متابعات، نشرة أسبوعية – العدد السّتّون / الطاهر المعز
الطاهر المعز ( تونس ) – الأحد 25/2/2024 م …
يتضمّن العدد السّتّون من نشرة “متابعات” الأسبوعية فقرة أولى عن الدّعم الألماني والأمريكي غير المشروط وغير المحدود للعدو الصّهيوني وفقرة عن احتداد القمع في كافة مناطق فلسطين فضلا عن العدوان على فلسطينيي غزة منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، وفقرة عن ارتفاع الإنفاق العسكري بشكل مُتصاعد منذ سنة 2020 وفقرة عن احتجاجات شهر شباط في نيجيريا الغنية بالنفط والتي يُعاني 63% من سُكّانها من الفقر، وفقرة عن امتزاج الإستغلال الطبقي بالإضطهاد العنصري في الولايات المتحدة، وفقرة عن الدّعم الأمريكي الحكومي المباشر لشركات صناعة الرقائق الإلكترونية، بالمال العام، لمَنْع الشركات الصينية من كسب السباق التكنولوجي وفقرة عن الدّور الإيجابي للمهاجرين في ازدهار الإقتصادات الرأسمالية المتقدّمة، وفقرة عن اكتساح الرأسماليين الأمريكيين مجال رياضة كرة القدم الأوروبية التي لا يفقهون منها شيئًا ويعتبرونها مجالا استثماريا يمكنه توليد عائدات مهمة من الإعلانات والبث التلفزيوني وفقرة عن استغلال وزارة الحرب الأمريكية، بالتعاون مع شركات المختبرات والأدوية فرصة الحرب في أوكرانيا لإجراء تجارب غير قانونية على المواطنين المحليين
فلسطين – 1
ألمانيا التي لم تتغير
في 8 شباط/فبراير، زار المستشار الألماني أولاف شولتس واشنطن يوم الثامن من شباط/فبراير 2024، لتمتين التعاون بشأن الدعم المالي والعسكري والدّبلوماسي والإيديولوجي للكيان الصهيوني، وتعزيز مظاهر الإنحياز الأمريكي والأوروبي – بزعامة ألمانيا – الكامل والواضح للعدو الصهيوني الذي يُمارس الإبادة الجماعية منذ أكثر من أربعة أشهر ( يوم الزيارة) وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض ( جون كيربي) خلال مؤتمر صحفي “إن الغرض من زيارة المُستشار الألماني هو ضمان حصول إسرائيل على كل ما تحتاجه لتحقيق مهمتها في الدفاع عن النفس…”، وهذا يعني إلغاء “حق الفلسطينيين في تقرير المصير” وإلغاء حق المواطنين الفلسطينيين المحاصرين في الحياة وفي الوُجُود في وطنهم
تستمر الدول الإمبريالية (وقاعدتها ومحميتها الكيان الصهيوني) في منح نفسها احتكار استخدام القوة، باسم “حماية الأمن القومي الأمريكي” أو حماية مصالح الشركات العابرة للقارات ضد بلدان “الجنوب” أو الأطراف التي يتم اتهامها بدعم الإرهاب لما تحاول الدفاع عن نفسها ضد التدخل الأجنبي والاستعمار والاحتلال العسكري والفصل العنصري، وحماية ثرواتها من النّهب…
يُغَطِّي الدّعم المالي الألماني للكيان الصهيوني نفقات مجموع الحروب التي شنها العدو الصهيوني ضد البلدان والشعوب العربية، ولا تزال الولايات المتحدة وألمانيا من أكبر داعمي الإحتلال الصهيوني بالمال والسّلاح وبالتبرير في وسائل الإعلام لجرائم الإحتلال…
فلسطين – 2
