سرّ استمرار الثورة الإيرانية وتحوّل إيران إلى قوة إقليمية مستقلة وسنداً لقوى المقاومة / حسن حردان

‬ حسن حردان ( لبنان ) – الإثنين 26/2/2024 م …

حلت قبل أسبوعين ذكرى مرور 45 عاماً على انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية التحررية عام 1979، التي أطاحت بنظام الشاه رضا بهلوي عميل الولايات المتحدة وخادم سياساتها وحارس مصالحها في المنطقة، والداعم القوي لكيان العدو الصهيوني، لهذا فإنّ سقوطه وانتصار الثورة بقيادة الإمام الراحل اية الله روح الله الموسوي الخميني أحدث زلزالاً غيّر المعادلات في المنطقة والعالم، لا تزال تداعياته مستمرة حتى اليوم، ونتح عنه…
أولاً، إسقاط أخطر نظام عميل للولايات المتحدة، شكل على مدى عقود حامياً وحارساً لنفوذها الاستعماري، ولهذا كان يسمى بشرطي أميركا في الخليج، وبسقوطه سقطت إحدى اهمّ مرتكزات السيطرة الاستعمارية الأميركية في المنطقة، مما أضعف الهيمنة الاستعمارية في المنطقة، وحرر الثروة الإيرانية النفطية والغازية والمعدنية من نهب الشركات الأميركية.
ثانياً، تحوّل إيران ـ الثورة إلى قوة هامة مساندة لدول وحركات المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني والهيمنة الاستعمارية الأميركية الغربية، مما عوّض الخلل الكبير الذي حصل في موازين القوى في الصراع ضدّ الكيان الصهيوني والمشروع الأميركي الغربي اثر توقيع مصر اتفاقيات كامب ديفيد، التي أخرجتها من دائرة الصراع وكبّلتها بقيود التبعية الأمنية والاقتصادية والسياسية مع أعداء الأمة…
ثالثاً، نجاح إيران ـ الثورة في تحقيق التقدم والارتقاء إلى مصافي الدول المتقدمة على المستويات كافة، ان لناحية تحقيق القدرة الذاتية في امتلاك المعرفة والتقنية وكسر احتكار الغرب للتكنولوجيا، أو لناحية بناء البرنامج النووي للأغراض السلمية، وإقامة الصناعات، العسكرية الدفاعية التي مكنت إيران من امتلاك القدرات الرادعة للعدوانية الأميركية الصهيونية، وكذلك إقامة الصناعات المدنية، أو لناحية تطوير الزراعة وتحقيق التنمية والاكتفاء الذاتي في احتياجات الشعب الإيراني مما مكن إيران، قيادة وجيشاً وحرساً وشعباً، من الصمود ومقاومة ضغوط الحصار الاقتصادي الأميركي، وإسقاط أهدافه.. وتحصين الجبهة الداخلية في مواجهة الحرب الناعمة التي تشنها إدارة العدوان في واشنطن منذ انطلاقة الثورة عام 1978 والمستمرة حتى يومنا هذا..
انّ استمرار شعلة الثورة متقدة، والحفاظ على زخمها الشعبي، مكّن إيران من النجاح في الخروج من كلّ التحديات التي واجهتها منذ بداية انتصارها، والتي تجسّدت في الحروب الاستعمارية، العسكرية والأمنية والإرهابية والاقتصادية، الأميركية الغربية وأدواتها الرجعية من أنظمة وقوى إرهابية، التي حاولت يائسة إطفاء الجذوة التحررية للثورة، وتقويض برنامجها النووي السلمي، وإعادة إيران إلى حضن التبعية.. وكان واضحاً أنّ الثورة، بعد 45 عاماً على انتصارها، قد ازدادت قوة وقدرة ومنعة، وزخماً شعبياً، ويظهر ذلك من خلال:
1 ـ الموقف القوي الذي باتت تتمتع به إيران عبر ربط عودتها إلى التراماتها بالاتفاق النووي، بإلغاء واشنطن كل العقوبات التي فرضتها على إيران، والعودة إلى الالتزام، قولاً وعملاً، بتنفيذ بنود الاتفاق، من دون أيّ شروط… خصوصاً أنّ من انسحب من الاتفاق وأخلّ به هو واشنطن والعواصم الغربية الموقعة عليه، وليس طهران التي بقيت وحيدة ملتزمة به لسنوات.
