الأونروا منظمة تستحق الشكر وأمريكا دولة عليها اللعنة / ابراهيم ابوعتيله

ابراهيم ابوعتيله ( الأردن ) – الجمعة 23/2/2024 م …




في خضم الحرب بأشكالها المختلفة التي يمارسها الصهاينة والغرب الاستعماري على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينينن ” الأونروا ” أرى لزاماً علي أن أؤكد بأنني كلاجئ فلسطيني و- الأونروا – كانت وما تزال – توأمي –وانا الذي وُلدت بعد نكبة فلسطين من أبوين لاجئين ببضع سنين ، وما أن بدأت أستشعر ما حولي حتى رأيت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينينن ” الأونروا ” تمد لي يد المساعدة بأشكال شتى فلقد كنت كغيري من أبناء اللاجئين نعاني ضنك العيش فوالدي ” رحمه الله ” حاول المستحيل حتى وجد نفسه عاملاً بسيطاً في الغربة ليقدم لنا ما نعتاش به بعد أن كان فلاحاً في فلسطين يفلح أرضه القريبة من الساحل الفلسطيني ويقطف البرتقال ويبيعه في الأسواق فلقد حدثت النكبة وتم تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم حيث خرجوا على أمل أن يعودوا خلال أيام قليلة ، خرجوا خوفاً من القتل التي كانت تمارسه العصابات الصهيونية المسلحة في الوقت الذي لم يكن فيه الفلسطينيون يملكون حتى سكيناً ليدافعوا به عن أنفسهم وأولادهم ، خرجوا للحفاظ على أعراضهم ، خرجوا بعد أن مارس الإعلام بما فيه العربي لعبته على الفلسطينيين فبث الرعب فيهم حول ما تقوم به عصابات صهيون ، خرجوا لا يملكون شيئاً حتى لقمة العيش …

فما هي الأونروا وكيف تم تأسيسها ؟

• تداعت هيئة الأمم المتحدة والصليب الأحمر لتقديم الغذاء لهؤلاء اللاجئين فكان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 212 (الدورة 3) بتاريخ 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 1948 والذي قضى بإنشاء صندوق خاص لمواجهة مشكلة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين كونها مشكلة ملحة ، حيث بين وسيط الأمم المتحدة لفلسطين في تقريره الذي قدمه في 18 أيلول (سبتمبر) 1948 بأنه يجب اتخاذ إجراءات للاغاثة ولتهيئة تطبيقها، بهدف إنقاذ حياة الآلاف الكثيرة من البشر بدلاً من تركهم يموتون ” فكان القرار الذي أعربت فيه الجمعية العامة بأن الحاجة تدعو لاغاثة 500,000 لاجيء لمدة تسعة أشهر، ابتداء من أول كانون الأول (ديسمبر) 1948 إلى 31 آب (أغسطس) 1949 واعتماد المبالغ اللازمة لذلك كما حثت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على أن تقدم بأسرع ما يمكن مساهمات عينية أو نقدية اختيارية ما يكفي لضمان الحصول على المؤن والأموال المطلوبة وتفوض الأمين العام تأسيس صندوق خاص تدفع اليه المساهمات التي ستدار كحساب خاص والطلب من الأمين العام اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتقديم المعونة إلى اللاجئين الفلسطينيين، ولإنشاء المنظمة الادارية التي قد تلزم لهذه الغاية، وذلك بالاستعانة بالوكالات المختصة في الحكومات المختلفة، وبالوكالات المتخصصة في الأمم المتحدة، وصندوق الطواريء لرعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونيسيف)، وبلجنة الصليب الأحمر الدولية، وباتحاد جمعيات الصليب الأحمر، والمنظمات المتطوعة الأخرى، مع العلم أن مساهمة المنظمات المتطوعة في خطة الاغاثة لا تخرج، في حال من الأحوال، عن مبدأ الحياد الذي طلبت على أساسه مساهمة هذه المنظمات كما وتطلب من الأمين العام تعيين مدير لوكالة الأمم المتحدة لاغاثة اللاجئين الفلسطينيين ، على أن يقوم الأمين العام بمتابعة تنفيذ برنامج الاغاثة الحالي والتوسع لتنفيذه ، وحث القرار منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، والمنظمة الدولية للاجئين، وصندوق الطواريء لرعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونيسيف)، والمنظمات والوكالات الأخرى المناسبة التي تمارس نشاطها في إطار برنامج الاغاثة المحدد في هذا القرار، على أن تقدم في الحال امدادات وموظفين اختصاصيين وخدمات أخرى بالقدر الذي تسمح به نظمها الأساسية ومواردها المالية، وذلك لتخفيف الوضع البائس للاجئين الفلسطينيين .