اشتدّت حدّة القمع في الضّفّة الغربية وفي الأراضي المحتلة سنة 1948، بالتوازي مع العدوان على فلسطينيِّي غزة أمام أنظار العالم، بل بدعم وتشجيع من كافة الدّول الإمبريالية والأنظمة الرجعية العربية وحياد سلبي من قِبَل روسيا والصين ومجموعة بريكس، باستثناء جنوب إفريقيا، وفاق عدد المُعْتَقَلِين الفلسطينيين السبعة آلاف في الضفة الغربية، من بينهم 220 امرأة و440 طفلا، و53 صحفيا، بين السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 والخامس من شباط/فبراير 2024، وفق بيان مشترك لمنظمات حقوقية فلسطينية صدر يوم 13 شباط/فبراير 2024 فضلا عن ارتفاع حالات الانتهاكات والضرب والتهديدات ضد المعتقلين وأفراد أسرهم وتدمير المنازل ومصادرة المُمتلكات ( المركبات والأموال والمجوهرات ) وعمليات اغتيال بعض المعتقلين وأفراد عائلاتهم، وتُضاف هذه الإعتقالات إلى نحو تسعة آلاف من الفلسطينيين المعتقلين في السجون الصهيونية ومن بينهم، 3,484 معتقلًا إداريًا و606 معتقلا صنّفَهُم الإحتلال على أنهم “مقاتلون غير شرعيين” من غزة…
الإنفاق على السلاح
نمت قيمة مبيعات الأسلحة لأكبر شركات الصناعات الحربية بنسبة 10% بين سنتَيْ 2020 ( 701 مليار دولارا) و 2022 ( 778 مليار دولارا)، وبلغت خلال النّصف الأول من سنة 2023 نحو 764 مليار دولارا، ما رَفَعَ أسْهُمَ شركات الصناعة الحربية بنسبة 25% خلال سنة 2023 فيما ارتفعت أسهم شركات الطبران الحربي بنسبة 50% وارتفع إجمالي الإنفاق العسكري العالمي بنسبة 3,7% سنة 2022 وبلغ 2240 مليار دولار، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام الذي أشار الى أكبر زيادة سنوية للإنفاق العسكري الأوروبي منذ 30 عامًا بفعل دعمها السلطة الحاكمة في أوكرانيا وارتفاع الإنفاق على الجيوش الجوية والبحرية، وأدّى العدوان على فِلِسْطِينِيِّي غزة إلى ارتفاع مبيعات الأسلحة والذّخائر وبفعل تجربة أسلحة جديدة في أوكرانيا وفي فلسطين المحتلة، وسيطرت الشركات الأمريكية على حوالي 51% من الأرباح الإجمالية لمبيعات الأسلحة عالميا، سنة 2022، وسجّل الإنفاق العسكري العالمي مستوى قياسيا وتاريخيا بأكثر من 2,2 تريليون دولارا سنة 2023، وسط توقعات بزيادة أكبر بالميزانيات العسكرية للدول – خصوصًا روسيا وأوكرانيا ودول الإتحاد الأوروبي وأعضاء حلف شمال الأطلسي والصين فضلا عن الولايات المتحدة – خلال سنة 2024 وفق المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن (IISS)
نيجيريا – فَقْر وجُوع واحتجاجات
تنتج نيجيريا 1,8 مليون برميل يوميا من النفط الخام، ومن المُتوقع أن يرتفع الإنتاج إلى 2,6 مليون برميل يوميا بحلول سنة 2026 وخمسين مليار متر مكعب من الغاز سنويا، ويُعدّ اقتصادها ( الناتج المحلي الإجمالي ) أكبر اقتصاد في إفريقيا (477 مليار دولار سنة 2022 بحسب موقع إستاتيستا)، ولديها أكبر إنتاج نفطي وأكبر احتياطي من الغاز ويعتمد الإقتصاد على إنتاج وتصدير المحروقات وعلى قطاع الخدمات، مثل تكنولوجيا المعلومات والخدمات المصرفية، ثم قطاع التصنيع والتجهيز والزراعة، ورغم وفرة الثروات، تضُم نيجيريا أكبر عدد من الفقراء في إفريقيا، بما لا يقل عن 63% من سكان نيجيريا، البالغ عددهم 220 مليونا، يعيشون في حالة فقر مدقع وبلغ مُعَدّل التضخم أعلى مستوياته منذ ثلاثة عقود متجاوزا 28% بنهاية