، ومن بين أكثر الأغنيات شعبية.
كان مراد يرافق الكرد في أحد مشافي القدس حيث توفى، مشيراً إلى أن لرحيله في هذا الوقت الصعب دلالات ورسائل، خاصة في مواجهة مخططات تهجير الشعب الفلسطيني عامة، فقد كان قد صدح: “هات السكة هات المنجل.. اوعك يوم عن أرضك ترحل”.
بدأ الكرد دراسة العود العام 1962، وكان أول إنتاج موسيقي له ألبوماً صدر في العام 1976 عبر مكتب “صلاح الدين” في القدس ومسرح “بلالين”، بعنوان “الأرض وطني”، وكانت واحدة من أغانيه (الجلاد) من كلمات الشاعر كمال ناصر، الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي في بيروت العام 1973، إضافة إلى أغنيات “أنا فلاح”، و”المحراث”، و”بيت إسكاريا”، و”البحارة”، وصدرت نسخة محرّرة منه في فرنسا العام 1979.
وعلى إثر نشاطه الفني اعتقلته قوات الاحتلال في العام 1976، ثم وضعته تحت الإقامة الجبرية قبل ترحيله إلى بيروت، حيث أسس فرقة نوح إبراهيم الموسيقية، ومن ثم إلى ألمانيا وفيها درس البيانو والتأليف الموسيقي في أكاديمية “غونتغين” الألمانية، والموسيقى في جامعة برلين الحرّة.
وكان الكرد وبقي من رموز الأغنية السياسية الفلسطينية، إذ عزف وغنى مجموعات شعرية لسميح القاسم، ومحمود درويش، وخليل توما، وراشد حسين.
سجل في أوروبا عدة أغنيات، من بينها “بدون جواز سفر” من كلمات الشاعر راشد حسين، وسُجلت الأغنية على الهواء مباشرة خلال مهرجان “اليوروفيجن البديلة” في العام 1979 بالعاصمة البلجيكية بروكسل.
بعد عودته إلى فلسطين، وتحديداً إلى القدس، في العام 1984، إثر جهود بذلتها المحامية الإسرائيلية ليئا تسيمل، قدّم العديد من الأغنيات ووضع الموسيقى لعديد المسرحيات، وخلال انتفاضة الحجارة التي اندلعت في العام 1987، صدر له ألبوم “أطفال الانتفاضة”، وشمل أغنيته الشهيرة “حجر وبصل ودلو من مي”، وألبوم “القدس”، فيما اشتهر لاحقاً بأغنية “هات السكة هات المنجل”.
ألّف مصطفى الكرد وأنتج الموسيقى لعدة أفلام، منها وثائقي “تل الزعتر” لمجموعة مخرجين في إطار سينما الثورة ببيروت في العام 1977، ومن إصداراته الموسيقية: “الأرض وطني” (1976)، و”فلسطين حبّي” (1977)، و”أحلم بالغد” و”صوت من فلسطين” (1980)، و”أطفال الانتفاضة” و”القدس” (1987)، و”أطفال من فلسطين” (1992)، و”فوانيس” (1993)، وأخيراً “المدّاح” (2009).

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.