• كما أصدرت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة القرار رقم 186 بتاريخ 14/5/1948 فوضت بموجبه إلى “وسيط تابع للأمم المتحدة في فلسطين تختاره لجنة من الجمعية العامة” سلطة القيام باستعمال مساعيه الحميدة لدى السلطات المحلية في فلسطين في سبيل تأمين القيام بالخدمات العامة الضرورية لسلامة سكان فلسطين ورفاهيتهم، وتأمين حماية الأماكن المقدسة، والمباني والمواقع الدينية في فلسطين وإيجاد تسوية سلمية للوضع المستقبلي في فلسطين ، حيث قامت اللجنة المذكورة بتسمية الكونت برنادوت وسيطاً للأمم المتحدة في دورتها الثالثة (خريف 1948) لقد قام الصهاينة باغتيال الكونت يوم 17/9/1948 بينما كان يقوم بواجبه في فلسطين المحتلة ، ولقد تضمن تقرير برنادوت بين ما تضمنه أن عرب فلسطين لم يغادروا ديارهم ويهجروا ممتلكاتهم طوعاً أو اختياراً بل نتيجة لأعمال العنف والإرهاب التي قامت بها السلطات الإسرائيلية ضد العرب الآمنين ، وانتهى في تقريره إلى أن قضية فلسطين لا يمكن حلها إلا إذا اتيح للاجئين العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم.

• وفي 8 كانون الثاني / ديسمبر1949 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 302 القاضي بتأسيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ” الأونروا ” لتعمل كوكالة متخصصة ومؤقتة حتى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية ، فبدأت ” الأونروا ” عملياتها يوم الأول من أيار / مايو 1950، لتخلف بذلك وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين التي أنشئت بقرار الجمعية العامة رقم 212 والتي تقرر استمرار عملها حتى نيسان 1950، بحيث تقوم ” الأونروا ” بتنفيذ برامج إغاثة وتشغيل للاجئين الفلسئطينيين وبالتعاون مع الحكومات المحلية والتشاور مع الحكومات المعنية بخصوص تنفيذ مشاريع الإغاثة والتشغيل والتخطيط حيث تتركز أعمالها حالياً في برامج التعليم 54% وبرامج الصحة 18% والخدمات المشتركة والخدمات التشغيلية 18% وبرامج الإغاثة والخدمات الاجتماعية 10%، وتغطي خدمات الأونروا اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في مناطق عملياتها الخمس وهي الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان والأردن وسوريا.