سنة 2023، وفقا للمكتب الوطني للإحصاء، وأعلن وزير الطاقة النيجيري، يوم 15 شباط/فبراير 2024، إن الحكومة تعتزم خفض دعم الكهرباء لأنها لم تعد قادرة على ذلك، وكانت الحكومة الرئيس أحمد تينويو قد ألغت دعم الوقود، سنة 2023، مما أدى إلى ارتفاع أسعار البنزين والديزل ثلاث مرات وزيادة تكاليف المعيشة مع انخفاض قيمة العملة المحلية ( نايرا) مقابل الدّولار، وتفاقم التضخم وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل حاد في البلاد، ما أدّى إلى احتجاج المواطنين (آب/أغسطس 2023) وانطلقت مظاهرات ضخمة بنيجيريا سنوات 2020 و 2023 ضد ارتفاع الأسعار وشح بعض السلع ومنها الوقود، في أكبر منتج إفريقي للنفط، وتظاهر النيجيريون منتصف شباط/فبراير 2024 ضد استفحال الأزمة الإقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية التي أجْبَرت السكان على التخلي عن تناول وجبات الطعام أو الاكتفاء بأرُز رخيص ومنخفض الجودة، يستخدم عادة علفًا لإطعام السمك، لإطعام الأطفال، بعد ارتفاع أسعار الحبوب كالأرز والذّرة، واضطر عدد كبير من النيجيريين الفقراء للتخلي عن استهلاك منتجات عديدة مثل اللحوم والبيض والحليب والبطاطا التي أصبحت تُعَدُّ من الكماليات، ولذلك انطلقت تظاهرات في العديد من مدن المناطق الشمالية التي تنتج نحو 80% من الحبوب بالبلاد، وهي المناطق التي تُعاني من عنف مزدوج تُمارسه الدّولة والمُنظّمات الإرهابية، ما أدى إلى زيادة الضغط على المزارعين وعلى المحاصيل والإمدادات، خصوصا بعد إغلاق الحدود مع النيجر، وفق تقرير البنك العالمي، فيما أعلن وزير الزراعة أمام البرلمان ( يوم الاثنين 12 شباط/فبراير 2024) إن الأمن الغذائي الوطني يعاني منذ جائحة كوفيد سنة 2020 والفيضانات المدمرة سنة 2021، فضلا عن مشاكل الإحتكار والمُضاربة والتخزين والهَدْر وانعدام الأمن الذي حال دون وصول الفلاحين إلى أراضيهم…
أدّى ارتفاع معدل التضخم في أعقاب السياسات النقدية التي تسببت في انخفاض العملة المحلية إلى مستوى تاريخي منخفض مقابل الدولار الأمريكي، وارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والسلع الغذائية إلى انفجار الغضب والاحتجاجات في جميع أنحاء نيجيريا التي يُواجه مواطنوها واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في غرب أفريقيا منذ سنوات، وأظهرت أحدث الإحصاءات الحكومية الصادرة يوم الخميس 15 شباط/فبراير 2024 أن معدل التضخم وصل خلال شهر كانون الثاني/يناير 2024 إلى 29,9%، وهو أعلى مستوى له منذ سنة 1996، بسبب ارتفاع أسعار الطعام وانخفاض قيمة العُملة المحلية (نيرة) بنسبة 230% مقابل الدّولار خلال سنة 2023، ما أدّى إلى انخفاض قيمة الدّخل الحقيقي والمُدّخرات في ظل إلغاء دعم الغاز، وزيادة أسعاره ثلاث مرات وزيادة أسعار النقل، بفعل “الإصلاحات الهيكلية”…
اجتمعت هذه الأسباب فانطلقت الاحتجاجات، خلال الأسابيع الأخيرة، بمشاركة العديد من النّساء، وأغلق المتظاهرون الطّرقات، لكن قوات الأمن سارعت إلى قمعها واعتقال العديد من المتظاهرين الذين يحتجون على تدهور ظروف الحياة اليومية بشكل حاد بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية…
