حرب غزة تعصف باقتصاد الاحتلال.. انكماش بـ20 بالمئة وتكلفة بـ60 مليار دولار

الأردن العربي –  الأربعاء 28/2/2024 م …




نشرت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية تقريرا بعنوان “هكذا أضرت حرب غزة باقتصاد إسرائيل”، جاء فيها أن “بنك إسرائيل” يقدر أن الحرب في غزة ستكلف 46 مليار جنيه إسترليني (ما يقارب 60 مليار دولار) بحلول نهاية السنة المقبلة. 
ويكلف نقص العمالة وحده 475 مليون جنيه إسترليني (570 مليون دولار) في الأسبوع. وتساءلت الصحيفة عن مدى سوء الوضع بالنسبة لمجتمع الأعمال في الكيان الصهيوني؟ وكيف يمكن للكيان أن يوقف دوامتها الاقتصادية؟
وأشار التقرير إلى أن فقدان جنود الاحتياط والمهاجرين والفلسطينيين في القوى العاملة يعد السبب الرئيسي لانكماش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 20 بالمئة تقريبًا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 2023 – وهو أكبر انكماش منذ الوباء، وذلك وفقًا للبيانات الصادرة الأسبوع الماضي عن مكتب الإحصاء المركزي.
وقد تم استدعاء حوالي 300 ألف جندي احتياطي للخدمة، بينما عاد العمال الأجانب إلى بلادهم في رحلات إجلاء ترعاها دولهم إلى تايلاند والصين والفلبين. كما فقد الكيان حوالي 18.500 عامل من غزة و160 ألف عامل من الضفة الغربية بعد تقييد تصاريح عملهم.
وقد أثر هذا الوضع بشدة على قطاع الزراعة إذ يُعد الكيان سابع أكبر مصدر للفواكه الاستوائية في العالم، وهي ثالث أكبر منتج يتم تصديره من الكيان إلى المملكة المتحدة، بعد الأدوية والماس. ولمعالجة النقص المزمن في العمالة، يقوم الكيان حاليًا بحملات توظيف في الهند وسريلانكا وملاوي.
ولفت التقرير إلى ارتفاع تكلفة الفواكه والخضراوات، والحاجة إلى استيراد مكونات مثل الطماطم التي تضاعف سعرها حاليًا بمقدار ضعفين أو ثلاثة أضعاف.
ونقل التقرير عن البروفيسور تسفي إيكشتاين، رئيس معهد آرون للسياسة الاقتصادية في جامعة رايخمان في هرتسليا، على بعد ستة أميال شمال تل أبيب، قوله إن “قطاع التكنولوجيا الفائقة هو القاطرة للاقتصاد الإسرائيلي. فحوالي 40 بالمئة من معدل النمو الإسرائيلي من سنة 2017 إلى سنة 2023 كان مدفوعًا بشركات التكنولوجيا”.
ولفت التقرير إلى أن هذا القطاع حقق نجاحًا كبيرًا لدرجة أنه وسع نطاقه إلى ما هو أبعد من الكيان الصهيوني، وقد انجذبت العديد من الشركات إلى أسواق الأسهم الأوروبية بحثًا عن رأس المال اللازم للنمو. وتشمل هذه الشركات شركة الأمن السيبراني “تشك بونت”، التي تبلغ قيمتها السوقية أكثر من 16 مليار يورو وهي مدرجة في ألمانيا.
أشار إلى أهمية التكنولوجيا بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي تتضح من خلال الضرائب، فالصهاينة العاملون في هذا القطاع يدفعون ربع الضرائب المباشرة التي تفرضها الحكومة، وهم يمثلون 12 بالمئة من القوة العاملة – وهي أكبر نسبة في العالم – ولكنهم يشكلون أيضًا نسبة غير متناسبة تبلغ 15 بالمئة من جنود الاحتياط الذين يتم استدعاؤهم للخدمة، وهذا يعني أن القوى العاملة التي يبلغ قوامها 400 ألف فرد فقدت حوالي 60 ألف موظف.
وبحسب التقرير يعود الآن بعض جنود الاحتياط إلى العمل بعد تسريحهم من الخدمة. ومع ذلك، فإن 58 بالمئة من الرجال وتسعة بالمئة من النساء الغائبين عن القوى العاملة الشهر الماضي كانوا يخدمون في الجيش، وفقًا للإحصاءات الرسمية.
وينقل عن إيكشتاين قوله إن مصير الاقتصاد يعتمد على عودة هؤلاء العمال من ساحة المعركة إلى أجهزة الحاسوب المحمولة الخاصة بهم، كما تعتقد العديد من الشركات أنها قادرة على التكيف مع الوضع وقد فعلت ذلك.