ولقد عرّفت (الأونروا ) اللاجئ الفلسطيني بأنه الشخص الذي كان يقيم في فلسطين خلال الفترة من أول يونيو/ حزيران 1946 حتى 15 مايو/ أيار 1948 والذي فقد بيته ومورد رزقه نتيجة حرب 1948، وعليه فإن اللاجئين الفلسطينيين الذين يحق لهم تلقي المساعدات من (الأونروا ) وكما استقر عليه الوضع والعرف والقانون الدولي هم هؤلاء الذين ينطبق عليهم التعريف أعلاه إضافة إلى أبنائهم ، وتعد الخدمات التي تقدمها الأونروا متاحة لكافة أولئك اللاجئين الذين يقيمون في مناطق عملياتها والذين ينطبق عليهم هذا التعريف والذين هم مسجلون لدى الوكالة وبحاجة إلى المساعدة، علماً بأن ذرية أولئك اللاجئين يستحقوا أن يتم تسجيلهم في سجلات الوكالة ، فعندما بدأت الوكالة عملها في عام 1950 كانت تعمل على الاستجابة لاحتياجات ما يقارب من 750,000 لاجئ فلسطيني، وأما اليوم، فإن ما يقارب 5.7 مليون لاجئ فلسطيني يستفيدون من خدمات الأونروا.وبناء على ذلك وبعد أن جئت إلى هذه الدنيا و” الأونروا ” أمامي فلقد تم سجيلي في سجلاتها ، واعترفت بي ومنحتني صفة اللاجئ الفلسطيني بإقرار وإعتراف دوليين .

تشير سجلات وكالة الغوث (الأونروا) إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في مناطق عملها الخمس ( الأردن ، سوريا ، لبنان ، الضفة الغربية ، قطاع غزة ) بلغ عام 2017 نحو 5.9 مليون لاجئ ، حيث تمثل هذه الأرقام الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين، وقد شكل اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في الضفة الغربية المحتلة والمسجلون لدى وكالة الغوث في العام 2017 ما نسبته 17.0% من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث مقابل 24.4% في قطاع غزة المحاصر. أما على مستوى الدول العربية، فقد بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث في الأردن 39.0% من إجمالي اللاجئين الفلسطينين في حين بلغت النسبة في لبنان 9.1% وفي سوريا 10.5%..

تقتصر الأرقام المذكورة على أعداد اللاجئين في مناطق عمليات ” الأونروا ” فقط ولا تتضمن أعداد اللاجئين الذين توزعوا على مناطق العالم المختلفة ، كما لا تتضمن أبناء كثير من اللاجئين حتى في مناطق عمل ” الأونروا ” الذين لم يتم تسجيلهم بسبب عدم احتياجهم لخدمات”الأونروا “، فلو اتفقنا على عدد من هُجروا من الفلسطينيين كما ورد في تقارير الأمم المتحدة والتي تتضمن عدّة “تقديرات رسمية حول أعدادهم عشية حرب عام 1948 ، حيث تشير التقارير بأن للأمم المتحدة تقديرين: الأول يشير الى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين بلغ نحو 726 ألف لاجئ وذلك بناءً على تقديرات عام 1949. والثاني 957 ألف لاجئ بناءً على تقديرات عام 1950، وبحساب نسبة تكاثر الفلسطينيين والتي تعتبر من أعلى الدول في العالم حيث أن معدلات الخصوبة بين الفلسطينيين بلغت عام 2010 (4.2) مولوداً ؛ 3.8 مولوداً في الضفة الغربية و4.9 مولوداً في قطاع غزة فيما بلغت في النقب 5.5% ، فيما بلغت معدلات المواليد 32.8 مولوداً لكل ألف من السكان و30.1 في الضفة الغربية و37.2 في قطاع غزة .. فإن عدد اللاجئين الفلسطينيين في العالم قد يزيد عن 9 ملايين لاجئ .

ورغم اعتراف العالم بوكالة الغوث ” الأونروا ” وبكل آليات عملها منذ أن باشرت عملها عام 1950 بما في ذلك سجلاتها ، تخرج علينا أمريكا الصهيونية بالقول بأن عدد اللاجئين الفلسطينيين لا يتجاوز 40 ألف لاجئ ، لتناقض بذلك العرف الدولي ولكل ما استقر عليه العالم وما وافقت هي عليه قبل ذلك ، حيث توقفت عن دعم وكالة الغوث وانسحبت من تمويلها كخطوة تمهيدية لإلغاء ” الأونروا ” وتطالب وبقوة بإلغاء صفة لاجئ عن أبناء اللاجئين ، من أجل إلغاء القضية الفلسطينية وحق العودة التي أقرته الأمم المتحدة بما في ذلك أمريكا كما جاء في قرار الجمعية العامة رقم 194 لسنة 1948 والتي كانت أمريكا واحدة من بين الدول التي وافقت على هذا القرار