الولايات المتحدة، اندماج الفوارق الطبقية بالعنصرية الهيكلية
توفر الإحصاءات الاقتصادية الحكومية الأمريكية، العديد من البيانات التي يمكن استخدامها لمقارنة ظروف السكان السود مع السكان البيض، وتُؤَكّد هذه البيانات استمرار العنصرية الهيكلية، ذات الجذور العميقة في مجالات توزيع الثروة والدخل والفقر والبطالة، وتغيرت أشكال العبودية باستغلال الرأسمالية ومؤسساتها للمواطنين السّود وإبقائهم في وضع اقتصادي أدنى مقارنة بالسكان البيض رغم من الإصلاحات التي أدت إلى ارتقاء أقلية من السود في درجات السُّلّم الطّبقي وإلى احتلال العديد من السود مناصب في السلطة، غير إن العنصرية الهيكلية لا تزال سائدة في مجالات عديدة، منها التفاوت في الثروة، خصوصًا خلال العقود الثلاثة الماضية، في ظل النيوليبرالية، وفق بيانات مجلس الإحتياطي الفيدرالي الذي يُجري مسوحات دَورِيّة منذ 1989، وأظهرت كل المُسُوحات حتى الربع الثاني من سنة 2023، ارتفاع حصة ثروة البلاد التي يملكها أغنى 1% من الأسر من 22,5% سنة 1989 إلى 31,4% سنة 2023، وخلال الفترة نفسها، انخفضت حصة أفقر 90% من 40,1% إلى 31,1%، في حين شهد أفقر 50% حصتهم من ثروة البلاد تنخفض من 3,8% إلى 2,5%، وتمثل نسبة 2,5% التعافي من الركود الكبير الذي حدث سنة 2008 عندما انخفض إلى أقل من 1% ، وبشكل عام، تظهر أرقام مجلس الاحتياطي الفيدرالي عدم المساواة المستمرة والمتزايدة في الثروة بين العائلات البيضاء والسود، فقد ارتفع متوسط ثروة الأسر البيضاء بنسبة 261% من 524.410 دولارًا سنة 1989 إلى 1.367.170 دولارًا سنة 2022 بينما بالنسبة للسود، ارتفع متوسط الثروة من 95,530 دولارًا سنة 1989 إلى 211,450 دولارًا سنة 2022 بزيادة قدرها 221%، مما أدى إلى اتساع الفرق بين متوسط ثروة الأسرة السوداء والبيضاء، وتحَمَّلَ السكان السود آثار أزمة 2008 و أزمة وباء كوفيد – 19 واستغرقوا وقتًا أطول للتعافي، كما إن المكاسب في متوسط الثروة لا تمثل تحسينات بالنسبة للأشخاص الأقل ثراءً، ولكنها تعكس بدلاً من ذلك زيادة الانقسام الطبقي بين السكان السود والبيض، لأن الجداول والأرقام لا تُظْهِرُ الفارق الكمي والنوعي بين حصة السود من إجمالي ثروة البلاد مقارنة بما يملكه البيض من أسهم الشركات وصناديق الاستثمار المشتركة والأصول السائلة والعقارات، وبلغ معدل ملكية المنازل من قبل البيض 73,15% مقابل 46,34% للسود، مع فارق كبير في قيمة العقارات وفي قيمة الرّهن العقاري ( حيث تبلغ ديون الرهن العقاري للسود نحو 33% من قيمة عقاراتهم) كما يوجد تفاوت كبير في الثروة بين المليارديرات السود ( تسعة فقط) والبيض البالغ عددهم 735 مليارديرًا سنة 2023…
