المعضمية أعقد مصالحات غوطة دمشق وانتصار اجتماعي ووطني

 

السبت 19/11/2016 م …

الأردن العربي – كتبت ديمة ناصيف

المعضمية أكبر المصالحات في غوطة دمشق وأعقدها تعود إلى الدولة السورية بعد خمس سنوات من الحرب وسياق طويل من تمسك ببقاء المعضمية في قلب النسيج الوطني والاجتماعي ترفع له أعلام سوريا اليوم.

لا يوجد مسح اجتماعي دقيق لمعرفة مواصفات من اختاروا الصعود إلى الباصات والذهاب إلى إدلب أو الهروب إلى تركيا

لا يوجد مسح اجتماعي دقيق لمعرفة مواصفات من اختاروا الصعود إلى الباصات والذهاب إلى إدلب أو الهروب إلى تركيا

المصالحة لم تتم باحكام طوق عسكري أو حصار على المعضمية فحسب لكن ربط المدينة وأهلها بسوق العمل الدمشقي والمدارس والخدمات رغم تواجد المسلحين توّج اليوم باستعادة المدينة من دون مواجهات أو تهجير.

خروج المعضمية من ساحات القتال بسبب حجمها ورمزيتها الكبيرة، سيدفع المسلحين في الغوطة الشرقية إلى خفض سقف الشروط التي يفاوضون الدولة والجيش حولها من اجل إنهاء المعارك والخروج من دوما بشكل خاص، وهذا أيضاً أخد مفاعيل ما نراه اليوم هنا وما ننتظره عندما يجلس المعنيون بالمصالحات مع مندوبي أو شخصيات الغوطة الشرقية لبحث إقفال هذا الملف.

أعتقد أن أكثر من يراقب ما يجري اليوم هنا في المعضمية ليس من يرغب بالعودة غدا إلى الحياة الطبيعية في هذه المدينة التي ناكفت الجيش لثلاثة أعوام وأكثر، بل المجموعات المسلحة في الغوطة الشرقية التي تترنح أمام هجمات الجيش السوري، والتي ترى عملية الخروج كتمرين مقبل في دوما وغيرها التي لا تزال تشكل أكبر معاقل المسلحين، ولكن إلى حين بسبب المفاعيل المزدوجة لتقدم الجيش وقرب تطويقه لدوما لتصبح كالمعضمية، فضلا عن مشهد تسليم المسلحين تدريجيا أسلحتهم وطي صفحة مواجهة الدولة السورية.

المصالحات في سوريا لا تزال حدثا مهما جدا لأربعة أسباب: إقفال جبهة من جبهات القتال، وإعادة تنظيم السلم الأهلي وترميم النسيج الوطني والاجتماعي وربط المناطق مجددا بالدولة وبالمركز الدمشقي ويقويه، ويسمح للجيش بالتفرغ لجبهات أخرى. هذا ما يحصل في الغوطة بشكل خاص، حيث لا تشكل المعضمية استثناء، لان الوحدات الكبيرة التي كانت مخصصة لإحكام الطوق على المسلحين في المدينة، أصبحت جاهزة للعمل على جبهات الغوطة الشرقية التي تفاوض خلال القتال على مصالحات مشابهة.

لا يوجد مسح اجتماعي دقيق لمعرفة مواصفات من اختاروا الصعود إلى الباصات والذهاب إلى إدلب أو الهروب إلى تركيا، ولكن استنادا إلى لوائح الأسماء والفئات العمرية، ومقارنة بمن سبقوهم إلى إدلب، يمكن القول إن من يمكن أن نراهم خلف زجاج الباصات، ينتمون إلى الجماعات الأكثر تطرفا والتي لا تتبع لقيادات محلية، أي إلى الجيل الثاني من المقاتلين الذي ينتمي بشكل واسع إلى جبهة النصرة أو أحرار الشام، وهؤلاء لا يملكون قرارهم، بالأحرى إن خروج هذه المجموعات كان موضع تفاوض بالأصل، ولم يكن بقاؤهم مقبولا لأنه يهدد العملية برمتها وهو ما تسبب بتأجيلها بشكل واسع. ثانيا، من يخرج إلى إدلب لا يملك صلات عائلية حقيقية في المدينة التي توسعت كثيرا عشية الحرب، وهو ما يفسر عدم وجود عدد كبير من المدنيين لمرافقتهم. وأخيرا ينبغي أن نشير إلى أن عددا كبيرا من الخارجين لا يقصدون إدلب، وهي ليست محطتهم الأخيرة، خصوصا أن تصعيدا عسكريا كبيرا ينتظرها، بل إن عددا كبيرا ممن رأيناهم يغادرون، يقصدون تركيا ويأملون السفر منها إلى أوروبا، كما فعل كثيرون من المسلحين قبلهم.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.