لقد كانت ” الأونروا ” تقدم لنا معونة غذائية شهرية – توقفت في الأردن منذ مدة طويلة إلا في حالات استثنائية- وكانت وما زالت تقدم الرعاية الصحية في مراكزها بل وتقوم بتحويل من يحتاج إلى المستشفيات ، وكانت تقدم لنا في سني الخمسينات وبداية الستينات ألبسة مستعملة بشكل دوري ، لقد درست السنوات التسعة الأولى من دراستي المدرسية في مدارس الأونروا ” الوكالة ” ، حيث أن الدراسة في مدارس الوكالة تقتصر على الدراسة الإلزامية ، عانيت من كل أنواع المرارة ، جوع وفقر وقسوة الهجرة وفقدان الوطن .. قسوة منظر وأزقة المخيم الذي كنت أعبره يومياً في رحلتي من وإلى المدرسة … لقد كانت الأونروا تقدم لنا القرطاسية من كتب ودفاتر وأقلام مجاناً – توقفت عن تقديم الدفاتر والأقلام منذ مدة طويلة – كما أمنت وكالة الغوث الدراسة في معاهدها المتوسطة والتدريب المهني بعد الثانوية العامة لمن يرغب من أبناء اللاجئين فكانت سنداً حقيقياً لهم .

كنت أحس في داخلي بالنقص وأنا لاجئ بلا وطن فلقد علموني في المدرسة ب ” أن من لا وطن له لا دين له ” فأصبحت بلا دين ولا وطن … وكان عزائي الوحيد من ذلك إعتراف العالم بي من خلال ” الأونروا ” بأني لاجئ فلسطيني وهذا واضح ومبين بشكل صريح في بطاقة “الأونروا ” وما كنا نسميه صغاراً ” كرت المؤن ” ، فابقت بذلك في ذاكرتي وروحي وعقلي بأن هناك وطن لي ينتظرني ولا بد من أن أعود إليه .

لقد أصبح آباؤنا لاجئين بلا وطن موزعين في الأرض ، يعانوا من الحنين لوطنهم منتظرين لحظة التحرير والعودة ، وعانينا نحن أبناؤهم من قسوة الحياة والتشرد والخيام والتهجير والفقر والحاجة ، وورثنا عشقهم للحياة والحلم بالوطن ، اجتهدوا وزرعوا فينا عشق الوطن فاجتهدنا وتشبثوا وتشبثنا وما نزال بحلم العودة إلى فلسطين ، منتظرين يوم تحريرها ، فوصل عددنا الآن وبعد سبعين عاماً من النكبة ما يقارب التسعة ملايين .

إن قضيتا وقضية لجوئنا ما زالت حية منذ سبعين عاماً ، حيث تمثل ” الأونروا ” شاهداً أممياً وإثباتاً عملياً على ذلك فساعدنا هذا الشاهد وذلك الإثبات على عشق الوطن ، ولولا عشقنا للوطن وحرصنا على العودة ، لانتهت قصة اللجوء منذ سنين .

نعيش في قضينا وفي قضية لجوءنا يوماً وراء يوم وساعة بعد ساعة ، لم نفقد الأمل في التحرير والعودة ، فقضية لجوءنا هي قضية اللجوء الأطول في العصر الحديث ، فلقد تم إحلال صهاينة غرباء في أرضنا بدلاً منا ، فيما يرفض هؤلاء الصهاينة ومن والاهم عودتنا إلى وطننا رغم ما يسمى بقرارات الشرعية الدولية التي تقضي لنا بالعودة والتعويض .