أما المُقارنة الأكثر التصاقًا بالواقع اليومي فهي مقارنة الدّخل، ومصدره لدى معظم الناس من الأجر مقابل العمل أو من المعاش التقاعدي المكتسب من العمل، باستثناء الأثرياء بالنسبة للأثرياء الذين يأتي الجزء الأكبر من دخلهم من الاستثمارات والفوائد، وأرباح الأسهم، ومكاسب رأس المال، والإيجار، حيث يتزايد دخل البيض مقارنة بدخل السود على مر السنين، وفقا لتقارير الإحتياطي الإتحادي التي أظهرت زيادة قيمة أُجُور البيض بنسبة 6,9 % بين سنتي 2019 و 2022، بينما انخفضت قيمة أجور ورواتب الأسر السوداء بنسبة 0,03% خلال نفس الفترة، وبلغ معدل الفقر بين السود سنة 2022 نسبة 17,1% ومعدل البطالة نسبة 6,1% بينما بلغت نسبة الفقر 10,5% ومعدل البطالة بنسبة 3,3% بين البيض
تنتشر العنصرية في كافة المؤسسات وكافة جوانب الحياة اليومية بالولايات المتحدة وتشمل كذلك حق الإنتخاب وإقصاء حوالي 4,5 ملايين مواطن من السّود بالقمع والتحايل وبالقوانين الزّجرية، فضلا عن عدم اهتمام العديد من الفُقراء (مهما كان لونهم ودينهم) بالإنتخابات لأن المُرشّحين لا يُعبِّرُون عن مشاغلهم، كما تشمل العنصرية الكامنة – وإقْصاء الفُقراء – مجالات التّعليم والتغطية الصحية ومنظومة القضاء والسُّجُون، وجرائم القتل من قِبَل عناصر الشرطة، ومجمل المجالات التي تُيَسِّرُ استمرار نظام عدم المساواة الاقتصادية والعُنْصُرِيّة الهيْكَلِيّة التي تُوضّحُها البيانات والأرقام الرّسمية الحكومية رغم عيوبها فهي لا تتناول طريقة توزيع الدخل سوى بإيجاز، ولا تتناول موضوع الثروة وكيفية توزيعها ( راجع موقع الإحتياطي الإتحادي – federalreserve.gov – )
اقتصاد السوق على الطريقة الأمريكية
تُوَجِّهُ سلطات الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي إلى سلطات الصين تهمة “دعم الشركات ومخالفة قوانين المنافسة الحُرّة” غير إن السلطات الأمريكية والأوروبية واليابانية وغيرها تُخصّص ميزانيات هامة لدعم الفلاحة وقطاع التكنولوجيا والعديد من الصناعات الإستراتيجية، وأعلنت إدارة الرئيس جوزيف بايدن إن هدفها يتلخص في إنشاء مجموعتين صناعيتين رائدتين على الأقل بحلول سنة 2030 وساعدت شركات الرقائق على استثمار أكثر من 230 مليار دولار في الولايات المتحدة منذ تولي الرئيس جوزيف بايدن منصبه، وأقَرّت الولايات المتحدة يوم الجمعة 16 شباط/فبراير 2024، إنشاء المركز الوطني لأشباه المواصلات ( NSTC ) “لتعزيز تصميم الرقائق والابتكار في مجال الأجهزة في الولايات المتحدة ومواجهة جهود الصين للاستيلاء على زمام الأمور في هذه الصناعة المتقدمة”، في إطار قانون الرقائق الذي تم إقراره سنة 2022 والذي خَصّصَ مِنَحًا بقيمة 39 مليار دولار لحوافز التصنيع، فضلا عن 75 مليار دولارا من القروض والضّمانات وهي إعانات حكومية (من المال العام) للشركات الخاصّة التي تُنْقِل مصانعها إلى الولايات المتحدة، ولتشجيع البحث والتطوير وإنعاش صناعة الرقائق الأميركية واستعادتها من آسيا، وأقرت الحكومة الإتحادية الأمريكية مَنْح شركة “إنتل” عشرة مليارات دولارا، في إطار خطة لإعادة تصنيع أشباه الموصلات إلى الأراضي الأميركية، وأدّى نَشْر الخبر إلى ارتفاع أسهم شركة إنتل بنسبة 1,1% يوم الجمعة 16 شباط/فبراير 2024، بعد أن انخفضت قيمة سهم “إنتل” بنسبة 13% منذ بداية سنة 2024، بفعل انخفاض نشاط “إنتل” في فلسطين المحتلة (ثاني أكبر مركز بعد الولايات المتحدة) بعدما وصل قصف المقاومة الفلسطينية إلى ضواحي تل أبيب ( يافا) حيث مقر شركة “إنتل” القريب من بعض مراكز القيادات العسكرية والتجسس في الكيان الصهيوني، وكانت شركة إنتل مُهَيْمِنَة على صناعة الرقائق لسنوات، قبل أن تتراجع أمام المنافسين الآسيويين، شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات وشركة سامسونغ للإلكترونيات (كوريا الجنوبية)، وتريد الحكومة الأمريكية دَفْعَ “إنتل” لتحتل الصدارة من جديد، وشجعتها (بمبالغ مالية لم تعلن عنها وزارة التجارة) لبناء منشأة بقيمة عشرين مليار دولار في ولاية أوهايو، وتوسعة مصنعها في ولاية أريزونا بقيمة عشرين مليار دولارا واستثمار 3,5 مليار دولار في ولاية نيو مكسيكو…
استفادت كذلك شركات “بي إيه إي سيستم ” (BAE Systems Plc)، وشركة “مايكروشيب تكنولوجي” (Microchip Technology Inc) من مِنَح قانون الرقائق لإقامة منشآت في نيو هامبشاير وأوريغون وكولورادو، ويشترط القانون حظْر تصدير أشباه الموالات إلى الصين وحَظْر التّوريد منها، وذلك لمَنْع الصين من تطوير التقنيات الدّقيقة، وصناعة الرقائق بشكل خاص، وأعلنت وزارة التّجارة الأمريكية إنها تهدف منع الصين من الاستفادة من الأبحاث التي يمولها المركز الوطني لتكنولوجيا أشباه الموصلات، وكذلك من تقنيات تعبئة وتغليف الأجهزة، حيث أصبحت المكونات الإلكترونية ساحة معركة رئيسية بين الولايات المتحدة والصين.
دور الهجرة في تعزيز النمو بالولايات المتحدة
يعتقد نحو 60% من الأمريكيين الذي تم استجوابهم إن المُهاجرين يُشكّلون عبئًا على الإقتصاد، وفي الواقع فإن إجابة المُسْتَجْوَبِين رهينة طريقة طَرْح السّؤال، ولذا فإن الإستطلاعات لا تتعدّى كونها مُؤَشّر من جملة مؤشرات أخرى، وكان الهدف من هذا الإستطلاع محاولة الكونغرس إقرار قوانين لتقييد عدد المهاجرين في الولايات المتحدة، وأظهرت الدّراسات والبحوث والبيانات الرّسمية في الولايات المتحدة وغيرها إن المهاجرين يشغلون الوظائف الشّاقة، في ظروف عمل سيئة وبرواتب منخفضة وهي الوظائف غير المَرْغُوبة من قِبَل الأمريكيين ( حوالي ثلاثة ملايين وظيفة سنويا في الولايات المتحدة) أو الأوروبيين أو الأستراليين، كما يمْلأُ المهاجرون، ومعظمهم من الشباب، الفَجْوَة في نقص العمالة وشيخوخة السّكّان المَحلِّيّين، وتُقدّر هذه الفجوة التي يملؤها العُمال المهاجرون بالولايات المتحدة بنحو 18,1% سنة 2022، وفقا لمكتب إحصاءات العمل الأمريكي، وأثْبَتَ بحث أجرته مؤسسة بيترسون، وهي مؤسسة بحثية تركز على مشاكل الميزانية طويلة الأجل، إن المهاجرين الذين يصلون إلى الولايات المتحدة كلاجئين فارين من العنف والاضطهاد في بلدانهم الأصلية يُقبلون على العمل في ظروف صعبة وبرواتب منخفضة، ما يُفسِّرُ ارتفاع عدد المهاجرين إلى حوالي 1,8 مليون بين عُمال الرعاية الصحية والخدمات الإجتماعية ورعاية الأطفال والمُسِنِين (ما يمكن كبار السن من تجنب الإقامة في المؤسسات والبقاء في منازلهم ) وعمال التنظيف، ونحو 1,7 مليون مهاجر في قطاع الخدمات الحرَفية والتجارية، فضلا عن العمل في قطاعات البناء والمطاعم وغيرها…