2 ـ عجز إدارات العدوان في واشنطن وتل أبيب والعواصم الغربية عن شنّ الحرب ضدّ إيران بهدف تدمير برنامجها النووي وقدراتها الدفاعية ومنشآتها الحيوية، وهو عجز ناتج عن امتلاك إيران القوة والقدرة الردعية القادرة على مواجهة اي عدوان برد قاس ومؤلم يطال القواعد والسفن العسكرية الأميركية ومرتكزات القوة في الكيان الصهيوني..
على أنّ صمود إيران، ونجاحها في فرض معالادت القوة والردع التي حمت إنجازات الثورة، ومكنتها من الاستمرار وإحباط مخططات أعداء الثورة في الخارج والداخل، إنما يعود بالدرجة الأولى إلى العوامل التالية…
العامل الأول، وجود القيادة الثورية التحررية، التي رفضت المساومة على مبادئ وأهداف الثورة التي كانت في أساس انطلاقتها واستمرارها، قيادة تملك الرؤية الاستراتيجية ومشروع النهوض والتقدم والتطور، وتتمتع ببعد النظر والصلابة والجرأة والشجاعة في مواجهة أعداء الثورة، وعدم التساهل او التردّد، في التصدي لمخططاتهم وعدوانيتهم، وفي رفض إملاءاتهم وشروطهم للنيل من استقلال إيران ومواقفها في مساندة ودعم ونصرة المستضعفين في العالم وحركات التحرر ضدّ المستعمرين والمحتلين، وهو ما تجلى في الدعم القوي للمقاومة في لبنان وفلسطين ضدّ الاحتلال الصهيوني، ودعم العراق وسورية واليمن في التصدي للحروب الإرهابية الاستعمارية التي استهدفت اخضاعهم وفرض الهيمنة عليهم…
العامل الثاني، بناء القوة التي تحمي الثورة وتحافظ على استمراريتها، وتجسدت هذه القوة بالأداة الثورية، مؤسسة حرس الثورة، التي تولت…
ـ الدفاع عن الثورة وحماية إنجازاتها، في مواجهة أعدائها، في الداخل والخارج، الذين حاولوا بشتى السبل النيل من الثورة ونظامها التحرري المستقل، وفشلوا…
ـ بناء مشروع النهضة والقوة الإيرانية على الصعد كافة، وتنفيذ مبادئ الثورة التحررية في نصرة المستضعفين.. لقد أسهمت مؤسسة حراس الثورة، في بناء القادة والكوادر القادرين على تحمّل أعباء مهام مواصلة تحقيق أهداف ومبادئ الثورة، التي وضع أسسها قائدها الكبير الراحل الإمام الخميني، وبناء المشاريع الاقتصادية التنموية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في احتياجات إيران الاساسية، وبناء وتطوير الصناعة العسكرية التي توفر القدرات الدفاعية، والى جانب ذلك الاهتمام بالأبحاث العلمية ورعاية الكادرات العلمية وتوفير كلّ المستلزمات المطلوبة لها لتحقيق التقدّم في البحث العلمي.. مما أسهم في تمكين إيران من النهوض وتحقيق قفزات علمية هامة في بناء مشروعها الحضاري وتحصين استقلالها، وتعزيز منعتها الداخلية في مواجهة الحرب الإرهابية الاقتصادية والأمنية التي تشنّها، بلا هوادة، إدارة العدوان الأميركية، منذ انتصار الثورة وحتى اليوم.
لقد نجحت هذه المؤسّسة الثورية، في تخريج القادة الذين تولوا المسؤوليات في العديد من المجالات، انْ كان لناحية تطوير قدرات إيران العلمية والدفاعية والاقتصادية، او الناحية الدفاع عن الثورة في ساحات وميادين القتال في داخل إيران، وفي مواجهة محاولات الاعتداء على سيادتها واستقلالها وأمينها،
انطلاقاً مما تقدّم يمكن القول أن سر تقدم وتطور إيران واستمرار ثورتها التحررية بقوة وزخم، وتحول إيران الى دولة قوية مستقلة، عصية على قوى الاستعمار، إنما يعود إلى توافر العوامل السالفة الذكر.
ولهذه الأسباب تواجه إيران كلّ هذا العداء الأميركي الغربي الصهيوني…
خصوصاً بعد أن تحوّلت إيران، من خلال ثورتها التحررية المستمرة بقيادة مرشدها الإمام السيد علي الخامنئي، قوة إقليمية كبرى تلعب دوراً ريادياً في تقويض الهيمنة الاستعمارية، وتدعم قوى المقاومة، في كفاحها المشروع للتحرر من الاحتلال الصهيوني والهيمنة الأميركية الغربية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.