إن ما تهدف إليه أمريكا لا علاقة له بالمساعدات الغذائية أو الرعاية الصحية أو المساهمة المالية وهي التي عرضت تحويل مساهماتها المالية في “الأونروا” للدول المضيفة ، فهدف أمريكا الحقيقي والواضح هو إلغاء مسمى لاجئ فلسطيني من قواميس العالم ، ولن يكون ذلك إلا بإلغاء ” الأونروا ” ، فهي التي رعت وحافظت على هذا المسمى ، وهي التي وثقت أسماء اللاجئين في قيودها وبإعتراف دولي ،،،،،

لقد بالغت أمريكا في غيها وعهرها ، وهي التي كانت من بين من الدول التي أقرت حق العودة وفق ما تقدم ، وهي التي كانت ومنذ بدء ” الأونروا ” من أكبر المساهمين في موازنة الوكالة ، إن ما تقوم به أمريكا حالياً ينسجم تماماً مع أفكارها الصهيونية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال إلغاء مسمى لاجئ فلسطيني ، وإن كانت تلك الدولة المارقة تستهدف إلغاء صفة لاجئ عني وعن أمثالي بحجة أن من هُجروا اصلاً كوالدي قد انتقلوا إلى رحمة الله ، وأن من بقي على قيد الحياة من اللاجئين بعد سبعين عاماً من النكبة لا يتجاوز عددهم 40 ألفاً … فكيف منحت الحق للصهاينة اليهود بعد ألفي سنة بالحق في فلسطين وهم الذين اندثروا منذ قرون… ألا يسمى ذلك بالعهر الأكبر ..

وكلاجئ فلسطيني ذاق وما زال مرارة التهجير من وطنه ، وبعد الحملة الصهيوأمريكية التي تستهدف وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين( الأونروا ) ، وبعد أن تجاوز عمري الستين عاماً ، اقول” شكراً ” للأونروا أو كما كنا نطلق عليها تسمية ” الوكالة ” فلقد درست في مدارسها كأي لاجئ فلسطيني ، وتعالجت في عياداتها ككل اللاجئين الفلسطينيين ، وفي المدرسة وفرت لي” الوكالة ” الكتب والقرطاسية والمعلمين والبناء المدرسي وكانت ترعاني وتقدم لي الغذاء من خلال تناول الحليب ووجبة الغداء … وكانت ” الوكالة ” علاوة على كل ذلك توفر لنا كلاجئين احتياجاتنا من المواد الغذائية الأساسية من دقيق وزيت وبقوليات ” المؤن ” ضمن حصة شهرية ، وكثيراً ما قدمت لنا اللباس من خلال ما كانت توزع علينا من ألبسة ُمتبرع بها وهي ألبسة مستعملة ” أو ما كنا نسميها ” البقج ” … والأهم من كل ذلك فلقد وفرت ” الوكالة ” للاجئين المسكن في مخيماتها المنتشرة في الدول المستضيفة .

وحيث أن موازنة الأونروا تتأتى من المنح والمساعدات الطوعية التي تساهم بها دول العالم المختلفة وكنتيجة لعدم كفاية تلك المنح مع زيادة عدد اللاجئين في مناطق اللجوء ، بدأت الأونروا بتخفيف أو بوقف بعض من مساعداتها فتوقف توزيع القرطاسية وتوقف توزيع ” المؤن ” إلا في حالات خاصة ، إلا أن الأونروا بقيت السند الحقيقي في توفير الغذاء ومحاربة الجوع في قطاع غزة فكانت سنداً حقيقياً في مواجهة الحصار الظالم على القطاع ، وإذا ما علمنا أن 70 % تقريباً من سكان قطاع غزة من اللاجئين ندرك حينئذ مدى أهمية ما قدمته “الوكالة ” للتخفيف من الجوع والفقر وأثر الحصار .

تعتبر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين( الأونروا ) ومقرها الرئيسي في فيينا وعمان ، وكالة غوث وتنمية بشرية تعمل على تقديم الدعم والحماية لحوالي ” 5.7 مليون ” لاجئ فلسطيني مسجلين لديها في كل من الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة ، وهذا العدد هو الحد الأدنى من لعدد اللاجئين الفلسطينيين وهم في الواقع يتجاوزوا هذا العدد .

