فسّر ما يلي: رفح (حفر، حرف، فرح) / الياس فاخوري
الياس فاخوري ( الأردن ) – السبت 24/2/2024 م …
حفر: رفح تحفر قبر الصهيونية وقادتها ..
حرف: ” اسرائيل الى زوال” – هكذا نقشت الساكنة ذاكرة المقاومة (ديانا فاخوري) على ظهر الدهر، وهزمت الموت روحا نقيّا كالسَّنا فأعادت الدماء للحرف وأعلت قيمته، وسمت بها؛ كان هذا الحرف (المجبول دماً) خيراً، ويبقى ثواباً بعد ان سنته سبيلاً ..
فرح: عندها “يغزو” الفرح قلب الانسانية وقلوب الناس ف”غزة” هي ارض العزة ..
فماذا ترى في الأفق؟ قِمماً كما علّمنا انطون سعادة: “كلما بلغنا قمة تراءت لنا قمم أخرى نحن جديرون ببلوغها” .. او “أفقاً آخراً” بِلُغَةِ محمود درويش:
“هل تعرف القتلى جميعاً؟
والذين سيُولدون….
سيولدون
تحت الشجرْ
وسيولدون
تحت المطرْ
وسيولدون
من الحجرْ
وسيُولدون
من الشظايا
يولدون
من المرايا
يولدون
من الزوايا
وسُيولدون
من الهزائم
يولدون
من الخواتم
يولدون
من البراعم
وسيولدون
من البداية
يولدون
من الحكاية
يولدون
بلا نهايةْ
وسيولدون , ويكبرون , ويُقتلون’
ويولدون , ويولدون ’ ويولدون ..”
أبٌ من “بلفور” + أمٌ من “نفط” = الكيان المسخ!
ولدت سفاحا من أب من “بلفور” وأم من “نفط” وسُمّيت “اسرائيل” .. كيان مسخ يقف عاجزا عن مواجهة طفل بيده حجر أو مراهق يحمل سكينا .. كيان مسخ يتهاوی أمام “الأمعاء الخاوية” .. كيان مسخ قام على اختلاط المنطق الاسبارطي بالمنطق التلمودي بغاءً نحو الحطام حيث “تكمن” كافة الأهداف الحساسة، العسكرية منها والمدنية، في مرمى صواريخ المقاومة الامر الذي يحول دون “الاسرائيليين” الوافدين شتاتاً والتعايش مع هكذا حطام!
على نبض ساعة السابع من اكتوبر/تشرين الاول 2023 استمراراً تراكمياً لحرب تموز 2006، تكتب “رفح غزة” التاريخ، ولعلها هي “اللحظة الضرورية لاعادة تأهيل التاريخ ليكون تاريخ البشرية” كما قال الجنرال “دوغلاس ماك آرثر” في سياق قنبلة هيروشيما .. ما نشهده اليوم في غزة من مذابح وجرائم إنما هو عرض مكثف لأيديولوجيا الإبادة الجماعيّة التي لا تتحقق إلا بالعنف المميت، وهي لا تختلف عن مذابح الاوروبيين في العالم الجديد .. هؤلاء الذين يُمعنون بالبكاء والعويل لصالح شخصية الضحية في أفران الغاز هم أنفسهم الذين يلقون على رؤوس أهل غزة الفلسطينيين بآلاف أفران وأطنان الغاز يومياً .. وكما اخترقت التوراة ايديولوجياً عقول الأميركيين، ها هي تخترق عسكرياً وسياسياً قبور العرب وعظام العرب .. وتكراراً أُعيد ان الولايات المتحدة الامريكية انما قامت علی ما غرسه البيوريتانز (الطهرانيون) الانجليز، وقد تمثلوا التوراة، في اللاوعي الامريكي من ثقافة الغاء الاخر علی طريقة داعش وابن تيمية .. فأين ذهب أصحاب الارض الاصليون؟! ثم الا يتماهی اغتصاب البيض لامريكا الشمالية مع اغتصاب الصهاينة لفلسطين؟! وهل تحوّل رؤساء أمريكا الى أحصنة عرجاء بقيادة سائق العربة القادم من ليل الأزمنة ومن عتمة الايديولوجيات!؟
ومن قعر حفرة رفح ومأزق فشله الميداني، على نتنياهو ان يختار بين “الحرب والعار ليحصل في النهاية على الحرب والعار معاً” كما قال تشرتشل! وغاضباً حذّر الصحفي الاسرائيلي “جدعون ليفي” من “مراقصة الحرائق”، بعدما تحدث عن طوفان الدم في غزة، وقد تزامن مع طوفان الخراب، وقال: “إذن – كل أبواب المقبرة مفتوحة أمامنا”!
وهذا “ايهود باراك” (رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق، والجنرال صاحب العدد الاكبر من الأوسمة) يُذكّر نتنياهو: “تذكّر لماذا خرجنا من لبنان عام 2000 بعدما راهنّا على أن نبقى هناك الى الأبد”! وقد حدث الخروج من لبنان بفعل ضربات المقاومة، التي كانت تبعث بتوابيت الجنود الاسرائيلين يومياً الى “أرض الميعاد” التي أرادها “تيودور هرتزل” ملاذاً لا مقبرة .. وكرر “باراك” الموقف ذاته لرئيس الأركان الحالي “هرتسي ليفي” مؤكداً: “لا ندري ماذا يخبئ لنا اذا انزلقنا الى المواجهة، ولا مصلحة ل”اسرائيل” في حرب الشمال سوى … الانتحار”!
“ان غزة تعني العزة، والمنعة، والقوة” كما ارّخ “يوسابيوس القيصري” الذي يُعرف بـ “أبو التاريخ الكنسي” وقد عاش في القرن الرابع بعد الميلاد .. كما كان صمود غزة موضع تقدير من قبل “السير وليم سميث” الذي دوّن عام 1863 ان ثمة حروب كثيرة دارت رحاها في المدينة وحولها، “وقد صمدت خلالها”!
اما جلبة التاريخ، فلم تتوقف يوماً عن العزف هناك، على أرض غزة .. ولم يتورع المؤرخ المقدسي “عارف العارف” عن وصف هذا التاريخ بـ “المجيد” حيث “صمدت غزة في وجه النوائب بجميع أنواعها، وطوارئ الحدثان بجميع ألوانها، حتى لم يبق فاتح من الفاتحين، أو غاز من الغزاة، المتقدمين والمتأخرين، الذين كانت لهم صلة بالشرق الا ونازلته، فاما أن يكون قد صرعها أو تكون هي قد صرعته”.
وبعد، هل تحفر رفح قبر الصهيونية وقادتها ل”يغزو” الفرح قلب الانسانية وقلوب الناس، وتعود للحرف قيمته؟
التعليقات مغلقة.