ونقل التقرير عن جوناثان ميدفيد، الذي استثمرت منصته الاستثمارية “آور كرود” أكثر من 2.3 مليار دولار في أكثر من 400 شركة، أن الشركات اعتادت على وجود جنود احتياطيين يخدمون لمدة شهر أو شهرين في السنة. وقال: “يترك الناس العمل لمدة ثلاثة أسابيع في كل مرة، وعليك الاستمرار في العمل بدون هذا الشخص، ونحن نبني جميع أنواع التكرار في الفريق حتى يتمكن الأشخاص من تغطية بعضهم البعض”.
وأفاد التقرير أنه مع ذلك فهناك دلائل تشير إلى أن الحرب تخلف تأثيرًا سلبيًّا على الاستثمار الداخلي. وتظهر الإحصاءات الرسمية أن مستويات الاستثمار الأجنبي تراجعت بنسبة 70 بالمئة في الربع الأخير من السنة الماضية.
وذكر أنه حتى الآن، اقتصر مجتمع الأعمال الدولي على الدعوة إلى السلام في المنطقة، مع تخوف الشركات من أن يُنظر إليها على أنها تنحاز إلى أحد الجانبين.
وأشار إلى انه في وقت سابق من هذا الشهر، أنهت شركة التجارة اليابانية “إيتوتشو” شراكتها مع شركة الدفاع الإسرائيلية “إلبيت سيستمز”، مستشهدة بتوجيهات من وزارة خارجيتها فيما يتعلق بضرورة الالتزام بحكم محكمة العدل الدولية بأن “إسرائيل” ربما ترتكب إبادة جماعية في غزة.
وذكر انه في كانون الأول/ ديسمبر، وافقت الحكومة الإسرائيلية على منحة بقيمة 2.5 مليار جنيه إسترليني لشركة “إنتل” الأمريكية لإنشاء مصنع جديد لتصنيع الرقائق بقيمة 20 مليار جنيه إسترليني بالقرب من حدود غزة. وتمثل شركة “إنتل”، وهي أكبر جهة توظيف خاصة في الكيان، 5.5 بالمئة من صادرات “إسرائيل” من التكنولوجيا الفائقة.
وأكد التقرير على أن الاقتصاد الإسرائيلي لم يتدمر فقط برحيل جنود الاحتياط والعمال الأجانب فقط؛ فقد نزح نحو 250 ألف نسمة داخليًّا بسبب القتال، مما أدى إلى حالة من الفوضى في حياتهم الشخصية والتجارية.
وشدد التقرير على أن تكلفة التعامل مع النازحين تشكل عبئًا آخر على المالية العامة الإسرائيلية المتوترة، فقد شهد الكيان عجزًا في الميزانية بنسبة 4.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2023، بعد فائض بنسبة 0.6 بالمئة في السنة الماضية. وارتفعت أسعار التأمين على ديون الحكومة الإسرائيلية، من خلال أدوات مالية تسمى مقايضات العجز الائتماني، إلى عنان السماء، مما يعكس المخاوف بشأن قدرة الكيان على سداد مستحقاته.
وأشار إلى أنه استجابة لذلك؛ تخطط الحكومة لزيادة ضريبة القيمة المضافة بمقدار نقطة مئوية واحدة في بداية سنة 2025 وخفض الإنفاق غير الدفاعي. وسيتم تخصيص بعض هذه الأموال لإسكان 120 ألف شخص تم إجلاؤهم، ويعيش الكثير منهم في الفنادق منذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر. وستتلقى معظم المجتمعات النازحة من مسافة 2.5 ميل من غزة المساعدة حتى فصل الصيف على الأقل، وبعد ذلك يتم الوعد بمنح تأقلم بقيمة 10 آلاف جنيه إسترليني لكل أسرة.
ومن المرجح أن يمتنع السياح عن زيارة الأراضي المحتلة في المستقبل المنظور. في الواقع، سجلت الإحصاءات الرسمية 58.600 زيارة في كانون الثاني/ يناير، أي بانخفاض قدره 77 بالمئة مقارنة بالسنة السابقة.
وختم التقرير بما قاله البروفيسور إيكستين من أن “هذه الصدمة الاقتصادية أسوأ من الوباء. ولا يوجد تطعيم في النهاية. والنهاية غير واضحة على الإطلاق. بكل معنى الكلمة – سياسيًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا – هناك حالة من عدم اليقين”.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.