من جهة أخرى أظهرت بحوث نشرتها مؤسسات رسمية في أوروبا إن المهاجرين يُشكلون عنصر ازدهار للإقتصاد، لأن المجتمع لم يتكفل برعايتهم وتعليمهم طيلة سنوات طفولتهم ومراهقتهم وسنوات شبابهم الأولى، ويعملون في القطاعات التي ينفر منها السكان المحليون بسبب سوء ظروف العمل وانخفاض الرواتب…
بزنس الرياضة
بلغت إيرادات أندية الدرجة الأولى الأوروبية بخمس دول: إنغلترا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا خلال موسم 2022-2023، حوالي 24 مليار يورو (25,75 مليار دولار)، وتصدّر الدّوري الإنغليزي الترتيب بإيرادات قدرها سبعة مليارات دولارا، يليه الدوري الإسباني والألماني والإيطالي ثم الدّوري الفرنسي، وفق بيانات الإتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا“، وبالنّسبة للنّوادي، حل نادي “ريال مدريد” في صدارة الأندية من حيث حجم الإيرادات في الموسم الماضي، بنحو 841 مليون يورو (902,6 مليون دولار)، يليه “مانشستر سيتي” بنحو 836 مليون يورو، و”برشلونة” بنحو 815 مليون يورو و”باريس سان جيرمان” ب807 ملايين يورو، غير إن تفاصيل أبواب الإيرادات تختلف حيث حقق “مانشستر سيتي” ( الذي يمتلكه أحد أفراد العائلة المالكة للإمارات) أعلى إيرادات من بيع الحقوق التجارية، بنحو 401 مليون يورو (430 مليون دولار) قبل برشلونة ب396 مليون يورو “مانشستر يونايتد” بنحو 377 مليون يورو، ثم “بايرن ميونيخ” و”ريال مدريد“، بينما تصدر نادي “برشلونة” قائمة الأندية الأعلى إيراداً من الحضور الجماهيري، قبل “باريس سان جيرمان” و “توتنهام هوتسبير” و “ريال مدريد”…
تصدّر نادي “مانشستر يونايتد” خلال موسم 2022-2023 صدارة قائمة أغلى الفرق الأوروبية من حيث تكلفة ضم اللاعبين، إذ أنفق النادي ما يزيد قليلاً على 1,42 مليار يورو (1,52 مليار دولار)، متجاوزاً الرقم القياسي السابق البالغ 1,33 مليار يورو الذي أنفقه “ريال مدريد” سنة 2020، واحتل “مانشستر سيتي”، المركز الثاني بقيمة 1,286 مليار يورو، ثم “ريال مدريد” و”تشيلسي” بأكثر من مليار يورو لكل منهما، وبلغت أجور اللاعبين والموظفين في الدّوري الأول للبلدان الخمس نحو 18 مليار دولارا (16,9 مليار يورو) بزيادة 6% عن الموسم السابق 2021-2022 وجاء “برشلونة” الإسباني في صدارة الأندية الأعلى إنفاقاً على أجور اللاعبين والموظفين، بحوالي 639 مليون يورو (685 مليون دولار) وبلغت الرواتب نسبة 78% من إيرادات نادي “برشلونة”…
لم تنتشر رياضة كرة القدم في الولايات المتحدة غير إن المستثمرين الأمريكيين يُسيْطرون على كرة القدم الإنغليزية، ويستحوذون على 34 ناديا إنغليزيا، معظمها من النوادي الصغيرة، خلال موسم 2022 – 2023، أو أكثر من ثلث نوادي المحترفين لكرة القدم في إنغلترا، وعددها الإجمالي 92 ناديا في الدوريات الأربعة الكبرى بالبلاد، باعتبارها مجالاً استثماريا مُرْبِحًا، وكانت عائلة غليزر قد استثمرت في شراء نادي “مانشستر يونايتد”، واستثمر تود بوهلي ومن يمولونه في “وول ستريت” في نادي “تشيلسي” وليفربول وهي من نوادي الدّوري الإنغليزي الممتاز، فضلا عن نوادي صغيرة من الدّرجات الدّنْيا، ويرغب المُستثمرون الأمريكيون في نقل تجارب الرياضة الأمريكية في مجالات الترويج التجاري