هل أزف رحيل وزير الخارجية ناصر جودة ؟ / أ.د. أنيس الخصاونة
أ.د. أنيس الخصاونة ( الأردن ) الأحد 20/11/2016 م …
يعتبر السيد ناصر جودة الوزير الأطول عمرا في الحكومات الأردنية المتعاقبة منذ اعتلاء الملك عبدالله الثاني العرش وتسلمه لمهامه الدستورية عام 1999. وقد شارك الوزير جودة في سبع حكومات متتالية مسجلا ثباتا عز نظيره في نفس الموقع ولفترة قياسية لدرجة أن بعض المراقبين والمهتمين بالشأن العام عبروا عن حيرتهم في سر قوة هذا الرجل وقدرته على المحافظة على موقعه المهم كوزير لوزارة سيادية مثل وزارة الخارجية ، علما بأن وزراء الخارجية في الدول الديمقراطية هم الأكثر عرضة للتغيير نظرا لتغير الحكومات وما ينبثق عن هذا التغيير من تعديل واختلاف في السياسات الخارجية ،ناهيك عن صعوبة أن يعمل وزير الخارجية في ظل خمس رؤساء حكومات مختلفين وضمن منهجيات مختلفة. لكن في الأردن على ما يبدوا أن وزير الخارجية لا يمثل سياسة حكومات معينه ، وإنما يمثل سياسات الملك ،وكما صرح السيد جودة غير مرار وتكرار، وهذا ما يفسر الثبات الطويل للوزير جودة في منصبه.
طالعتنا الأنباء قبل أيام بصدور تعليمات بتاريخ 8 تشرين ثاني 2016م من قبل رئيس الوزراء السيد هاني الملقي تتضمن نقل عدد كبير جدا من صلاحيات الوزير ناصر جودة إلى وزير الدولة للشؤون الخارجية السيد بشر الخصاونة . تعطي هذه التعليمات الجديدة صلاحيات ادارية ومالية واسعة للوزير الخصاونة فضلاً عن فتح المجال أمام رئيس الوزراء بتكليف الوزير بأي مهام أخرى لم ترد في التعليمات.وبموجب هذه التعليمات يتولى وزير الدولة للشؤون الخارجية مهام المشاركة في تنفيذ السياسة الخارجية للمملكة، والمشاركة في تمثيل المملكة في المؤتمرات والنشاطات والاجتماعات الدولية بالتنسيق مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومتابعة القضايا المتعلقة بدائرة الشؤون الفلسطينية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والاشراف على عمل البعثات الأردنية في الخارج ومتابعة عملها والعمل على تطوير ادائها ، وكذلك الإشراف على جميع الادارات والمكاتب والوحدات التابعة لوزارة الخارجية، باستثناء المكتب الخاص ومكتب الاعلام والعلاقات العامة ومستشاري وزير الخارجية وشؤون المغتربين.
وفي الوقت الذي اعتبر كثير من المتابعين أن إفراد موقع ‘وزير دولة للشؤون الخارجية ‘ في ظل وجود وزير للخارجية وشؤون المغتربين يؤشر إلى عدم تمكن الدكتور هاني الملقي من استبدال الوزير جوده العابر للحكومات ، ربما بسبب علاقات جوده أو لأسباب تتعلق بقدراته ، مما حدا برئيس الحكومة لتعيين وزير دولة لشؤون الخارجية وذلك ليتمكن من الإطلال على ما يجري في وزارة الخارجية وعلاقاتنا مع الدول الأخرى، والتأثير على التعيينات والمناقلات المتعلقة بالسفراء والكوادر الدبلوماسية. لم يحتاج الأمر لكبير عناء أو تحليل لإدراك مستوى الفتور وعدم الارتياح بين الدكتور الملقي والوزير جودة الذي يشعر بأن ارتباطه السياسي والشخصي هو مع جلالة الملك وليس مع رئيس الوزراء ،هذا الشعور الذي على ما يبدو سبب كثيرا من النفور والصعوبات في تعامل الوزير جودة مع رؤساء الحكومات السابقين.
إن التعليمات الجديدة التي أصدرها رئيس الوزراء تبين بما لا يدع مجالا للشك أن معظم الصلاحيات(22 صلاحية) تم نقلها من السيد ناصر جودة إلى السيد بشر الخصاونة ،ويمكن للخصاونة ممارستها دون العودة لجودة في حين أن هناك ستة صلاحيات فقط تحتاج إلى التشاور بين الوزيرين. وهنا نتساءل هل هذه التغيرات تعكس قرب نهاية مسيرة السيد ناصر جودة؟ أم أنها تنبئ بانتهاء صلاحية الرجل لهذه المرحلة أم كلاهما؟. لم يبق للسيد ناصر جودة من مهام إلا السفر والتمثيل في المؤتمرات والاجتماعات مع الأمريكان والأوروبيين في حين أن سلطات الوزير جودة التي كان يمارسها في تعيين السفراء والدبلوماسيين ونقلهم ،ومتابعة الشؤون المتعلقة بدائرة الشؤون الفلسطينية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ، والاشراف على عمل البعثات الأردنية في الخارج كل ذلك أصبح خارج تأثير وسلطات الوزير جودة فهل يمكن للسيد جودة أن يتعامل مع هكذا حالة؟ وهل يمكن للرجل أن يلتقط الإشارات التي توحي بأن الرحيل قد أزف وأن التنحي أصبح ضروريا ربما لحفظ ماء الوجه؟ أم أنه سيبقى متشبثا بموقعه ويميل حيث تميل الرياح على أمل أن تتغير الظروف ويستعيد صلاحياته وماضيه التليد ؟
التعليقات مغلقة.