تبلغ الموازنة العامة للأونروا في السنة ما يقارب 1.3 مليار دولار أمريكي كلها على شكل تبرعات طوعية ، أكثر من 65 % منها تأتي من كبار المساهمين، فالولايات المتحدة الأمريكية تتبرع بحوالي 364 مليون دولار ، الإتحاد الأوروبي 143 مليون دولار ، ومن ثم ألمانيا 76 مليون دولار ، تليها السويد 61 مليون دولار ، وتتبعها المملكة المتحدة 60 مليون دولار ، ثم المملكة العربية السعودية 51 ملوين دولار ، اليابان 43 مليون دولار ، السويد 27 مليون دولار ، النرويج بمبلغ 26 مليون دولار وتحتل هولندا المرتبة العاشرة بحوالي20 مليون دولار أمريكي، إضافة لأكثر من أربعين دولة ومؤسسة ومتبرعين أخرين ، ويتم إنفاق 80% من الموازنة العامة للأونروا على الرواتب والأجور والتشغيل لأكثر من 30000 موظف محلي وإقليمي ودولي يعملون بها ، فيما يستخدم 20% من أموالها فقط لأغراض برامجها الأغاثية .

وتتمثل مهام الوكالة ( الأونروا ) في تنفيذ برامج إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين مباشرة بالتعاون مع حكومات الدول المستضيفة والتشاور مع تلك الحكومات في تنفيذ مشاريع الإغاثة والتشغيل والتخطيط.

أما أوجه انفاق موازنة (الأونروا ) فتتوزع على النحو التالي :

• برامج التعليم 54%

• برامج الصحة 18%

• الخدمات المشتركة والخدمات التشغيلية 18 %

• برامج الإغاثة والخدمات الاجتماعية 10%

لقد مرت الأونروا منذ إنشاءها بأزمات مالية متعددة نتيجة لنقص في التبرعات والمنح ، ولكن الأزمة الآن أخذت بعداً خطيراً حيث تقوم أمريكا وبشكل مبرمج بالهجوم على الأونروا تارة وتقليص مساهماتها تارة أخرى ، ففي البداية قامت أمريكا بتوجيه التهم للأونروا بالفساد وعدم الكفاءة وأنها وكالة لا تساهم بتثبيت السلام في المنطقة ولا تعمل عليه ، ثم قامت الإدارة الأمريكية ومن يدور في فلكها من دول الغرب الاستعماري بتعليق مساهماتها من خلال استراتيجية أمريكية واضحة تهدف إلى إلغاء هذه المنظمة الهامة ولعل ما ذهبت إليه من مبررات لا يدخل العقل ولا يتوافق مع المنطق حيث أدعت أن هناك ( 12 ) موظفاً من أصل ( 13000 موظف ) من الموظفين العاملين في الاونروا في قطاع غزة يتعاملون ويتعاطفون مع ” حماس ” دون حتى التحقق من ذلك .. وحتى لو صح الإدعاء ف 12 من 13000 تعتبر نسبة مهملة ولا تستحق بموجبها عقاب شعب كامل مقابلها … ورغم الحاجة الكبيرة للأونروا وبرامجها في قطاع غزة إلا أنها تقدم خدماتها للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملها الأربعة الأخرى ( الضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان ) مما يجعل استمرار عملها ضرورة وحاجة لا بد منها .