وتحقيق إيرادات نقدية من مختلف الأصول، واستغلوا حاجة الكثير من الأندية التي تبحث عن مستثمرينليستولوا عليها بشروط مُيسّرة، غير إن طريقة الإدارة والإشراف للمستثمرين الأمريكيين خلقت معارضة واحتجاجات نَظّمها مُشجّعوا النوادي الإنغليزية والأوروبية، حيث حاصرت مجموعة من مشجعي نادي “كيه في أوستند” (KV Oostende) البلجيكي (كانون الثاني/يناير 2024) “بول كونواي” في دورة المياه أثناء إحدى المباريات، وهو أحد مؤسّسي شركة الاستثمار “باسيفيك ميديا غرو (Pacific Media Group) ، وحَمّلوه مسؤولية النتائج السيئة للنادي، وتمتلك نفس الشركة “باسيفيك ميديا” نحو 10% في نادي “برانسلي” الإنغليزي، كما نظم مُشجعوا النادي البلجيكي “آر دبليو دي مولينبيك” (RWD Molenbeek) احتجاجات ضد المستثمر الأميركي جون تيكستور مما أدّى إلى إلغاء إحدى المباريات، ولنفس هذا المُستثمر حصّة في نادي “كريستال بالاس” المُنْتَمِي إلى الدوري الإنغليزي الممتاز، الذي رفع مشجعوه لافتات تطالب بتغييرات في النادي اللندني، ونظم مشجعوا نادي “تشيلسي” وكذلك نادي “برمينغهام سيتي” احتجاجات ضد المالكين الأمريكيين الذين لا يهتمون بمجال كرة القدم وإنما بالعائد على الإستثمار…
صحّة – ما هي الحدود بين العمل العسكري والمَدَنِي؟
جرّبت الولايات المتحدة – بمناسبة الحرب في أوكرانيا – بعض الأسلحة البيولوجية الجديدة وتمارس شركات المُختبرات والأدوية الكُبرى – من ضمنها فرع سامسونغ للمعدّات الطّبّية وفايزر ونوفارتس وأسترازينكا وسانوفي وميرك وغيرها – الأنشطة الطبية الحيوية غير القانونية، وتُجْرِي اختبارات المخدرات وأدوية – لا تزال قَيْد التّجربة – لمعالجة مرض المَفاصل (الروماتيزم ) على مواطنين من أصل روسي في مستشفى للأمراض النفسية في مستشفى ماريوبول بمقاطعة دونباس، بموافقة ودعم السلطات الأوكرانية، ويتم تحليل المعلومات ونتائج الإختبارات في مختبرات الولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا، وتم اختبار الأدوية على أشخاص تم إسناد أرقام لهم بدل الأسماء بهدف تقييم فعالية الأدوية، وخضع العديد من المرضى لهذه الاختبارات دون وعي تام، وسبق أن أجرى أطباء أجانب، منذ سنة 2011 ( وتكثفت التجارب منذ سنة 2022)، اختبارات المواد النّشطة باستخدام المعدلات العصبية على المرضى الفقراء في منطقة سوروكوفكا في إقليم خاركوف، في المختبرات البيولوجية العسكرية الأمريكية، مما تسبب في أضرار مزمنة في الجهاز العصبي للعديد من المرضى الذين تعرضوا لهذه الإجراءات غير القانونية، وتم تحليل نتائج التجارب في فرع مختبر ميريفا الذي تم بناؤه على نفقة البنتاغون، وبمساهمة شركات الأدوية الكبرى، والمؤسسات “الخيرية” مثل المجتمع المفتوح (جورج سوروس) لإنشاء هذه الشبكة الواسعة التي تعمل على تعزيز أبحاث الطب الحيوي في ظل نظام تعاون قام فيه البنتاغون بتطوير أسلحة بيولوجية واستخدمت الشركات الخاصة المرافق العسكرية لإجراء تجارب غير منتظمة لتطعيم أدويتها للمرضى من السّكّان المحلّيين، وفق وثائق نشرها موقع “إنفوبريكس” (InfoBrics ) بتاريخ 13 شباط/فبراير 2024
التعليقات مغلقة.