إن الأزمة التي تمر بها الأونروا هذا العام هي أزمة ترتبط باستمرار وجودها إذا علمنا أن الإدارة الأمريكية تهدف وبشكل سافر إلى تصفية القضية الفلسطينية لصالح كيان العدو ، فبقاء اللاجئين والأونروا يعني بالضرورة بقاء القضية الفلسطينية ، ومن هنا فإن أمريكا تنوي أن تُلغي كلمة ” لاجئ فلسطيني ” من كل قواميس العالموهي بذلك تتفق والصهيوني الفاشي النازي نتنياهو بأحد أهم أهدافه من العدوان على غزة والمتمثل بإلغاء ” الأونروا” “

لقد بدأت أمريكا وبكل صلف ووقاحة تروج لعقيدتها الصهيونية إذ تقول بأن حالة اللجوء لا تورث وبأن عدد اللاجئين الفلسطينيين يبلغ ” 20 ” الفاً فقط وفي تصريحات أخرى ” 40 ” ألفاً وهم اللاجئين الذين بقوا على قيد الحياة منذ 1948 … عهر ما بعده عهر .. وهو منطق يتنافى مع كل ما نصت عليه المواثيق الدولية التي تتبجح بها أمريكا .. فإذا كانت ملكية الأرض والوطن لا تورّث فكيف بأمريكا والصهاينة يتبنوا النظرية الصهيونية والحق التاريخ الزائف لليهود في فلسطين ، وكيف يطالبوا بأرض سكنها اليهود قبل 3 آلاف عام بعد ان حاربوا سكانها الأصليين … فكيف يتم توريث الزعم بحق زائف منقطع ولا يتم توريث أجيال مستمرة تضررت من التهجير واللجوء وكيف يطالب الصهاينة بتعويض عن مزاعم الهولوكوست ووراثة أشخاص لا يمتوا لهم بصلة ، أي منطق هذا ؟

ولم تتوقف أمريكا عند مخالفتها للعرف والقانون الدوليين ، بل بدأت وبكل وقاحة بالترويج لضرورة إلغاء صفة اللجوء عن اللاجئين الفلسطينيين فبدأت الطلب من الدول تبني موقفها هذا … فقد سبق وأن اشارات المعلومات بأن أمريكا وعلى لسان ذلك الغر الوقح كوشنر ” في عهد ترامب قد طلبت من الأردن إلغاء صفة اللجوء عن مليوني لاجئ فلسطيني يعيشون على أرضها وهم لاجئين تعترف بهم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ” الأونروا ” ومسجلين لديها كلاجئين مما يعني أولاً وبالضرورة وقف نشاطات الأونروا في الأردن وإسقاط حق العودة التي تعترف به الأمم المتحدة باعتباره حق شخصي لا يمكن اسقاطه .. وكل ذلك من أجل خدمة الصهاينة وخدمة كيان العدو وبما ينسجم مع دعمها للدولة اليهودية التلمودية الصهيونية وعاصمتها القدس بانتظار ظهور السيد المسيح كما تنادي به المسيحية المتهودة والمتصهينة والمحافظين الجدد .

إن ما تقوله أمريكا وتسعى إليه يتفق تماماً مع ما يسعى إليه الصهاينة ، ومن هنا يتوجب على كل أحرار العالم العمل على إبقاء الأونروا ” الوكالة ” التي قدمت الكثير للاجئين الفلسطينيين كما يستوجب الأمر السعي وبقوة لدى كل دول العالم لتقديم المنح والمساعدات لهذه المنظمة الجليلة ، فتعويض النقص الحاصل نتيجة تقليص أو قطع المساعدات الأمريكية أمر ليس بالمستحيل مع ما يجب أن يصاحبه والعمل عليه أيضاً بزيادة كفاءة الأونروا والعاملين فيها.

ومع كل ما تقدم ورغم غي أمريكا والصهاينة والغرب الاستعماري أقول وأعلنها بأني لاجئ فلسطيني وُلدت هكذا وعشت هكذا ولن يفارقني هذا المسمى ولن أتخلى عنه إلا بالعودة بعد التحرير فإن لم أعود لوطني فلسطين بشخصي فسيعود أبنائي وأحفادي حتماً …..

فكل الشكر للوكالة ” الأونروا ” التي خدمت شعباً وساهمت في تقديم أناس عملوا ويعملون على تقدم واستقرار البشرية وتباً لأمريكا وعنصريتها وصهيونيتها الوقحة .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.